|
رجع الوجع / رواية بحلقات / 4
حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 3500 - 2011 / 9 / 28 - 23:41
المحور:
الادب والفن
بعد خروج الرائد عبد الله الدليمي من الغرفة ، يطلب الطبيب من الممرضة جنان غلق باب الغرفة المفتوح ، و قفله بالمفتاح . و ما أن تتوجه جنان نحو الباب ، حتى تشاهد رجلاً عملاقاً يقف عند الباب . و يبادرها بالسؤال ، و هو مهموم : - الطبيب الخفر موجود ، لطفاً ؟ - نعم ! - أريد أن أكلمه كلمتين على إستعجال ، لطفاً . - تفضل ! يدخل الزائر ، يؤدي التحية العسكرية بالاستعداد ، و يقدم نفسه : - الأمين : سلوان محمود كريم ، سيدي ! - تفضل ، أخي ! - سيدي ، زوجتي راقدة في ردهة الولادة في هذه المستشفى الآن ، و قد جئتك أطلب منك السماح لي بإجازة زمنية لعيادتها ! هذه هي الولادة الأولى لها ، سيدي ، و أخشى أن تتعسر و أنا لست إلى جانبها ! - و من يوجد في غرفة الإستعلامات غيرك ؟ - لا يوجد أحد ! ساعة واحدة و أعود . أرجوك ، سيدي ! - طيب . كم هي الساعة عندك الآن ؟ - الثانية عشرة و الربع ، سيدي ! - إذن لديك إجازة زمنية لغاية الواحدة و الربع ! هل يرضيك هذا ؟ - نعم ، سيدي ! - أعطني المفاتيح ! و لا تخذلني ، أرجوك ! متى تنتهي إجازتك الزمنية ؟ - الواحدة و الربع ، سيدي ! - لا تتأخر عن الوقت المذكور ، فلدي مرضى كثر في الردهة الباطنية الثالثة لم أزرهم بعد ! - تؤمر ، سيدي ! تفضل المفاتيح ! - قل لي سيد سلوان : أيهما تفضل : المولود الذكر ، أم الأنثى ؟ - كل الذي يرزقني به الله هو خير و بركة ، سيدي ! - حيّاك ! تفضل ! - شكراً ، سيدي ! - مبروك مقدماً ! - شكراً ، سيدي ! بعد قفل باب الإستعلامات ، تعود جنان للغرفة . تجد الطبيب و هو يبدل زجاجة المغذي ، و يزرق سوائل الأدوية فيها . تعاونه في إستبدال كيس الإدرار ، و في سحب نماذج الدم للفحص . كل ذلك ، و ميثم لا يبدي أدنى حركة ، و عقله يفور ، و قد تفاقمت أوجاعه فبلغت أوجها ! - حبيبتي جنان ، هل رأيتِ هذا الحقير ، مساعد مدير الأمن ، كيف يتصرف ؟ - إنه إنسان عجيب غريب ! - هذا الجبان يريد عض أنف مريض غائب عن الوعي ! - هل لاحظت ، دكتور ، أنه لا يستخدم أبداً كلمة "شكراً" ، و لا يحيي بتحية اللقاء و لا الوداع ؟ - هل تعرفين السبب في أستنكافه عن ذلك ؟ - كلا ، مطلقاً ! - لأنه يعتبر كل الناس خدماً له ! بل إنه يعتبر تحدثه معنا فضلاً منه علينا ! بالقير و زيادة علينا ! إننا نستحق ما هو أسوأ من هذا ! عندما يسود القوم جهلاءهم فلا بد أن يصبحوا خارج التاريخ ، و لن تسمع من أخبارهم غير القتل و التدمير ! - هل لاحظت مقدار بخله ! لقد أخذ كل كبسول الپونستان مني ، في حين أن ثمنه في الصيدليات تافه ، و هو ضابط أمن ، و رواتبه و مخصصاته تصل إلى عشرة آلاف دينار شهرياً ! - مثله لا يفوت حتى الزبالة ! - الغريب هو أنه لديه أبن رغم كونه عنّيناً . من أين جاء بهذا الإبن ؟ - و من يدري ؟ - هل هناك إحتمال و لو ضعيف جداً بقدرته على الإنجاب ؟ - لا توجد هكذا بقّة تقشر اللب ! الرجل عقيم عقم البغل ، و يستحيل عليه تخصيب البويضة ! - و ما ذا عن حالات الإسقاط عند زوجته التي تحدث عنها ؟ - لا بد أنها من أبو وليد ، وليس من مساعد مدير الأمن ! - شيء لا يصدق ! - هل لاحظتِ كيف أنه تظاهر بالتغابي عندما أبلغته بضمور خصيتيه ، و فشلهما في أداء وظيفتيهما ؟ - لعله لا يعلم ما هي وظيفة الخصيتين ! - بل يعلم ، و لكنه يَتَبالَهْ ! - أي أمٍّ هذه التي لا تستطيع إكتشاف أن كيس الصفن لوليدها خال من البيضتين ! حتى نساء الرعيان يعرفون ذلك ! ثم ، هل رأيت كيف أنه يحول مصالحه الشخصية إلى مصالح عليا فوق مستوى البشر بربطها بمصلحة و أمن الحزب و الثورة ! - طبعاً ! أنها فرصته الذهبية لكي يحقق ما يريد ! الدكتاتورية لا تخدم غير الإنتهازيين و الحرامية ! و لكن لنترك هذا الموضوع الذي يسبب دوخة الرأس ، ونتحدث عن موضوعنا : أنا محتاجك موت ، و أريدك الآن ! - و لكن المكان غير مناسب ! - بالعكس ، أنه أنسب مكان ! مقفل ، و خال حتى من الشبابيك ! - لماذا لا نذهب لغرفة الطبيب الخفر في الردهة ! توجد هناك غرفتان بالأسرة ! - و لكنك تعلمين بأنهما محجوزتان : دكتور سمير و زينب ، و دكتور رياض و أميرة ! - صحيح ! هل تعلم أن أميرة حامل من دكتور رياض ؟ - مسكينة : إنه لن يتزوجها مطلقاً ! - و لكن لماذا ؟ فهي جميلة جداً ، و تحبه ، و خريجة كلية ، و من عائلة محترمة ! ما الذي يريد الرجل من المرأة أكثر من هذا ؟ - قلت لك أنه لن يتزوجها أبداً . أنني أعرف رياض حق المعرفة : لن يتزوج أبداً ممن تستسلم له مقدماً ! أرجوكِ أنقلي هذا الكلام للست أميرة ، و انصحيها بأن أفضل شيء تعمله هو أن تسقط الجنين حالأ و بدون تأخير ! - مسكينة ! أنها محتفظة به كوسيلة للضغط على الدكتور رياض لكي يتزوجها ! - غيرها كان أذكي منها و فشل . في الكلية حملت منه نسرين ، و بقيت طيلة شهرين تتوسل إليه الإيفاء بوعوده لها بالزواج فما اهتزت له قصبة . - و ما لذي حصل ؟ - قال لها بأنها يجب أن تتحمل نتيجة خطيئتها ، و أن تتوقف عن إزعاجه ، و إلا فأنه سيقيم عليها الدعوى ، و يتهمها بمحاولة رمي خطيئتها عليه ! و عندما أدركت المسكينة مدى سفالته ، أصيبت بخيبة الأمل الشديدة و إنتحرت . رمت بنفسها تحت عجلات شاحنة صهريج نفط أمام داره ! و كتبت لعميد الكلية رسالة بذلك ! - و ما ذا حصل ؟ - أجتمع مجلس الكلية ، و قرر فصله لما تبقى من السنة الدراسية . مع ذلك ، فقد بقي يأتي يومياً للكلية طيلة العام دون أن يدخل الحصص ؛ و إقتنص خلال أجازة سنة التفرغ للحب تلك أربع أو خمس من طالبات الصف الأول المستجدات ! - حقير ! - أريدك أن تذهبي اليوم لأميرة ، و تشرحي لها كل شيء ، و تحذرينها من المصير المماثل للمصير الذي آلت إليه نسرين من قبل ! و أطلبي منها إسقاط الجنين فوراً ، و قطع علاقتها حالاً بهذا الخبيث ! - سأفعل ! و هل أنت مثله ؟ - معاذ الله ، ياحبيبتي ! أنا مستعد للتقدم لخطبتك اليوم قبل بكرة . فقط أشِّري لي ، و أنا حاضر ! - تسلم لي ، حبيبي ! - أنا رافع راية الإستسلام اللذيذة للحبيبة ! تعالي و إجلسي بحضني ! - أمري لله ! جلست ! - هل أقوم أنا بنزع ثيابك ، أم تتولي أنت ذلك عني ؟ - و لكن هذا المكان غير مناسب ! فقد يصحو هذا الشاب المسكين ! - و إن صحا ؟ - سيفضحنا طبعاً ! - كلا ، أنه لن يستطيع فعل ذلك أبداً ! - و كيف تستطيع التأكد كل هذا التأكد من ذلك ؟ - هذا المسكين لن يتسنى له رؤية الشمس ثانية ، و أفضل شيء له هو أن يموت الآن ! - خطيّه ! يا له من مصير مأساوي لمراهق مسكين ! أنظر إليه ، حتى زغب لحيته لم ينبت بعد ! - إن مصيره المأساوي قد تقرر ، و ما من محيص ! ألم تلاحظي مدى إندفاع مساعد مدير الأمن لتدميره جسدياً أولاً ، و من ثم إعدامه ثانياً ؟ - نعم ! الحقير ! - هناك ثلاثة إحتمالات في أمره : الإحتمال الأقوى هو أن يصحو ، و يخرج من هنا لزنزانات مديرية الأمن لترتيب التهمة السياسية المناسبة له ، و التي سترسله حتماً للمشنقة بدون أي تأخير . الإحتمال الثاني هو أن يموت سريرياً هنا ، فيتم إنهاء حياته ، و يذهب من هنا للقبر مباشرة ! أمّا الإحتمال الثالث فهو أن يصاب بفقدان الذاكرة ، أو بفقدان القدرة على النطق ، فيبقى عالة على أهله طول العمر . و سواء أعدم ، أو مات هنا ، أو تعوّق ، فلن يستطيع فضحنا . ثم إننا سنتزوج حتما ، و ممارسة الجنس بين الزوج و الزوجة واجب و ليست تهمة . - مسكين ! يكاد قلبي ينفطر عليه . - أجعلي قلبك ينفطر عليّ أنا حبيبك الملهوف ، و أنزعي ملابسك حالاً فالوقت يداهمنا . إنزعيها كلها ، يا شمس الشموسة ، و لا تضيعي الوقت علينا ، أرجوك ، حبيبتي . - حاضر ، دكتور ! ها أنا أنزعها لك ! - كلها ! - حاضر ، دكتور ! إنك مستعجل جداً ! - أي نعم ، مستعجل جداُ جداً ، و أكاد أنفجر ! - عدني أن تكون لطيفاً ، و رقيقاُ ، و أن لا تؤلمني أبداً ! - تؤمرين يا حبيبتي ، فأنا خادمك الأمين و المطيع ! - لقد أوقعت بيَّ ، و كان الذي كان . و لكنه يوجعني كثيراً ! - و كل هذا لأن للحب سياطه . إعترفي لي بأن وجع الحب لذيذ ، حبيبتي ! - أنه سمين و طويل ! - إذن فهو لائق بك ، حبيبتي الغالية ! - أرجوك ، لنؤجل هذا إلى يوم آخر ! - و لماذا هذا التأجيل الذي لا موجب له ؟ ها ؟ حبيبتي ، الوقت جد مناسب ! و لدي مرطب جديد ! لقد إشتريته اليوم ! - هذا ثالث مرطب تجرِّبه علي ! - أنه أفضل من الأنواع السابقة ، و هو جديد و غال . تعالي هنا ، نعم ، رائع . إن رائحتك لذيذة ! - و لكنني لم أستحم ظهر اليوم ! - حبيبتي ، إن رائحتك لذيذة ، و لا تحتاجين إلى الحمّام ! - إياك و أن توجعني ! - الليلة هي ليلتك . فقط إسترخي . نعم ! ممتاز . إسترخي تماما ، جيد ! دقائق و نصعد معاً للسماء السابعة و السبعين ! - آخ ! - عظيم ، ها قد أثبتّي جدارتك ، حبيبتي . بعد أن يفرَغ الحبيبان ، و يشطفان في مغاسل القاطع ، يعودان لغرفة ميثم لاستكمال علاجه . - مساء الخير ، ست جنان ! مساء الخير ، دكتور ! يفغر كلاهما فمه و هما يبحلقان في مصدر الصوت كما لو أن المتفوه به جنّي نازل من السماء ، أو روح أتى يرفرف من العالم الآخر ! - لا تخافا ، فسركما في بئر سحيقة لا قرار لها ، و أنا أتمنى لكما كل السعادة ! أسمي ميثم ، و أنا محتاج لمساعدتكما الكريمة و الشجاعة لي ! - متى صحوت ؟ - منذ أن دخل مساعد مدير الأمن هذه الغرفة ، دكتور ! و يحب على أن أشكرك جزيل الشكر يا دكتور لأنك لم تسمح له بعض أنفي ! إنك رجل شريف ، و أنا أحييك ! - ألم أقل لك أنه قد يصحو ، و نحن – - سيدتي المبجلة : أنتما حبيبان ، و الحب شيء مقدس ، وليس عيباً ، و أنا أبارك لكما هذا الحب ، و أتمنى لكما حياة زوجية سعيدة قادمة . إنني أعرف الأصول ، و لا أسمح لنفسي بالثرثرة فيما لا يعنيني ! الوقت حرج ، و أنا بحاجة لمساعدتكما بدون تأخير ! أنها مسألة حياة أو موت . يبدو أن وجع الليل أمضّ من وجع النهار ! لا أريد سوى منوماً يريحني لإثنتي عشرة ساعة ، و أن لا يُعلن عن يقظتي إلا بعدها ! هل هذا طلب تعجيزي ؟ - كم هو عمرك ؟ - خمسة عشر عاماً . - و لكن كلامك كلام الكهول ، و ليس المراهقين ! "الحب مقدس" ، و "أعرف الأصول" ، و "لا أسمح لنفسي بالثرثرة فيما لا يعنيني" ! لا يوجد كثيرون في العراق يفكرون بهذا الشكل و هم بهذا السن ! هل أنت شاب أجنبي ؟ أقصد عايش في أمريكا ، أو أوربا ؟ - كلا ، أنا أبن حي الجزائر في الحلة الفيحاء ، و بس ! و كل هذا لأنني تربيت في بيتين ، و لكوني حشرة دواوين شعرية ! - هل تلاحظين ، حبيبتي جنان ، كم هم درجة مهارة رجال الأمن في اصطياد أعظم العقول العراقية الواعدة ، و إذاقتها السم الزؤام أو حبال المشنقة قبل أن تستطيع أن تتفتح و تنفع بلدها . لا مكان للعباقرة داخل العراق ! - أرجوك ، دكتور ، الوقت حرج ! - و ما نفعك بهذه السويعات القليلة ؟ - ألله كريم ! أرجوكما بحق الحب الجميل الذي يربطكما أن تلبيا طلبي هذا ! - حاضر . - شكراً ، دكتور ! - و هل تحتاج لشيء آخر ! - القليل من الماء و الخبز ، إن سمحتما ، رجاءً ! - لدي ، دكتور ، لفة دجاج بالزيتون ، أحضرتها لك ، هل أستطيع إعطاءها له ؟ - أروح فداء لفمك الجميل هذا يا جنان ! كلك أصول ! أعطه إياها يا شمس الشمّوسة ، و سأجلب أنا له الماء ! يرى ميثم نفسه و هو يؤدي إمتحان الأحياء . الأسئلة صعبة جداً ، و لكنه يشعر بأنه قد ضمن درجة المائة من المائة . و يعلق الآمال بالتعويض الناجز عن درجة الخمسين السابقة . يطلب منه زميله محمد - و لقبه الخرفاش - مساعدته في الإجابة عن الأسئلة لكونه لم يحصل على أكثر من درجة الصفر في الإمتحان السابق . مراقب الإمتحان مشغول بالرد لخطيبته الغبية الجالسة ببدلتها الوردية على أول رحلة . أنه منهمك بنقل دفاتر الطلبة الممتازين إليها ، و هي تنقش الإجابات من دفاترهم نقشاً ! يتشجع ميثم ، و يبدأ بتلقين زميله خرفاش الإجابة . و لكن خرفاشاً لا يجيد الكتابة . فيكتب له ميثم كل الأجوبة المطلوبة بخط جميل في دفتر الإمتحان الخاص بزميله . و عندما ينتهي من إجابة كل الأسئلة و بما يضمن عدم وجود أي خطأ أو نقص لديه ، يعود إلى مقعد رحلته كي يحرر إجاباته هو على أسئلة الإمتحان ، فينكسر قلمه . يبريه بالمبراة ، فينكسر من جديد . يبريه ثلاثاً و رباعاً ، و لكنه ينكسر في كل مرة ، حتى لا يبق منه سوى عقب لا يصلح للكتابة , و لا يبق من الوقت المخصص للإمتحان سوى خمس دقائق ! و عندما يستطيع ميثم أيجاد قلم جديد ، يعلن مراقب القاعة الإمتحانية إنتهاء وقت الإمتحان ، و يسحب الدفتر الفارغ منه فوراً ! يعود ميثم للبيت على دراجته و الحزن يثقل رجليه ، يعبر الجسر ، فيرى جثة رجل ملتح طافية على النهر . يأسف لكون الفصل شتاء ، و النهر بارد ، و لا يستطيع رمي نفسه بالنهر لانتشال الجثة . يعبر الجسر ، فيشاهد الحسينية محترقة ، و الناس منهمكون في إخماد الحريق ، و الدخان و ألهبة النيران تشق عباب السماء الحمراء المسودة . يسرع بدراجته نحو مكان الحريق يريد المساهمة في إخماده ، و ما أن يوقف دراجته و يترجل منها ، حتى يشاهد سيفاً يتحرك من السماء مثل ماسحة زجاج السيارات ، فيوقف الحريق حالاً بضربتين سحريتين . يلتفت يسرة ، فيشاهد نمراً يتقافز نحوه من بعيد . يترك دراجته ، و يعدو عدواً جنونياً بين الأزقة و الطرقات ، و هدير النمر يلاحقه عند كعبيه . يتقاطر العرق من كل جسمه ، و يشعر بالعطش الرهيب ، و هو يرتجف . يشاهد باب بيت شرقي مفتوح . يدخل الدار ، فيرى في باحته إمرأة طويلة ، بشعر أصفر تنسدل جدائله الذهبية على صدرها ، و عيونها الخضر الواسعة يسافر فيها البصر ، و هي تقف عارية . يستصرخها : " أنا خائف و عطشان ، فاسقني " . تضمه إلى صدرها العامر ، و ترضعه حليباُ بارداً يشفي غليله ، و يبدد عرقه ، و تقول له : " نم على صدري ، و لا تستيقظ قبل وجبة حراسة حسن " ! - ميثم ، ميثم ، إنهض أرجوك ! لم يعد هناك داع لتمثيل الإغماء ، إنهض ! ميثم ! يهز حسن سرير ميثم هزاً قوياً ، فيستعيد ميثم نصف وعيه ببطء دون أن يفتح عينيه ! - ميثم عطشان ، و قد وجد الحليب البارد المدرار . ميثم يرتجف خائفاً ، و قد وجد الأمان . لا يجب أن يستيقظ ميثم قبل وجبة حراسة حسن ! يعيد حسن هز السرير بقوة : - أنا هو حسن ! ميثم ، ميثم ! أستيقظ ! كل شيء على مرام ! إن مدير الأمن في طريقه إلينا الآن ! يتنبه ميثم حوله ، و يفتح عينيه ، فيرى حسن . - الحمد لله ! كم الساعة الآن ، سيد حسن ؟ - الحمد لله ! السادسة و النصف مساءً ! - عطشان ! - لقد أحضرت لك الماء ، إشرب ! يشرب الماء ، و ينظر نحو الباب ، فيرى ست جنان و حبيبها الطبيب واقفين عند الباب ، و هما يبتسمان إبتسامات عريضة له ، و يحييانه بأكفهما خلسة ! يبادلهما البسمات ، و يرد تحياتهما بانحناءة باسمة من رأسه ، و يخاطب السيد حسن : - مساء الخير يا إبن العم ! ما هي الأخبار ؟ - مساء النور – أ – مم . يتلفَّت حسن حوله ، و يتلعثم ، فيبادره ميثم بالقول : إسترسل في الكلام ، و لا تخف ؛ فهما أخي و أختي ! - صحيح ؟ - أقصد : بمثابة أخي و أختي ! - الحمد لله ! أبشر ، فقد نجحت الخطة ، و والدك و كل أفراد عائلة الشهيد يسلمون عليك ! - و عليكم السلام يا أبا الفضل ! نعم ، إن الفضل يعود إليك أولا و آخراً أيها الشهم الكريم ! - و مدير الأمن و كل ضباط التحقيق المهمين قادمون إلى هنا للتحقق من وضعك ، و هناك إستنفار أمني في كل المستشفى ! كل ما عليك عمله هو شرح العداوة بينك و بين إبنه و ليد ، و لا تنس شرح إستفزازاته ضدك حال ترجلك من سيارة اللاندكروزر . - تؤمر ! أين نظاراتك الطبية ؟ - لقد نسيتها في داركم ! - لن نعيدها إليك أبداً . سنستبقيها لدينا كشارة و تذكار خير و بركة ! - فداك ! أنا خارج الآن ! حظاً سعيداً ! - مع السلامة ! يتبع / لطفاً
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رجع الوجع / رواية بحلقات / 3
-
رجع الوجع / رواية بحلقات / 2
-
رجع الوجع / رواية بحلقات
-
كتاب الدرر البهية في حِكَمْ الإمبريالية الأمريكية
-
رسالة من طفل عراقي إلى الرئيس بوش
-
ملاحظات شخصية في الترجمة
-
الحدّاد و القوّاد
-
سيّد خوصة : المناضل سابقاً و المجاهد لاحقاً
-
آخر أحكام رب العالمين في أهل العراق
-
من أخبار شيخ الشط
-
قوانين التاريخ و جرائم الرأسمالية : أجوبة للأستاذ الفاضل رعد
...
-
قوانين التاريخ ، و جرائم الرأسمالية وقادة الأحزاب الإشتراكية
...
-
دفاعاً عن المفهوم المادي للتاريخ : الأستاذ نعيم إيليا متمنطق
...
-
موجز لقوانين التاريخ : جواب محدد لسؤال محدد للأستاذ الفاضل ر
...
-
الإمام العباس و أمين الصندوق صالح إبراهيم
-
علمية الماركسية و الآيديولوجيا و أشياء أخرى : رد على ملاحظات
...
-
علمية الماركسية و الآيديولوجيا و أشياء أخرى : رد على ملاحظات
...
-
علمية الماركسية و الآيديولوجيا و أشياء أخرى : رد على ملاحظات
...
-
خرافة دحض الماركسية العلمية / رد على الأخ الكبير الأستاذ يعق
...
-
الكلبة -سليمة كُرْفَتِچْ- و البغل -خوشْطَرِشْ-
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
-
اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ
/ صبرينة نصري نجود نصري
-
ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو
...
/ السيد حافظ
المزيد.....
|