|
الاستحقاقات المقبلة على ضوء التعديلات الدستورية الجديدة بالمغرب
عزيز باكوش
إعلامي من المغرب
(Bakouch Azziz)
الحوار المتمدن-العدد: 3499 - 2011 / 9 / 27 - 07:27
المحور:
مقابلات و حوارات
أجرى الحوار وقدم له : عزيز باكوش تدارس المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية خلال اجتماعه الأسبوعي ، يوم الاثنين 19 شتنبر 2011، المستجدات السياسية التي تعرفها بلادنا، تبعا للديناميكية العامة التي خلقها الدستور الجديد. وأوردت جريدة الاتحاد الاشتراكي في عددها الصادر امس تفاصيل ما جرى في اجتماع ترأسه الكاتب الاول عبد الواحد الراضي، جرى خلاله الاستماع الى عرض مفصل حول لقاء أحزاب الاغلبية، الذي كان مناسبة لتبادل وجهات النظر حول التعديلات القانونية المرتبطة بالقوانين المؤطرة للانتخابات القادمة. وتدارس الاجتماع مضامين التدخلات التي تقدم بها الاتحاد الاشتراكي في مناقشة مجمل هذه القوانين، ولا سيما القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب، والقانون المالي. واستمع أعضاء المكتب السياسي الى عرض حول قانون المالية، كما تم تقديمه لفرق الأغلبية، والملاحظات التي تقدم بها الفريق الاشتراكي خلال الاجتماع. وتدارس المكتب السياسي اللقاء الذي تم بين الأمناء العامين لأحزاب الكتلة الديموقراطية، الاستقلال والاتحاد الاشتراكي والتقدم والاشتراكية . وارتباطا بالحراك السياسي الراهن ودور الاتحاد الاشتراكي في تفعيله في أفق الدستور الجديد وفي علاقة باستحقاقات 25 نونبر 2011 أجرى – موقع تازة اليوم – حوارا مع الناشط التقدمي أستاذ مادة الفلسفة بثانوية علي بن بري بتازة محمد المسعودي نعرض له في هذه الورقة . تازة اليوم. : كيف ترى الاستحقاقات المقبلة على ضوء التعديلات الدستورية الجديدة؟ محمد المسعودي : لو تأملنا السؤال لوقفنا على كلمــة تعديل،والتي تعني إحداث تغيير جديد مع الاحتفاظ بالقديم،فتعديل الدستور لا يعني دستورا جديدا، وإنما تغيرات حدثت على بعض فصولــه، وإلا كيف نفسر استمرار تظاهرات 20حركة فبراير بعد المصادقة على الدستور؟ لنفترض أن الدستور الجديد يوفر قدرا من الصلاحيات لتحقيق الإصلاح المنشود وذلك بمـــا يتضمنه من إيجابيات تتعلق بفصل السلط وربط المسئولية بالمحاسبة،إلا أن ذلك ليس كافيـا، فتنزيل الدستور في أول اختبار له، وهو الانتخــــابات، يضع المغــاربة في مفترق الطرق،فإما الانتقـال إلى عهد جديد والقطع مع الأساليب القديمة أو الإخفاق في هذه العملية وبالتالي العودة للوراء. لقد هيمنت وزارة الداخلية لعقود طويلة على عملية التحضير وإجراء الانتخابــــات،مما أفرز وضعا سيئا للغــــاية،تمثل في تزوير إرادة الشعب وإفراز برلمان عبـــارة عن سيرك يجمع بين والمفسدين،والنتيجة تشكيل حكومة ضعيفة، ومن المؤكد أن المغـــــاربة يعرفون جيدا كيف يتم اختيـــار الوزراء،وإن الذي لا يؤدي فروض الطاعة يستحيل أن يصبح وزيرا. تازة اليوم :- في نظرك- من يملك القدرة على ترشيد العملية العقليات،و ضمان شفافية الانتخابات؟ - محمد المسعودي: اليوم، وبعد التصويت على الدستور الجديد ( المعدل )، ينتظــــر الشعب المغربي أن تكون هذه الانتخابات نزيهة وذات مصداقية، ليستعيد الثقة في العمل السياسي وينخرط في تدبير شؤون بلاده،وهنا تكمن مسئولية الأحزاب والتي تتجلى في إبعاد الفـــاسدين والأميين عن الانتخابات المقبلة، و فتح المجال للشباب والمثقفين لتحمـــــل المسئولية.لأن إعادة نفس الوجوه إلى خشبة المسرح السياسية يعني إجهاض آمال المغاربة في التغيير،لذلك على الأحزاب أن تتخلى عن ممارساتها التقليدية والمتمثلة في ترشيح الأعيان وأصحـــــاب “الشكارة” حتى تقطع الطريق على تجار الانتخابـــات.ويبقى طرف ثان مسئول عن نزاهة الانتخابات المقبلة، وهو الدولة ممثلة في وزارة الداخلية التي يجب أن تمارس الحياد الإيجــــــابي، وأن تلاحق الذين يفسدون العملية الانتخـــابية،أما إذا ظلت متمسكة بممارساتهــا السابقة، وتدخلت لطرف ضد طرف آخر،فسيكون أول فشل يعرفـــــــه الدستور الجديد، وسندخل بذلك إلى الدائرة الجهنمية لقتل الفرص. إن الشعب المغربـــي ينتظر الكثير من الأحزاب السياسية، ينتظر منها أن تتحمل مسئوليتهـــا التاريخية، وأن تدخل الانتخابات المقبلة بنخب كفؤة ونزيهة،وأن تبتعد عن منطق الولاءات، كمـــا ينتظر من الدولة أن تنصت جيدا وبحكمة إلى حركة الشارع، وأن تعمل على تلبية مطالب الشعب، تجنبا لكل توتر قد يدفع البلد إلى منزلق خطير. تازة اليوم : ما تقييمك لمشاركة الاتحاد الاشتراكي وإشكالية تجديد النخب؟ محمد المسعودي: ارتبط حزب الاتحـــاد الاشتراكي بفترة صعبة من تاريخ المغرب،تمثلت في نضاله ضد الاستبداد والتسلط،فتغلغل بذلك في وجدان الجماهير الشعبية،وكانت تضحيات مناضيلة عظيمة تمثلت في عدد الشهداء والمعتقلين والمنفيين،والحديث عن سنوات الرصاص يجعلنا نستحضر شهداء مثل المهدي بن بركــــة وعمر بن جلون وغيرهمــا. لكن هذا الوجه المشرق للاتحــاد الاشتراكي لم يعد كما كان عليه سابقا،لقد فقد بريقه،عندما تنـــــازل قادته عن تاريخهم النضالي وأصبحـــوا جزءا من المخزن.هل يمكن لحزب له تاريخ مشرق أن يقبل المشاركــة في انتخابات تتحكم وزارة الداخلية مسبقا في نتائجها ؟ إنهــا مأساة الاتحاد الاشتراكـــي الذي قدم قدم شهداء كثر،لكنه قبل الدخول في عملية مغشوشة أصلا.والشيء المحزن أن الحزب بعد فشل تجربة التناوب استمر قادة الاتحــاد الاشتراكي في لعب أدوار داخل مسرحية سياسية سخيفة وبئيسة. هكذا أذن ظلت نفس الوجوه تتحكم في الحزب،وتترشح للانتخابات بحثــــا عن الكراسي،وهو الأمر الذي أبعد الجماهير عن الاتحـــــاد الاشتراكي،لأنه انضم إلى قافلة الأحزاب الإدارية،بل تحالف معهــــا لتشكيل حكومات لا صلاحية لها. إن داخل الاتحاد الاشتراكي أناس أكفاء ونزهاء ومثقفون،لكنهم مغيبون عن المشهد السيـاسي لأن الذين يتحكمون في الحزب هم القســــاوسة الذين حولوا الحزب إلى كنيسة تمنع النقــــــاش ولا تقبل باختلاف الآراء.واليوم ونحن أمام انتخابات في ظل دستور جديد،ماذا عن مساهمة الاتحاد الاشتراكي؟ هل سيلعب بنفس التكيلة القديمة، ومن تم سيحكم على نفسه بالإقصـــــاء مبكرا من الحياة السياسية أم سيبحث عن نخب جديدة لها مصداقيتها،وقادرة على تحمل المسئولية و إعادة الاعتبار للعمل السياسي؟. لهذا أؤكد أنه لا يمكن لحزب مثل الاتحاد الاشتراكي أن يجمع بين أمرين متعـــــارضين هما : النضال من أجل الحرية والكرامــــة، وفي نفس الوقت مشاركة السلطة في تمييع الحيــاة السيـــاسية والقبول بالأمر الواقع. تازة اليوم :عدم الجمع بين مهامين ضمن التعديلات الدستورية،ما تأثيره على نسبة المشاركة؟ محمد المسعودي:يتحدث كاستوريـــا ديس عن صعـــود اللامعنى منتقـــدا الأحزاب السياسية الفرنسيــة، اليسارية منها واليمينية على حد ســـواء، إذ يرى أن هؤلاء السياسيين أصبحوا غير فعالين فهم يبحثون عن السلطة ويعملون جاهدين للحفاظ عليها والتمسك بهــــــــا،ذلك ينطبق على السياسيين بالمغرب، مع فارق الكفــاءة والتكوين.فمنذ الاستقلال لم تعمل هذه الأحزاب على خلق دينـــامية في المجتمع وابتكـــار تصورات وبرامج واضحة،بل ظل همهــــــا الوحيد هو البحث عن الاستفادة من الامتيازات التي يمنحهــا المخزن،وبذلك ظلت عاجزة وتابعة لا تملك قرارا في القضايا المصيرية للأمة،فــانتشرت الفوضى ودخل عالم السياسة مرتزقة أفسدوا الانتخابات وحولوها إلى سوق للمتـــاجرة. وحصلت أشياء عجيبة،فرئيس الجماعة هو نفسه النائب البرلماني الذي يتغيب عن جلسات الأسئلة الشفوية للتفرغ لمصالحه الشخصية مبررا ذلك بكونه منشغلا بشئون الجماعة،هذا الجمع بين مهامين أنتج كوارث وأفقد السياسة معناهــــــا الحقيقي،إنه بحث عن وسيلة للحصـــول على الثروة والاغتنـــاء اللامشروع،ومن تم وظفت الحصــــانة البرلمانية لحماية المفسدين الذين نهبوا الأموال العمومية وتلاعبوا بقضايـا المواطنين،واليوم بعد تنزيل الدستور الجديد تم إلغاء الجمع بين مهامين وتم ربط المسئولية بالمحــــاسبة، وهذا يتطلب إرادة حقيقية للمراقبة حتى لا يتحول الأمر إلى مجرد كاميرا خفية. تازة اليوم : كيف تفسر عزوف الشباب عن السياسة،و ما أصل ذلك؟ محمد المسعودي: الحديث عن العزوف يعني غياب السياسة التي يقول عنها سبينوزا أنها فعل نبيل ينقذ الناس من التفاهات،لكن السياســـــة في المغرب تحولت إلى حماقات وتفاهات،ما إذن الأطراف المسئولة عن عزوف الشباب وابتعادهم عن ممارسة السياسي؟ إن الطرف الأول يتمثل في الدولة التي سخرت أجهزتها الإعلامية لنشر الترهات عبر برامج القصد منها خلق شباب هش غير قــادر على النقد والتحليل، بل أكثر من ذلك تدجينه وجعله ينشغل بالرقص ومتابعة البطولات الغربية،حتى بدأنا نشاهد الملايين من الشباب يهتفون بالبارصـــا والريال وغيرهما،ويحفظون أسمـــــاء لاعبيها ومدربيهـــا وعدد الأهداف التي سجلت وانتقالات اللاعبين وأجورهــم بل حتى تفاصيل حياتهـــم الشخصية،ولا يعرفون أسماء الزعمـــاء السياسيين وأمنــــــــاء الأحزاب،ولا حتى عدد الوزاء المشكلين للحكومة أو أسمائهم. إنها عملية ممنهجــــــة ومدروسة،تهدف إلى تهميش الشبــاب وإبعادهم كقوة حية عن ممارسة السياسة،حتى يفرغ المجال أمام أصحاب “الشكـارة” للهيمنة على شئون البلاد، أما المسئول الثاني عن العزوف فهي الأحزاب التي تحولت إلى كنائس يدير شئونها قســـاوسة ورهبان، نصبوا أنفسهم زعمــــــاء مدى الحيـــاة،الأمر الذي قتل العمل السياسي،لأن قادة الأحزاب انخرطــوا مع المخزن في لعبة مكشوفة الهدف منهـــــا الحفــاظ على الوضع، وعدم المطالبة بالإصلاح الحقيقي،ومــع حلول فترة الانتخابــــــــات تطل من جديد نفس الوجوه لتتولى تسيير شئون المواطنين بدون صلاحيات، فأدرك الشعب أن الذهاب إلى صناديق الاقتراع يعني تقديم شهادة زور، وتزكية واقع مغلوط. أعتقد أن الاستمرار في نفس النهج يعني الإجهاز على كل إمكانية للإصلاح،والإحزاب السياسية مطالبة اليوم بإصلاح حقيقي في أســـــاليب وطرق اشتغالها،وعلى الذين أفسدوا السياسة وحولوهــا إلى وسيلة للاغتناء أن ينسحبوا من الساحة ويتركوا الفرصة للشباب والكفاءات التي لها رؤية واضحة وقدرة على الخلق و الابتكار،فالمغرب مليئ بالكفاءات والطاقات الخلاقة وأصحـــاب الضمائر الحية التي تستطيع أن تخرج به من ظلمات الركود إلى نور التقدم والرقي.
#عزيز_باكوش (هاشتاغ)
Bakouch__Azziz#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تازة من خلال مواقعها الالكترونية 1
-
فاس والكل في فاس 237
-
تيكنولوجيا الإعلام والاتصال في المدرسة المغربية
-
ادريس الواغيش يصدر ظلالا حارقة محملة بآثار مكر الطفولة وبراء
...
-
فاس والكل في فاس 236
-
مجلة الأسرة المغربية تحاور الإعلامي عزيز باكوش في موضوع الإع
...
-
فاس والكل في فاس 235
-
فاس والكل في فاس 234
-
السؤال بصدد الأمازيغية باكاديمية فاس بولمان لم يعد هو: لماذا
...
-
النهج الديمقراطي ومريدو عبد السلام ياسين... المودة الملغومة
-
فاس والكل في فاس 233
-
نيابة فاس تنظم حفل نهاية السنة لتحفيز تفوق 2011
-
24 حاسوبا محمولا و SB ومآت الكتب جوائز حفل التميز لاختتام ال
...
-
نيابة صفرو تحتفي بالتميز
-
التربية غير النظامية بجهة فاس بولمان وضرورة إيلاء أهمية كبرى
...
-
التربية غير النظامية لا تعني الفوضى
-
الأعمى وجرائد الصباح
-
باكالوريا دورة يونيو 2011 ، أكاديمية فاس بولمان تحقق 56،62 ب
...
-
تجليات..الوطن في الورشة الفنية بإعدادية المسيرة
-
اللغات في المدرسة المغربية : عرض وتقديم عزيز باكوش
المزيد.....
-
إيران تعلن البدء بتشغيل أجهزة الطرد المركزي
-
مراسلنا في لبنان: سلسلة غارات عنيفة على ضاحية بيروت الجنوبية
...
-
بعد التهديدات الإسرائيلية.. قرارت لجامعة الدول العربية دعما
...
-
سيناتور أمريكي: كييف لا تنوي مهاجمة موسكو وسانت بطرسبرغ بصوا
...
-
مايك والتز: إدارة ترامب ستنخرط في مفاوضات تسوية الأزمة الأوك
...
-
خبير عسكري يوضح احتمال تزويد واشنطن لكييف بمنظومة -ثاد- المض
...
-
-إطلاق الصواريخ وآثار الدمار-.. -حزب الله- يعرض مشاهد استهدا
...
-
بيل كلينتون يكسر جدار الصمت بشأن تقارير شغلت الرأي العام الأ
...
-
وجهة نظر: الرئيس ترامب والمخاوف التي يثيرها في بكين
-
إسرائيل تشن غارتين في ضاحية بيروت وحزب الله يستهدفها بعشرات
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|