أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صبحي حديدي - فلسطين الشوكة














المزيد.....

فلسطين الشوكة


صبحي حديدي

الحوار المتمدن-العدد: 1040 - 2004 / 12 / 7 - 08:12
المحور: القضية الفلسطينية
    


أسرته غادرت حيفا إلى لبنان في عام النكبة 1948، وكان عمره آنذاك لا يتجاوز الـ 15 شهراً. كان أبوه عضواً بارزاً في "اللجنة العربية"، وكانت عصابات الـ "هاغاناه" تطلب رأسه. وحين سيرحل الأب في بيروت دون أن يبصر حيفا للمرّة الأخيرة، ولكن ليس دون أن يبصر هزيمة 1967، سوف يترك لابنه الوصيّة التالية: "لا تحزن... لن يفلح أحد في التخلّص منّا. فلسطين شوكة عالقة في حلق العالم، ولن يفلح أحد في ابتلاعها. لا تقلق"!
كانت هذه آخر الآمال التي أورثها وديع صنبر إلى ابنه الياس صنبر، الفتى الذي سيغادر بدوره إلى باريس بعد أشهر معدودات، ليصبح المؤرّخ والكاتب والإعلامي والمترجم الذي لا يغمض العين البتة عن فلسطين والفلسطينيين، وأحد ألمع الناطقين باسم الهمّ الفلسطيني في الغرب، وأعمق دارسي فلسطين الأرض والبشر والتاريخ والجغرافيا والثقافة، وبين القلّة القليلة التي تجمع بين صلابة الدفاع عن الحقّ وبراعة تقديمه وذكاء المطالبة به في آن معاً.
هو مؤسس ورئيس تحرير الفصلية الرصينة "دراسات فلسطينية"، التي تصدر بالفرنسية منذ العام 1982، عن دار النشر المرموقة "مينوي". وهو عضو في المجلس الوطني الفلسطيني منذ العام 1988، وعضو مشارك في الوفد الفلسطيني لمفاوضات واشنطن 1992. وهو صاحب التوقيع، في الصحف والدوريات الفرنسية الرئيسية، على عشرات الأعمدة والمقالات والحوارات التي تنقل صوت فلسطين على نحو يجمع بين الشجاعة والعمق من جهة، وحُسْن مخاطبة العقل الغربي واستخدام اللغة العصرية الجذّابة من جهة ثانية. وهو وجه مألوف على شاشات التلفزة الفرنسية، في كلّ ما يتّصل بالشأن الفلسطيني (والشأن الإسرائيلي، بالطبع، وما أدراك ما الشأن الإسرائيلي!)، ومن الإنصاف القول إنّ شريكته الوحيدة في وعثاء هذه الجلجلة هي السيدة ليلي شهيد، سفيرة فلسطين في باريس، والشخصية الذكيّة المتألقة الحبيبة إلى قلوب الفرنسيين قبل العرب.
كذلك من الإنصاف القول إنّ وجود صنبر في فرنسا كسب كبير للقضية الفلسطينية في العالم الفرانكوفوني، مقابل عدد من الأسماء اللامعة في العالم الأنغلوفوني (نتذكّر الراحلين إدوارد سعيد وابراهيم أبو لغد، ولا ننسي إسهامات آل الخالدي...). ذلك لأنّ صنبر كاد أن ينتمي إلى هذا العالم الثاني، حين انتقل إلى أمريكا مطلع التسعينيات للتدريس في جامعة برنستون، لولا جذور تضرب أعمق في قِيَم الثقافة الفرنسية، ولولا... عجائب الحياة في بلاد العمّ سام. وهو يروي حكاية عن ندوة تلفزيونية جمعته ذات يوم مع الكاتب والصحافي كريستوفر هتشنز والممثّل شارلتون هستون في مناسبة حرب الخليج، حيث كان الأخير لا يكفّ عن المطالبة بـ "إفناء" Exterminate العراق. وحين سأله هتشنز عمّا إذا كان يعرف الدول التي تجاور العراق، غضب صاحب الدور التوراتي الشهير "بن هور"، ثمّ تواضع فأجاب إنّ البلد (حاضنة سومر وبابل والرافدين!) يقع بين أفغانستان ومنغوليا! ويعلّق صنبر: "عندها أدركت أنّ أيّامي في أمريكا باتت معدودة"!
لكنّ صنبر كاتب في المقام الأوّل، ويحدث غالباً أن يتندّر بالقول إنه حلم أن يكون أديباً فأصبح مؤرّخاً! ولعلّ هذا هو السبب في أنّ أعماله، التي تبدو "تأريخية" من حيث الموضوع والمادّة، لا تغادر لغة الأدب ولا تنأى عن الآداب، فضلاً عن تركيزها شبه الدائم على الجوانب الثقافية والإبداعية في التاريخ الفلسطيني والشخصية الفلسطينية. وليس أمراً مألوفاً أن ينصرف مؤرّخ إلى ترجمة خمسة أعمال شعرية لمحمود درويش، هي "أحد عشر كوكباً" و"لماذا تركت الحصان وحيداً" و"سرير الغريبة" و"جدارية" و"حالة حصار"، فضلاً عن مختارات درويش الشعرية الموسعة "تضيق بنا الأرض" في سلسلة غاليمار الشهيرة، وحوارات مختارة بعنوان "فلسطين بوصفها استعارة".
وفي التاريخ الفلسطيني كتب صنبر، وبالفرنسية دائماً: "فلسطين 1948: الطرد"، 1984؛ "الفلسطينيون على امتداد القرن"، 1994؛ "فلسطين، البلد الآتي"، 1996؛ "مُلك الغائبين"، 2001، ويجمع بين التوثيق التاريخي والسرد والسيرة الذاتية؛ و"الفلسطينيون: فوتوغرافيا أرض وشعبها منذ 1839 وحتي اليوم"، 2004. وبالتعاون مع الكاتب والمؤرّخ والناشر السوري فاروق مردم بك، أصدر صنبر "القدس: المقدّس والسياسي"، 2000؛ و"حقّ العودة"، 2002.
وأمّا آخر أعمال صنبر، والمناسبة التي حرّضت هذا العمود، فهو كتابه البديع "شخوص الفلسطيني: هويّة الأصول، هوية الصيرورة"، والذي يستحقّ وقفة خاصة مفصّلة مطوّلة. تكفي، هنا، الإشارة إلى أنّ هذا المسح التاريخي ـ الأنثروبولوجي ـ الثقافي الفريد يقدّم الآدميّ الفلسطيني في تمثيلات غير مألوفة وغير تقليدية، وينصرف قليلاً، ولكن دون أن ينفكّ تماماً، عن ملفّات "القضية"، قديمها وجديدها، ليتوغّل أعمق فأعمق في الشخوص المتغايرة لثلاث هويّات فلسطينية: "إبن الأرض المقدّسة"، و"عرب فلسطين"، و"الغائب" أو "الفلسطيني غير المرئي".
ولست أعرف عملاً يضاهي كتاب إدوارد سعيد الرائد "بعد السماء الأخيرة"، إلا عمل صنبر الأخير هذا. وليس مصادفة أنّ الاثنين إبنا فلسطين... الشوكة ذاتها العالقة في حلق العالم!



#صبحي_حديدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دمشق وبالون -وديعة رابين-: ألعاب في أردأ السياقات
- قبل المحرقة
- لا ينقلب فيها حجر دون أن يطلق معضلة تاريخية: القدس بعد عرفات ...
- الشاعر السوري حازم العظمة: قصيدة ناضجة في معترك تجريب بلا ضف ...
- دائرة الطباشير الأمريكية
- حين تولد الفاشية العسكرية الأمريكية في الفلوجة: مَن يكترث بو ...
- قائد قال -لا- حين كانت الـ -نعم- هي المنجاة:عرفات: ترجّل -ال ...
- ما لا يُفهم
- الديمقراطية الأمريكية: مأزق قوّة كونية تتكلّم كالأساقفة
- ميشيما 9/11
- كولومبيا والإرهاب الآخر الذي تصنّعه الولايات المتحدة
- رامبو الأفضل
- المؤسسة الصهيونية: فحشاء القوّة في الطور البربري
- رحيل الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا (1930 ـ 2004): مَن بعده سيتو ...
- جدران محاكم التفتيش
- في أيّ سوق نصرف وعيد إياد علاوي ودموع برهم صالح؟
- دريدا والزرقاوي
- التعديل الوزاري في سورية: مَن سيرمي رامي مخلوف بباقة زهور؟
- أشواق المستهام
- توني بلير الأحدث: صوت سيّده أكثر فأكثر


المزيد.....




- هل يعارض ماسك الدستور بسبب حملة ميزانية الحكومة التي يقودها ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وأخرى تستهدف للمرة الأولى-..-حزب ...
- حافلة تسقط من ارتفاع 12 مترا في حادث مروع ومميت في فلاديفو ...
- بوتين يتوعد.. سنضرب داعمي أوكرانيا بالسلاح
- الكشف عن التاكسي الطائر الكهربائي في معرض أبوظبي للطيران
- مسيرات روسية اختبارية تدمر مركبات مدرعة أوكرانية في اتجاه كو ...
- مات غيتز يتخلى عن ترشحه لمنصب وزير العدل في إدارة ترامب المق ...
- أوكامبو: على العرب الضغط على واشنطن لعدم تعطيل عمل الجنائية ...
- حاكم تكساس يوجه وكالات الولاية لسحب الاستثمارات من الصين
- تونس.. عبير موسي تواجه تهما تصل عقوبتها للإعدام


المزيد.....

- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ
- إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين ... / رمسيس كيلاني
- اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال / غازي الصوراني
- القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال ... / موقع 30 عشت
- معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو ... / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - صبحي حديدي - فلسطين الشوكة