|
نعم لفصل منظمة التحرير الفسلطينية عن السلطة
امير مخول
الحوار المتمدن-العدد: 1040 - 2004 / 12 / 7 - 08:33
المحور:
القضية الفلسطينية
نعم لفصل منظمة التحرير الفسلطينية عن السلطة لا لفصل السلطة عن م.ت.ف
* التلميح باستفتاء شعبي يعني التنازل عن الثوابت الفلسطينية*
إنتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية ليست امرا يخص الاهل في الضفة والقطاع والقدس العربية، الا اذا اعتبرنا ان هذا الجزء من الشعب الفلسطيني خارج القضية الفلسطينية او هو وحده القضية الفلسطينية. وغير ذلك فان هذه الانتخابات تخص كل الشعب الفسلطيني، وليس بمجرد من يكون رئيسا للسلطة، بل والاهم كيفية تنظيم الشعب الفلسطيني؟ وما هي الآلية لذلك؟ وما هي طبيعة المشروع الفلسطيني هل هي تحرر وطني ام بناء دولة ام بناء كيان غير واضح المعالم ومنقوص السيادة ام مزيج غير مألوف من التشخيصات المذكورة؟
الجدل الفلسطيني الدائر اليوم واساسا حول الانتخابات بما فيه النقاش الدائر حول العلاقة بين م.ت.ف. وبين السلطة الفلسطينية وتقاسم السلطة والادوار، هو قضية تخص كل الشعب الفلسطيني في الشتات وفي الداخل من جانبي الخط الاخضر. اذ ان هنالك مؤشرات لمحاولات طمس الفرق بين منظمة التحرير الفلسطينية والسلطة الفلسطينية واخضاع الاولى للاخيرة بدل ان يكون عكس ذلك.
فلسطينيو ال 48 وفلسطينيو الشتات الذين استثنتهم اتفاقيات اوسلو من صنع القرار الفلسطيني ومن الحل, من شأنهم ان يعبروا عن قلقهم من مؤشرات تجزيئية جديدة تطرحها التطورات بشأن انتخابات رئاسة السلطة الفلسطينية. وباعتقادي ان هذا القلق اذ يساور الجزئين المذكورين من الشعب الفلسطيني لكنه ايضا يساور اوساط وتيارات سياسية في الضفة والقطاع, ناهيك عن الاوساط الشعبية.
ما هي حدود المشروع الفلسطيني؟ هل هي اسقاطات احتلال 1967 في قطاع غزة والضفة الغربية بما فيها القدس؟ هل يضاف اليها الشتات وقضية اللاجئين التي خلقت في العام 1948 وحق العودة؟ هل يضاف اليها فلسطينيو ال48 ممن تحولوا قسرا الى مواطني الدولة اليهودية ودولة اليهود ككيان كولونيالي عنصري مفروض على شعبنا؟ فكل هذه المجموعات معا تشكل الشعب الفسلطيني, وحق تقرير المصير للشعب الفسلطيني هو ملك لكل الشعب، مثلما حق العودة هو ملك للاجئين انفسهم اولا لكنه ملك لكل الشعب الفلسطيني وهكذا بالنسبة لوضعية اية مجموعة فلسطينية في الوطن والشتات بما فيها ال48.
ولو قررنا اية مرحلة نحن موجودين كشعب، فان مركبين اثنين قائمين، يمكن النظر اليهما بنظرة تكاملية او بنظرة صراع بينهما. والمركبان هما مرحلة التحرر الوطني ومرحلة اقامة الدولة التي في صيغتها الحالية انتقاص من حق تقرير المصير وهناك من ينظر اليها ككيان مؤقت.
النظرة التكاملية ممكنة فقط اذا قبلنا بناء الدولة ضمن مرحلة التحرر الوطني وجزء منها لكن ليست شرطا كافيا للتحرر الوطني. واية صيغة لرسم حدود التحرر الوطني ضمن ما توفره حدود اوسلو الضيقة او حدود بناء الدولة الحالية هي اعاقة للتحرر الوطني.
وكي يكون مشروع بناء الدولة حتى وان كانت منقوصة السيادة في الضفة والقطاع جزءا من النظرة المستقبلية التكاملية للمشروع التحرري الفلسطيني, فهذا يتطلب فصل م.ت.ف. عن السلطة الفلسطينية اي تحرير م.ت.ف. من شرك اوسلو ومن التزامات السلطة الفلسطينية لاتفاقيات اوسلو، واعادة بناء منظمة التحرير على الثوابت الوطنية لكن على اسس جديدة من حيث التمثيل وتحديد مركبات القضية الفلسطينية. الامر ضروري لان م.ت.ف. هي قيادة الشعب الفلسطيني في كافة اماكن تواجده، والثانية هي اجهزة منتخبة وتنفيذية لقطاع واحد ضمن الشعب الفسلطيني وتفتقر الى مقومات السيادة، بينما سيادة م.ت.ف مكتسبة من الشعب ومسيرته النضالية التحررية كحركة تحرر وطني.
شهدت حركات التحرر الوطني تاريخيا جدلا ونقاشات وكذلك صراعات في مراحل معينة من مسار التحرر بين ما درج على تسميته "الخارج" و"الداخل". وهذا الصراع او التوتر غالبا ما تعزز في مرحلة التسويات سواء اكانت فعلية ام وهمية. لكن هذا يطرح سؤالا اخر يتمحور في تعريف "الداخل" و"الخارج"، فضمن السياسة الفلسطينية الرسمية هنالك ثلاثة مركبات للشعب الفلسطيني ولكن هنالك مركبين اثنين للقضية الفلسطينية، وهما الخارج المتمثل بالشتات او اللاجئين وهنالك الداخل وهم من يعملون من داخل الوطن والمقصود هنا الضفة والقطاع. لكن ماذا بشأن فلسطينيي ال48 وهم ايضا في الداخل؟ هل هم خارج الداخل وخارج الخارج؟ ام لا زال يجري التعامل معهم من باب مطالبتهم ان يكونوا احتياطي اصوات لصالح حزب العمل ضد الليكود وكقوة دمقراطية اسرائيلية خارج القرار الفلسطيني وفي خدمة صانعيه, حتى وان اقتصر صانعوه على قيادة السلطة الوطنية الفسلطينية. اعادة بناء م.ت.ف تتطلب اعادة تعريف ليس مركبات الشعب الفلسطيني بل اساسا مركبات القضية الفلسطينية والمشروع الفلسطيني ليشمل فلسطينيي ال48. كما يتطلب الامر ان تشمل هذا الجزء من الشعب الفسلطيني سياسيا وتمثيليا وتفاعلا. وان كانت هناك تميزات للوضعيات القانونية لكل جزء من الشعب الفلسطيني باختلاف الموقع, لكن يجدر الا يغيب عن بالنا للحظة ان التميز المشترك لكل المجموعات في مختلف اماكن تواجدها هو كونها جزءا ومركبا من الشعب الفلسطيني ومن القضية الفلسطينية. وان تناقض هذا مع حل الدولتين فانه لا يتناقض لا مع حق تقرير المصير ولا مع العدل التاريخي او الغاء الغبن التاريخي للشعب الفلسطيني.
وهذا الحق الطبيعي محروم منه الشعب الضحية بينما يمارسه بوجهه العدواني العنصري النظام القمعي الكولونيالي العنصري بمفهوم دولة يهودية ودولة اليهود بمن فيهم يهود العالم الذين ليسوا مواطني الدولة.
فلسطينيو ال48 جزء من القرار بشان م. ت. ف. ومركب من مركباتها المستقبلية، كوننا جزء من المشكلة الفلسطينية ولسنا خارجها, وليس لنا الحق باخراج انفسنا منها وليس لاحد الحق باخراج هذا الجزء منها، ومن هنا الخطأ التاريخي في قيادات م ت ف اعتبار فلسطينيي ال48 خارج م ت ف وقضية داخلية اسرائيلية وهو ما كرسته اتفاقيات اوسلو ووقعت عليه عمليا منظمة التحرير في مرحلة انهيارها والتزمت به السلطة الفلسطينية.
لنفترض ان جزءً من استراتيجيات النضال الفلسطيني سيكون مقاطعة اسرائيل كنظام دولي مثلما جرى ضد نظام الفصل العنصري في جنوب افريقيا، فان دور فلسطينيي ال48 اساسيا في هذا وبالذات بسبب موقعهم وهو يلتقي مع مشروع عربي اقليمي اوسع وهو مناهضة التطبيع. وفي النضال من اجل حق العودة فان دور هذا الجزء اساسي سواء عودة اللاجئين في الشتات ام المهجرين في الوطن ام حماية املاكهم الفردية والجماعي ومقدساتهم. كما ان دعم صمود جماهير شعبنا في الضفة والقطاع والقدس من خلال حملات الاغاثة وتقاسم الهم, هي ادوار ملموسة لهذا الجزء من الشعب الفلسطيني.
ويفوق ذلك اهمية، المشروع السياسي الذي لا يسلم باسقاطات نكبة ال48 التي يشكل كل تاريخ الشعب الفسلطيني اينما كان منذ ذاك العام تداعيات لها. الفراغ القيادي الذي خلفه رحيل القائد التاريخي ياسر عرفات, والدور الذي كان يلعبه ابو عمار، وتأثيره الذي فاق تاثير السلطة الفلسطينية في الضفة والقطاع، اثار عدة اسئلة حول المستقبل، والكثير منها بطبيعة الحال تعود الى التجربة الحالية وتجارب الماضي. وقد يكون الموضوع يطرح كموضوع محوري الان بسبب رمزية ابي عمار الذي مثل حركة التحرر الوطني في مختلف مراحلها والسلطة الفلسطينية معا.
الا ان جوهر هذا الجدل ليس جديداً، انه يعيدنا الى جدل السنوات الاخيرة حول الاصلاح, حيث اثير وللاسف فقط بشكل جانبي السؤال: اصلاح ماذا؟ اصلاح السلطة الفلسطينية كما نصت عليها اتفاقيات اوسلو ام اصلاح م.ت.ف وفي سياق ذلك اصلاح السلطة بما يتماشى مع ذلك. وهو بوجه اخر السؤال حول ما هي المرجعية الفعلية للسلطة الفلسطينية، هل هي اتفاقيات اوسلو ام هي حركة التحرر الوطني الفلسطيني. والجدل المذكور حصر الاصلاح في السلطة الفلسطينية وغيّب م.ت.ف. بل انه اقتصر حول الاداء في السلطة وليس حول جوهر وطبيعة مرحلة الصراع مع اسرائيل.
ان المرحلة المفصلية الحالية فيها مخاطر جدية جدا وفيها فرص جدية جدا. ومن الفرص انها مرحلة مؤاتية الى اعادة رسم حدود كل من السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير الفسلطينية وفي استنهاض الاخيرة لتتمكن من مواجهة تقييدات اوسلو والتحرر من الاسقاطات التجزيئية للشعب الفسلطيني التي كرستها اتفاثيات اوسلو.
في مرحلة ما بعد ياسر عرفات, فان الدمج بين رئيس السلطة الوطنية الفلسطينية ورئيس اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفسلطينية سيكون على حساب منظمة التحرير وامكانيات بنائها كقيادة للشعب الفلسطيني كله في الشتات والوطن. ومن شأن هذا الدمج حاليا ان يبقى م.ت.ف كحالة رمزية او معنوية, لكن ليس كمرجعية للسلطة الفلسطينية، بل على العكس كسيارة في فلك السلطة. وهو امر خطير وبحاجة الى مبادرات شعبية في مختلف اماكن تواجد الشعب الفسلطيني لمواجهته، واعادة بناء وتنظيم م.ت.ف، كقيادة الشعب الفلسطيني.
إستفتاء من؟ وبدل ماذا؟ إستفتاء شعبي بدون الشعب؟
خلال افتتاح حملته الانتخابية لرئاسة السلطة الفلسطينية اعلن محمود عباس (ابو مازن) يوم الاحد 28 تشرين ثان 2004 انه يلتزم باجراء استفتاء شعبي حول اية اتفاقية يتوصل اليها تتعلق بالحل الدائم. والسؤال استفتاء شعبي لكل الشعب الفلسطيني ام لجزء منه فقط يسكن في الضفة والقطاع؟ واذا كان استفتاء لكل الشعب الفسلطيني فليست السلطة الفلسطينية هي المخولة باجرائه، لانها ليست قيادة للشعب الفلسطيني وليست ممثلا للشعب الفسلطيني. بل ان الاستفتاء هو من شأن م.ت.ف. فهل سيشمل الاستفتاء فلسطينيي الشتات اللاجئين وفلسطينيي ال48؟
لكن السؤال الذي لا يقل الحاحية هو: لماذا الاستفتاء؟
لقد اكد الشعب الفلسطيني تاريخيا ومن خلال مسيرة نضالية طويلة انه متمسك بالثوابت الوطنية الفلسطينية. ولن يكون بمقدور ابي مازن ان يأتي بصيغة حل او اتفاقية مع شارون او مع حزب العمل وحتى ولا مع اقصى اليسار الصهيوني تعترف بالحد الادنى من الحلم الفلسطيني ناهيك عن الحديث عن االثوابت الفلسطينية المتمحورة في حق مناهضة الاحتلال, تطبيق حق العودة وحق تقرير المصير واستعادة القدس عاصمة للدولة الفلسطينية. واذا كان ابو مازن غير قادر على تحقيق جزء ضئيل من هذه الثوابت فلماذا الاستفتاء اذا لم يكن الهدف منه التنازل عن التوابت باسم "الدمقراطية" و"ارادة الشعب" وبالاصح عدم ارادة الشعب!! وبالتاكيد فان ادرة بوش وادارة شارون ستؤيدان اي صيغة غير دمقراطية واية اساءة استخدام للدمقراطية الفلسطينية من اجل تمرير مشاريعهما والتنازل عن الثوابت الوطنية الفلسطينية.
الشعب الفلسطيني ليس بحاجة الى استفتاء، بل الى التزام فعلي بالثوابت الفلسطينية الوطنية، والى الهيئة المخولة والتي بامكانها ان تضمن الثوابت وان تسعى لتحقيقها. ولا يوجد غير حركة التحرر الوطني الفلسطيني بمقدورها ذلك. ___________
#امير_مخول (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024
/ فهد سليمانفهد سليمان
-
تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020-
/ غازي الصوراني
-
(إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل
...
/ محمود الصباغ
-
عن الحرب في الشرق الأوسط
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني
/ أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
-
الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية
/ محمود الصباغ
-
إستراتيجيات التحرير: جدالاتٌ قديمة وحديثة في اليسار الفلسطين
...
/ رمسيس كيلاني
-
اعمار قطاع غزة خطة وطنية وليست شرعنة للاحتلال
/ غازي الصوراني
-
القضية الفلسطينية بين المسألة اليهودية والحركة الصهيونية ال
...
/ موقع 30 عشت
-
معركة الذاكرة الفلسطينية: تحولات المكان وتأصيل الهويات بمحو
...
/ محمود الصباغ
المزيد.....
|