أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - اللعب مع الذئاب














المزيد.....

اللعب مع الذئاب


جهاد علاونه

الحوار المتمدن-العدد: 3495 - 2011 / 9 / 23 - 21:38
المحور: كتابات ساخرة
    


أنا لا عب شطرنج من الصعب جدا أن تجدوا لي شبيهاً أو منافسا يلعب معي بكل ما عنده من روح رياضية يقبلُ بالهزيمة إذا هُزم ويصفح عن خصمه إذا تمكن منه على حسب أصول وقواعد اللعب إلا ما ندر وهذه الطباعُ فعلا من طباع الفروسية, وأنا لاعب شطرنج ألعب على أسس وعلى أصول وقواعد اللعب حين يكون الالتزام بشروط اللعب فنا يحترمه المنافسون والخصوم والأعداء , وأنا لاعب مهم جدا وكل الذين لعبوا معي يشهدون بأن أخلاقي في اللعب تشبه أخلاق الفرسان النبلاء فأنا لا أقبلُ بأن أقتل ضعيفا ولا أقبل بأن أقاتل من لا يقاتلني وعلى هذا الأساس عرفني كل المحترفين في أصول وأسس وقواعد اللعب, وكل الناس تعرف بأنني طوال حياتي لم أجد من يغلبني أو من يتعادل معي واحد مقابل واحد أو اثنين مقابل اثنين وبدون أن أبرز للاعبين أسناني وعضلاتي يخافون مني قبل أن أأمر أي جندي من جنودي بالتحرك للأمام على عرض جبهة القتال وطولها ودائما ما أختار اللون الأبيض رمزا للمحبة والسلام وللقلب الأبيض الطيب ولم ألعب بحياتي كلها باللون الأسود إلا مرة أو مرتين على امتداد تاريخ حياتي وكل أهل الدار يعرفون بأنني في لعبة الشطرنج لا يغلبني أي غالب مهما كان ذكيا أذكى مني ومهما كان قويا أقوى مني والكل يشهد لي بأنني أحمل روحي على كفي وفي الكف الثانية أحملُ أخلاقا عالية حين أحاصر الملك أو الوزير أو فرقة الفيلة التي تمشي بشكل قُطري ,فعلى نفس الرقعة أنا قوي جدا وسعري باهظ الثمن أغلى من لاعبي برشلونه وإنتر ميلان وشاطر جدا ولا أحد يغلبني أو يجرأ على قول ذلك حتى وإن كان حقيقة لأن تاريخي الطويل يشهد لي عند كل الناس بأنه من الصعب أن يجرأ أحد على قهري ولكن عندي مشكلة عويصة جدا في اللعب وهي أن أي لاعب على أرض الواقع وحتى لو كان مبتدءا من الممكن له أن يغلبني بأقل من خمس دقائق حين أنزل للعب على أرض الواقع مع لاعبين أو مع ذئاب ليس لهم في الفن فنٌ وليس فيهم من أخلاق وشيم الفرسان ذرة تراب واحدة وبالذات حين يكون اللعب على أرض الواقع في الشوارع وفي الأندية الثقافية والسياسية وكل اللعيبة يهزمونني أو كل الذئاب يغلبونني من أول هجوم لهم لأنهم يلعبون معي على خلاف قواعد وقوانين وشروط اللعبة, وعلى الرقعة حين ألعب تعود لي لياقتي وكل مهاراتي وتكون الأخلاق في الدرجة الأولى ولكن حين أنزل إلى الشارع أو إلى أرض المعركة الحقيقية أجد بأن أخلاق اللعب معدومة أو مشطوبة أو منسية أو أنها آخر ما يمكن أن يفكر به اللاعبون.

لا أحد يلعب معي حسب الأصول..ولا أحد يلعب معي حسب القانون, ولا أحد يستطيع أن يغلبني إلا إذا لعب معي خارج قوانين اللعب المتفق عليها دوليا...ولا أحد يلعب معي على حسب ما تفرضه طبيعة أخلاق اللعبة...إن اللعب خارج أسس اللعب خطير جدا للغاية والجاهل قد يجرح نفسه بنفسه وأنا لا يمكن لي أن أستغني عن أخلاقي فكم سامحت خصومي أكثر من 1000 مرة وكم وقفت منتظرا الذي يقع أرضا أن ينهض لقتالي حيث من المستحيل جدا أن أضرب خصمي وهو مرمى على الأرض ولا يستطيع حراكا, ولا أحد ينافسني على حسب الأصول ولا أحد ينتبه لجراحي العميقة والبالغة الأثر, ولم يبقى معي صديق أو صديقة تلملم لي جراحي حين أكون مُثخناً بالجراح, ولا أحد يريحني حين أكون متعبا من أرض المعركة..ولا أحد يعرف عن الوجع الذي في قلبي إلا الذين يخامرهم الشوق والحب واللوعة والاشتياق..ولا أجد من يُسدي لي بنصيحة حين يتخلى الخصوم عن أخلاقيات اللعبة...وحين أكون على رقعة الشطرنج يكون اللعب معي عبارة عن(فن وذوق وأخلاق) وحين أنزل للعب على أرض الواقع تتحول فورا قواعد اللعبة إلى (فوضى وقلة أدب وخيانة) والطعن من الخلف قاعدة عند أغلبية اللاعبين الثعالب, وحين أكون خارج رقعة الشطرنج الكرتونية أو الخشبية أتخيل نفسي بأنني في إحدى الفصول الأخيرة من المسرحيات الشكسبيرية حين يموت فيها أصحاب القلوب الكبيرة والرقيقة عندها فقط أدرك حقيقة الأمر وهي أنني ألعبُ مع الذئاب وليس مع البشر, وحين أنزل للعب على أرض الواقع تكون النهاية الشكسبيرية من البداية قد ظهرت لي مثل عين الشمس الحارقة مقتولا ومضرجا بجراحي ورمحي ما زال معي وظهري مغروزة به كل السهام من الخلف خلافا لأصول وقواعد اللعبة, وهذه الصورة إن دلت على شيء فإنما تدل على خيانة عُظمى, ومن هذا المنطلق يحق لي اليوم أن أعتزل اللعب لأبد الآبدين.

إن حياتنا بما فيها من فنون ومن مهارات تختلف كلية عن أرض الواقع ولا يوجد علم أو فن أو هندسة تُدرس للطلاب في الجامعات إلا وكانت على أرض الواقع مختلفة جدا وكأنها عِلم آخر...وأتحدى كل طلاب الطب إذا كان قسم أبوقراط له علاقة بأخلاق الأطباء ...وأتحدى كل دارسي العلوم السياسية إذا وجدوا طوال حياتهم تشابها بين ما تعلموه في الجامعات وبين ما مارسوه على أرض الواقع حين يتعلم الطالب بأن السياسة فن الممكن وحين يفاجأ فيها على أرض الواقع فيجد بأن السياسة فن الخيانة وفن الطعن من الخلف والطخ بكل الاتجاهات, عندها الكل يغرق في القذارة إلى أذنيه, ومن اللافت للنظر معرفته بأن كل أصحاب الكراسي والمناصب السياسية غالبيتهم ليسوا من المتخصصين أكاديميا بالعلوم السياسية.



#جهاد_علاونه (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- على الساكت
- لماذا أبكي؟
- الدنيا معكوسة
- الطرق الملتوية
- طباعة القرآن والمحافظة على البيئة
- سائق فرشة
- إلى الدكتورة وفاء سلطان
- المدينة الفاضلة
- لكي لا ننسى
- خيانة زوجية أم زواج بالسر!
- كلب متشرد وكلب بوليسي
- اقرأ واستمتع
- كلمات عربية أصلها رومانية ولاتينية
- نظام الشورى الاسلامي
- آخر الصرعات الفلسفية
- أول 500 جامعة في العالم
- ضاع الأمل
- ليس ذنبي
- تحيه كاريوكا
- ايحاء الكلمة


المزيد.....




- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - جهاد علاونه - اللعب مع الذئاب