أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جيمس بتراس - سياسة الطبقة العاملة الأوروبية والأمريكية: اليساريون .. اليمينيون والوسطيون















المزيد.....

سياسة الطبقة العاملة الأوروبية والأمريكية: اليساريون .. اليمينيون والوسطيون


جيمس بتراس

الحوار المتمدن-العدد: 3495 - 2011 / 9 / 23 - 14:32
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


إن الأزمة الاقتصادية المتعمقة في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية تخلق توجهات سياسية متناقضة في أوساط الطبقة العاملة والطبقة الوسطى. ففي أوروبا، وخاصة في الدول المتوسطية (اليونان، إسبانيا، البرتغال وإيطاليا) نظمت الشبيبة العاطلة عن العمل والعمال والموظفون الحكوميون من ذوي الرواتب المتدنية، سلسلة من الإضرابات الكبيرة والمظاهرات وأشكالاً عديدة من أنشطة الفعل المباشر.
وفي الوقت نفسه نرى انعطافاً ملحوظاً لدى الطبقة الوسطى والمستخدمين المأجورين في القطاع الخاص وكذلك لدى صغار الكسبة نحو «أقصى اليمين»، وأولئك إما أدلوا بأصواتهم أو يستعدون أن يفعلوا ذلك لصالح الحكومات الرجعية في البرتغال وإسبانيا واليونان ومن الممكن أن يفعلوا ذلك حتى في إيطاليا. وبكلام آخر: فالأزمة الاقتصادية المتفاقمة أجرت استقطاباً في أوروبا: فهي عززت مواقع قوى أقصى اليمين، وفي الوقت نفسه زادت من قوة اليسار غير البرلماني، الذي يعبئ «طاقة الشارع».
ومن جهة أخرى، تشهد أوروبا الشمالية والوسطى توسعاً لمواقع الحركات الفاشية الجديدة في أوساط العمال والمستخدمين الصغار، وذلك على حساب أحزاب يسار الوسط ويمين الوسط التقليدية. (فحسب الدراسات التي أجريت على واقع أحزاب أقصى اليمين في دول أوروبا الغربية أصبح العمال من دعاماتها الأساسية). فإن الاستقرار النسبي، والمستوى المعيشي المرفه وثبات فرص العمل للبروليتاريا الشمالية ترافقت مع زيادة دعمها للحركات العنصرية والمناهضة للهجرة والكارهة للمسلمين. (وبالرغم من أن الدوافع لبروز هكذا مزاج يمكن أن يختلف من هذه الدولة الشمالية إلى تلك، ولكن الأحزاب اليمينية المتطرفة هي دوماً الكاسبة منه).
أما في الولايات المتحدة الأمريكية، فمع بعض الاستثناءات، بقيت الطبقة العاملة مشاهداً سلبياً لما يحدث من انعطاف يميني لدى الديمقراطيين والانعطاف إلى أقصى اليمين لدى الجمهوريين. فعلى عكس ما يحدث في أوروبا الجنوبية، لا توجد في الولايات المتحدة سياسة يسارية نشطة، تظهر بشكل فاعل في الشارع، بل كل شيء يُختصر بالمعارضة السلبية للخطوات ذات الطابع اليميني المتطرف التي يتخذها الكونغرس والبيت الأبيض.
ويمكن القول أنه في دول الشمال، أظهرت الأزمة الاقتصادية، ليس تضامن الطبقة العاملة، بل تشرذمها وعدم انتظامها والاستقطاب في داخلها.
الانقسام ما بين اليمين واليسار ..
إن من أحد الأسباب المفتاحية لزيادة قوة أقصى اليمين بين صفوف البروليتاريا الأوروبية الشمالية تكمن في هبوط الإيديولوجية البروليتارية وكذلك الأحزاب العمالية وعدم وجود قادة مرموقين. فالأحزاب العمالية والاشتراكية الديمقراطية تبنت البرامج الليبرالية الجديدة وعملت حثيثاً لتمرير الستراتيجيات الاقتصادية الموجهة تحو تشجيع التصدير بما يتلاءم مع مصالح الاحتكارات. وهذه الأحزاب أيدت تخفيض الضرائب على الرساميل الكبرى، وشاركت بفعالية بشن الحروب الإمبريالية العدوانية (أفغانستان، العراق، وليبيا) وكذلك فيما أطلق عليه تسمية «الحرب على الإرهاب»، أي الحرب على الشعوب المسلمة، وفي الوقت نفسه أبدت تسامحاً نحو الحركات الفاشية الجديدة والمعادية للإسلام والتي نمت بسرعة فائقة والتي انتقلت إلى «الفعل المباشر» من أجل طرد المهاجرين من أوروبا.
وقد عبرت ألأحزاب الحاكمة في أوروبا إن كانت أحزاب يسار الوسط (الاشتراكيون الديمقراطيون) أو يمين الوسط (ساركوزي، كاميرون، ميركل) عن عدم تقبلها «للتعددية الثقافية» ــ أي لحقوق المهاجرين المسلمين. ويخدم استغلال الشعور المعادي للإسلام وبشكل فعال، جلب أصوات الناخبين المعادين للأجانب، وكذلك لتبرير المشاركة في الحروب الأمريكية ــ الإسرائيلية التي تـُشن في الشرق الأوسط وفي جنوب آسيا. ونتيجة ذلك استطاعت الأنظمة البرجوازية «المعتدلة» إضعاف مشاعر التضامن الطبقي مع المهاجرين ونسف كل محاولات الرأي العام التقدمي بالتصدي للفاشيين الجدد وللعنصريين، وأكثر من ذلك نشهد في هذه المجتمعات زيادة الميل نحو الأشكال المتطرفة من العداء للإسلام، هذا الميل ذو الطابع الصهيوني والذي يدعو إلى القيام بحملة تطهير عرقية.
وقد تناقص وبشكل ملموس عدد أعضاء النقابات. والسبب الرئيسي لذلك هو زيادة عدد «العاملين المؤقتين» والذين هم الأكثر قابلية للنفاق اليميني المتطرف. وهناك عامل مهم في هذه العملية، كون أن النقابات تخلت عن القيام بالتثقيف السياسي للعمال، والذي يجب أن يكون هدفه زيادة التضامن الطبقي بين كل الكادحين، بغض النظر عن انتمائهم القومي والديني. فالاتفاق بين قادة النقابات مع النخب الاحتكارية ترك العمال بين براثن الدعاية المعادية للمهاجرين وذات الطابع العنصري الواضح. وفي الظرف الناتج عن ذلك يعمل تشويه مفهوم «الصراع الطبقي» إلى المواجهة بين البروليتارية المنظمة مع أولئك العمال القابعين في «الأسفل»، أي مع المهاجرين. وباستغلالها للتعصب الشوفيني والثقافي تعزز القوى الفاشية الجديدة مواقعها في حين لم تعد النقابات والاشتراكيون الديمقراطيون تبالي بالتربية الأممية للطبقة العاملة. وبكلام آخر، فإن الفكر والنشاط الليبراليين الجديدين لأحزاب «يسار الوسط» وللنقابات يقضيان على الوعي الطبقي للعمال ويفتحان الأبواب أمام دخول الأفكار اليمينية إلى صفوف الكادحين. وهذا يظهر خاصة في ضوء امتناع ساسة يسار الوسط والقادة النقابيين عن التشاور مع الأعضاء القاعديين في تنظيماتهم وخوض النقاش معهم حول المسائل السياسية. وهؤلاء، عملياً يفرضون سياستهم على الجماهير من فوق، معطين الحجة لليمين أن يهاجمهم بسبب ما يسميه «التركيب النخبوي العضوي» للنظام السياسي اليساري.
وعلى عكس ذلك تماماً، نرى أن الأزمة الاقتصادية الشديدة والتي ازدادت أعباؤها بسبب الشروط المجحفة التي فرضها المصرفيون الأوروبيون الغربيون، صعدت الوعي الطبقي في دول أوروبا الجنوبية. ولا يلقى استخدام القوى اليمينية المتطرفة هناك لشعارات معادية للمهاجرين والمسلمين دعماً واسعاً بين البروليتاريا جنوب الأوروبية في ضوء الزيادة السريعة لمعدلات البطالة وتخفيض النفقات الاجتماعية.
واتحد العمال الأوروبيون الشماليون مع مصرفيي وساسة بلادهم، بالمطالبة باتخاذ إجراءات أكثر قساوة، ضد دول جنوب أوروبا، متوافقين مع الإيديولوجية العنصرية، التي تزعم بأن عمال دول حوض البحر المتوسط كسالى وعديمو المسؤولية و «يرتاحون باستمرار». بينما في الواقع فإن العمال اليونان والأسبان والبرتغاليون يشتغلون أياماً أكثر في السنة وإجازاتهم أقصر ومعاشاتهم التقاعدية أقل من العاملين بأجر في دول أوروبا الغربية. وتستعمل ضد البروليتاريا الأوروبية الجنوبية نفس المواقف الإيديولوجية الشوفينية التي تستخدم ضد المهاجرين.
ويقوم المصرفيون والساسة الشمال الأوروبيون بالضغط على العمال والفئات الوسطى في بلدانهم من أجل إنقاذ النخب المديونة لهم في دول أوروبا الجنوبية. وهؤلاء بدورهم يوافقون على القيام بالضغط على عمالهم ومستخدميهم من أجل سداد الفواتير وتلبية مطالب الشمال. وجرى إقناع العمال الشماليين في الدول الإمبريالية، أن ما يهدد مستوى حياتهم المعتاد هو الجنوب عديم المسؤولية والغارق في الديون، وليس النشاط المضارب وعديم المسؤولية لمصرفيي أوروبا الشمالية والغربية. ويتحمل عمال الجنوب عبئاً للاستغلال المزدوج من طرف الدائنين الشمال الأوروبيين والنخب المحلية في الجنوب. ولذلك يرون ويعون بشكل أوضح كل جور النظام الرأسمالي، على المستوى الإمبراطوري كما على المستوى المحلي.
وبتلك الدرجة التي يكون فيها عمال الشمال يقاسمون مصالح وأهداف طبقاتهم الحاكمة ــ الدائنة ويعتنقون التناقض التناحري بما يخص العمال الجنوبيين وكذلك المهاجرين، فهم يصبحون أيضاً معرضين لاعتناق الفكر اليميني المتطرف. فهم يعبرون بشكل سافر عن استيائهم من العمال المضربين في اليونان وإسبانيا والبرتغال وذلك لأن احتجاجاتهم من الممكن أن تعرقل ما خطط له الشماليون بتمضية إجازاتهم في منتجعات البحر المتوسط. وتتحول المواجهة الطبقية لعمال أوروبا الشمالية مع دولتهم ونخبتهم المالية إلى العداء نحو عمال دول الجنوب والمهاجرين. فإن فدية المفلسين في الخارج وشن الحروب الإمبراطورية وتقليص البرامج الاجتماعية كلها تؤدي إلى زيادة التنافس من أجل الحصول على التسهيلات الاجتماعية وكذلك إلى احتدام النزاع بين العمال والعاطلين عن العمل وبين «الأصليين» و «المهاجرين».
لقد ضعف التضامن الأممي بين الكادحين بشكل ملحوظ، وفي بعض الأحيان حلت محله الشبكات الدولية لليمين المتطرف التي تنشر الدعاية المسعورة المعادية للمهاجرين (والمعادية للاشتراكية)، كما حدث مؤخراً في النرويج، حيث جرى قتل سبعين ناشطاً في حزب العمال. واتضح أن هذه الشبكات والأفكار التي تحملها تشكل خطراً على حياة المدافعين عن حقوق اللاجئين. فقد بدأ اليمينيون المتطرفون بالهجوم على المهاجرين والمسلمين، أما الآن فهم شملوا بعنفهم أيضاً المنظمات اليسارية والتقدمية المحلية. وقد أخذ هذا المسار انعطافاً أكثر تعقيداً وخطورة من خلال تلاقح الإيديولوجية الصهيونية المتطرفة الموالية لإسرائيل (والتي لها حضور قوي خاصة في الولايات المتحدة) مع التيار الفاشي المعادي للإسلام والذي هو موجه أيضاً ضد أنصار حقوق الفلسطينيين. وقد ركز على هذه الصلة الشريرة مراراً أندرس بريفيك ذلك الفاشي والقاتل الجماعي النرويجي.
والمشكلة تكمن في كون ما يسمى بالليبراليين والاشتراكيين والمحافظين «المحترمين»، في حملاتهم الانتخابية سايروا ويسايرون الأمزجة المعادية للمهاجرين وللمسلمين لأقصى اليمين، من أجل جلب العمال إلى جانبهم، عوضاً من العمل في سبيل الإصلاحات الطبقية الشاملة والتي من شأنها أن تقلل من عدم المساواة الفاقعة من خلال تطبيق الضرائب التصاعدية وزيادة المصاريف الاجتماعية. إن مثل هذا البرنامج كان يمكن أن يرص صفوف كل العمال، المحليين والمهاجرين ضد العدو المشترك ــ الرأسمال.
وحيث لا وجود للتضامن الأممي، فأبناء وبنات المهاجرين والتي تشهد بيئتهم أعلى مستويات البطالة، ينخرطون بشكل متزايد في أشكال متنوعة من الفعل المباشر، مثل نهب ممتلكات الرأسمال المحلي، الصدام مع الشرطة وعمليات التخريب العشوائي، كما حدث ذلك خلال أعمال الشغب الواسعة التي شهدتها إنكلترا. وهذا دليل على أن الانحدار في السياسة الطبقية البروليتارية يولـّد التطرف اليميني، والتمردات العرقية للمهاجرين وأعمال التخريب. أما النخبة العمالية (المقصود هنا حزب العمال البريطاني ــ المحرر) فتظهر هنا كمراقب سلبي لهذه الأحداث. فهي تدين التطرف والعنف، وتدعو إلى إجراء التحقيقات، ولكنها لا تقوم بأي نقد ذاتي ولا تطرح أي برامج لتغير الهيكل الاجتماعي ــ الاقتصادي للمجتمع والذي هو بالذات يشكل السبب الأساسي للانعطاف اليميني وزيادة العنف في صفوف العمال والعاطلين عن العمل.
الولايات المتحدة الأمريكية: الانعطاف اليميني ...
على عكس ما هو الحال في أوروبا، فالقوى اليمينية المتطرفة في الولايات المتحدة الأمريكية مندمجة عضوياً في النظام السياسي السائد. فالسياسة القاسية المعادية للمهاجرين أدت إلى طرد ما يقارب مليون من العمال الأجانب غير الشرعيين وعائلاتهم خلال ثلاث سنوات من حكم إدارة أوباما (ويشكل ذلك زيادة ثلاث مرات لما جرى في حقبة بوش).
وأنصار «حزب الشاي» موجودون بين أعضاء الكونغرس المحافظين والذين بالاتفاق مع البيت الأبيض يمررون إجراءات قاسية بتقليص البرامج الاجتماعية العامة. تتشارك وسائل الإعلام والكونغرس والبيت الأبيض وكذلك المسيحيون الأصوليون والزعماء الصهاينة في تأجيج وبشتى الأساليب الكره للمسلمين وينظمون الحملات الرعناء المعادية للمسلمين. وقد استوعبت «النخبة» الأمريكية ومنذ زمن طويل الإيديولوجية العنصرية، التي تسود اليمين الأوروبي المتطرف، وتسلحت بها. ويشن اليمينيون حملات على البرامج الاجتماعية لدعم الفقراء، وقد أعلنوا الحرب على الطبقة العاملة وعلى الموظفين الحكوميين (خاصة على معلمي المدارس).
وأكثر من ذلك أصبح الهجوم على موازنة الدولة وعلى النفقات الاجتماعية حافزاً للنزاعات بين قطاعات مختلفة للطبقة الرأسمالية، بقدر مستوى علاقتها مع الدولة. فخلال «السجالات» التي جرت مؤخراً في الكونغرس حول رفع عجز الموازنة، انضمت وول ستريت جزئياً إلى النضال ضد أقصى اليمين: فقد دعت إلى «المساومة» والمتجلية في تقليص النفقات الاجتماعية والمترافق مع الإصلاح الضريبي، ولكنها (وول ستريت) في الوقت نفسه دعمت اليمينيين في هجومهم على النقابات.
وعلى غير ما هو الحال في أوروبا، فإن الطبقة العاملة والفقراء في أمريكا يبقيان في حالة الخمول السلبية. فهم لا يقومون بتمردات في الشارع كما في إنكلترا ولا ينزاحون إلى اليمين كعمال شمال أوروبا، ولا يقومون بإضرابات جماهيرية ككادحي دول جنوب أوروبا. وابتعدت النقابات الأمريكية، باستثناء الموظفين الحكوميين في ولاية وسكونسين، تماماً عن أية مواجهة مع أرباب العمل. فالقادة النقابيون الأمريكان مشغولون تماماً في دعم مصالح الرأسمال الاحتكاري المرتبط مع الحزب الديمقراطي وهم عاجزون عن تعبئة قاعدتهم المضمحلة باستمرار.
و «حزب الشاي»، على خلاف أقرانه الأوروبيين، لا يجلب إلى صفوفه جماهير عمالية، بل ينفرهم بهجومه المستميت على البرامج الاجتماعية ذات الشعبية، مثل ميديكير ومديكيد (برامج المعونة الطبية والضمان الصحي التي تشمل فئات واسعة من السكان) وعلى إعانات البطالة وخاصة على الضمان الاجتماعي. بينما يتعلق مستوى المعيشة المقبول للعمال الأمريكيين وأفراد أسرهم بهذه البرامج بالذات. ومن جهة أخرى فإن الأزمة الاقتصادية لم تـُصلْ كادحي أمريكا إلى أعمال جماهيرية شبيهة بتلك التي تشهدها دول المتوسط، لأن النقابات الأمريكية إما مغيبة كلياً (حالياً /93%/ من العاملين في القطاع الخاص الأمريكي خارج التنظيم النقابي) أو إنها غارقة في المساومات لدرجة لا تستطيع القيام بأي نشاط مطلبي ملموس.
وللأسباب المذكورة أعلاه كلها تأخذ الطبقة العاملة الأمريكية موقف المراقب السلبي لنهوض قوى اليمين المتطرف. فالقادة الحاليون للطبقة العاملة الأمريكية ربطوا مصيرهم بشكل وثيق مع حال الحزب الديمقراطي والذي، بدوره، انزاح بشكل واضح إلى اليمين.
الاستنتاجات ...
ــ تشهد الولايات المتحدة، على عكس حال أوروبا، الانتقال السلمي من الليبرالية الجديدة إلى سياسة يمينية متطرفة، ومع ذلك فإن العمال والطبقة الوسطى يبدوان بوضع الضحايا السلبية أكثر من كونهم مشاركين فاعلين في الأحداث إن كان من اليمين أو من اليسار.
ــ أما في أوروبا فقد أظهرت الأزمة الحالية الاستقطاب العميق فيما بين التحول اليساري الجذري لعمال الجنوب والتحول المتزايد نحو اليمين لعمال الشمال.
ــ وجرى استبدال مُثل التضامن العالمي للكادحين بالتضامن الإقليمي فيما بينهم كما يحدث لدى عمال جنوب أوروبا، هذا في أحسن الأحوال. وفي أسوئها إلى تقوية شبكة أحزاب اليمين المتطرف كما هو الحال في شمال أوروبا.
ــ مع انحدار مبادئ الأممية العمالية في دول شمال أوروبا، قويت فيها، بشكل ملحوظ التوجهات العنصرية والشوفينية.
ــ في الوقت نفسه الحركة العمالية في جنوب أوروبا تضم في صفوفها فئات واسعة من العاطلين عن العمل والطلبة وصغار الكسبة والمتقاعدين.
ــ وفي الوقت الذي تكسب فيه الأحزاب البرلمانية اليمينية رصيداً بسبب خيبة الجماهير بمسار أحزاب يسار الوسط، ما زالت هذه القوى اليمينية تلقى مقاومة جدية في جنوب أوروبا بما فيه خاصة من التحركات الجماهيرية خارج البرلمانات.
ــ وعلى خلاف ذلك في شمال أوروبا وفي الولايات المتحدة الأمريكية، لا يلقى اليمين المتطرف معارضة جدية ــ إن كان في الشارع أو في المنشآت. ففي هذه الأقاليم فقط الانهيار الكامل للنظام الاقتصادي وانكماش طويل الأمد مترافق مع التقليص الحاد للنفقات الاجتماعية يمكن أن يُحيْي الحركة العمالية.
بقي أن نأمل، بأن هذا الإحياء سيجري بقيادة اليسار الواعي طبقياً، وليس بقيادة اليمين المتطرف.
(ترجمة: بشير الحكيم)
جيمس بتراس



#جيمس_بتراس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إسرائيل والولايات المتحدة: علاقة فريدة من نوعها


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - جيمس بتراس - سياسة الطبقة العاملة الأوروبية والأمريكية: اليساريون .. اليمينيون والوسطيون