أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليمان جبران - لماذا التذكير بالتطهير العرقي يا سيّد أرنس؟!















المزيد.....

لماذا التذكير بالتطهير العرقي يا سيّد أرنس؟!


سليمان جبران

الحوار المتمدن-العدد: 3493 - 2011 / 9 / 21 - 18:08
المحور: القضية الفلسطينية
    


لا أعرف لماذا يبدو السادة في حكومة إسرائيل، ومن فوقهم حلفاؤهم/ أسيادهم في الإدارة الأميركية، كمن أخذوا على حين غرّة وقد رأوا السلطة الفلسطينية تقرن التصريح بالفعل، فيسافر الرئيس محمود عبّاس إلى واشنطن، ويلتقي بالأمين العامّ للأمم المتّحدة، طالبا قبول دولة فلسطين في المنظّمة العالمية. بل إنّ صحيفة "هآرتس" (20/9/2011) جعلت عنوانها الرئيس على صفحتها الأولى: "هكذا أهملت إسرائيل الصراع في الأمم المتّحدة"! الظاهر أنّ السادة جميعهم لم يحملوا التصريحات المتكرّرة للقادة الفلسطينيين محمل الجدّ. تصريحات للاستهلاك المحلّي، ظنّ السادة الخبيرون، وفي اللحظة الحاسمة لن يقدم عباس على خطوة تغيظ تل أبيب وواشنطن معا. لكنّه أقدم عليها، كما رأينا، مخيّبا توقّعاتهم، فاضطرّهم بذلك إلى العمل بسرعة، وعلى كلّ الجبهات، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه!
الجبهة الأولى كانت التهديد. حكومة نتنياهو، على لسان وزير خارجيّتها ليبرمان، توعّدت السلطة الفلسطينية باتّخاذ إجراءات شديدة قاسية ضدّ الفلسطينيين، كأنما الغريق يمكن أن يخشى من البلل، ولم ينسوا كالعادة تهديدهم أيضا باحتجاز الأموال الفلسطينية المستحقّة من الضرائب. والولايات المتّحدة؛ دولة الديمقراطية وحقوق الإنسان، هدّدت بقطع مساعداتها المالية عن السلطة، يعني بتجويع الشعب الفلسطيني. أسباب كانت كافية، في ظنّهم، لثني السلطة وشعبها عن تحقيق خطّتهم.
لكن هذه التهديدات الخسيسة لم تجدِ نفعا. السلطة اختارت مواصلة الطريق، ولسان حالها يقول: الجوع ولا الإذلال. لذا، كان لا بدّ للسادة، هنا وفيما وراء الأطلسي، من الانقضاض على الساحة الدعائية أيضا؛ على الصحف، على الإذاعات، على التلفزيونات؛ على وسائل الاتّصال كلّها. لماذا السفر إلى الأمم المتّحدة البعيدة، سأل السيّد نتنياهو، ونحن جاهزون للمفاوضات المباشرة هنا ننتظركم بفارغ الصبر؟ إقامة الدولة الفلسطينية تتحقّق في المفاوضات المباشرة، لا في الأمم المتّحدة، ردّدت الإدارة الأميركيّة، برئيسها ووزيرة خارجيّتها، كالببغاء؛ كما لو كان
الصوتان في تل أبيب وواشنطن خارجين من حنجرة واحدة. يريدون للسلطة الفلسطينية أن تدخل في مفاوضات تفضي إلى مفاوضات، وهذه تنبثق عنها لجان، تتفرّع عنها لجان، على طريقة إسحق شمير الشهيرة، ثمّ تكون النتيجة بعد سنين طويلة من المفاوضات والمباحثات والمناقشات صفرا مربّعا؛ النتيجة نفسها التي كانت من نصيب الفلسطينيين في التفاوض منذ أوسلو حتّى هذه الأيّام. وقبل ذلك، وخلال ذلك، يستمرّ طبعا دقّ إسفين المستوطنات في الأرض الفلسطينية، وتوسيعها، والتنكيل بالناس من حولها، إلى أن تنتهي المفاوضات التي لن تنتهي. هل تذكرون خطاب أوباما التبشيري في القاهرة؟ لا تذكّروا الرجل به فتثقلوا على ضميره؛ إذا كان أصلا يستطيع أن يتذكّر منه شيئا؛ فما أسرع ما ينسى رجال السياسة الأميركيون وعودهم "الإشكالية"، وفي سنة الانتخابات بوجه خاصّ.
السيّد نتنياهو نفسه قرّر أيضا الانخراط في الحملة الدعائية المذكورة، خشية أن يتّهم من خصومه في المعارضة هنا بالإهمال والتقصير؛ فهو لا يهمّه شيء مثل قراءة استطلاعات الرأي ومعرفة مدى شعبيّته بين الناخبين. وعليه، قرّر السفر العاجل إلى الولايات المتّحدة، إلى الأمم المتحّدة، وهناك سيلقي خطابا مدوّيا، باللغة الإنجليزية، الطلقة طبعا؛ فإذا لم يقتنع المندوبون هناك بالوقائع فلا أقلّ من إبهارهم بأسلوبه البليغ ولكنته الأميركية. بل إنّه، في أريحيّة نادرة، دعا أيضا محمود عباس إلى الشروع بالتفاوض هناك فورا، في أرض العمّ سام. لم يعد الرجل قادرا على الصبر حتى العودة ليجري التفاوض المباشر هنا، وينتهي بإقامة دولتين لشعبين! كلّ المشاكل، في ظنّه، تُحلّ بالتفاوض، تُحلّ بالكلام؛ ليكون الحلّ في نهاية المطاف كلاما في كلام، وبأسلوب أكثر صراحة ودقّة، كذبا في كذب!
حتّى السيد موشيه أرنس استجاب لنداء الواجب، فأدلى بدلوه في الحملة الدعائية المذكورة. لم يتّكل الزعيم الليكودي "العاقل"، فيما يبدو، على فصاحة ولباقة نتنياهو، فكتب مقالة "منطقية" بعنوان: "التصويت مع التطهير العرقي"(هآرتس، 20/9/2011). افتتح أرنس مقالته بمقتبس من تصريح لمعن عريقات ورد فيه أنّ "الدولة الفلسطينية ستكون خالية من اليهود". السيّد عريقات قصد طبعا أن الدولة الفلسطينية لن ترضى ببقاء المستوطنات فيها، لكنّه أخطأ فذكر "اليهود" بدلا من المستوطنين، أو الإسرائيليين. ذلك ما يُفهم أيضا من قوله، في التصريح ذاته: "بعد تجربة 44 عاما من الاحتلال العسكري وكلّ الخلاف، أعتقد أنّه من مصلحة الطرفين أن يكون الشعبان منفصلين، يعيشان في دولتين جنبا إلى جنب". ثمّ إنّ "مسؤولا كبيرا" في السلطة الفلسطينية أوضح أنّ ما قصده عريقات هو أن "تكون الدولة خالية من الإسرائيليين وليس من اليهود". قبل السيّد أرنس، لا بدّ أن نعترف، تلقّف هذا الخطأ/الهديّة السيّد إيليوت أبرامز، عضو مجلس الأمن القومي الأميركي، واعتبره دليلا على اللا ساميّة، مرّة واحدة. وإذا كان أبرامز جعل من الحبّة قبّة فالسيّد أرنس جعل منها قبّتين. في تأويل غريب استخلص أرنس، بناء على هفوة عريقات، أنّ "الدول التي تنوي في الأمم المتّحدة تأييد طلب منظمة التحرير[شطب السلطة الفلسطينية!] الاعتراف بالدولة الفلسطينية- إنما تصوّت في الواقع مع التطهير العرقي المذكور". الأمم المتّحدة لم تعترف بعد بالدولة الفلسطينية، والدولة المذكورة ما زالت سلطة تحت الاحتلال تناضل في سبيل استقلالها، والمستوطنات لم يبتّ في مصيرها بعد؛ مع ذلك كلّه يقرّر السيّد أرنس أنها دولة تطهير عرقي، بناء على كلمة واحدة قيلت خطأ في تصريح معن عريقات!
لماذا ذكر "التطهير العرقي" والتذكير به يا سيّد أرنس؟ لماذا تتخيّل تطهيرا عرقيا في المستقبل فتذكّر بتطهير عرقي تاريخي اقترفته الدولة الصهيونية بحقّ الفلسطينيين خلال حرب 1948، بتهجير مئات الآلاف منهم وتفريغ المئات من قراهم، لتبقى فلسطين نظيفة سائغة للاستيطان "الأبيض" ؟ الفلسطينيون يذكرون بالتفصيل الدقيق كلّ ما حدث في القرى والمدن الفلسطينية؛ في حيفا ويافا واللد والرملة وصفد ودير ياسين والطنطورة وعيلبون وغيرها وغيرها. لكنّ كثيرين من شعوب الأرض لم يسمعوا بهذا كلّه، فلماذا سيرة التطهير العرقي يا سيّد أرنس؟ لماذا تفتح "صندوقة بندورا" يا سيّد أرنس في محاولتك إقناع الدول في الأمم المتّحدة برفض الاعتراف بالدولة الفلسطينية، هل يستحقّ ذلك هذا الثمن الباهظ؟
إذا كان كثيرون اليوم، من الإسرائيليين وغير الإسرائيليين، لا يعرفون أو لا يذكرون هول ما جرى في حرب 48، فأنت يا سيّد أرنس سيد العارفين؛ تعرف ما حدث بكلّ دقائقه، ما في ذلك شكّ. على كلّ حال، إذا كانت معلوماتك عن "المرحلة التطهيرية" تلك غير وافية فقد أصدر المؤرّخ الإسرائيلي الشهم إيلان بابه كتابا ضخما كرّسه لهذه المسألة بالذات. صدر كتاب بابه بالإنجليزية في أكسفورد سنة 2006، في 313 صفحة، ويقدّم فيه الباحث تحليلا مسهبا، مدعّما بالوثائق، للإيديولجيات والخلفيات والروايات والعمليّات، بشأن عمليّة التطهير المذكورة. لا أظنّ الكتاب تُرجم إلى العبريّة، لكنّك تجيد الإنجليزية إجادتك العبرية وأكثر، ولا أخالك إلا قرأته، وتعرف تفاصيله الفظيعة أيضا. فلماذا، مرّة أخرى، التذكير بالتطهير العرقي يا سيّد أرنس؟!



#سليمان_جبران (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النظام السوري يتعهّد بالإصلاح!
- وعليه قسْ!
- عصر المعجزات؟
- الأساليب البعثية في إسكات الأهازيج الشعبية
- فتّشْ عن المصلحة!
- كيف يرضى العراق الحديث لنفسه مأثم التخلّي عن بيت الجواهري وق ...
- -الشعب يريد إسقاط النظام- ، في سورية أيضا!
- عودة أخيرة إلى -الأخطاء- في مجموعة درويش الأخيرة
- نظم كأنه نثر؛ التباس الحوار بين محمود درويش وقصيدة النثر
- الترادف ؛ غنى أم ثرثرة ؟
- مرثية لمحمود؟
- مجمع الأضداد / دراسة في سيرة الجواهري وشعره


المزيد.....




- رقصت بالعكاز.. تفاعل مع إصرار هبة الدري على مواصلة عرض مسرحي ...
- هل باتت فرنسا والجزائر على الطريق الصحيح لاستعادة دفء العلاق ...
- الجزائر تعلن إسقاط طائرة درون عسكرية اخترقت مجالها الجوي من ...
- من الواتساب إلى أرض الواقع.. مشاجرة بين المسؤولين العراقيين ...
- قفزة بين ناطحتي سحاب تحول ناج من زلزال تايلاند إلى بطل
- قراءة في تشكيلة الحكومة السورية الانتقالية : تحديات سياسية ...
- قناة i24 الإسرائيلية: ترامب يعتزم لقاء الشرع خلال زيارته للس ...
- إعلام أمريكي: دميترييف وويتكوف يلتقيان في البيت الأبيض
- الخارجية الألمانية تعلن إجلاء 19 مواطنا ألمانيا مع عائلاتهم ...
- الولايات المتحدة توسع قوائم عقوباتها ضد روسيا


المزيد.....

- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني
- الحوار الوطني الفلسطيني 2020-2024 / فهد سليمانفهد سليمان
- تلخيص مكثف لمخطط -“إسرائيل” في عام 2020- / غازي الصوراني
- (إعادة) تسمية المشهد المكاني: تشكيل الخارطة العبرية لإسرائيل ... / محمود الصباغ
- عن الحرب في الشرق الأوسط / الحزب الشيوعي اليوناني
- حول استراتيجية وتكتيكات النضال التحريري الفلسطيني / أحزاب اليسار و الشيوعية في اوروبا
- الشرق الأوسط الإسرائيلي: وجهة نظر صهيونية / محمود الصباغ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - سليمان جبران - لماذا التذكير بالتطهير العرقي يا سيّد أرنس؟!