|
لا عودة للوراء ، مع ضعف مصري ، إذاً الكارثة آتية لا محالة
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3491 - 2011 / 9 / 19 - 00:27
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
في الثلاثين من يونيو من العام الماضي ، 2010 ، كتبت : يا أهل النوبة الغارقة يمكنكم أن تعدوا أنفسكم للعودة ، و اليوم ، الأحد الثامن عشر من سبتمبر 2011 ، أقول لأهل النوبة : عودتكم باتت مؤكدة ، إلا لو حدث تغير جذري في الوضع الداخلي المصري . الكارثة باتت مؤكدة ، و لا أعني بالطبع عودة النوبة للظهور بعد إنحسار مياه بحيرة السد عنها ، فلا يمكن لوم النوبيين ، و لا يمكن أيضاً تجاهل مأساتهم ، و لكن الكارثة التي أعنيها هي : تناقص حصة مصر المائية نتيجة السدود الأثيوبية ، و التي ستقتطع من حصة مصر ما مقداره أربعين بالمائة . لقد كتبت عن تلك الكارثة مقالات عدة كان أولها في مايو من العام الماضي ، 2010 ، و أخرها في هذا الشهر سبتمبر 2011 ، في مقال : المخابرات السليمانية أنقذت مبارك و دمرت مصر ، و قد أجلت كتابة المزيد إلى ما بعد زيارة رئيس الوزراء الأثيوبي زيناوي للقاهرة ، و لقاءه برئيس وزراء نظام طنطاوي - سليمان ، حتى أرى نتيجة الزيارة ، و الآن بعد إنتهاء الزيارة ، و مع رؤيتي للواقع في الداخل المصري ، تأكدت أن الكارثة المائية قادمة ، فلا شيء يعيقها . في المؤتمر الصحفي تجلى الفارق بين الطرفين ، المصري ، و الأثيوبي . عصام شرف ممثل مصر في القضية ، أثبت لمرة أخرى مدى شدة ضعفه ، و إنه ليس إلا إمعة . أما زيناوي ، عن أثيوبيا ، فقد تحدث في المؤتمر الصحفي حديث الواثق من قوة موقفه ، و أيضاً من ضعف من أمامه ، و هو - أي زيناوي - و إن كان لم يتحدث بخشونة ، إلا إنه لم يقتصد في أظهار قوته ، و تحديه ، و قد تجلى ذلك في الآتي : أولاً : عند حديثه عن الموقف الماضي ، أو الإتفاقية القديمة ، قال بكل ثقة ، أو بتحدي : لا عودة للوراء . ثانياً : ثقته في قدرته على إرغام مصر على التوقيع على الإتفاقية الجديدة ، و قد إتضح ذلك في إشارته إلى تأجيل طرح المعاهدة الجديدة على دول حوض النيل للتصديق و ذلك حسب قوله : حتى يتسنى لمصر الجديدة دراستها بعناية ، سننتظر من الجانب المصري قراره بهذا الصدد . أي لم يقل أن باب مراجعة المعاهدة الجديدة - التي وقعتها عدة دول نيلية بدون مصر - مفتوح ، أو أن هناك فرصة لتعديلها . فماذا لو لم توقع مصر الجديدة - كما أطلق عليها زيناوي - الإتفاقية ، هل هذا سيردع زيناوي ، و غيره من قادة الدول النيلية التي وقعت على المعاهدة الجديدة ؟ لا يا سادة ، و أقول ذلك مستنداً على ما جاء على لسان زيناوي ، و ذكرته أعلاه : لا عودة للوراء . فلماذا يتحدث زيناوي بكل هذه الثقة ، إن لم يكن بكل تلك العجرفة ؟؟؟ أولاً : لأنه قد أتم بناء السدود بالفعل ، بمساعدة الصين الشعبية ، و ذلك في عهد مبارك الأثيم ، و بصمت مصري رسمي ، و تكتيم إعلامي مصري ، و بدأ بالفعل في ملء الخزانات ، فهو إذاً لا يتحدث عن خطط مستقبلية في مهب الريح ، و لا يهدد تهديدات جوفاء ، و إنما يتحدث مستنداً على واقع صنعه . لقد أثبت إنه رجل أفعال أولاً ، ثم جاء إلينا ليفرض شروطه ، أو ليتحدى . و في هذه النقطة مبرر كافي لشنق كل من : مبارك ، و عمر سليمان ، و وزراء الري الذين تم في عهدهم بناء تلك السدود ، و في هذا الشأن أرجو مراجعة مقال : المخابرات السليمانية أنقذت مبارك و دمرت مصر ، و نشر في الأول من سبتمبر 2011 . ثانياً : لأنه يعرف مع من يتحدث . إنه يعلم كما يعلم العالم أجمع ، أن مصر الجديدة التي يتحدث عنها العالم هذه الأيام ، إنما هي مصر القديمة التي عهدناها لثلاثين عاماً تقريباً ، بناقص بضعة أفراد . طنطاوي مثل مبارك في الضعف و التخاذل و الخيانة ، و شرف مثل شفيق و نظيف و عبيد و بقية السلسلة الفاشلة الفاسدة ، و العيسوي مثله مثل العادلي و الألفي و بدر و بقية السلسلة الدموية النجسة . بل ربما يكون طنطاوي متعاطف مع زيناوي و بقية دول حوض النيل ، و من أنصار الإتفاقية الجديدة ، و ذلك في قرارة نفسه ، لأسباب شخصية . مصر الجديدة هذه ليست إلا شعار يخدعنا به الأجانب الذين يريدون أن تستمر الأوضاع المختلة في مصر على ما هي عليه . مصر الجديدة التي أشار إليها زيناوي ، هي مصر طنطاوي ، و مصر طنطاوي هي مصر مبارك ، بكل ما كان في عهد مبارك من فساد ، و تخاذل ، و خيانة . و مصر ما بعد طنطاوي ، إن كان هناك بعد طنطاوي شخص أخر في المستقبل القصير ، هي نفسها مصر الحالية ، و مصر ما قبل الحادي عشر من فبراير 2011 ، و الفضل للسلطة التي لا يهمها إلا البقاء بأي ثمن و نجحت بالفعل - حتى الآن - في البقاء ، و للإخوان - حلفاء السلطة - الذين لا يفكرون إلا في إستثمار ثورة غيرهم لزيادة عدد مقاعدهم البرلمانية ، و في دعم ربيبتهم حماس ، و كذلك للقيادات الشبابية الزائفة التي قفزت على قيادة الثورة ، فإدعت ملكيتها بسبب بعض الصفحات في فيسبوك - و التي يدير الأمن بعضها ، مثل صفحة : كلنا خالد سعيد ، و التي كان يديرها الأمن - و تنتظر حصاد ما زرعه ملايين ، فهم على إستعداد لبيع دم الشهداء من أجل مقاعد وزارية ، بل و حتى برلمانية ، و لازالوا يحشدون الحشود في الجمع تحت شعارات لا فائدة منها لقتل الثورة ، ثم لقبض الثمن من السلطة في المستقبل . زيناوي قرأ كل هذا قبل أن يأتي - مثلما قرأ ذلك كل قادة العالم - و لم ير أي مؤشر يدل على أن هناك تغير حقيقي حدث في مصر ، و لم يستدل على إنه سيحدث شيء ما يغير الأوضاع في المستقبل القريب ، لهذا قالها بثقة و تحدي ، في عقر دارنا : لا عودة للوراء . إذاً الكارثة آتية لا محالة .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدولة الأردوغانية لا يحلم بها العرب
-
الحكم أولاً ، و النهج السلمي دائماً
-
قائد القوات الجوية أثناء الفصل الأول للثورة مطلوب للمثول أما
...
-
ما علاقة مذبحة الفصل الأول للثورة بالأمن القومي المصري ؟؟؟
-
جهاز الشرطة هو الأخطر ، لكن الإستيلاء على الحكم أولاً
-
إما أن ننقذ الثورة الآن و إما أن ننعيها
-
هل يعقل أن نتنياهو و ليبرمان يتآمران على طنطاوي و سليمان و م
...
-
لو كانت مصر دعمت الثورة الليبية بدلاً من الناتو
-
المخابرات السليمانية أنقذت مبارك و دمرت مصر
-
إحتلال مبنى مجلس الشعب لإحباط إنتخابات مجلس الشعب
-
الثورة الناجحة لا تترك لأعدائها أي نفوذ
-
دول الموجة الثانية فرص الديمقراطية فيها أكبر
-
إسرائيل ستخفض درجة تصنيفها لمبارك
-
إنها مؤامرة ملايين المطحونين
-
بدون الحكم ليست ثورة
-
المشير طنطاوي شيطان في كل الأحوال
-
لماذا تريد الإدارة الأمريكية تشويه الثورة المصرية ؟
-
حتى لا يقول أحد : أنا الجيش
-
جرائمه أكثر من أن تنسى و أكبر من أن تغتفر
-
الشعب سيحكم على المحاكمة
المزيد.....
-
تفجير جسم مشبوه بالقرب من السفارة الأمريكية في لندن.. ماذا ي
...
-
الرئيس الصيني يزور المغرب: خطوة جديدة لتعميق العلاقات الثنائ
...
-
بين الالتزام والرفض والتردد.. كيف تفاعلت أوروبا مع مذكرة توق
...
-
مأساة في لاوس: وفاة 6 سياح بعد تناول مشروبات ملوثة بالميثانو
...
-
ألمانيا: ندرس قرار -الجنائية الدولية- ولا تغير في موقف تسليم
...
-
إعلام إسرائيلي: دوي انفجارات في حيفا ونهاريا وانطلاق صفارات
...
-
هل تنهي مذكرة توقيف الجنائية الدولية مسيرة نتنياهو السياسية
...
-
مواجهة متصاعدة ومفتوحة بين إسرائيل وحزب الله.. ما مصير مفاوض
...
-
ألمانيا ضد إيطاليا وفرنسا تواجه كرواتيا... مواجهات من العيار
...
-
العنف ضد المرأة: -ابتزها رقميا فحاولت الانتحار-
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|