سقوط

نرجس طلحي

الحوار المتمدن-العدد: 3490 - 2011 / 9 / 18 - 22:58
المحور: الادب والفن
    

ضاحكا، ﺃوقد الشمعة٬ ومسح على الكرسي الخشبي المذهب٬ ثم ٱنثنى يقوم ببعض الحركات الشبيهة بتمرين في الرقص الغربي.دار دورتين على رجل واحدة،ثم ٱعتدل في وقفته كما ضابط يؤدي التحية العسكرية.
رمى بيده وقدأعقفها ﺇلى الامام، ثم ٱنحدر برﺃسه ﺇلى الأسفل٬ وحرك شفتيه كمن يلثم يد ﺃميرة أو ملكة.
بدت على محياه تباشير المرح وتهلل وجهه ضياء.
ٱنبرى يقوم هندامه ،ويرشه بعض العطور الثمينة ٬وقد انتبه إلى الساعة التي كانت عقاربها تشير إلى منتصف الليل.
فجأة إذ بالباب يطرق طرقات رتيبة مثلما تنقيرات على القانون.
فتح الباب، ورسم ابتسامة عريضة على شفتيه٬ واسرع يرتب الخوان القابع في اقصى زاوية في الغرفة قائلا:
ـيا مرحبا بسيدة الحسن والجمال ،مالكة القلوب والعقول ،لقد انتظرتك طويلا وباطلا ماٱنتظرت حتى شملني عطفكم الليلة.
لم يكن في الغرفة غيره .كان يتكلم بمفرده، وكأنه يحادث مخلوقا نورانيا لا يدركه البصر.
صب كوبا من الويسكي٬ ودفعه قليلا٬ ثم جذبه نحوه ٬وقد بانت عليه سمات الخجل ٬ثم قال:
ـمعذرة ؛ لقدخلتك تتعاطين هذه المباضع.
على حين غرة ٱنتفض من مكانه قائلا:
ـحرام ياملهمتي أن تتركيني٬ وأنا بعد لم أستوعب وحيك، بل إنك لم توحي إلي بشيئ قط،ولم تلقي إلي بشيئ من سحر الكلمات في قلبي٬وأنت تعلمين أن قريحتي قد نضبت ٬وٱستعصت علي الكلمات والجمل، واضمحلت من فكري الصور والأخيلة٬ واختلطت علي بحور الشعر.
ٱرتد الى الوراء ،وقد شخصت عيناه ٬وتصبب عرقا؛ فجثى على ركبته منتحبا لاطما خذيه:
ـﺃيحال بيني وبين عالم الشعر الفاضل إلى الأبد٬ وامصيبتاه ٬لقد ذبحت بسكين غير حاد.
فالرحمة الرحمة ياإلهي إني ﺃخطأت بتسخير الشعر للهدم والفساد.
ﺃحس باختلاج قلبه وبدوران الأشياء من حوله وأدرك أن صرح المجد الزائف أزفت لحظةسقوطه.
كانت السماءتمطر حينئذ وزمجرة الرعد ودويه يملا الفضاء.
ﺃسرع نحو النافذةالتي كان قد فتحها تيار البرد الشديد٬ وقد ٱرتعد وصرخ بأعلى صوته
لاترحلي ياواهبة الإلهام حنانيك ٬وارتقى إلى النافذة ،ورمى بنفسه ملوحا بيديه قائلا:
ـلن ادعك ترحلين .
سقط من الطابق العلوي جثة هامدة ٬فسمع صوت ارتطام جسده بالإسفلت وتعطلت حركة السير.

#نرجس_طلحي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات