أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد الأحمد - أوديسا التعددية الثقافية















المزيد.....

أوديسا التعددية الثقافية


محمد الأحمد

الحوار المتمدن-العدد: 3490 - 2011 / 9 / 18 - 21:44
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


صدر كتاب (Multicultural Odysseys) أواخر العام 2007م عن جامعة (أكسفورد)، احدث التفاتا كبيرا حوله، لما عرف من جدل عن مؤلفه (الكندي) الغزير، الدقيق، والمتابع الأشهر لما يعرف اليوم بعلم (التعددية الثقافية)، فالأستاذ (ويل كيمليكا) اشتهر بمواظبته على دراسة المادة وتدريسها ومتابعة كل المؤتمرات والمنظمات التي تقوم بندواتها في كل أنحاء العالم، وبقي كل متابع لشأن التعددية الثقافية متشوقاً لقراءته، لما للمؤلف من مقاربات ذكية شاملة جعلت اسم الكتاب يشتهر في الأواسط الثقافية قبل أن ينشر منه بعض فصوله على صفحات الويب.. صار القارئ المتابع يرقب أخباره بلهفة وشغف من أجل الاطلاع عليه كاملا. ولم يمض الوقت طويلا حتى قدمه (د.إمام عبد الفتاح إمام)، بترجمة رصينة وأمانة علمية دقيقة، في وقت قياسي لما يصدر من كتب في العالم وتنقل الى العربية، ضمن سلسلة كتب (عالم المعرفة ) الغراء في شهر يونيو 2011م. (متزامنا مع ربيع الثورات العربية)..
ارتبطت مفردة (الاوديسا) بعنفوان البحر الهادر، وامتلائه بكائناته المتنوعة المختلفة، والتي لا وجود لأشباهها على سطح الأرض، ملحمة مليئة بالألغاز العظيمة، والمفاجآت السريعة الحدوث، ووسع المسافات الهائلة كما صاغها شاعر (الإلياذة) العظيم (هوميروس)، راويا أحداث انتصار اليونانيين في هجوم الفرسان المتخفين في هيكل حصان وفتحوا به بوابة قلعة طروادة الحصينة، وتدميرهم لها، وبعده عاد الجيش الموحد الى ثكناته، ومن ثم بقي (اوديسوس) يسجل سبر مغامراته مع لجج البحر الغاضب المتلاطم الأمواج طيلة عقد كامل من الزمن، مستعرضا ملحمة الصراع الإنساني مع مجاهل البحر، يوما بيوم، وفكرة بفكرة كما حال ثقافات أهل الأرض المتعددة، وفلاسفتها المتعددون من أعراق، وإثنيات، وأطياف عديدة.. حيث تعددت المساحات الأرضية والزمنية المتلاقحة.
فصار (كيمليكا) في صفحات كتابه راويا لاوديسيا التعددية الثقافية (لفظ الثقافة يعني الكيان المركب الذي ينتقل اجتماعيا من جيل الى جيل، ويتكون من المعرفة واللغة، والمعتقدات الدينية والفنون والأخلاق، والعادات والعرف والتقاليد والقانون-ص10مقدمة المترجم)، التي جليت على السطح من بعد أن غاب في الدول القومية المتشددة في خطاباتها المؤدلجة باتجاه واحد خاصة في الأربعين عاما الأخيرة، وحل محلها التلاحق الثقافي، والتسابق التقني فكان الموضوع محتويا على قدر من التشويق الكبير، حيث اشتمل على مراجعات ومتابعات متواصلة في البحث قد صدرت حديثا، ومناقشا الصلة بين الأفكار من اجل صياغة معايير دولية لحقوق الأقليات والانتشار العالمي لنماذج التعددية الثقافية وأفضل ممارساتها. كون الفكر الإنساني هو محور العالم، والتدوين عرفه تفاعليا كأفكار عظيمة تنبثق من الأفكار المجيلة بعظمتها، فتوسعت جيلا بعد جيل وبقيت تتطور بلا انتهاء، فالعالم الإنساني الاجتماعي قد مرّت به ثلاثة (أعصاير) قوية ومدمرة وتركت لها حضورا كبيرا على كل سياسات كوننا الاجتماعي العظيم. فالأول كان لقوة ثقافة السيف والمنجنيق والبارود والهيمنة العسكرية، حيث ضمّ القوي الضعيف وطغى عليه، الى درجة سحقه وتذويب هويته الى حد إعادة هيكلته الى مآل من الانعدام، والذل وإبقاءه تابعاً لا حول ولا قوة له مستعبدا الى ابد الآبدين، صار القوي المهيمن (بالأيدلوجية) هو الصورة الواضحة، وبقي الضعيف كأقلية تنأى بالدفاع عن نفسها بما توفر لها من خنوع الى حدّ ذوبت القوة الضعف وحولته الى ملحق مسلوب الإرادة، له صورة القوي وهويته الحقيقية مخفية تحت جناح الصورة الظاهرة للقوة الدكتاتورية للسيف، حيث تفتت تحت الهيمنة وفقدت كل هويات الانتماء الجذري، وتصيّرت الكينونة ممسوخة (مهانة)، لها أكثر من وجه متشابه تحت الخوف والخنوع والطغيان. خلف ذلك تشوهات واضحة لدى تلك الأقليات المحكومة بالنار والحديد، فأيقنت بان أفضل طرق التحرر هو العمل على تنمية وتطوير أقانيم الاقتصاد، فصارت حمى الاقتصاد تسعر لدى تلك الأقليات (الأكثرية) المحكومة من قبل القوة (الأكثرية) فترك فسحة تشبه الفسحة الجيولوجية التي تصاعد عبره إعصار (تسيونامي) الشهير الى ما بين الطبقات، وقلب بقوة عظمية ما استطاع قلبه: حيث حلّ إعصار ثقافة القوة الاقتصادية الذي افقد القارة الأوربية زعامتها، فزعزع مكونات العسكرة الطاغية وابتدع مكونات المال، والعمار، فالمصانع الحربية باعت معظم أسلحتها القديمة الى من يريد الشراء، وكل من معه المال أصبح مشتر للأسلحة القديمة البائدة، وبقي السلاح التقني المتطور ليس للبيع، وبيد من يطوره ويدرسه مليا وصار السلاح القديم بيد من يملكه، وظهرت مسميات لمنظومات سياسية، تمترست خلف منافقات (هتلرية) دعائية وكونت واجهات متغطية بالقومية، والجغرافية، والعرقية من بعد اكتشاف منابع الطاقة في الشرق الأوسط، حيث تكالبت الشركات، واستحوذت على قيادات تلك البلدان، بانقلابات دموية وبقيت تحكم من وراءها، متخفية وراء دمى من قش، مسلوبة الإرادة، محكومة من لدنها.. حيث شجعت على تكوين دكتاتوريات حسمت أمرها، على أنفاس الشعوب، بل وتصيرت الشعوب عبئاً على تلك الحكومات، حيث بقيت تحت أمر من أوجدها، وبقيت تعاني الأقلية الضعيفة التي ترزح تحت نير العاصف من الحكم، والقرار الحاكم الذي يقود الأغلبية، من بعد ان طمس معالمها بقوة القرار، وتصير صاحب القرار اشد قوة ومراسا فانشأ قلاعه الحصينة ويعتمد قضايا وشعارات جانبية (ليس لها فائدة سوى الاسترشاد بالقومية والمبادئ المزعومة) وأعداء مفترضون، يجعلونه ينفذ مآربه، ويُعمّق مكانته بأنه القائد الأوحد وانه الضرورة التي لا يدانيها مدانّ سوى أهله وذويه بينما يكدس أمواله في المصارف الأجنبية تحسبا لأي شرّ قد يلحقه من محكوميه ليضمن بقاءه في رأس هرم السلطة، فتصاعدت الفيدراليات المتسلطة وأخذت تساند مكونها العائلي الحاكم لضمان استقرارها، وقد عرفت فيما بـ(المافيات) الاقتصادية، و(يعترف بعض النقاد بان فيدرالية القوميات المتعددة قد ساعدت في تقليل الهيراركيات التاريخية، غير أنهم قلقون من أنها في مسارها قد خلقت هيراركيات جديدة. فهل انعكس ما كان على (الانكليز) من مزايا تاريخية على (الفرنسيين) في (الكيوبيك) الى درجة إن الفرنسيين الآن هم المسيطرون على الانجليز أو الأقليات الداخلية الأخرى، مثل السكان الأصليين أو المهاجرين؟ من المؤكد إن هناك مثل هذه الحالات من التحولات المضادة حول العالم. فلم يكد الألبان في كوسوفو يحصلون على الحكم الذاتي حتى انقلبوا على الصرب مضطهديهم السابقين. وبالمثل يتساءل المحللون في أمريكا اللاتينية عما إذا كان تمكين السكان الأصليين سوف يؤدي الى قلب الفطيرة رأسا على عقب محمولا نخبة الكريولو السائدة الى أقلية تابعة، بينما يصبح السكان الأصليون هم المضطهدين الجدد- ص 177)، ويذهب (ويل كيمليكا) معتقدا– في محور مؤلفه- بان الحرب الباردة أبقت الصراعات العرقية في العالم الثالث حية بصورة مصطنعة كما شجعت الولايات المتحدة الأقليات العرقية على التمرد ضد الدول المتحالفة ضد السوفيت وكذلك العكس صحيح.. حيث تواترت الدول في نزاعاها وراحت تستولي على الأفكار، مخافة من الأفكار الأخرى التي تستطيع فعل النار في الهشيم.. صارت الدول الماركسية تحد من حولها بدول دينية، والعكس صحيح. وراحت الخرائط لا تتسع إلا لفكرة الثقافة التي تحكمها، وصار المحيط العالمي يشتعل على أساس فكري محظ، فالفكرة لا تطرد إلا الفكرة، والعرق لا يطرد إلا العرق، وصار الشكل العالمي مقسم على أساس العقائد، وبقيت الحرب تترى الحرب، وصار الجيران تتحارب بالإنابه، حيثما يتسلط عليها القرار السياسي والتقسيم الفكري العقائدي.. إذ تبين جليا محور الإعصار الثالث (التعددية الثقافية) من بعد أن سار في العمق السباق المعرفي الثقافي فالعدو يعرف عن عدوه أكثر بكثير مما هو يعرف عن نفسه، وتهدد مصير الأغلبية بالقوة الثقافية، التلاقحية، التفاعلية خاصة بعد اكتشاف الحاسوب وربط بعضه ببعض عبر شبكة الويب، وتجسرت الجسور عبر وسائل الاتصالات، وتقربت كل المسافات وأخذت تذيب بتداخلها كل العتبات القاسية الصلابة، فراحت تفتح بيسرّ كلّ القلاع الحصينة. صارت المعلومة غير محتكرة ضمن امة معينة، أو طائفة، أو عرق. صارت تأتي من كل فج عميق وصارت تتغير مفاهيم ثقافية نحو الأفضل، فالاكتشافات الحديثة التي وطأها الإنسان بواسطة الحاسوب وتقنياته جعلته يعبر مسافة أضعاف ما كان سيعبر بها قبل اختراعه، فوصل الحاسوب بكل نقاط الكون، وبات بين مكامن الأشياء، وكأنه جزء خلقي منه فهو خزينته الحاضرة وذاكرته الماضية، ويده السريعة، باتت القوة على الأرض لمن يعرف أكثر، ويكتشف، وفازت شركات التكنولوجيا بأعلى رؤوس الأموال، وبقيت تفوز بما تحققه للإنسان من تسهيل، فصارت الكلمة الفصل هي للمعرفة، والعلوم حتى تناهت في الصغر تلك المسميات التي كانت مبنية على حدود الأمكنة ونطاق الأزمنة، فالسلاح تفكك وما عادت الدول تتسابق من اجله بالحصول على النووي فما عاد السلاح بيد من يدفع مالا ويشتري، بل بيد من يعرفه أكثر من غيره، فقد تبدلت المفاهيم بأخرى جديدة وتلاحقت على الساحة الثقافية الإنسانية أجيال متطورة منها. فالانقلابات الجديدة في الشرق الأوسط لم تحدث بواسطة سلاح تقليدي كما كانت الأسلحة المفترضة، والقطعان العسكرية المفترضة لتقوم. فقد كان التويتر، واليوتوب، والفيس بوك (ساحة يومية لتوثيق وقائع ربيع الثورات العربية، وما يتعرض له المتظاهرون، ولمطالبهم وكذلك لردود الفعل الرسمية والإعلامية، يوما بيوم بل ساعة بساعة، وما يوازي ذلك من تعليقات غاضبة أو مستفزة أو متعجبة مما ينشر من وقائع الفساد أو غيرها )..
أهمية الكتاب جاءت لتكشف ما يجري في ماهية الديمقراطية الجديدة التي تنادي بالتغير، والتنبؤات الحاصلة ما بين الواقعي والمتخيل مفصلا الكيفية الحقيقية لما يجري على ارض الواقع من وعي. كما حوى الكتاب توثيقا دقيقا لكافة المؤتمرات (العلمية) التي أسهمت بتوسيع مفهوم التعدد الثقافي وبرامجه السياسية الأساسية، والمنظومات الفكرية الداعمة.. فجاء هذا الكتاب ليعمق الفكرة المتكاملة لعتبة التعددية الثقافية عبر سبر سياسات العالم الجديد.



#محمد_الأحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مسرحية الأطباء.. وعقل الشيطان
- الضلال الطويلة رواية تشهد على الزمن اللا مٌسرد
- رواية (ورد الحب... وداعا) سيرة حرب
- الصندوق الاسود ... وعاء الافكار الجديدة أم جدليتها الحيوية
- جاء الفيس بوك يارك الحاسبة
- فرن الخواجة
- اين السارد من المسرود في الحلم بوزيرة
- كيف بدأت مع عالم الكتب، وأين تكمن قيمة أي عمل أدبي؟
- كتاب جديد للدكتور فاضل عبود
- العقل المريض بجماله
- رسائل قرة العين
- كنت شيوعياً
- فليم حسن ومرقص
- كونشيرتو النسيان
- المثقف العربي في زمن الانحطاط العربي: على أي جانبيه يميل..؟
- علم الاجتماع الآلي
- الترفع غربة المثقف العراقي المقصي
- خسارة متأزمة بالفقدان
- النص
- التعددية محنة الاعلام الثقافي العراقي


المزيد.....




- جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR ...
- تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
- جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
- أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ ...
- -نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
- -غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
- لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل ...
- ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به ...
- غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو ...
- مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير


المزيد.....

- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع / عادل عبدالله
- الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية / زهير الخويلدي
- ما المقصود بفلسفة الذهن؟ / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - محمد الأحمد - أوديسا التعددية الثقافية