طالب المحسن
الحوار المتمدن-العدد: 3490 - 2011 / 9 / 18 - 12:01
المحور:
الادب والفن
سيطرة بلا بالونات ملونة
قرب السيطرة , حيث الزحام على اشده , ارى حزمة بالونات ملونة تنحشر بين المسافات الضيقة للسيارات , بائع البالونات الهزيل الذي يقبض بيده على خيوط البالونات الملونة , بالكاد تراه , انه ضائع في الزحام لكن بالوناته تشكل سحابة تطير فوقه . اضغط على منبه السيارة , اخرج رأسي من النافذه اناديه دون جدوى , ترجلت من سيارتي وانطلقت نحو البالونات واشتريتها جميعا , عشرة بالونات ملونة لاطلق سراح بائعها الهزيل .
في بيتهم , يبدو ان الاب كان فرحا بهذا البيع السريع وفي اليوم الثاني وضع في يد صغيره خيوط عشرين بالونا ملونا .. عند باب بيتهم كانت الريح شديدة وكانت البالونات تضرب احدهن الاخرى محاولة الانفلات لكن قبضته الهزيلة تمنع انسياب الخيوط , شيئا فشيئا شعر بأن قدميه بالكاد تلامسان الارض وماهي الا لحظات حتى وجد نفسه فوق .... نعم فوق المنازل فوق المدينة ... سقطت نعلاه على البيوت راح يحلق بعيدا رأى الشوارع رأى السيطرة بدون بالونات ملونة... بعيدا عن ابيه بعيدا عن الناس , مرت طائرة بقربه, المضيفه تلوح له بيديها , الركاب جميعا الصقوا وجوههم على زجاج النوافذ ... سرب من العصافير الصغيره تشجعه لكي يبقى في السماء ... فكر في ان يترك الخيوط ويهبط لكنه خاف من ابيه , تذكر السيطرة والزحام , تذكر كيف عليه ان ينقر زجاج نوافذ السيارات لكي ينتبه له الاخرون ولا احد يشتري الا ذلك الرجل الطيب , تذكر الرجل الطيب وتمنى ان يراه لكي يشكره فهو السبب الذي اوصله للسماء ... تذكر قسوة ابيه حين يعود مع البالونات الملونة ... تذكر احتقار اطفال المحلة له وهو يمشي مع بالوناته وهم يلعبون ما يشاؤون تذكر تفجير بعض بالوناته من قبل العابثين تذكر ..... تذكر ..... تذكر حتى وجد نفسه بعيدا فوق المدينة فوق الشوارع فوق السيطرات بعيدا عن الجميع , لف الخيوط بقوة حول اصابعه فالهواء الصافي والسكون ادخلا في جسده النعاس ... نام وهو فوق بعيدا جدا .... يستيقظ فجأة على صوت ابيه يطالبه بمغادرة فراشه بعد ان جهز له بالوناته الملونه وشبك خيوطهن في يده الهزيلة .
د.طالب المحسن
#طالب_المحسن (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟