البحرين.. صاعق تفجير المنطقة

سمير الحجاوي

الحوار المتمدن-العدد: 3489 - 2011 / 9 / 17 - 22:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

تحتاج البحرين إلى مراجعة شاملة لأوضاعها للحيلولة دون تعميق الانقسام الاجتماعي، في مجتمع منقسم، لكي لا تتحول إلى صاعق تفجير لمنطقة الخليج العربي التي تتربص بها الدول الكبرى وإيران وإسرائيل، فخروج الوضع هناك على السيطرة لا يؤثر على البحرين فقط بل يؤثر على كل الدول الخليجية العربية، وقد وصف مسؤول أمريكي المشهد بقوله:" "الوضع حساس جدا في البحرين ولا يمكننا أن نعرف ماذا يمكن أن يتغير".. وهو كلام واضح يعبر عن تغيرات مقبلة، وهي تغيرات يمكن أن تدفع البحرين ثمنها من استقرارها الاجتماعي وانقسامها على الطريقة اللبنانية أو حتى تهديدها وجوديا على الطريقة العراقية، وهذا يعتمد على السيناريو الذي يمكن أن يجد طريقه للتطبيق، واحتمالات عقد صفقة بين الأمريكيين والإيرانيين لترتيب أوضاع المنطقة، وهي احتمالات ممكنة الحدوث، فالولايات المتحدة والدول الأوروبية تتحرك بغريزة الحفاظ على مصالحها على قاعدة " مصالح دائمة لا أصدقاء دائمون"، وليس أسهل على الأمريكيين والأوروبيين من تغيير التحالفات إذا اقتضت الضرورة ذلك بالنسبة لهم، و"بيع البحرين" في حال دفع الثمن المطلوب. ولذلك من الحماقة الثقة المفرطة بالأمريكيين أو الأوروبيين.
ومن هنا فإن القراءة الحكيمة للوضع في البحرين والخليج العربي يتطلب الاقتراب من الواقع لمشاهدة التفاصيل والتعامل معها لاحتواء الأزمة ومن ثم حلها وصياغة عقد اجتماعي جديد يقوم على التوافق والرضا بين الجميع، لأن الحل الأمني لن يستطيع كبح جماح الرفض أو التمرد، فخارطة المجتمع في البحرين تغيرات وكذلك تغيرت موازين القوى الداخلية وهذا يعني تغيرا في الخريطة الجيوسياسية للبحرين إلى واحد من أربعة احتمالات هي: انقسام البحرين طائفيا على الطريقة اللبنانية، أو ابتلاع إيران للبحرين بشكل كامل، أو اندماج البحرين مع السعودية، والاحتمال الرابع هو تمكن النظام الحاكم في البحرين من معالجة المشكلة من جذورها بشكل ودي ومقبول.
الاحتمالات الثلاثة الأولى تعني وصفة أكيدة للحرب والعنف، فالسعودية لن تسمح لإيران بابتلاع البحرين، وإيران لن تسمح للسعودية بضمها، والانقسام الطائفي يعني الحرب الأهلية. وهذا يعني أن الخيار الرابع هو الأفضل والأقل كلفة، سياسيا واجتماعيا واقتصاديا، وهذا الخيار لا يحتاج إلى مماطلة وتسويف ومراوغة وإهدار للوقت، بل يحتاج إلى خطة عمل واضحة المعالم بأجندة زمنية محددة وبخطوات واضحة تتضمن: الإفراج عن كل المعتقلين السياسيين، والسجناء على خلفية المظاهرات الأخيرة، باستثناء المتهمين بالقتل، بلا قيد أو شرط، ووقف عمليات التعذيب الممنهجة، وإلغاء السجون السرية، والسماح لوسائل الإعلام بالعمل بحرية وإعادة المفصولين إلى وظائفهم ووقف عمليات الفصل التعسفي، والحد من صلاحيات الأجهزة الأمنية ووقف تدخلها في الحياة العامة والمساواة بين الناس في الوظائف الحكومية، توزيع عادل للثروة، وتقديم خدمات متساوية لجميع المناطق من دون تحيز أو تمييز، وإقرار قانون انتخاب متوازن يضمن تمثيل جميع الفئات الشعبية، وإجراء انتخابات حرة نزيهة وتشكيل حكومة يتم التوافق عليها ومنح الشباب فرصة المشاركة في العمل العام والعمل السياسي وأن يكونوا جزءا من التركيبة الحكومية، وإحالة الوجوه القديمة إلى التقاعد، إذ لا يعقل أن يبقى مسؤول في منصبه ما يقرب من نصف قرن.
وفي مقابل هذا يقبل الشيعة بالملكية في البحرين ويكفون عن الارتماء في الحضن الإيراني، الذي يستخدمهم ويستخدم سواهم من الشيعة العرب، من أجل منذ النفوذ الفارسي في المنطقة العربية، وتتوافق على هوية عربية بحرينية جامعة تقوم على أساس المساواة بين الجميع، والكف عن السعي لإقامة كيان شيعي "مادي أو معنوي" في البحرين لأن الأغلبية من سكان المنطقة لن يسمحوا بذلك، والاستعاضة عن ذلك بأن يكونوا جزءا أصيلا من دولة مدنية تقوم على التسامح الديني، وطمأنة الأغلبية من عدم وجود مخططات للاستيلاء على السلطة، لأن المسلمين السنة في الخليج العربية لن يسمحوا بإقامة سلطة شيعية في البحرين، وهنا لا أقصد الحكومات بل الشعوب، وأي محاولة من هذا القبيل ستقود البحرين إلى مصير شبيه بالعراق، وربما انتقال المشكلة مناطق أخرى في الخليج العربي، مما يعني تحويل المنطقة إلى بركان.
من حق الشيعة في البحرين أن يكونوا متساوين في الحقوق والواجبات، ومن حق الأغلبية أن تحصل على ضمانات بعدم وجود مخططات سرية وخفية، ومن واجب الحكومة في البحرين أن تقوم بواجبها وأن تجري مراجعات لسياساتها وتغير خطابها ومقارباتها للحل ووقف "التسونامي الطائفي" وأن تعمل بجد لبناء دولة مدنية تسود فيها الحريات ويتوقف فيها انتهاك حقوق الإنسان لإصلاح "المجتمع المكسور" في البحرين.
وعلى الدول الخليجية أن تساهم في الحل، وعدم الاستهانة بما يجري في البحرين لأنها تمر في مرحلة فاصلة بين زمنين، ولأن اشتعال النار هناك يعني بكل بساطها انتقالها إلى الجميع، فليس هناك من هو في منأى عن الاحتراق أو التعرض للفحها وشواظها، فاستقرار البحرين صمام أمان لكل المنظومة الخليجية، ووقف التدخل الإيراني الذي دمر العراق، وقد يكون سببا بتدمير البحرين أيضا.

#سمير_الحجاوي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات