فتحي المومني
الحوار المتمدن-العدد: 3489 - 2011 / 9 / 17 - 18:14
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
إذا لم يكن التغيير هو السنة في المجتمعات ، فحتما هي سنة التطوّر ، ولا من فارق بين الاثنتين .
إن المواطن في الدولة الأردنية يعيش حالة من اليأس ، فلا بد أن تتغير الظروف من صدقة ومكرمة إلى حق طبيعي وشرعي ، يُـعطى للمواطن , لا يشكر عليه أي مسؤول في دولة المؤسسات والقوانين ، وإذا ما نظرنا إلى الحال المتردي الذي يعيشه الإنسان في الأردن , مترافقاً في تخاصمه مع نفسه ومتنافراً مع غيره ، فهذا مؤشر أن المواطن خُـلق ليعاني من ويلات الكمبرادوريين السماسرة ، ومن متآمرين على مصالحه ، والتي باتت في مهب الريح ، وغيبت عنه الحقوق التي لم تُصغ في أن تكون ولو لحلم ، وسوقوا عليه العطف والصدقة , لأن الطبقة الاوليجارشية المسيطرة عليهم قررت-- أن الشعب هو حقل التجارب في ضرب مصالحهم بالاثنيات المختلفة ، فكان شراء الولاءات هو الحقل الأول منذ فجر التاريخ ، وسيطرت بعد ذلك القوة بمساعدة الأيدي الغادرة الصهيو-أمريكية ، والتي احتلت بدورها الإنسان ، وفلسطين العروس البكر ، وسيطرت على ممتلكات الأمة العامة ، حتى أصبح المواطن بلا حق وهوية واضحة المعالم .
لا زال الإنسان , وفي هذا الظرف الحرج مُستغبى من قبل المسؤول في الأردن ، فقد سوق عليه الكرم والكذب في مختلف المجالات , بدءا بوجوده وانتهاءً بحقوقه المشروعة في الحياة , إذ لا يوجد للمواطن الحق في التعليم ، ولا الحق في الغذاء الجيد ، وفي مظلة آمنة من النقل والصحة ، ولا الحق في مدرسة آمنة , أيضا لا يوجد للمواطن الحق في المطالبات الخدمية ، وان هي وجدت , إنما الشعار يقول: طالب بحقك ونحن من يقرر—فها هم الاوليجارشيون ، وهم حكم القلّة المتنفّذة صاحبة القرار يهبونك متى يريدون-- أن الدولة عند حقوقها تعاملنا على أننا أمريكان ، أو مواطن من الدرجة الأولى ، وعندما تتعامل معنا في القضايا التي تخص حقوقنا ، تعاملنا على أننا مواطنون صوماليون ، أو أفريقيون أو شحاذون ، وذلك من خلال الهبات ، أو المكرمات , فهذه ازدواجية بغيضة ومقيتة في التعامل مع شعبنا الذي وصف بقبوله الآخر .
فالطبيب كيف يبدع وكيف يصرف للمريض الدواء ، إذا لم يجد الرعاية التي تؤهله للعيش بسلام , والمعلم لا زال يعاني الفقر والذل وغلبة القانون البائد عليه, -فالأنظمة التي عفا عليها الزمان لا زالت تطبق ، حتى وان عدل عليها ، فالمخرجات ستصبح أسوأ من الأول من جراء قانون عفا عليه الزمن وتعثر سير التعليم على أثره وأصبحنا في وضع مزري لا نحسد عليه ، خدمات متردية داخل المدرسة للطالب والمعلم ولا من مجيب ، موازنات تأتي في نهاية العام ولا تكفي لسد الحاجة ، تعيين للبعض في مراكز على أساس ضعيف لا منطق فيه ولا عقل ، تدريس مواد من غير المتخصصين ، بالنهاية واقع مميت ، لا يمت للعقل بصلة ، واستهتار ممنهج للإنسان تجاوز عمره الأيام والسنون لمؤسسات أفسدها المسؤول المؤتمن ، وبيئة بيعت وشوهت بقذارة العملاء ، وضرائب تسرق من جيب المواطن ، وفساد في المال العام ، وكذب يمارس على الشعب بأكمله دونما رادع ، ومشاريع متعثرة من طبقة السماسرة ، وحقوق ذهبت وحوّلت لمكارم ، ولا زال المسلسل مستمر .
ننظر والأمل يجمعنا بوطن مؤسسي خال من المكاره الصحية ، ومن النفايات المقيتة التي نصحو على رائحتها في كل يوم في إعلامنا المشوه المزيف الذي يردد كما رددت الببغاء ، متعمدة من قبل المسؤول --أين البيئة ، أين وزارة البلديات ، أين سلطة المياه التي تتعمد بقرار عالي المستوى على حد تعبير المسؤول القاصر في النظر ، أن الجميع يعطش إلا الاوليجارشيين ، والجميع يصرف له العلاج الهش الذي وصف بالطحين وبلا فائدة ، إلا الاوليجارشيين ، الجميع يطبق عليه القانون ويتساوى الجميع في الحقوق والواجبات ، إلا الاوليجارشيين الأموال تنفق من أجل الولاءات ، ومن أجل الرحلات ، ومن أجل الرفاه وأعياد الميلاد المزيف ، ومن أجل الرضاء ومن ، ومن ، ومن -- فساد بلا حدود ...، وإصلاح بلا إصلاح ، ودولة بلا قانون وبلا مؤسسة ، وبلا محتوى ..........
الجميع يعرف أن المواطن في هذا البلد يعاني ، ويُستغبى ، ويُضرب بإنسانيته ومصالحه عرض الحائط --- والمال يسرق ، والتقاعدات للمتنفذين ، وهيكلة هشة مبتورة يضحك بها ومن خلالها على الشعب الطيب ، ونفط مجاني ولا زالوا يمترسونه تحت القانون والهبات بلا حدود -- والدليل أننا في دولة المؤسسات والقوانين-- هم يقولون ذلك ، (السماسرة ، والنفعيون ، والليبراليون الجدد)
ونِعْمَ القول --فهذا يدل أن الدولة تحترم وتجل المواطن وتعنى بحقه أيا كان ومتى يكون-- فعلا إننا نعيش مرحلة ما قبل الدولة.....
أيا وطني جعلوك... مسلسل رعب نتابع أحداثه في المساء...فكيف نراك إذا قطعوا الكهرباء , قلت سابقا في إحدى المقالات : أن الوطن معادلة صعبة لمن يعرف ، فعلى المواطن أن يعرف ماذا يفعل حتى يكون رقما يقرأ ، وتسمى باسمه الأشياء ، فولادة الحرية والكرامة ، تحتاج إلى تضحيات ومن أولى من المواطن في أن يطالب بحقه ؟..!
في الوطن متناقضات معقدة ، وإرهاصات وتفاعلات عجيبة من خلط في المفاهيم ، وسلوكات قد أصفها بالجنون --لا يقوى المواطن على استيعابها-- لذا فعليه أن يسعى جاهدا لنزع حقه إذا لم يكن بالقانون والسلم ، فبالقوة وهي التي تحددها الشعوب ---الإنسان يولد حرا له حقوق وعليه واجبات، فليس من حق لأي أحد مهما كان ، أن يمارس السلب ، والقهر ، والظلم عليه ، وليس من حق أي مسؤول أن يعطي كما ومن يشاء دون مشاورة مصدر السلطات الحاكم (الشعب)، فالوطن نعمة الله علينا ، ولا من نعمة لأحد علينا --
لنتذكر سويا أن الإنسان هو ابن الدولة وليس ابن الشارع... نعم فالحقوق تعطى كاملة له , تعليم ، وغذاء ، وماء ، وبيت للستر عليه ، ودخل يساعده على متاعب الحياة ---وعرفنا أن ذلك غير موجود ، والمواطن لا ينعم بأبسط حقوقه السابقة الذكر وهي من ضرورات الحياة---فالدولة شعارها غير المعلن والمعلن أن من لا يملك لا يستحق العيش ، ولا يملك الرأي إلا على نفسه , هذا إن استطاع أن يملكه ، فيجب على الدولة أن تحدّد تعاملها مع الشعب إما شحاذ ، وإما غني .
#فتحي_المومني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟