دائرة العماء المطبق.

خليل صارم

الحوار المتمدن-العدد: 3488 - 2011 / 9 / 16 - 14:33
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    

من نحن ..؟ بالطبع أقصد نحن في هذا الشرق المبتلي بكافة أنواع وأشكال وأصناف المعتوهين والمخبولين والمنحرفين الشاذين والأغبياء الحمقى .
نحن القطعان التي يجمعها الصفير وتحيط بها الكلاب ..قطعان صغيرة وكبيرة تسير بلا تفكير وإعمال عقل خلق كل ناعق وناهق ونابح ويتقدمها المرياع الذي يضعون في رقبته الجرس والذي بدوره يسبر خلف الحمير التي يعتليها رعاة تنتهي ها إلى المسالخ الإيمانية .. طائفية ومذهبية وأثنية .
هذا هو واقعنا ولنتوقف فورا ً عن لخوض بأحكام آلهة ابتدعناها حتى لانتعب عقولنا القاصرة في البحث عن وسيلة للخروج من عمائنا وغبائنا وغرائزنا إلى دائرة النور الإنسانية الأخلاقية وتطورها الطبيعي فقد اعتدنا هذا العماء وأدمناه وعشقناه .
كلنا مؤمنون وكلنا كفرة في آن واحد ..! كل منا يرى بنفسه أنه المؤمن الوحيد في هذا الكون والذي يعلق مفاتيح الجنة على خاصرته .. وكلنا يرى بالآخر كافرا ً ولو اختلف معه بحرف واحد في عملية تبادلية من التكفير والتأمين .
نتعامل مع بعضنا على خلفية الانتماء بكافة أشكاله وصفاته بغض النظر عن الجانب الإنساني الأخلاقي ومن لايشاركنا هذا الانتماء هو عدو يجب القضاء عليه واستباحة دمه وماله وعرضه .
كلنا يزعم الإيمان بإله واحد وننافق على بعضنا متبادلين هذه الكذبة وحقيقة الأمر أن لكل منا إله فصله على مقاسه ووفق انحرافه وشذوذه العقلي والأخلاقي ولو أمعنا النظر لتبين لنا أنه يوجد بيننا من يعترف بهذا لإله الواحد لأن مواصفاته تختلف عن تلك المواصفات التي يراها الآخر .
نبكي على تاريخنا الإسلامي والعربي .. أي إسلام وأية عروبة هذه وأي تاريخ هذا ..؟ تاريخنا مخجل , مقرف , ملفق , مزور .. لقد قدسنا كل جزار مجرم قاتل وحولناه إلى بطل أسطوري .. لقد حولنا الغزو ونهب الشعوب وقوافل السبايا إلى فتح رحيم وعملية تنوير ونشر أسس وقواعد إيمان مشبوه , ملوث, كاذب .. أمة انقلبت على نبيها وعلى كل عقل متنور وتدعي الحضارة ..؟!!
هذه هي حقيقة تاريخنا وهذه حقيقة إيماننا ولنتوقف فورا ً عن الكذب والتكاذب والنفاق وادعاء ماليس قينا لأن حقيقة السلوك تؤكد العكس .. نحن من قطع سلسلة التطور المجتمعي الإنساني الطبيعية وحرفناها عن السكة الصحيحة لنرث عدها كل ذا الركام من التخلف والانحراف والشذوذ والنفاق والأخلاق الدونية المنحطة . فتحول الأمر إلى تطور في نهج الانحراف والتزييف والعداء للإنسانية .
يخرج أي مجرم شاذ وساقط فيتقنع بقناع الإيمان المزيف ثم يفتي بالقتل وهدر الدماء البريئة واغتصاب النساء والأطفال واستباحة الأموال .. نبحث في تاريخه وخلفياته لنكتشف مخلوقا ً مشوها ً متوحشا ً لايتورع عن ارتكاب أحط الأعمال وأكثرها حقارة ودونية وضعة وخسة .. مع ذلك نتفاجأ بأغنام تثغو له تقديسا ً وتكريما ً وتسلمه أعناقها لكي يذهب بها إلى سكاكين الجزارين في المسالخ الإيمانية ويقدمها وليمة للذئاب والكلاب .
يكفينا دجلا ً ونفاقا ً باسم الله والإيمان .. نتظاهر بالاعتراف بالآخر وحقه في الحياة ونخفي السكاكين والسواطير خلف ظهورنا لننقض عليه في أول فرصة وغفلة منه . . وعندما لايوافق نفاقنا وأكاذيبنا وقباحتنا ننقلب إلى وحوش مفترسة لنطارده مطالبين بلحمه ودمه وعرضه .
نرفض رؤية أية نقطة إيجابية في الآخر المختلف عنا ومعنا رافضين الانتقال الى الجانب الإنساني عبر العقل في تقييمنا للآخر من خلال سلوكه وحضاريته وأخلاقه إذ يكفي أن يكون مختلفا ً عنا في منهجية تفكيره حتى نرى فيه عدوا ً لنا .
لانعترف بأي طيف ولا بمعتقد الآخر مهما كان متقدما ً علينا وتزعجنا حضاريته وإنسانيته فنسعى لتشويهه عندما لانتمكن من إعادته إلى دائرة العماء التي نعيشها .
عودوا لقراءة تاريخنا بموضوعية وعقلانية مستحضرين المنطق لتفاجأوا بأنه وفي كل مرحلة يخرج فيها متنورين عقلاء من بيننا يسعون لتغيير هذا الواقع المزري القبيح والانتقال إلى عتبة حضارية يخرج له كل الشذاذ الأفاقين المنحرفين المتخلفين والساديين باسم الدين وباسم الإله ليعيدوه إلى دائرة العماء البهائمية الغرائزية أو يقتلوه .
المثقف المنطقي كافر , الشيوعي كافر , الوطني كافر . اليساري كافر , العلماني كافر . وكل من يسعى للملمة شتات شعبه ووطنه افر , وكل متحرر كافر , وكل مؤمن حقيقي عاقل ومنطقي يفهم الدين على أنه منظومة أخلاقية متكاملة جاءت لتكون في خدمة الإنسان وترفض أن تحوله إلى وقود لها هو أيضا ًكافر ولو صام وصلى وحج ( كما يقولون ) .
وعندما يعجزون عن إقامة الحجة والدليل وتتكشف أكاذيبهم ويتضح نفاقهم وخستهم ودونيتهم يستنجدون بكل الذئاب لغبراء والضباع والكلاب المسعورة في العالم ليعيدوا القطعان إلى زرائبها وبالتالي إلى دائرة العماء المطبق .
حتى النقاط المضيئة في تاريخنا ( لوصحت ) لم تنرها أياديهم بل أنيرت بأيد ٍ أخرى ومع ذلك يتباهون بها نفاقا ً لأنهم وفي حقيقة الأمر يقولون ( من تمنطق تزندق ) .وفي حقيقة الأمر أننا شعوب تائهة , ضائعة , وكافرة بالإنسان والأخلاق ومن أوجد الإنسان
إنها دائرة العماء المطبق

#خليل_صارم (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات