|
الدولة الأردوغانية لا يحلم بها العرب
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3488 - 2011 / 9 / 16 - 12:39
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
إنتهت الضجة الأردوغانية في مصر ، و عاد الحديث عن الشأن الداخلي المصري ، و عندما يتلاشى ضجيج العواطف ، يمكن أن يُسمع صوت العقل الهادئ ، لهذا يمكن اليوم ، صباح السادس عشر من سبتمبر 2011 ، الحديث بعقلانية عن مستقبل الظاهرة الأردوغانية في مصر و المنطقة . أكثر اللافتات التي رُفعت مخوفة من النفوذ التركي هي لافتة عودة الدولة العثمانية ، و هو قول إن كان المعني به العودة الحرفية للدولة العثمانية ، فهو بلا شك حديث جنون مطبق ، فالسلالات الملكية لا تعود هذه الأيام ، و كمثال : ليبيا إستدعت العلم الملكي و لم تستدع ولي العهد الليبي . أما إن كان المعني هو تزايد النفوذ السياسي التركي في المنطقة ، و إنها - أي تركيا - ستتحول إلى قاطرة تقطر ورائها الدول العربية ، فأيضاً هو حديث لا يعبر عن الموقف الحقيقي ، فلا أمل لتركيا في أن تقود العالم العربي . تركيا دولة قطعت شوط كبير في ميدان الديمقراطية ، و حزب العدالة و التنمية لا يمكن أن يظل للأبد في الحكم ، حتى لو إستمر نجاحه الإقتصادي ، و حتى لو تجنب كل ما تقع فيه الأحزاب السياسية التي يطول بها زمن الجلوس في مقاعد الحكم ، من فساد و ترهل و جمود فكري ، و ذلك بسبب طبيعة الشعوب و التي لا تطيق هيمنة حزب على الحكم لمدة طويلة بلا إنقطاعات . و من مظاهر التأكيد على إنه لن يظل في الحكم للأبد ، أن حزب العدالة في الإنتخابات البرلمانية الأخيرة فقد بعض مقاعده البرلمانية لحساب المعارضة ، و كان سبب ذلك هو رفض الشعب التركي أن يعطي حزب العدالة أغلبية تمكنه من كتابة دستور جديد بمفرده بدون التعاون مع الكتل البرلمانية الأخرى ، و في هذا دليل ناصع على أن تأييد غالبية الشعب التركي لحزب العدالة و التنمية إنما يقوم على دوافع إقتصادية ، و ليس لأسباب أيديولوجية ، أي عقائدية سياسية - ثقافية - إجتماعية ، و من هذا يمكن التأكيد على أن حكم حزب العدالة لن يظل للأبد ليمكن بناء تحالف إستراتيجي مع تركيا التي يقودها حزب العدالة و التنمية ، و في هذا أيضا دليل على مصداقية قولنا في حزب كل مصر : لا خوف من الإخوان في أي دولة ديمقراطية . فماذا سيكون عندما يخرج حزب العدالة و التنمية من الحكم ؟؟؟ الحزب الثاني في تركيا حالياً هو الحزب الجمهوري ، و الذي ينتمي لتيار يسار الوسط ، ذو التراث الأتاتوركي ، و بالتالي ذو نزعة قومية تركية ، و بالتالي لا يمكن أن يكون لتركيا في حال وصوله للحكم أي نفوذ في العالم العربي ، و الحزب الثالث أضعف من أن نفكر في إنه سيصل للحكم في المستقبل المنظور فقد دخل البرلمان التركي هذا العام بشق الأنفس ، و هو و إن كان يحمل صبغة إسلامية ، إلا إنه ذو نزعة قومية تركية قوية للغاية تقتل أي إحتمال في إنه يمكن أن تلقى فكرة النفود التركي ، في ظل قيادته ، أي قبول في العالم العربي . فكرة النفوذ التركي في العالم العربي مرهونة ببقاء حزب العدالة و التنمية في الحكم ، و حتى في ظل حكم حزب العدالة و التنمية لا يمكن أن تقود تركيا العالم العربي ، ليس فقط لتاريخ الحكم العثماني الذي أصبح منذ زمن طويل في منطقتنا مرادف للظلام و التخلف و الضعف ، و ليس فقط لأن المشاعر القومية و الوطنية في العالم العربي قوية ، بحيث لا تقبل بهيمنة تركية سياسية أو ثقافية ، بل و أيضاً بسبب المواقف التي وقفتها حكومة رجب طيب أردوغان تجاه ثورات ربيع العرب 2011 . حكومة أردوغان لم تقف موقف حازم صلب مؤيد للشعب الليبي في ثورته ، فكان موقفها باهت ضعيف ، و هذا يحد من نفوذ تركيا الأردوغانية في ليبيا عندما يأتي وقت الحديث العقلاني في ليبيا بعد إستقرار الأوضاع . أما في سوريا فالموقف التركي الأردوغاني أسوء ، ففي سوريا إنكشفت الحكومة الأردوغانية على حقيقتها بمواقفها المتعاطفة مع نظام آل الأسد ، و هي مواقف لازالت طازجة ، و لا حاجة بالتالي لسردها . أما الموقف الأردوغاني تجاه القضية الفلسطينية ، فهو و لا شك مشرف ، و لكنه لا يكفي لأن يفسح لتركيا الأردوغانية مقعد القيادة في العالم العربي ، أو يجعلها قاطرة سياسية تقطر الدول العربية ، و على العموم مصر أولى بذلك الدور نحو شعب شقيق جار من تركيا . إذا كان سياسياً ليس مقدر لتركيا الأردوغانية ، أو تركيا حزب العدالة و التنمية ، قيادة العالم العربي ، فإنه كذلك ليس مقدر لها أن تفرض هيمنة ثقافية سياسية على العالم العربي . لقد كثر ، و منذ وصول حزب العدالة و التنمية للحكم في تركيا في أوائل هذا القرن ، الحديث عن نموذج حزب العدالة و التنمية ، و إنه بالإمكان تبنيه في العالم العربي . ربما كان ذلك صحيحاً عندما كان الجميع في الخارج يعتقد أن الهيمنة في الشارع السياسي العربي ، و المصري خصوصاً ، هي للتيار الإخواني و أشباهه ، و لكن أعتقد ، و بعد ربيع العرب ، الذي إنفجر بدون مشاركة الإخوان ، أصبح لا حاجة لترديد أغنية حزب العدالة و التنمية التركي على المستوى الوطني العام ، و الإكتفاء بترديدها في أوساط الأحزاب الشبيهة بحزب العدالة و التنمية ، فمصر ليست كما تصورت الإدارات الحاكمة الغربية ، و لازالت تتصور ، في قبضة الإخوان . مصر أغنى سياسياً ، و ثقافياً ، من أن تنحصر في لون سياسي أو ثقافي واحد . نموذج الحكم الذي يقدمه حزب العدالة و التنمية منذ سنوات لا يمكن أن يجذب الشعوب العربية بعد ربيع العرب 2011 ، فقد أصبحت الطموحات الشعبية كبيرة للغاية في ميادين الحريات السياسية و الشخصية ، و في مجالي الثقافة و حقوق الإنسان ، و حزب العدالة و التنمية ، بإستثناء نجاحه الإقتصادي ، منحنى الحريات و حقوق الإنسان في تركيا في ظل حكمه آخذ في الإنخفاض بعد الإرتفاع الذي شهده في السنوات الأولى لحكم أردوغان . الآن هناك تلفيق إتهامات للكتاب و الصحفيين الغير متماشين مع التيار الأردوغاني ، و تضييق في ميدان الإنترنت ، و يكفي الموقف الأردوغاني من موقع يوتيوب ، هذا إضافة لتحول تركيا الأردوغانية تدريجياً لدولة بوليسية ، من أظهر ملامحها تزايد التجسس على المواطنين . الحديث الغربي عن تركيا الأردوغانية كنموذج يجب أن يحتذيه العرب أصبح حديث من الماضي بالنسبة للعرب ، فقد تجاوزه العرب بربيعهم و بطموحاتهم . العرب يتطلعون لما هو أفضل من نموذج يقدم الخبز ، و يقيد الحريات تدريجياً ، و يضطهد خصومه بحقد . العرب يتطلعون للرفاهية مع الحرية ، و إحترام حقوقهم الإنسانية كاملة ، و تركيا الأردوغانية لا تقدم هذا كنموذج تطبيقي . رسالة للشعب المصري ، تعد جزء من المقال : أدرس حالياً فكرة العودة إلى مصر ، القضية هي موازنة بين الإعتقال فور العودة بناء التهديدات التي وصلتني بكثرة ، و بالتالي عدم قدرتي على الكتابة و بناء حزب كل مصر ، و بين الإستمرار في مواصلة مشاركتي في الثورة بالكلمة المكتوبة و المنطوقة من المنفى ، برغم مخاطر المنفى ، في الحالين أتطلع لدعمكم .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الحكم أولاً ، و النهج السلمي دائماً
-
قائد القوات الجوية أثناء الفصل الأول للثورة مطلوب للمثول أما
...
-
ما علاقة مذبحة الفصل الأول للثورة بالأمن القومي المصري ؟؟؟
-
جهاز الشرطة هو الأخطر ، لكن الإستيلاء على الحكم أولاً
-
إما أن ننقذ الثورة الآن و إما أن ننعيها
-
هل يعقل أن نتنياهو و ليبرمان يتآمران على طنطاوي و سليمان و م
...
-
لو كانت مصر دعمت الثورة الليبية بدلاً من الناتو
-
المخابرات السليمانية أنقذت مبارك و دمرت مصر
-
إحتلال مبنى مجلس الشعب لإحباط إنتخابات مجلس الشعب
-
الثورة الناجحة لا تترك لأعدائها أي نفوذ
-
دول الموجة الثانية فرص الديمقراطية فيها أكبر
-
إسرائيل ستخفض درجة تصنيفها لمبارك
-
إنها مؤامرة ملايين المطحونين
-
بدون الحكم ليست ثورة
-
المشير طنطاوي شيطان في كل الأحوال
-
لماذا تريد الإدارة الأمريكية تشويه الثورة المصرية ؟
-
حتى لا يقول أحد : أنا الجيش
-
جرائمه أكثر من أن تنسى و أكبر من أن تغتفر
-
الشعب سيحكم على المحاكمة
-
نعم للديمقراطية و لو فيها الإخوان ، و سحقاً للإستبداد أياً ك
...
المزيد.....
-
روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة.
...
-
مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
-
مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ
...
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|