أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون النبواني - من شهادة حمار نجا من المجزرة














المزيد.....

من شهادة حمار نجا من المجزرة


خلدون النبواني

الحوار المتمدن-العدد: 3487 - 2011 / 9 / 15 - 23:36
المحور: الادب والفن
    


لعل حياتي لا تشبه في شيء حياة ابن جلدتي الذي قضى برصاص الاحتلال الإسرائيلي عندما قطع جسده مسار الرصاصة التي قتلته ولم تصل لسعيد أبي النحس المتشائل الذي نجا من موت محقق كما ترويها لنا رواية إميل حبيبي. بل لعل حياتي تتقاطع أكثر مع حياة المتشائل سعيد أبي النحس؛ فأنا وهو نجونا بفضل حمار طائش أنقذ حياته هو من رصاص العدو الإسرائيلي بينما أنا....آه، فقد أنقذني طيش حمار آخر من رصاص إخوتي وأبناء وطني "حمار الديار".
حكاياتي وما فيها يا سادة تثير الحزن بقدر ما تثير الاستغراب والدهشة وإنني إذ أكتب لكم وقائع "مجزرة الحمير الغريبة" ونجاتي منها فهذا لأنني لم أعد أفهم شيئاً ......
قصتي باختصار هي أنني حمارٌ سوريٌّ مُسالمٌ لا ناقة لي ولا جمل بالسياسة ولم أحلم يوماً بشغل منصبٍ سياسيٍّ في بلدي على الرغم من أن كثيراً ممن يتبوؤن أعلى المناصب لا يتميزون عني بشيء يُذكر. هكذا ومنذ أن كنتُ صغيراً قاموا بترويضي وعلموني كيف أحني ظهري لكي يمتطيني الآخرون وافهموني أن الصبر وعدم الشكوى هي من قيم الحمير الأصيلة التي يُبنى عليها مصير الوطن المهدد من قبل الكون برمته.
منذ أن تفتحت عيناي على الدنيا وجدته أطال الله في عمره سيداً للبلاد وأنه الواحد الأحد سليل الآلهة الذي يضمن الحياة والأمن والسلام للجميع فتعودت أن أدعو له مع غيري من حمير الوطن بدوام البقاء وطول العمر وقد حزنتُ كثيراً عندما سمعتُ مؤخراً أنه سيتخلى عن السلطة بعد الموت. لم يكن بحياتي إذن شيء مميز عن بقية حمير بلادي الطيبين الصابرين الشرفاء الذين لم يتوانوا يوماً عن النهيق له كلما ألقى خطاباً، والذين لم يترددوا لحظةً في الرفس في الهواء تصفيقاً لما يقول. صحيح نحن لا نفهم شيئاً من كلامه، ولكننا كحميرٍ أوفياء نؤمن إيماناً مُطلقاً لا يحتمل الجدل والنقاش (الذي لا نجيده أصلاً نحن معشر الحمير) بعظمة وعمق كل حرف من حروفه.
منذ أن قامت المؤامرة الكونية ضد سوريا منذ ستة أشهر أخذنا نحن حمير الوطن موقفاً ثابتاً واضحاً لا يحتمل النقاش وهو الاصطفاف وراء قيادته الحكيمة في إدارة الأزمة ودعمه بكل ما نستطيع من إمكانيات في معركتنا ضد أعداء الوطن في الخارج وعملائهم في الداخل حتى أننا أنشأنا جمعية خاصة بنا أسميناها "جمعية منحبك للحمير". لم ترعبنا تهديدات الخارج ولا العقوبات الاقتصادية على البلد فنحن معتادون على الصبر كما أن لنا ثقة لا حد لها بأن حكمته ستخرجنا من هذه المؤامرة كالشعرة من العجين، بل وأكثر قوة من ذي قبل.
كنا يومها مجتمعين في جمعيتنا نتحدث عن وضع البلد وعن الرعب الذي تسببه العصابات المسلحة الإرهابية التي يمكن لها أن تطلق النار على الحمير ضاربةً بعرض الحائط كل قوانين حماية الحيوان وكل الأعراق الدولية وأبسط مبادئ الأخلاق. ورغم أننا نعيش في البرية ونتجول هنا وهناك فإننا لم نلتقي بواحد من أفراد هذه العصابات، ولكننا انتهينا إلى القناعة بأن هذه العصابات هي كالأشباح لا نراها ولكنها مليئة بالشر: تقتل بدون أن يستطيع أحد أن يراها أو أن يلتقط لها صورة، ولكنها موجودة بلا أدنى ريب فإعلامنا الداخليّ الموجه لنا يؤكد على ذلك.
في ذلك اليوم وبعد جلسةٍ أكدنا فيها وقوف جميع حمير الوطن وراء قيادته التاريخية، حتى سمعنا صوت أخوتنا الجنود يقترب شيئاً فشيئاً وهم يغنون بخلود زعيم الأمة الذي ما أن سمعنا اسمه حتى نهقنا ورفسنا في الهواء كما تربينا على ذلك عندما كنا جحاشاً. تراكض الحمير ليروا ما إذا كان يمكن لهم أن يساعدوا أخوتهم الجنود حماة الزعيم بشيء ما، ولكن أحد الحمير الذي كان على مقربةٍ مني كان متحمساً كثيراً يومها فظل يرفس في الهواء تعبيراً عن حبه للقائد فأصاب حافره أعلى رأسي بضربةٍ جعلتني أترنح وأسقط أرضاً لأرى بعدها بين الصحو وغياب الوعي أخوتي الحمير وهم يتساقطون واحداً تلو الآخر برصاص من رهنا عمرنا من أجلهم، ولعلكم تعرفون تفاصيل المجزرة أكثر مني فقد نقلتها مصورةً كل وسائل الإعلام العربية والعالمية.
ما الذي فعلناه لنستحق كل هذا الحقد غير المفهوم؟ وكيف تربى هؤلاء؟ بل لماذا لم يتلقوا أية تربية؟ أسئلة لا تني تتقافز في رأسي من يومها.
لا أدري ما الذي أيقظ وعي المُستلب هل هي وقائع المجزرة أم تلك الرفسة العنيفة، ولكن كل ما أعرفه أن هذا النظام يجب أن ينتهي فهو لا يناسب حتى الحمير.



#خلدون_النبواني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كي لا تتقمص الضحية دور جلادها: الثورة السوريّة ومخاطر انزلاق ...
- أنا وصديقتي - الشبيحة -
- مغامرات أليس في بلاد العساكر
- بركان جبل العرب الخامد: السويداء والعطالة الثورية
- تحية لطيب تيزيني مثقفاً ملتزماً


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خلدون النبواني - من شهادة حمار نجا من المجزرة