أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان سامي جميل - عندما تغني النخلة / قصة قصيرة














المزيد.....

عندما تغني النخلة / قصة قصيرة


سوزان سامي جميل

الحوار المتمدن-العدد: 3486 - 2011 / 9 / 14 - 09:08
المحور: الادب والفن
    


عندما تغني النخلة – قصة قصيرة
سوزان سامي جميل
قبالة شاطئ مغروسة على ضفافه أشجار النخيل المتدلية فروعها بالتمر، افترش الرمل الدافئ . تمتع بنعومة ملمسه . دغدغته اشعة الشمس الهاربة وراء التلال. نسمات من عبير خريف فضي تسللت الى رئتيه لتملآنهما بهواء رطب. جاءه صوت كشدو البلبل. أصاخ سمعه لبرهة. الصوت يعلو بغناء غريب مصحوب بنحيب. بحث بعينيه عن مصدر الصوت . لم يكن في المكان مايوحي بوجود انسان، لكنه صوت انثوي جميل. قرر اقتفاء أتر الصوت ؛ انه يرتفع كلما اقترب من تلك النخلة الباسقة الواقفة بشموخ هناك. انها تغني ؛ نخلة تغني ؟: تساءل مع نفسه. أوتار صوتها الفردوسي سادت على كل الأصوات الحيّة . تنهداتٌ ترافق الغناء. ياإلهي ، إنها تنتحب ! لكن غناؤها يغري بالرقص: ناجته نفسه . تفاعلت أحاسيسه مع إيقاع صوتها، فقفز راقصاً على أنغام أغنيتها بينما يرتفع صوتها حيناً وينخفض كالهمس حيناً آخراً. رفع احدى قدميه عالياً ثم هبط بالاخرى على الرمل كحصان مأخوذ بناي عازف بارع. دار بجسده حول نقطة على الرمل افتعلها هو لدائرته الوهمية. مدَّ ذراعيّه بتناوب نحو اليمين واليسار في حركات راقص باليه محترف. انحنى الى الاسفل واستقام بتمايل للأعلى . تبختر بخطوات الى الامام والى الخلف حتى أحس بجسده خفيفاً يسابق الريح ليبدأ بالطيران . خارتْ قواه فرمى بجسده على الرمل المبعثر جراء خطواته الراقصة.
دوى صوت تصفيق حاد من الجمع المنتشر على ضفاف النهر. استغرب لأنه لم يشعر بهم أو يراهم يلتفون حوله تدريجياً مأخوذين برقصه الساحر . اقترب منه أحدهم ليسأله : كيف ترقص بتناغم هكذا دون موسيقى أو غناء ؟ اكتفى بالتحديق في وجه السائل . استغرب وكبت رغبة واتته للصياح. النخلة لازالت تشدو لكنه ىيقوى على الرقص. تجاهل وجود الآخرين وبدأ يدفع الرمل بيديه على جسده كمن يدفن نفسه.
ارتفع غناء النخلة مصحوباً ببكاء رضيع. أصغى الى الصوت. أتراه صوت نخلة أخرى؟: حاورته نفسه. نفض الرمل عن جسده. نهض باتجاه الصوت. ابتعد قليلاً ثم كثيراً فوجد بين النخيل امرأة ممددة ، مزرقة الجسد ،عليها لباس فضفاض زاهي الألوان كحال النساء في حلبجة ورضيعها ملقى الى جانبها يبكي والحلمة المزرقة في فمه. تأمل الرضيع .التقت عيناهما. ابتسم له فتوقف هذا عن النشيج. رفعه بهدوء. مسح دموعه. طبع قبلة على خده . ففتح الرضيع فمه بحركة تلقائية نحو الجهتين باحثاً عن الحليب.
لازال بعض المصفقين ماكثاً في مكانه في انتظار رقصة أخرى. تقدم اليهم حاملا الوليد بين ذراعيه، صاح بهم لاهثاً: انظروا الى جماله. انه يبتسم. هيا قبّلوه. تعالت الضحكات بينهم. سأله صوت: أي طفل تعني؟ فأجاب آخر: أنه راقص وممثل بارع . صرخ بهم : ألا تروني أحمله ؟ مابالكم ، هل عميتم؟ أم أنكم تتجاهلونه ؟ ضم الوليد الى حضنه ، رقص به. رفعه الى الهواء. النخلة لازالت تغني . أسرع بحركاته الراقصة. ضحك الوليد. ازداد ضحكاً ظل يضحك ويضحك حتى انبثق نورٌ من السماء أحاله الى يمامة بيضاء حلقت عالياً فوق رأسه. ابتعدتْ اليمامة وهو لازال يرقص ويدور حول نفسه . النخلة لازالت تغني وهو يرقص . ظل يرقص ويرقص حتى انفرجت الأرض عن شق كبير. ابتلعه الشق. انزلق إلى رحم الأرض . ثمة آخرين يرقصون في الجوف. عانقهم، الواحد تلو الآخر. لماذا ومنذ متى أنتم هنا ؟: سألهم فضوله . اكتفوا بالنظر اليه وتابعوا رقصهم الغريب. النخلة لازالت تغني . ابتلع الشق راقصين آخرين . امتلأ الجوف (مكرهاً) بهم، وأحبتهم فوق الأرض لازالوا ينتظرون عودتهم من مقابر جماعية مجهولة الأمكنة.



#سوزان_سامي_جميل (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- قصيدة / هوار
- قصيدة / أضحية الجسر
- قصيدة / ثالثةُ الأثافي
- قصيدة / عُراة الضمير
- قصيدة / ذئابٌ تكبّر باسم الله
- النبيذ الأحمر


المزيد.....




- مترجمون يثمنون دور جائزة الشيخ حمد للترجمة في حوار الثقافات ...
- الكاتبة والناشرة التركية بَرن موط: الشباب العربي كنز كبير، و ...
- -أهلا بالعالم-.. هكذا تفاعل فنانون مع فوز السعودية باستضافة ...
- الفنان المصري نبيل الحلفاوي يتعرض لوعكة صحية طارئة
- “من سينقذ بالا من بويينا” مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 174 مترج ...
- المملكة العربية السعودية ترفع الستار عن مجمع استوديوهات للإ ...
- بيرزيت.. إزاحة الستار عن جداريات فلسطينية تحاكي التاريخ والف ...
- عندما تصوّر السينما الفلسطينية من أجل البقاء
- إسرائيل والشتات وغزة: مهرجان -يش!- السينمائي يبرز ملامح وأبع ...
- تكريم الفائزين بجائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي في د ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سوزان سامي جميل - عندما تغني النخلة / قصة قصيرة