|
غباء مشفر
عمر دخان
الحوار المتمدن-العدد: 3485 - 2011 / 9 / 13 - 23:14
المحور:
كتابات ساخرة
كل يوم إضافي أعيشه على وجه البسيطة يزيدني اقتناعا أن هناك أفرادا كثيرين في المجتمعات العربية سخروا حياتهم و أعمارهم لنشر الغباء المطلق بين صفوف العرب، باذلين في سبيل ذلك الغالي و النفيس من أوقات و مجهودات يتم تسخيرها لا لطلب العلم و تحقيق التقدم و لكن للبحث عن كل ما من شأنه إشاعة المزيد من الغباء و الجهل بين العرب، و يقومون بذلك بإصرار غريب و اقتناع لا مثيل لهما، مؤمنين أنهم يقدمون فائدة و علما، بينما هم في حقيقة الأمر يقدمون الهراء و الخرافات المغلفة بغلاف هش من الخرائط و الأرقام اللامترابطه و التي تؤدي إلى إرباك المتابع و جعله يؤمن بما يراه لمجرد أنه لا يستطيع استيعابه.
مثل تلك الأمور هي البحث عن الرموز التي تمثل ” الأعداء” وفق مفهومهم، و محاولة “فضح” أماكن وجودها، و لو كان ذلك الرمز شريحة لحم وقحه نضجت على شكل نجمة سداسيه، او بابا حديديا حمل ربع الشكل المقصود، أو عملية رياضية استخدمت علامة الزائد و التي يعتبرونها صليبا، و التي وجدت أحد “العباقرة” يصر أمامي على أنه يجب استبدالها بإضافة خط يمر خلالها أو شيء من هذا القبيل، فقط لتغيير كونها صليبا إلى شكل لا معنى له. حسنا، و ماذا سيتغير بعد ذلك؟ لا شيء، فقط سيشعر هذا “العبقري” و أمثاله أنهم حققوا شيئا في ذلك اليوم و يذهب إلى فراشه سعيدا مستبشرا.
و لا يتوقف الأمر عند ذلك الحد، فمثل هذه الأمور تصبح هوسا للبعض، و يمضي أيامه كالمخبول يدقق في المزابل و فتحات المجاري بحثا عن أي رمز يمكن له أن يربطه برمز من رموز “الأعداء” و لو من بعيد، و يمضي يبحث في الخرائط لا لزيادة معرفته في الجغرافيا و لكن للبحث عن الخريطة التي تشبه الخنزير و البعير، و يقوم بعد ذلك بعمليات غاية في الغباء و العته، يصل من خلالها إلى خلاصة ذهبية و هي أن الخريطة الفلانية تم وضعها بذلك الشكل من أجل إيصال رسالة ما و بث مفهوم ما، معتقدا أنه حقق إنجازا حقيقيا عن طريق كشف رموز لا تضر و لا تنفع، بل هي تبقى مجرد رموز، و مجرد اتخاذ أناس ما لها على أنها رمز لعقيدتهم أو توجههم الديني لا يعطيها أي قوى سحريه و لا يعني أنها ستصبح خطرا على المجتمع، و استخدامها في الرموز الهندسية و المعمارية لا يطلق إشعاعات تسيطر على العقول، و لكن ما يطلق الإشعاعات فعلا هي النفايات الفكرية المتسربة من عقول أمثال هؤلاء و التي تلوث عقول العامة الذين لا ينقصهم غباء المجتمع ليأتي أفراد مثل هؤلاء و يعمقوا جراحهم بالمزيد من النظريات الجنونية.
من يتحسس من الرموز و الأشكال الهندسيه هو إنسان فاقد للشخصية و مريض حقا و على المدى البعيد سيصبح مهووسا بها و تصبح جنونا حقيقيا، فيبين له عقله أن كل ما يحيط به هو تلك الرموز، و غالبا ما يكون مصيره الحتمي في الأخير المصحة النفسية و التي يبدوا أنه يرغب في أن يجر كافة الناس معه إليها، مستعملا في ذلك أساليب و صور و بيانات أقسم أنها أصابتني بالصداع عندما اطلعت عليها، و كدت أصاب بشلل دماغي و انا أتابع تحليله للمعطيات بشكل يجعل كل خلية من خلايا مخك تصرخ طالبة الرحمة و الشفقة.
مثل هؤلاء العباقرة و كل من يصدق خرافاتهم (وهم كثر) هم أحد أهم أسباب انحطاط الأمه العربية، و هم من يساهمون في إبقائها في الحضيض، و هم للأسف غالبا ما يقابلون بالتصديق و التهليل في أمه اشتهرت بالبلاهة و تصديق كل خرافه، بينما مكانهم الطبيعي هو مستشفى المجانين، و الصدمات الكهربائية هي السبيل الأنجع لتطهير عقولهم الملوثة بالكراهية و الحقد و الغباء و الجهل، و الذي هو خليط مرعب لا ينتج سوى الكوارث التي نرى نتائجها في مجتمعات اليوم.
لا أفهم كيف لرمز هندسي أو شكل فني أن يرعب شخصا و يجعله يعتقد أن ذلك الرمز يعني أن هناك مؤامرة ضد دينه أو أمته، و أن إزالة مثل تلك الرموز سيغير في الحقيقة شيئا ما. أي غباء هذا الذي يسيطر على العقل العربي الذي يجعله يتوجس من نجمة سداسيه أو صليب أو أي رمز آخر، ماذا يمكن لمثل هذا الشكل أن يعمل؟ يزيدك غباء؟ صدقني لقد وصلت أقصى درجات الغباء. يزيدك تخلفا؟ بوجود أمثالك و أمثال من يصدقك لن نشم رائحه التطور و لو من بعيد و سنبقى في أقصى درجات التخلف و التي لا يمكن لأي مؤامرة أن تزيديها تخلفا. إنها مجرد رموز بحق السماء، و لا يهتم بمثل هذه القشور سوى أمة فاشله جاهلة عنصرية ضد الأديان و العقائد الأخرى، و الجملة السابقة تنطبق على حال الأمه العربية الإسلامية اليوم و هي على ما يبدو مبرر لكل هذه الهراء.
#عمر_دخان (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
في ذكرى الثلاثاء الأسود
-
شعوب مُستَبِده
-
الشقاء المقدس
-
ليبيا الحره
-
وكالين رمضان
-
و تريدون دولة أخرى؟
-
أنا شرير إذا أنا موجود!
-
تحريضٌ ممنهج
-
رضي الله عنه!!
-
الإلحاد المتطرف
-
كرات اللهب البشريه
-
بريطانستان
-
جمعية إنتهاك حقوق الإنسان
-
إنفصام الشخصيه
-
العلمانيه الثيوقراطيه في الجزائر
-
الوطن أولا
-
الولاء المزدوج
-
حس الفكاهة المفقود
-
كلام فارغ
-
الأسطوره
المزيد.....
-
جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس
...
-
أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
-
طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
-
ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف
...
-
24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات
...
-
معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
-
بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
-
بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في
...
-
-الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
-
حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|