|
من ابي ضرغام لابن آوى
كامل حسن الدليمي
الحوار المتمدن-العدد: 3483 - 2011 / 9 / 11 - 14:16
المحور:
كتابات ساخرة
في حكاية شعبية تستشهد بها الأمهات كلما تجمعن عند أبواب البيوت ليخضن في شجون الحياة خصوصا حينما يكون الحديث عن علو الوضيع وذلّ العزيز في قومه لظروف استثنائية ، ومختصر الحكاية دون خوض في تفاصيلها أن (ملك الغابة ورغم كل شجاعته وجبروته تمكن ابن آوى من الضحك على لحيته يوما ، حين طلب منه التنازل من علياءه ليحل محله برهة من الزمن فيعلو شأنه الوضيع أمام بقية أسرة الغابة ، وقد وافق الأسد فعلا ووافق ابن آوى على ان يوثقه حتى لا يستطيع الحركة ثم يعتلي جسده ويعلن لبقية الحيوانات انه صار ملكا بدلا منه من خلال ذلك الفعل ،ولما علمت الحيوانات أن أبن آوى قد أصبح مليك الغابة كلها محققا النصر المؤزرعلى ملكها الازلي ، تفرقوا كل إلى شأنه وسط استغراب غير مصدقين لو لم يروا القيد فعلا وهو محكم بقوة حول جسد أبو ضرغام ، ظل ّ الأمر على ما هو عليه حتى بعد تفرق رموز الغابة مستغربين ، وقتذاك طلب الأسد من أبن آوى فك قيده فسخر منه كثيرا ورفض أن ينهي هذه اللعبة التي انطلت على عامة الحيوانات وكل الحكاية حدثت على مسمع ومرأى الكلب فأخذت الغيرة تتمكن منه متسائلا مع نفسه كيف يسود من خلق وضيعا ويذل عظيم الشأن ، تطوع ساعتها الكلب لفك أسر الملك الذي شعر بالحيف والأسف ، وفعلا حل الكلب وثاقه لكن الأسد يمم وجهه صوب المجهول هاربا من الغابة رافضا كل النداءات مرددا (أن مكانا يقيدني فيه ابن آوى ويطلقني الكلب رأفة لن أمكث فيه بعد اليوم ) لكنه استثنى وسط إلحاح سكان الغابة ، وهل من مكان آخر سواها ملاذا آمناً له ؟ هكذا تورد العجائز حكاية فيها عبر، دون رتوش وهي ليست عصية المقصد لمن أراد إدراك أبعادها الأمر الذي يجعلها أقرب لواقعنا العراقي في هذه الأيام فقد أصبح فريسة لابن آوى، وطيور النعام، ودجاج الزينة ، وضبّ البر ،هكذا فلا شرقه ، ولا غربه ولا شماله، ولا جنوبه ، في مأمن وهو لا زال موثق بكل همجية ،لا يقوى على الحراك ويعلم الجميع أن مجرد نهوضه يعني اختفاء وهرب آلاف أجناس المخلوقات الضعيفة ، فهو الأسد الهصور على أبواب عرينه تحطمت عشائر من المخلوقات. كل العجب من الواهمين بأنهم قد أصبحوا أسود على العراق وتمكنوا من التأسيس لقوة تجعلهم القادرين على الفعل و سلب ما بيده ، ولم تكن العبرة مطلقا في السلب لكن القدرة بالاحتفاظ بما سلب ، وان اقتطاع جزء من جسد العراق الطاهر على طريقة (الحوسمة الديمقراطية) لا تعني أن السلابة افلحوا بل فتحوا على أنفسهم أبواب جهنم ستلوكهم حتما ذات قوة ، والطامة الكبرى أن مصادر القرار في العراق لا تحرك ساكنا وسط كل هذه التداعيات ،وكأن الأمر لا يعنيها بشيء ولا شأن لها بخريطة البلاد ،كأنهم يسهمون بصمتهم هذا مع (رجال الحواسم ) الجدد وفق المفهوم الـ (الفدرلة) وما أخجل البعض المطالبة علنا بالانفصال أو قطع الجزء من الكل بقصد وضع اليد على عرش وثير وراح البعض متوافقا ومروجا للفكرة التي صرح عنها صاحب كتاب ارث من الرماد ذلك الصحفي الأمريكي الذي فضح وثائق المخابرات الأمريكية وتحالفها الإستراتيجي مع اليهود لشرذمة العراق،وان الامر قد دبّر بليل مع حفنة من خونة هذا الزمان على التجزئة منذ السبعينيات من القرن الماضي وللمزيد يمكن مراجعة هذا المؤلف القيم والذي عرض كثير من الحقائق كل هذا يحدث ، والصمت المطبق يخيم على جلّ الساسة ورؤساء الأحزاب وقادة الكتل وعمداء التنظير الفضائي، وخبراء إعادة رسم الخرائط ،وتجار الازمات الدولية ،والموقعون على البياض بحفنة من الدولارات ، وآخرين، المهم عند البعض كرسي السلطة ولو مات نصف الشعب ونهبت نصف ارضه وثروته ، ان الهيمنة المطلقة والبقاء على رأس السلطة هدفهم في كل الاحوال، متناسين ان شعب العراق رغم ما أصابه من حيف وتشويه لا مبرر له على المستوى العربي والدولي حي ّ وموحد ورافض لكل اشكال الظلم و العقلاء من القوم يعلمون انه أسد إذا استفاق سيزأر بوجوه ملاحقا كلّ خوان أثيم ، وليس بينه وبين أن ينتفض شيء وقد ضرب لنا مثلا تنظيم نقابة المعلمين في بصرة الخير والقيم والوطنية والمبادئ ، فقد تظاهر على الحدود حشد كبير منهم يقف خلفهم كل شعب العراق من أعلى قمة في اربيل لآخر مضيف في الرمادي ونينوى وصلاح الدين وديالى وابعد مأذنة من مآذن مدن أوتاد الأرض في النجف وكربلاء والحلة والقادسية والمثنى وصولا لآخر مشحوف في هور الجبايش ،لاخر ذرة تراب في ارض الفكه مستعينين بملح بدرة وجصان ورجز المتنبي محرضا على التمسك بالقيم النبيلة ، هكذا هو العراق وواهم من تصور في غفلة غير هذا ، لقد استأجر معلمو البصرة مئة وخمسين من العجلات الكبيرة وتظاهر الحشد على حدود العراق مع الكويت مبلغين ممثل الأمم المتحدة ما نصه :كما يروي لي ّ الأستاذ الجليل خليفة البصري وحشد من زملائه (أننا اليوم جئنا متظاهرين لكننا في قابل الأيام سنأتي غير ذلك) في إشارة إلى أن الصبر في طريقه إلى النفاد وان عجزت السلطة لانشغالها بملفات الاحتلال فان الشعب على أهبة الاستعداد للدفاع عن قيمه وعند الشدائد يتوحد الرأي وترص الصفوف والذي يجري اليوم من تجاوز على ما هو حق للعراق لن يحدث غدا والمستفيدين من الوضع الحالي إلى زوال يقينا ثابتا، والواهمون من تخيلوا ان صمتهم عن الانتهاكات المتكررة والتجاوز على البلاد سيضمن بقائهم على عرش مدى الحياة ، وللمشككين مراجعة تاريخ العراق الوسيط والحديث ليعلموا ان العراقي مجبول على حب الوطن ليس بينه وبين أن يضحي لأجله إلا خيط واهن رفيع بمقدور أي صوت شريف قطعه وفق منظومته الوطنية التي تقف عند (لا قيمة للحياة بلا كرامة ولا كرامة لإنسان بلا وطن) لم تكن هذه كما يسميها البعض شعارات أحزاب سياسية بل أن الأحزاب السياسية هي التي استطاعت ان تستلّ هذا من معدن الشعب ولم تأت بها حزب من أمهات أفكاره وعلى من يدعي أن الشعارات التي تدعوا إلى التضحية من اجل الوطن شعارات زائفة فليأتوا اذن بشعارات أكثر مدنية تحفظ لهم ماء وجوههم أمام عوائلهم على اقل تقدير، وأمام شعوب العالم ، وأي شعب على الأرض يتهدد في حدوده الجغرافية وفيما وهبه الله من خير ويستكين ولا يدافع عن حقه أو يهرب تاركا الجغرافية إلى مكان آخر، أليس ما فعله الأسد في بداية الحكاية كان امرا مرفوضا من أهل الغابة وهذه دعوة لكل اسد على ارض العراق ان يزأر بالوجوه الكالحة التي لا يكفيها ماء البحر ، وكيف بأبناء ادم وهم أكثر التصاقا بالأرض وحفاظا على الحياة الكريمة ، لايحاربون على ما في أيديهم من خير . من شهد ان شعبا كاملا قد مات وحل بدلا عنه شعب مستعار، الشعوب لا تموت والحكام يموتون، والشعوب لا تتنازل عن حقوقها والحكام يتنازلون، والشعوب لا تنسى بخس حقها وقت ضعف من احد وستطالب وقت قوتها بحقوقها كاملة غير منقوصة بل ربما تأخذ فوق حقها والذي يتحدث اليوم عن ضعف القدرة لدى أهل العراق من الرد على المعتدين في وهم كبير فهل نسي العالم كل العالم ان الرسول (صلى الله عليه واله وسلم) لم ينتصر إلا بنفر قليل على جيش جرار في كل معارك الإسلام ولنحاول الالتفات إلى بعض صفحات تاريخنا ونستذكر معاركنا الفاصلة فنستحضر بدر والخندق والقادسية وصولا لمعاركنا الحديثة ... و... تلك المعارك جعلت الإيمان سلاحا يفوق كل الأسلحة وقدرة فائقة على الفعل في جميع الاتجاهات نقول قولنا هذا ونصلي بضعة ركعات لله أن يرفع الهوان عن النفوس ويبعث الطمأنينة فيها ولا يموت ابن آدم الا مرة واحدة .
#كامل_حسن_الدليمي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لا سفير ولا سياسي شلون أحطك على راسي
-
زفرات شيخ: حكمت شبّر بين جمود الطبيعة وحركيتها
-
قراءة في كتاب عامر عبد زيد والمتخيل السياسي
-
تثقيسيا- قراءة في أولية المتن-
-
صناعة المثقف
-
شاعر العرب الهولندي
المزيد.....
-
مهرجان الأفلام الوثائقية لـRT -زمن أبطالنا- ينطلق في صربيا ب
...
-
فوز الشاعر اللبناني شربل داغر بجائزة أبو القاسم الشابي في تو
...
-
الموصل تحتضن مهرجان بابلون للأفلام الوثائقية للمرة الثانية
-
متى وكيف يبدأ تعليم أطفالك فنون الطهي؟
-
فنان أمريكي شهير يكشف عن مثليته الجنسية
-
موسكو.. انطلاق أيام الثقافة البحرينية
-
مسلسل الطائر الرفراف الحلقة 84 مترجمة بجودة عالية قصة عشق
-
إبراهيم نصر الله: عمر الرجال أطول من الإمبراطوريات
-
الفلسطينية لينا خلف تفاحة تفوز بجائزة الكتاب الوطني للشعر
-
يفوز بيرسيفال إيفرت بجائزة الكتاب الوطني للرواية
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|