صلاح الدين محسن
كاتب مصري - كندي
(Salah El Din Mohssein)
الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 18:36
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
تطبيق الشريعة . ان لزم . فله جناحان لا جناح واحد ..
والذين لا يرون من الجناحين سوي جناح العقوبات الفظة فقط – كالرجم وقطع يد السارق , وتقطيع الأيدي والأرجل وخزق العيون والجلد.. هم من يريدون اشباع ما بدواخل نفوسهم من عنف ومن قسوة .
والجناح الآخر لتطبيق الشريعة ( ان جاز تطبيقها في زمن وعصر ركوب الطائرة والقطار , وهجر الخيل والبغال والحمير ) هو
جناح العدالة
يجب أن تَعدل من قبل أن تُعاقب
لذا فجناح العدل في الشريعة – لمن يريدون تطبيقها – يجب أن يرفرف قبل جناح العقوبة ..
فماذا عن جناح العدالة في الشريعة ؟
النص القرآني . يُقبح اكتناز الذهب والفضة . دون انفاقها في الخير . ويتوعد من يكنزونهما بأسوأ جزاء :
" سورة التوبة 9 : 34 " وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ " .
سورة آل عمران آية 3 : 14 " زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ " .
وهذه هي الكيفية الشرعية للانفاق من المال الكثير الذي اكتنزه الأغنياء :
سنن أبي داود - كِتَاب الزَّكَاةِ - : من كان عنده فضل ظهر- أي مطية | وسيلة انتقال ونقل , زائدة عن حاجته - فليعد به على من لا ظهر له ومن كان عنده فضل زاد فليعد به على من لا زاد له حتى ظننا أنه لا حق لأحد منا في الفضل
--
مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ... وَمَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ زَادٍ فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ...لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ )
" صحيح مسلم بشرح النووي - كِتَاب اللُّقَطَةِ - الصدقة والجود والمواساة والإحسان إلى الرفقة والأصحاب " .
نقلا عن موقع الاسلام :
http://hadith.al-islam.com/Loader.aspx?pageid=236&Words=%d9%81%d8%b6%d9%84+%d8%b2%d8%a7%d8%af&Level=exact&Type=phrase&SectionID=2
هكذا تقول الشريعة في الحديث الصحيح : لا حق لأحد في فضل – في شيء زائد – لديه كما يبين لنا الحديث السابق وروده .
ومن هنا .. فانه علي المطالبين بتطبيق الشريعة . تثبيت ضلع العدل قبل الشروع في تثبيت ضلع العقوبات الفظة .. وذلك بعمل الآتي :
أن تأمر قيادات جماعة الاخوان , والجماعة السلفية , والجماعة الاسلامية . وتنظيم الجهاد . أصحاب الملايين منها . مثل الشيخ المهندس خيري الشاطر . عضو مكتب الارشاد . وغيره من المليونيرات . وكبار نجوم الدعوة – كالشيخ عمرو خالد ( أشهر وأنجح مستثمر للدعوة الدينية الاسلامية ", والشيخ خالد الجندي . والشيخ محمد حسان , والشيخ يوسف القرضاوي . والشيخ سليم العوا - .. الخ .
كل من يمتلك مالا زائدا من الملايين . فليكتف بحاجته فقط . وليمنح الباقي لمن هم في حاجة الي المال .
ومن يمتلك مجموعة شركات . فليكتف بشركة واحدة يمتلكها . ويحول رأسمال تلك الشركات الباقية الي أسهم . يُملٍكها للعاملين بها .
وعلي صاحب سلسلة محلات التوحيد والنور . بالقاهرة . والذي سبق دخوله السجن في قضية تعدد زوجات بشكل مخالف للقانون . ويومها صرح بانه لن يتنازل عن حقه في الاستمتاع بالزواج كما يشاء . .
تطبيقا للشريعة . عليه هو وكل من له أكثر من زوجة . – ان كان الشيخ القرضاوي أو ان كان الشيخ خالد الجندي . أو غير هؤلاء من قيادات وكوادر اسلامية . أن يكتفوا بواحدة لأجل وقت الشدائد . كما جاء في السيرة الاسلامية. عندما كان المسلم من الأنصار بالمدينة . الذي لديه زوجتان . يطلق واحدة . ليتزوجها أخوه المسلم المهاجر . الذي لا زوجة له .. :
ففي صحيح البخاري عن أنس رضي الله عنه قال: قدم علينا عبد الرحمن بن عوف وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع وكان كثير المال، فقال سعد: قد علمت الأنصار أني من أكثرها مالا سأقسم مالي بيني وبينك شطرين، ولي امرأتان فانظر أعجبهما إليك فأطلقها حتى إذا حلت تزوجتها ( انه نموذج تتشرف به السيرة الاسلامية . وتسطره في أبهي الصفحات )
http://www.islamweb.net/fatwa/index.php?page=showfatwa&lang=A&Id=77658&Option=FatwaId
وسواء كان " عبد الرحمن بن عوف " قد قبل العرض من " سعد بن الربيع " أو تعفف شاكرا . فمعني الاحتفاء بالواقعة . واكبار " سعد بن الربيع " في السيرة الاسلامية . انه نموذج يجب أن يحتذي به المسلمون في وقت الشدائد .
وهذا ما يجب أن يفعله الاسلاميون في مصر . في ظل ظروف شديدة القسوة علي راغبي الزواج . بسبب العسر الاقتصادي الذي يعم البلاد نظرا لافتقاد العدالة .. مما أدي لتفشي الجريمة بكافة أنواعها . وتفاقم الانحراف بمختلف أشكاله ..
فكيف تشمر السواعد وتجأر الحناجر مطالبة بتطبيق حدود الرجم وقطع الرقاب بالسيف والجلد . وخلافه .. علي بشر آدميين تحدق بهم وتحاصرهم كافة دوافع الجريمة والانحراف ؟!
كيف يمكن للمتلهفين علي تطبيق أحكام الشريعة .اشهار سلاح الجلد والرجم , في وجوه قرابة 15 مليون مصرية ومصري . فاتهم قطار الزواج لعدم القدرة علي تحمل تكاليف الباءة . – وأرامل , ومطلقات بفعل الفقر - واستعانوا بالصوم - كما يوصي الحديث المحمدي " من استطاع الباءة فليتزوج ومن لم يستطع فعليه بالصوم " وصاموا وطال صيامهم , وصبرن وصبروا وطال الصبر ولم يعد في حوزتهن أو حوزتهم من الصبر شيئا .. وتعدادهم يفوق تعداد مجموعة من شعوب بعض الدول الاسلامية ؟!
فكيف سينفذوا في هؤلاء أحكام الرجم والجلد من قبل أن يُظللوا ويظُللن , بمظلة التكافل والعدالة ؟!
ألا يمكن لهؤلاء -. بل من حقهم أن يخرجوا في 15 خمس عشرة مظاهرة مليونية . في 15 محافظة في وقت واحد ليعلنوا رفضهم لتطبيق شريعة الرجم والجلد دون مراعة للعدالة ؟!
كم مليونا من العاطلين عن العمل في مصر ؟ لأسباب لا دخل لهم فيها ., خارجة عن اراداتهم . وكيف لو امتدت يد أحدهم بسرقة دجاجة - لا سرقة أراضي الدولة - . فلا يكتفي الاسلاميون بسجنه ويسارعوا بقطع يده . تطبيقا للشريعة ! .
وكيف لا يجوز لهؤلاء الملايين من العاطلين عن العمل في مصر . أن يخرجوا رافعين شعار أحد صحابة محمد – أبو ذر الغفاري القائل :
" عجبت لمن لا يجد قوت يومه , كيف لا يخرج علي الناس شاهرا سيفه ؟!"
ومن يضمن ألا يخرج ملايين العاطلين . شاهرين مخالبهم وأسنانهم وسواعدهم . تجاه المليونيرات الاسلاميين . المطالبين بقطع يد السارق – تطبيقا للشريعة - ؟! وعملا بقول الصحابي الجليل .
كيف نمنع ملايين العاطلين عن العمل , ولاسيما شباب الخريجين – من عمل رابطة لهم وموقع ب " الفيسبوك " ويعلنوا رفضهم لتطبيق شريعة قطع اليد . في وقت لا يحصلون فيه علي حقهم في التكافل والعدالة الاجتماعية . و الا ....
من سيمنع ملايين . من تكوين " رابطة المحرومين من حق الزواج . من الجنسين " وانشاء موقع باسم الرابطة ب " الفيسبوك " لاعلان رفضهم لتطبيق أحكام شريعة الرجم والجلد . بدون منحهم حقهم في الحياة بارساء قواعد التكافل والعدالة . والا ..
لأن محاولة تطبيق أحكام الرجم والجلد . تعني المزيد من الاعتداء عليهم بأكثر مما هم معتدي عليهم , وظلمهم بأكثر مما ظُلموا . فهم لا يملكون قصورا في قطر , ولا في السعودية ولا بدول أوروبا ليمارسوا فيها كافة الفواحش دون أن تراهم الأعين , ودون أن يجرؤ أحد علي الاقتراب منهم . كما هو حال كبار المنادين بتطبيق الشريعة . وكما حال كبار القائمين علي تطبيقها ببعض الدول ! .
ان كل انسان شريف . في مصر . معرض للأذي وللفضح لأتفه الأسباب بتهمة " خلوة غير مشروعة " ! كما يحدث بالسعودية . كأن يقوم رجل محترم باصطحاب جارة أو زميلة للمستشفي بسيارته الخاصة. لألم طاريء ألم بها ! . أو كأن يلتقي فجأة بانسانة عزيزة كانت جارة من أيام الطفولة , أو زميلة فاضلة - كانت عاملة مكافحة تنفق علي أولادها . أو محامية أو موظفة أو باحثة أو أستاذة باحدي الجامعات . ولم يلتقيا منذ سنوات , وكان لابد من أن يدور بينهما حديث هام قد يطول . وبدلا من التحدث في االشارع , تدعوه أو يدعوها لتناول القهوة بكافيتريا تصادف تقابلهما أمامها أو علي بعد خطوات منها . فاذا بمن يقبضون عليهما بداخل الكافيتريا - في جلسة بريئة ! - بتهمة الخلوة غير الشرعية ! ويشهر بهما ويعاقبا أسوأ عقاب !
أي انسان شريف في مصر لو طبقت الشريعة ذات ال14 قرن من عمرها ! قد يتعرض لمثل تلك الاهانة .
----
وهل سيقبل المطالبون بتطبيق الشريعة . تطبيقها علي أنفسهم ؟
وهل قبل محمد . وصحابته – الخلفاء - تطبيق الشريعة – بأبعادها المختلفة - علي أنفسهم . في صدر الاسلام ؟
هذا ما نأمل في الاجابة عليه في مقال آخر ..
**********************************************************
#صلاح_الدين_محسن (هاشتاغ)
Salah_El_Din_Mohssein#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟