أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - باسم عبدو - أسعد خوري: صورة الرفيق فرج لا تغادر ذاكرتي















المزيد.....


أسعد خوري: صورة الرفيق فرج لا تغادر ذاكرتي


باسم عبدو

الحوار المتمدن-العدد: 3482 - 2011 / 9 / 10 - 02:30
المحور: مقابلات و حوارات
    


بمناسبة مرور خمسين عاماً على استشهاد القائد الشيوعي الرفيق فرج الله الحلو، بحثت عن رفاق عاصروا مرحلة معقدة من تاريخ الحزب الشيوعي السوري وعرفوا من قرب الرفيق فرج الله، عاشوا، وتبادلوا الأحاديث معه أو من خلال التنظيم العلني والسرّي.
وكان الحوار مع الرفيق أسعد خوري، عامل المطبعة السرية، والأمين على المهمة التي كلفه الحزب بها، وبقي هكذا مسلحاً بالصدق واللقب الشيوعي الذي لا يزال وساماً حافظ عليه من الاهتراء والصدأ حتى هذه اللحظة. والرفيق أسعد خوري (أبو ماجد) من مواليد صيدنايا عام 1934، انتسب إلى الحزب الشيوعي عام 1949، أي منذ ستة عقود.
وبعد الترحيب بالرفيق، دار حوار طويل، لكنه لم يكتمل نظراً لكثرة الأحداث، واقتصر الحوار بهذه المناسبة العزيزة على قلوبنا، على العلاقة المباشرة في فترة محددة بين الرفيقين أسعد وفرج الله.
ما يزال أبو ماجد يحتفظ بذاكرة حية، يتوهج كلما نهض القديم من أسره، وكأنه يتحدث عن الأمس القريب. يحفظ الأسماء والمواعيد والتواريخ والسنين، ويحتفظ بأسماء وسجلات عزيزة على قلبه لم تعد ملكاً له كما كانت في عهد السرية ومطاردة المباحث ورجال الأمن في عهد الوحدة.
نظر أبو ماجد إلى صورة فرج الله المعلقة في مكتب الحزب، صورة لن تغادر ذاكرته أبداً، أعادت إليه أيام الشباب واقتحام الصعاب، وكيف أن السنين العجاف، والعمل السري والعلني عبارة عن دروس رسَّخت تجربة تنظيمية وسياسية هامة.
جهَّزتُ الأسئلة لهذا الحوار، لكني لم أتبع طريقة الحوار التقليدية، أي (س و ج)، فتدفق الأحداث وتبادل المعلومات والمعطيات، طغى على كل شيء.
يقول أبو ماجد أن علاقة مباشرة كانت تربطه بالرفيق فرج، لأنه كان يعمل في المطبعة السرية للحزب، والرفيق فرج هو المشرف المباشر عليها في ظروف صعبة جداً، عجزت عناصر المكتب الثاني وكل المخبرين الذين يتعقّبون حركة الرفاق، أن يكتشفوا المكان الذي تطبع فيه جريدة الحزب ومنشوراته.
كان أبو ماجد منظماً في خلية سرية، وهو تلميذ في ثانوية ابن خلدون بدمشق. وكانت هذه الثانوية ثكنة للجيش الفرنسي، يقوم مكانه حالياً اتحاد نقابات العمال.
وعندما سألته عن سبب الحملة الكبيرة على حزبنا، قال إن الرجعية السورية والطابور الخامس، وكل المناهضون للأفكار الاشتراكية والشيوعية، كانوا في صف العداء للحزب.
وحتى الأحزاب القومية والتقليدية آنذاك تقاربت مع جمال عبد الناصر، ودفعته للتسريع بالوحدة بين مصر وسورية، واستفادوا جميعاً من غياب الرفيق خالد بكداش من جلسة البرلمان، التي سيتم فيها مناقشة الوحدة.
وفي سؤال عن أول لقاء له مع الرفيق فرج، قال، كان في عام 1955، في بيت الرفيق خالد بحي ركن الدين، وكان أبو ماجد في خدمة العلم وحين تسنح له الفرصة بإجازة أو مبيت، ينزل إلى دمشق، ويتصل بالحزب ليتابع آخر التطورات. وكانت هذه اللقاءات تتم مع قيادة الحزب لأسباب تعود إلى أن أبا ماجد من التنظيم السري لأنه يعمل في مطبعة الحزب السرية التي يشرف عليها مباشرة الرفيق فرج الله.
وفي هذا اللقاء طلب الرفيق خالد من الرفيق فرج أن يقدم له الوضع السياسي. وبعد انتهاء الخدمة الإلزامية، أُعلم أبو ماجد أن المطبعة توقفت أو (أوقفناها)، وطلبوا منه في قيادة الحزب أن ينتقل إلى العمل في مطبعة بمنطقة (الفرايين) بجانب النهر بباب توما، وكان اسمها (مطبعة الوفاء) التي صادرها الأمن وسلّمها إلى وزارة المعارف.
وعن مواعيد زيارة الرفيق فرج، أجاب أبو ماجد، كانت تتم ليلاً في أغلب الأحيان ليتابع طباعة الجريدة، ويلقي عليها النظرة الأخيرة قبل طباعتها وتوزيعها، فهو المشرف السياسي ومحرر أيضاً، أما رئيس التحرير فهو الرفيق عبد الباقي الجمالي.
استمر أبو ماجد الجندي المجهول يعمل في صف الحروف، ثم انتقل إلى التحرير، وظل يعمل في هذه المطبعة حتى الإعلان عن الوحدة، وإعلان الحزب موقفه، وبطلب من الرفيق فرج ترك العمل، واختفى عن الأنظار، وانتقل إلى المطبعة السرية، في بيت عربي استأجره الحزب على طريق الشيخ محيي الدين، تسكن فيه عائلة شيوعية مؤلفة من الرفيق زكي، وهو طالب من العراق فصل من الجامعة الأمريكية بسبب أفكاره ونشاطه السياسي، ومتزوج من الرفيقة فيكتوريا، وهي ابنة أخت الرفيق فرج، وبطلب أيضاً من الرفيق نقولا شاوي، المسؤول عن التنظيم السري استأجر الرفيق أسعد غرفة في شارع مرشد خاطر.
وقال أبو ماجد، نظراً لطبيعة المنطقة وسكانها، ونظراً لثيابي المهترئة، استعرتُ بذلة نظيفة من رفيق في مدرسة الآسية، كي أقابل صاحب المنزل بمظهر لائق.
ويتذكر رغم السنين الطويلة، تهنئة الرفيق فرج له، على الانضباط والدقة، في العمل السري، وكان هذا اللقاء هو الأخير، قبل اعتقاله بيوم واحد، أي في 24 حزيران عام 1959، إذ سهر معنا في المطبعة، إنه قائد ذكي وشجاع ومتواضع جداً، ودود ومحب لرفاقه وحزبه وشعبه ووطنه، يرفض الأوامرية، وكنا كما قال أبو ماجد، نتقبل توجيهاته وإرشاداته بكل طيبة، ولن تغادر صورته الشفيفة ذاكرتي ما دمت على قيد الحياة.
وعبر الرفيق أسعد عن الصرامة والدقة في المواعيد إلى المكان المحدد، وفي إحدى المرات ورغم مرضه الشديد، نفذ مساء يوم الموعد مع الرفيق فرج الذي لاحظ فتور جسمه وشحابة وجهه، فقال له: لماذا أتيت؟ أجابه أبو ماجد احتراماً والتزاماً بالموعد، فابتسم فرج، وطلب منه أن يزور عيادة الطبيب.
وانقطعت العلاقة بين أسعد وزكي من جهة وقيادة الحزب من جهة ثانية، ولم تكن لهما أية صلة مع الرفاق في دمشق، وطبيعة التنظيم السري والعمل في مطبعة سرية، كانت محددة مع الرفاق: فرج الله الحلو، خالد بكداش، نقولا شاوي.
ما العمل في مثل هذه الظروف؟ قال أبو ماجد، قدمت الرفيقة فكتوريا من بيروت وأعطتنا قليلاً من النقود، وأنا لا أستطيع الخروج وشراء المواد التموينية من السوق، فطلبت منها أن تؤمن بعض حاجتنا، ولأن الجيران لا يعرفونني ولا يرون شكلي لأن زكي هو الذي يسكن في البيت وهو الذي يدفع الإيجار لصاحب المنزل، عندئذ قال زكي سأسافر إلى بيروت لألتقي الرفاق، وأعرف سبب هذا الانقطاع. وتعقدت المسألة أكثر، لأن الحارس أمام البناء هو من قريتي (صيدنايا) يعرفني جيداً وأعرفه، وإذا رآني مصادفة فسيخبر أهلي ويقول لهم إن ابنكم في دمشق، وسينتقل الخبر ويصل بسهولة إلى الأمن. ولكن زكي ذهب ولم يعد، ومضى أسبوعان، ثلاثة وأنا أنتظره، ففكرت بالسفر إلى بيروت، وانتقلت إلى بيت أختي التي نبتهتني إلى أن رجال الأمن يتناوبون في مراقبة المنزل، وتذكرت عندما خرجت من عيادة طبيب الأسنان أنني التقيت بشاب أمضينا معاً الخدمة الإلزامية، وهو من جماعة أكرم الحوراني، وعندما سلّمت عليه سألني عن سكني وعملي، وأجبته إنني أستقر في بيروت، ودبّر أمري صديق لخالي أوصلني إلى الحدود اللبنانية. وبعد أيام قال أبو ماجد عرفت من قراءة جريدة (الوحدة) البيروتية أن الأمن اكتشف البيت السري وصادر المطبعة، والسبب بسيط جداً، أن الرفيق زكي هو الذي يدفع الإيجار لصاحب البيت، وعندما تأخر شهرين أو أكثر جاء صاحب المنزل ولم يجد أحداً، فاتصل بالأمن وتمّت المصادرة.
صمد الرفيق أسعد خوري طيلة هذه السنين، وظل محافظاً على الأمانة، ورفيقاً مناضلاً في صفوف الحزب حتى هذا التاريخ، وحمل أعباء مرحلة صعبة ومعقدة، وتقلد مسؤوليات تنظيمية عديدة في ريف دمشق، وبمهمة إعادة بناء منظمة الحزب في جبل العرب، وأمضى هناك سبعة شهور. ومن أبرز ما قام به قيادة مظاهرة بمناسبة ذكرى الجلاء والأربعمئة (مرابع) اختلفوا مع الملاكين في سنة قاحلة عجفاء تجمعوا وقدموا عريضة بمطالبهم إلى السراي، ثم طُلب منه العودة إلى دمشق والاشتراك (بمظاهرة السلام) ومناهضة المشاريع والمخططات الأمريكية، وكلف أيضاً بقيادة منظمة قطنا بريف دمشق.
وفي هذه المظاهرة التي دعا إليها الحزب الشيوعي والقوى الديمقراطية الأخرى، جرت صدامات حادة بين الشيوعيين والشرطة المدنية والعسكرية، واعتقل الرفيق أسعد وعثمان إبراهيم، وكان في استقبالهما في الزنزانة الرفيق دانيال نعمة، وهناك تعرف أبو ماجد على أبي خالد.
هناك أسئلة كثيرة بحجم وعدد الأحداث تحتاج إلى تدوين وتسجيل، فهي تشكل جزءاً من تاريخ طويل، خاصة حول مسؤول منظمة دمشق (رفيق رضا)، اسمه الحركي (رأفت)، الذي تدور حوله الشكوك آنذاك بعلاقته بالأجهزة الأمنية، ويعتقد البعض أنه رجل أمن كلف بهذه المهمة وانتسب إلى الحزب وتدرّج في المواقع الحزبية إلى أن وصل إلى قيادة منظمة دمشق، وهذا ليس حدثاً غريباً بحد ذاته، بل الغرابة رغم الشكوك ووجود بعض الأدلة الواضحة في عهد ملاحقة الشيوعيين، أنه طلب من المنظمات تقديم إحصائية بعدد الرفاق، ويترك حراً طليقاً يقرر وينفذ، وهو الذي كان المحقق مع الرفيق فرج الله. ولكن (بصقة) فرج الله في وجهه الملطخ بالعار والخيانة، ستظل الشاهد الحي للصمود الأسطوري، والثبات على المبدأ حتى الموت.
وكذلك اعترف الخائن (صبحي الحبل) المؤمّن على البيت السري الذي ينزل فيه الرفيق فرج الله، والذي اعترف من الكف الأول بنشاطه الشيوعي، وقال: إن فرج الله واحد من ثلاثة مسؤولين في الحزب الشيوعي السوري ـ اللبناني سيزور ـ كما جاء في التحقيق ـ (وكراً) للحزب.
وعلى هذا الأساس أُرسل شاهر قويناتي وقاسم الشماط، بتكليف من سامي جمعة رئيس إحدى مفارز المباحث إلى المكان السري، وبأن فرج سيحضر. وفعلاً عندما جاء فرج إلى المنزل وجد الإشارة المتفق عليها موجودة (منشفة معلقة على الشرفة) فدخل مطمئناً ووجد عناصر الأمن بانتظاره، وحصل ما حصل.
وللحوار تتمة..
حوار: باسم عبدو



#باسم_عبدو (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموقع الجديد للطبقة الوسطى
- أسرار الكتابة
- الكلمة أم طلقة الرصاص؟!
- الحدث والمصطلح
- الحوار الديمقراطي الأساس الصلب في توحيد الشيوعيين السوريين


المزيد.....




- مجلس الوزراء السعودي يوافق على -سلم رواتب الوظائف الهندسية-. ...
- إقلاع أول رحلة من مطار دمشق الدولي بعد سقوط نظام الأسد
- صيادون أمريكيون يصطادون دبا من أعلى شجرة ليسقط على أحدهم ويق ...
- الخارجية الروسية تؤكد طرح قضية الهجوم الإرهابي على كيريلوف ف ...
- سفير تركيا في مصر يرد على مشاركة بلاده في إسقاط بشار الأسد
- ماذا نعرف عن جزيرة مايوت التي رفضت الانضمام إلى الدول العربي ...
- مجلس الأمن يطالب بعملية سياسية -جامعة- في سوريا وروسيا أول ا ...
- أصول بمليارات الدولارات .. أين اختفت أموال عائلة الأسد؟
- كيف تحافظ على صحة دماغك وتقي نفسك من الخرف؟
- الجيش الإسرائيلي: إصابة سائق حافلة إسرائيلي برصاص فلسطينيين ...


المزيد.....

- قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي / محمد الأزرقي
- حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش. / عبدالرؤوف بطيخ
- رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ ... / رزكار عقراوي
- ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث ... / فاطمة الفلاحي
- كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي ... / مجدى عبد الهادى
- حوار مع ميشال سير / الحسن علاج
- حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع ... / حسقيل قوجمان
- المقدس متولي : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- «صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية ... / نايف حواتمة
- الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي / جلبير الأشقر


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مقابلات و حوارات - باسم عبدو - أسعد خوري: صورة الرفيق فرج لا تغادر ذاكرتي