أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - محمد الزبيدي - التطور أم الثورة؟














المزيد.....

التطور أم الثورة؟


محمد الزبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 3480 - 2011 / 9 / 8 - 20:05
المحور: الارشيف الماركسي
    


أثيرت، منذ سنوات طويلة في الحركة العمالية العالمية، مسائل تتعلق بمستقبل البشرية، والطريق التي توصل إلى ذلك. لقد كان سائداً في الحركة الشيوعية منذ أيام ماركس إلى فترة غير بعيدة، فكرة الانقلاب الثوري. بمعنى آخر، أنه تجري تراكمات تؤدي إلى تحولات سريعة وحاسمة. ومن هنا نشأت فكرة الثورة التي تؤدي إلى تغيير جذري في كل شيء بصورة حاسمة وبضربة واحدة. بيد أن هذا الأمر، نتيجة التطور الجاري في العالم، بدأ يثير نقاشاً واسعاً، أخذ، في وقتنا الحاضر، أبعاداً كبيرة. ودائماً كان السؤال الذي يطرح هو كيف يمكن الوصول إلى مستقبل أكثر عدالة؟ هل عبر تحولات سريعة وجذرية ومباشرة؟ أم عبر تطور تدريجي طويل الأمد؟ لقد أخذ هذا النقاش ينحسر أكثر فأكثر لمصلحة الفكرة الثانية. فالحديث عن تغيير جذري وسريع، أصبح اليوم، فكرة صعبة الوقوع. وخصوصاً أن الكثير من الاستنتاجات السابقة لم تؤكد الحياة صحتها في المجتمعات البرجوازية. فنظرية أن الفئات الوسطى التي كان يجري التوقع أنها ستنحسر لمصلحة الطبقات الرئيسية في المجتمع قد انهارت. وليس فقط انهارت، وإنما أصبحت الطبقات الوسطى هذه هي الطبقات الأكبر والأوسع انتشاراً في المجتمعات البرجوازية الأكثر تطوراً، مما أبعد فكرة التغييرات السريعة والمفاجئة في تلك المجتمعات.
ثم إن عملية التغيير نفسها، هي عملية مؤكدة، تمليها، في أي مجتمع من المجتمعات، عدم السكونية. إذاً هي عملية حتمية. وهي عملية مستمرة لا يمكن أن تتوقف إلا في حال واحدة إذا توقف المجتمع عن الحركة. أي، إذا توقف الحراك المجتمعي، وهذا أمر مستحيل. فالحراك المجتمعي هو أمر حتمي تمليه عملية تطور حاجات المجتمع، وهذا الأمر ليس منَّة من أحد ولا هو صدقة.
من هنا تثار، في بلدنا، مسائل التغيير في المجتمع السوري.. وهي مهمة على جميع مقومات الشعب السوري ملاقاتها. وهي قضية مطروحة على نطاق النخب بحدة. وتقع مسؤولية ذلك، بالدرجة الأولى، على النظام الذي يجب أن يذهب إلى ملاقاة حاجات التطور في المجتمع السوري دون تحفظ. وهذا سيؤدي أيضاً إلى إعادة الثقة بين المجتمع والنظام. وهذه مسألة حيوية جداً، لأن زمام المبادرة يبقى بيده. أي بيد النظام. ومن طرف آخر، إن المجتمع السوري أيضاً يتحمل المسؤولية من خلال فهم الواقع، ومن خلال الابتعاد عن التغييرات الحادة التي يمكن أن تؤدي إلى نتائج عكسية لا تخدم عملية التغيير الذي يشكل طموح البلد كاملاً، وطموح الشعب بمعظمه.
وعودة ثانية إلى النقاش الجاري في الحركة العمالية.. لقد سقطت فكرة أن الدم الإنساني ليس له أهمية في عملية التغييرات الثورية الكبرى. فإذا كان الإنسان هو الموضوع الأساسي الذي تتعلق به عملية التغيير، يصبح موضوع تجنيب الإنسان الآلام عملية ضرورية جداً في عملية التطور التغييري اللاحق. فالقول إن سقوط آلاف الناس بهدف التغيير، أصبح قولاً باطلاً. إن القول بالتغيير مع تجنيب الإنسان الضحايا، هي القضية التي تعبر عن المستقبل بصورة أفضل بكثير. فسقوط ضحايا في عملية التغيير ستنتج نظاماً ثأرياً، وستتحول عملية التغيير إلى عملية لا تغيير من حيث الجوهر. لأنه سيكون هناك ظالم ومظلوم باستمرار. فالنظام سيستبد، والمظلوم سيتهيأ لعملية ثأر لا أحد يعلم متى تتجسد في الواقع العملي. وفي هذا السياق، سيكون الضحية هو الشعب بكل طيوفه وفئاته وألوانه، وبالتالي.. من سيكون الرابح هنا؟
إن تطور القوى المنتجة في العالم، ووسائل الإبادة ووسائل الدمار، أصبح من القوة بمكان بحيث يجب إعادة النظر فكرياً في مسائل التطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في العالم. من الصعب للتغييرات الثورية العاصفة أن تحدث عبر الوسائل الانقلابية في الظرف الراهن.
إن تحقيق مكاسب محددة للشعوب ستخلق ظروفاً أفضل لتحقيق مكاسب أخرى. وهذه المكاسب الجديدة ستخلق ظروفاً جديدة أفضل للحصول على مكاسب جديدة. وهي عملية مستمرة وستؤدي إلى تغييرات نوعية ولكن بشكل هادئ. ومن المستبعد أن توجد طرق تقدمية أخرى للتغييرات غير هذه الطرق. طبعاً يمكن أن تجري تغيرات أخرى، ولكنها لا تشد إلى الأمام بل تشد دائماً إلى الوراء، ولا يكون الخاسر الأساسي فيها إلا الشعوب، وخصوصاً إذا لم يجرِ تقدير صائب لحاجات التطور الآنية. وفي هذا السياق تبرز أمام القوى الأكثر طليعية في المجتمع مهام على غاية من المسؤولية. فإذا استطاعت هذه القوى أن تكون على مستوى الفهم العميق للواقع تستطيع آنذاك أن يكون لها دور في عملية التغيير التدريجي الذي يجنب المهالك. أما إذا لم تستطع هذه القوى تقييم الواقع بصورة صحيحة، وأرادت أن تتخطاه، وتدفع باتجاهات غير ناضجة مجتمعياً وفعلياً للتغيير، فستكون نتائجها كارثية على المجتمع. فعملية التغيير لا يمكن أن تكون مبنية على أرضية عواطف، أو هيجان طائفي، ولا على أرضية كره أو بغض أو حب. لا يمكن أن تكون مبنية إلا على فهم عميق لمستوى ضرورة التغييرات وتجنيب الشعب المآسي التي يمكن أن تنشأ في حال جرت هذه التغيرات ليس بالاتجاه الصحيح. وهنا تبرز مهمة على غاية من الأهمية، وهي البحث الفكري في قضايا التغيير والتي يجب على القوى المجتمعية التي تهتم بمصلحة الشعب والوطن، أن تقوم بها بكل مسؤولية. ولا يجوز الغلط هنا مطلقاً. فأي خطأ، ستكون نتائجه المجتمعية كبيرة على المجتمع.
إن مسألة التغيير، هي مسألة تحمل في طياتها الكثير من المسؤولية ويجب على الجميع أن يكونوا على مستوى هذه المسؤولية.
محمد الزبيدي



#محمد_الزبيدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- دعوة مفتوحة
- اذكر
- هل سقطت موضوعة الدولة لماركس أم أنها لا تزال حية؟


المزيد.....




- هولندا: اليمين المتطرف يدين مذكرتي المحكمة الجنائية لاعتقال ...
- الاتحاد الأوروبي بين مطرقة نقص العمالة وسندان اليمين المتطرف ...
- السيناتور بيرني ساندرز:اتهامات الجنائية الدولية لنتنياهو وغا ...
- بيرني ساندرز: اذا لم يحترم العالم القانون الدولي فسننحدر نحو ...
- حسن العبودي// دفاعا عن الجدال... دفاعا عن الجدل (ملحق الجزء ...
- الحراك الشعبي بفجيج ينير طريق المقاومة من أجل حق السكان في ا ...
- جورج عبد الله.. الماروني الذي لم يندم على 40 عاما في سجون فر ...
- بيان للمكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية
- «الديمقراطية» ترحب بقرار الجنائية الدولية، وتدعو المجتمع الد ...
- الوزير يفتتح «المونوريل» بدماء «عمال المطرية»


المزيد.....

- مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس / حسين علوان حسين
- العصبوية والوسطية والأممية الرابعة / ليون تروتسكي
- تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)* / رشيد غويلب
- مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق ... / علي أسعد وطفة
- من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين / عبدالرحيم قروي
- علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري ... / علي أسعد وطفة
- إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك ... / دلير زنكنة
- عاشت غرّة ماي / جوزيف ستالين
- ثلاثة مفاهيم للثورة / ليون تروتسكي
- النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج / محمد عادل زكى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الارشيف الماركسي - محمد الزبيدي - التطور أم الثورة؟