|
لماذا الخوف من المطالبة بالفدرالية؟
علي بوبلاني
الحوار المتمدن-العدد: 3480 - 2011 / 9 / 8 - 12:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هناك مسألة مهمة جدا، غائبة عن أذهان جماهيرنا، وهي اعتقادها أن ما يجري في سوريا هو أمر متعلق بعربها وحدهم. وعلى ضوئه يتوجهون إلى المعارضة السورية بنفس التوجه الذي يتوجهون به إلى سلطة البعث دون أي تميّز فيما بينهما. غير مبالين أن النظام عندما أراد حل مطالب الشعب بالقتل، ابتعد بنفسه عن الوطنية واتخذ موقف العداء للوطن المتمثل بالشعب الثائر. وفقد الشرعية، سينتهي الوضع الحالي، عاجلا أم آجلا، بتغلب طرف على آخر. في حال وصول الثورة إلى بر الأمان فلا بد أن تغير القوانين والمواثيق المعتمدة لدى النظام القائم تغييرا كبيرا، شاملا مجالا واسعا من مجالات الدولة القائمة، ربما يكون ذلك على حساب الأرض أيضا، وتحقيقه مرهون بمطالب القوى المتصارعة مع النظام من جهة ومن جهة أخرى بمدى المتفق عليه فيما ينهم. فالشعب الذي كان مستكينا لما فرضه النظام السابق بما يوافق مصلحته من نظم ودساتير وقوانين وبما ارتضت به المجتمعات الدولية. لا بد أن ينالها التغيير من قبل الثوار.
وعلينا أن لا ننسى أنه لا يمكن إحلال نظام محل هذا النظام ليزعزع استقرار الأمن والسلم العالمي والإقليمي في عموميته، ودول الجوار بشكل خاص. والجدير ذكره هنا أنه عندما يقوم انقلاب في دولة ما ينتظر الانقلابيون اعتراف دول العالم بهم، هذا يعني فيما لو لم تعترف تلك الدول بشرعيتهم، يكون من حقها مساندة من يناوئهم. بتطابق هذا مع واقعنا الحالي، حيث لم تعد القضية الكردية مقتصرة على العنصر العربي السوري وحده، بل تستوجب اعتبار رؤية المجتمع الدولي فيها أيضا، فيما إذا رغب الشعب الكردي في ذلك. والحالة هذه، المطالبة بالفدرالية ممكنة، وليس مستبعدا تقبلها من قبل المجتمع الدولي والحظي بمساندتها لتصبح حقيقة وواقعا. غير أن هذا الشعب لا يزال ينظر إلى قضيته ضمن وجهة نظر العنصر العربي وليس خارجه. لو يضطلع هو على الأمور بحيثياتها ويقترنها مع الوضع القائم، ليدرك تماما أنه من حقه المطالبة حتى بالانفصال. فالظرف الدولي لصالح مطلب من هذا النوع.
أميركا تهمها أمن إسرائيل ومصالحها الإستراتيجية والاقتصادية. وتركيا تحكمها جماعة إسلامية عالمية غير محبذة من قبل الغرب عموما، وعداوة الغرب لإيران واضحة، ومن جهة أخرى تتحرك الجالية الكردية في الخارج بشكل يؤدي إلى خلق انطباع لدى الغرب بأحقية الكرد في الفدرالية. إذاً فالظرف مهيأ لقبولها. وأكدتها الإدارة الأميركية أثناء لقاء المجلس الوطني الكردستاني معها.
مما يحزن النفس أن ينطلق الكردي السوري من مفهوم سيطرة البعث على السلطة وهيمنته المطلقة وتمثيله مصالحَ الدول ذات الشأن في المنطقة. في الوقت الذي يكاد البعث أن يُقتلع من جذوره، مع اقتناع الغرب بالكرد كضمانة للأمن والاستقرار ليست في سوريا فحسب، بل في المنطقة عموما، فالمؤسف والمبكي في آن واحد هو: قفزُ الإنسان الكردي السوري فوق هذه السانحة، وإهمالها بهذه السهولة في الوقت الراهن. وبتصرفه هذا يمني القضية الكردية هناك خسارة لا تعوض. والغالبية منهم الآن في طريقهم إلى إضاعتها مكررين نفس الخطأ الذي ارتكبته القيادة الكردية في شمال العراق أثناء غزو صدام للكويت. وقتها أضاعت القيادة الكردية الفرصة ولم تستفد من الغزو. فتأخرت الفدرالية الكردية هناك أكثر من عقد من الزمن. أثناءها أراد الغرب، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، الاعتماد على الكرد في العراق لمواجهة إيران، بينما عقدت القيادة الكردية في تلك الأثناء اجتماعين في لبنان وفي دمشق تحت راية البعث السوري وعمامة الملالي الإيرانيين معلنين: أنهم عراقيون قبل أن يكونوا أكرادا، وأظهروا استعدادهم لمواجهة الإمبريالية في المنطقة بجانب النظام العراقي. في الوقت الذي كانت المنظومة الاشتراكية في احتضارها الأخير. فاضطر وقتها بوش الأب الاحتفاظ بصدام.
واليوم نكرر نفس الخطأ في الحالة السورية. من جانب لا توجد مواجهة حازمة من قبلنا ضد النظام، ولا مطالب جديرة مقدمة للمعارضة العربية السورية تريح الكرد من مواصلة النضال فيما بعد. في حال مجيء هذه المعارضة إلى السلطة.
تشير الوقائع أن المعارضة العربية السورية الحالية لا تحظى بتأييد من الغرب. لذا لا نجد جدية المجتمع الدولي في مساندتها، مما يعطي مجالا رحبا للنظام في إراقة المزيد من دماء الثوار المسالمين. وعليه سيطول انتظارنا إلى أن تعي المعارضة بما يجب تقديمه في برامجها المدرجة لما بعد سقوط النظام ومنها القضية الكردية. بالرغم من لقاء بعض المعارضين السوريين مع وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون دون المعارضة الكردية، كان سؤالها عن قضية القوميات في سوريا. وهذا مشير كبير إلى اهتمام الغرب بالقضية الكردية، بمعزل عن تخلف المطالب الكردية على المستوى الدولي.
ماذا سيخسر الحراك الكردي إذا طالب بالفدرالية؟ هل يعني أن المعارضة السورية ستقتلع ما تبقى من الكرد اقتلاعا جذريا من أراضيهم المتبقية؟ إن كان الأمر كذلك فالمعارضة والنظام صنوان. لِمَ الخوف ممن يريدون اقتلاعنا! طالما في نية الطرفين ذلك علينا أن نطالب بالفدرالية والتي هي من حقنا.
لأكتفي بهذا القدر؛ حتى لا أكثّر على القارئ الكريم من السطور.
#علي_بوبلاني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لمن سنريق دماءنا؟
المزيد.....
-
فيديو يُظهر اللحظات الأولى بعد اقتحام رجل بسيارته مركزا تجار
...
-
دبي.. علاقة رومانسية لسائح مراهق مع فتاة قاصر تنتهي بحكم سجن
...
-
لماذا فكرت بريطانيا في قطع النيل عن مصر؟
-
لارا ترامب تسحب ترشحها لعضوية مجلس الشيوخ عن ولاية فلوريدا
-
قضية الإغلاق الحكومي كشفت الانقسام الحاد بين الديمقراطيين وا
...
-
التمويل الغربي لأوكرانيا بلغ 238.5 مليار دولار خلال ثلاث سنو
...
-
Vivo تروّج لهاتف بأفضل الكاميرات والتقنيات
-
اكتشاف كائنات حية -مجنونة- في أفواه وأمعاء البشر!
-
طراد أمريكي يسقط مقاتلة أمريكية عن طريق الخطأ فوق البحر الأح
...
-
إيلون ماسك بعد توزيره.. مهمة مستحيلة وشبهة -تضارب مصالح-
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|