رعد الحافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3480 - 2011 / 9 / 8 - 00:17
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
The World Is Flat
A Brief History of the Twenty-First Century
Thomas L. Friedman
ملاحظة / ليس لي من الفضل شيئاً سوى القراءة والإختصار وبعض التصرّف اللغوي والتقديم والتأخير بالمعلومة ( يعني شوية إخراج )
أمّا الفضل كلّهُ , فيعود بالطبع لصاحب الكتاب ومترجمهِ ,السيّد حسام الدين خضور !
*********
عام 1492 ( أيّ قبل نحو 520 عام ) ,أبحر كريستوفر كولومبوس من إسبانيا غرباً (وليس كما هو مفترض شرقاً وجنوباً ) , ليصل الى هدفهِ المنشود .. الهند !
و بعد أن ودّع مليكهِ فرديناند , ومليكتهِ إيزابيلا , لتبدأ مهمتهِ متعددة الأهداف , مثل هداية الناس الى المسيحيّة وإكتشاف الطرق المختصرة وإثبات كروية الأرض عملياً , لكنّهُ أخطأ تقدير المسافة , وظنّ أنّهُ سيصل الى الساحل الشرقي للهند , لذلك أطلق على الشعوب التي صادفها بالهنود . لم يُدرك ساعتها أنّهُ إكتشف العالم الجديد !
هذهِ القصّة المختصرة يرويها الصحفي اللامع ( توماس فريدمان ) في مقدمة كتابهِ العالم مستوٍ , في مقارنة ممتعة بين رحلة كولومبوس تلك , التي من بين أهدافها إثبات كروية الأرض , ورحلتهِ هو ( فريدمان ) الى بنكلور في الهند , التي ستلهمهُ لاحقاً لإكتشاف أنّ هذا العالم الذي نعيشهُ اليوم , هو عالم مستوٍ إقتصادياً , أو هكذا يتوقع أن يصبح !
لقد أخبر زوجتهِ فقط بتلك الفكرة وفي كتابهِ هذا يحاول إقناع القرّاء بذلك
حيث يعرض فريدمان علينا , أبعاد العالم الجديد الذي يتشكّل على نحوٍ مُسطح , يفرض طريقة جديدة في التفكير مختلفة عمّا كان في الماضي !
فلم يعد مجال المنافسة مقتصرا على البلدان المتقدمة , بل إتسع ليشمل البلدان الناميّة التي باتت الآن قادرة على دخول حيّز المنافسة واللعب مع الكبار , بل والتغلب عليهم إذا أحسنت استخدام أدوات هذا العالم المُسطّح .
**********
كيف تسطّح العالم ؟
يتحدث المؤلف عن ثلاث موجات من العولمة .
في الأولى / كانت الدول هي القوة المحركة .
وفي الثانية / كانت الشركات .
وفي الثالثة / أصبح الأفراد هم اللاعبون الأساسيون !
فأنت تجد اليوم , مئات الآلاف من عقود المحاسبة للشركات الأميركية
ومخططات لأنظمة التدفئة والتبريد في العمارات الخليجية تعد في الهند.
ومخططات لتصميم البيوت اليابانية تعد في الصين .
وفي رأيّ المؤلف , هناك عشرة أحداث وقوى ساهمت في تسطيح العالم هي :
1 / هدم جدار برلين يوم 9/11/1989
2 / إتاحة الإنترنت وأنظمة البريد والتصفح عبر الشبكة العنكبوتية يوم 9/8/1995
3 / تطبيق برامج تدفق العمل التي تُحوّل الأعمال والتطبيقات المختلفة إلى أنظمة حاسوبية وشبكية أيضا.
4 / تطوير أدوات البحث والتحرير والتعاون والمحادثة والنشر عبر الشبكة العالميّة , من خلال المواقع العملاقة والصغيرة للبحث والإعلان والنشر والتسويق والمعرفة.
5 / تبادل المعرفة والبرامج مجانا أو بأسعار رمزية , وهي الظاهرة التي يمكن تسميتها "المصادر المفتوحة" التي توفر المعلومات والموسوعات والبرامج والخدمات.
6 / تلزيم الأعمال إلى الخارج الذي يتيح تنظيم الأعمال والعقود والخدمات من خلال الشبكة . ( سيأتي تعريف التلزيم Outsourcing )
7 / نقل الأعمال من بلد إلى آخر بسهولة وبخاصة مع دخول الصين إلى السوق العالمي وإنضمامها إلى منظمة التجارة العالمية.
8 / سلاسل التوريد , وتعريفها كما يلي :
{ هى شبكه من تجار الجمله و التجزئه , والموزعين , والعاملين فى النقل, وتسهيلات التخزين , والموردين , والصناع الذين يشاركون فى الإنتاج والتسليم وبيع المنتج للمستهلك النهائى .
إنّ سلسله التوريد تتم بين مجموعه من المنشآت التى تنسق الأنشطه فيما بينها لتبعد المنافسه عنها } , المصدر / د. نبيهه جابر
9 / إتاحة الخدمات (مثل الصيانة) من مصادرها في أي وقت وفي أي مكان .
10 / وأخيراً , جلب المعلومات عبرَ مواقع ومُحركات البحث
مثل غوغل , وياهو , و MSN وغيرها
وإمكانية الاتصال والعمل بين الأجهزة نفسها "الذكاء الصناعي".
وبالطبع فإن هذه جميعا عوامل للتسطيح كانت موجودة في تسعينيات القرن الماضي , بل قبل ذلك بكثير , لكنها تجذرت وأنشأت تداعيات وتطبيقات لانهائية . وأنشأ الزمن ساحة عالمية مُرتبطة بالإنترنت تسمح لصيغ عدة بالتعاون والتشارك في العمل والمعرفة دون إعتبار للجغرافيا والمسافات , وربّما اللغات في المستقبل القريب !
وتفاعلت العوامل والتطورات وتقاربت على نحو يجعل المشاركة أمراً ممكناً لعدد كبير من الناس , لم يكن معظمهم قبل فترة قريبة متاحا له مثل هذه المشاركة .
فلا يكفي لزيادة الإنتاج وتطوير العمل معرفة وإستخدام الحواسيب وأنظمة الاتصال والمعلوماتية , لكن يجب أن ترافقها منظومة من المهارات والثقافة الجديدة التي توظفها وتدمجها في السعي البشري الدائم نحو الأفضل .
وفي المرحلة القادمة سيبدع الجيل القادم الذي نشأ في هذه المنظومة ولذلك فإن تطوير الاقتصاد والحياة لن يتم عبر المسؤولين والحكومات ولكن عبر شبكة من الأفراد .
اُكرر .. شبكة من الأفراد !
وحتى مجموعة الدول الثماني ستتراجع أهميتها لصالح الأفراد الذين يكيفون أنفسهم بسرعة مع التقنية أكثر مما تفعل الدول والمؤسسات
لذلك نرى الجميع يخشى من العولمة , حتى الأمريكيين أنفسهم !
**********
مصطلحات مهمه
Outsourcing ( التلزيم ) / شركة تتعاقد مع شركة أخرى للقيام بعمل معيّن .( د. مروان إسكندر )
Insourcing شركة تقوم بعمل معين لحساب شركات اخرى
Offshoring شركة تنقل عملها كليّاً أو جزئياً الى بلد آخر
Supplychaining سلسلة تموين عالمية متكاملة من المنتج الى بائع المفرق , وإدارتها تعرف حركة سلعتها في كل مفصل من مفاصلها .
هذه كلمات مفتاحيّة لفهم العملية الإقتصادية المعاصرة في عالم اليوم وهي تقود فعلاً الى تغيير عضوي في مفهوم رأس المال العالمي السائد خصوصاً مفهومهِ الإشتراكي , بأنّ رأس المال يوّلد الحروب !
بل قد يقود الفهم الجيّد للمصطلحات السابقة , الى مفهوم معاكس هو أنّ العملية الإنتاجية العالمية ( ورأس المال أحد مكوناتها بالطبع ) , بينهم من التداخل والتشابك والتعقيد , مايجعلها تمنع قيام مزيد من الحروب .
وهذا ما يلاحظه أيّ مراقب مُنصف لعالم اليوم !
*****
عودة لفكرة فريدمان بتسطح العالم !
بدأت الفكرة تراودهُ في غرفة مؤتمر ( ناندان نايلكاني ) , في مركز شركة أمفوسيس تكنولوجي المحدودة .
و نايلكاني هو المدير التنفيذي لتلك الشركة , وأحد الرواد المحترمين في الصناعة الهنديّة .
في بعض أبنيّة تلك الشركة , يكتبون برامج مُحدّدة للشركات الأوربيّة والأمريكية , كلّ شيء من صيانة الكومبيوتر الى مشاريع بحث محدّدة , الى الرّد على إتصالات الزبائن من جميع أنحاء العالم !
حقل اللعب يُسوّى ... قال نايلكاني لفريدمان واضاف
العالم الإقتصادي سيصبح مستوي كتلك الشاشة العملاقة أمامك !
عندما يخلو فريدمان الى نفسهِ يفكر بتلك العبارة المثيرة / حقل اللعب يُسوّى !
والذي سيجعل العالم مستوي , هو مايحدث فعلياً الآن , من ربط كل مراكز المعرفة على كوكبنا في شبكة عالمية واحدة , والتي إذا لم تعترضها السياسة والإرهاب , فقد تُنتِج حقبة مُدهِشة من الرخاء والإبتكار !
لكن مايجعل فريدمان حزيناً رغم كلّ ذلك السيناريو الجميل , هو أنّ فكرة إستواء العالم , لن تقتصر على كتّاب برامج الكومبيوتر والأطبّاء والمهندسين والمحاسبين وتعاونهم الواسع في تكامل أعمالهم .
لكن أيضاً منظمة القاعدة وشبكات إرهابيّة أخرى ستجد عالماً مستوياً !
*******
في الجزء القادم ستقرأؤن/ كيف سيكون العالم لو تخيلناهُ مدينة واحدة ؟
ضاحيّة أوربا / ستكون دار مُسنين تخدمهم ممرضات تركيّات على نحوٍ مُسرف .
الولايات المتحدة / مجموعة خاصة محروسة داخل بوابة ذات جهاز للتحرّي عن الاسلحة .
أمريكا اللاتينية / ستكون الجُزء المُسلي في البلدة , أو حانة المنطقة .
بينما شارع العرب / سيكون زقاقاً مُعتماً يخشى الغرباء دخولهِ ( توجد لافتة مكتوب عليها , ممنوع الدخول , إحذروا الكلاب )
عدا بضعة جادات تُدعى .. دُبيّ , قطر , البحرين , الأردن , المغرب !
والأعمال الجديدة الوحيدة هي محطات البنزين .
أمّا الهند والصين وشرق آسيا / فستكون هي الجانب الآخر من المسارات
و ضاحيتهم سوق كبيرة مزدحمة !
تحياتي لكم
رعد الحافظ
7/ 9/2011
#رعد_الحافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟