|
جهاز الشرطة هو الأخطر ، لكن الإستيلاء على الحكم أولاً
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3479 - 2011 / 9 / 7 - 15:34
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
محاكمة محمد حسني مبارك - و التي إنتظرها الشعب - ليست هي نهاية المطاف لمبارك كما تعتقد السلطة ، فليس مثول محمد حسني مبارك بين يدي القضاء ، في قفص الإتهام ، هو غاية ما ينتظره الشعب المصري . إعدام محمد حسني مبارك هو ما ينتظره الشعب المصري في هذا الشأن . لكن يظل تنفيذ حكم الإعدام في محمد حسني مبارك - عندما يُنفذ - جزء من إغلاق حساب الماضي ، أي قصاص من جرائم حدثت في الماضي ، و عظة ، و عبرة ، للحكام في المستقبل . محاكمة ، و إعدام ، محمد حسني مبارك ، على أهميتهما القصوى لنا كشعب تجرع المر خلال عهده الذي طال إلى ثلاثة عقود تقريباً ، لا يجب أن يلهيانا عن محاسبة الأدوات التي إستخدمها محمد حسني مبارك لتجريعنا ذلك المر ، لأن محاسبة تلك الأدوات ليس فقط لإغلاق حساب الماضي ، أو القصاص من جرائم الماضي ، بل من أجل الحاضر ، و إنقاذ المستقبل . النظام الذي أسسه مبارك - و كما ذكرت مراراً - لم يسقط بسقوط مبارك ، و قد إتضحت نيته في البقاء ، تحت مسميات أخرى ، و أتضح لنا أيضاً نيته في الإستمرار في نهج نفس الأساليب القديمة ، و على رأسها إنتهاك حقوق الإنسان . النظام لن يستطيع للأبد إستخدام القضاء العسكري ، و الشرطة العسكرية ، لأنه يعرف خطورة الزج بالجيش ، أو بعض قطاعات الجيش الهامشية ، في قمع الشعب ، و أرى أنه سيعود لتبني أساليب عهد مبارك ، و أدواته ، لقمع الشعب ، بعد الإنتخابات الرئاسية ، و على رأس تلك الأدوات جهاز الشرطة ، و بخاصة فروعه الشهيرة في ذلك الميدان ، مثل الأمن المركزي ، و مباحث أمن الدولة التي حلت بالإسم ، و لكنها بقيت لليوم تؤدي دورها التخريبي في المجتمع المصري ، و هي و بلا شك لن تستمر في البقاء في الظلام ، فستعود للنور تحت مسمى جديد . لهذا نرى السلطة الحالية تحافظ على جهاز الشرطة الذي بناه محمد حسني مبارك ، و لم تقم بأي محاولة لمحاسبة أفراد ذلك الجهاز ، حتى من أصغر الرتب ، بل و حتى لم تحاسب أي بلطجي من البلطجية الذين يعملون لحساب جهاز الشرطة في المواسم و عند الضرورة . لم تحاول السلطة أن تكسب محبة الشعب على حساب ولاء جهاز شرطة مبارك . بل إنها تمادت فرفضت فكرة إختيار وزيراً مدني للداخلية ، حتى لو كان ذلك المدني من عملائهما كما أن عصام شرف من عملائها ، و إختارت بدلاً من ذلك شخص مطعون في سمعته ، و له تاريخ طويل في القمع ، وزيراً للداخلية ، و بالمناسبة هو من نفس المحافظة التي ينتمي لها عمر سليمان ، رجل مصر القوي الآن ، و من قبل . إننا نخطئ عندما نصب جام غضبنا ، و حصيلة إحباطاتنا ، على الجيش ، أو تحديداً بعض الفروع الهامشية في الجيش ، و أعني على وجه الخصوص القضاء العسكري ، و الشرطة العسكرية ، و بالطبع أعضاء المجلس العسكري الحاكم ، و نترك جهاز الشرطة . لا أدعو إلى تجاهل خطأ إستعمال القضاء العسكري لمحاكمة المدنيين ، و لكن أرى أن ذلك الشكل من القمع ، على خطورته ، مرحلة مؤقتة لها هدف معين ، ربما أتعامل معه في مقال قادم - إن شاء الله - أما المستقبل في القمع فسيكون لنفس الأجهزة القديمة التي بناها مبارك و أستخدمها . إذاً من الضروري أن يكون حل جهاز الشرطة الحالي برمته ، هو أحد أولوياتنا من أجل حماية مستقبل مصر ، لأن المشكلة ليست فقط في بعض فروع ذلك الجهاز ، بل في كل الجهاز . إنه جهاز لقن أفراده الإستهتار بكل القيم ، و المبادئ الإنسانية ، لهذا نرى أن الإنتهاكات التي حدثت في عهد مبارك على يد ذلك الجهاز لم تكن وقفاً على تلك الفروع التي تتعامل مع المعارضين السياسيين ، بل كانت على يد كل فروع ذلك الجهاز . كلنا نعرف حادثة الشهيد خالد سعيد ، و لكن هناك حادثة أخرى أتذكرها جيداً حدثت في عهد مبارك الأثيم على يد جهاز الشرطة في أحد أقسام الشرطة ، في إحدى محافظات الوجه البحري ، حيث تم ضرب صبي صغير بقطعة من كابل كهربائي حتى الموت ليعترف بجريمة . إنه جهاز تضرب أحد فروعه ، و أعني شرطة المرور ، السائقين البسطاء ، و حول أقسام الشرطة إلى مراكز للتعذيب و غرف للإعدام بوسائل بشعة ، و يقتل صبية صغار تحت التعذيب الوحشي ، و يقوم رجاله بتحطيم جماجم الشباب في الجدران ، و الكل يعرف الوسائل التي كانت تتبناها مباحث أمن الدولة في أثناء تحقيقها مع المتهمين فقد شاهد الشعب بعضها بعد الإقتحام الشجاع لبعض المراكز التابعة لها ، و لا حاجة للتنويه بالوسائل التي تتبعها الشرطة للقبض على الهاربين ، و أبسطها - و أكثرها حفظاً للكرامة - إحتجاز نساء و أطفال أسر الهاربين لحين تسليم الهاربين أنفسهم لرحمة جهاز الشرطة الإجرامي ، فهي وسائل قد إعتاد الشعب رؤيتها . إنه جهاز لا يتقيد بأي قيم متعارف عليها دولياً ، فلم يتورع عن إستخدام سيارات الإسعاف لنقل السلاح و الذخيرة الحية يوم جمعة الغضب - و هذا ثابت بإعتراف أحد قيادات جهاز الشرطة ، أثناء محاكمة محمد حسني مبارك ، أول أمس الإثنين ، الخامس من سبتمبر 2011 - بدلاً من تركها لتقوم بنقل مصابي ذلك اليوم الخالد ، الذين نزف بعضهم حتى نالوا الشهادة بدون أن يكون بمقدور رفاقهم في الكفاح فعل شيء لإنقاذهم . هذا ناهيك عن إنغماسه في شتى صور الفساد من قمة رأسه ، لأخمص قدميه . من شب على شيء ، شاب عليه ، كما تقول الحكمة القديمة ، و جهاز الشرطة في عهد مبارك شب ، و شاب ، على الإستهتار بحياة المواطنين ، و بأعراضهم ، و بكرامتهم ، و تعلم و لقن أن يدهس بأقدامه النجسة كل القيم الإنسانية النبيلة ، و لم يصلح نفسه خلال الشهور التي تلت سقوط الطاغية العنيد ، إذاً لا أمل في إصلاحه . جهاز إعتاد التدخل في السياسة لإفساد الحياة السياسية ، لا يمكن أن ينفع في عهد الديمقراطية . جهاز يحرق دور العبادة ، من مساجد و كنائس ، و يزرع المتفجرات في أماكن الإحتفالات الدينية ، فيزهق حياة أبرياء ، بما فيهم الأطفال ، لا يؤتمن على الوحدة الوطنية . التعامل الوحيد معه هو البتر ، هو الحل ، هو الإستئصال من الحياة العامة المصرية بأساليب قانونية عادلة ، كما فعلت ألمانيا الإتحادية مع الأجهزة القمعية النازية ، و تأسيس جهاز جديد تماماً ، في أفراده ، و في مبادئه و قيمه ، و في أساليب أدائه لوظائفه و مهامه . لكن هذا العلاج لا يعني إضافة مطلب أخر يتقدم به البعض للنظام بإسم الثورة ، فكما ذكرت في مقال : إما أن ننقذ الثورة الآن و إما أن ننعيها ، و الذي نشر في الرابع من سبتمبر 2011 : لم يعد أي شعار ، أو هتاف ، يبدأ بكلمة : نطالب ، إلا خيانة للثورة ، لأنه يعني إعتراف بسلطة مرفوضة الآن من الشعب بعد أن إستنفذت كل فرصها للقيام بإصلاح حقيقي . الآن علينا الإستيلاء على الحكم . أن نزحف بتصميم و عزيمة لا تلين للإستيلاء على الحكم ، لأن بدون الحكم ليست ثورة ، لأن الحكم هو الأداة الوحيدة الواقعية المتاحة لنا لتحقيق آمالنا . فإلى الحكم .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إما أن ننقذ الثورة الآن و إما أن ننعيها
-
هل يعقل أن نتنياهو و ليبرمان يتآمران على طنطاوي و سليمان و م
...
-
لو كانت مصر دعمت الثورة الليبية بدلاً من الناتو
-
المخابرات السليمانية أنقذت مبارك و دمرت مصر
-
إحتلال مبنى مجلس الشعب لإحباط إنتخابات مجلس الشعب
-
الثورة الناجحة لا تترك لأعدائها أي نفوذ
-
دول الموجة الثانية فرص الديمقراطية فيها أكبر
-
إسرائيل ستخفض درجة تصنيفها لمبارك
-
إنها مؤامرة ملايين المطحونين
-
بدون الحكم ليست ثورة
-
المشير طنطاوي شيطان في كل الأحوال
-
لماذا تريد الإدارة الأمريكية تشويه الثورة المصرية ؟
-
حتى لا يقول أحد : أنا الجيش
-
جرائمه أكثر من أن تنسى و أكبر من أن تغتفر
-
الشعب سيحكم على المحاكمة
-
نعم للديمقراطية و لو فيها الإخوان ، و سحقاً للإستبداد أياً ك
...
-
حتى يصبح الخامس و العشرين من يناير 2011 العيد الوطني لمصر
-
المخابرات السليمانية إخترقت القيادة الإخوانية
-
الشعب يريد الحكم
-
درس من القرآن في ضرورة إستئصال النظام الظالم بالكامل
المزيد.....
-
من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا
...
-
ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا
...
-
قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم
...
-
مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل
...
-
وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب
...
-
واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب
...
-
مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال
...
-
-استهداف قوات إسرائيلية 10 مرات وقاعدة لأول مرة-..-حزب الله-
...
-
-التايمز-: استخدام صواريخ -ستورم شادو- لضرب العمق الروسي لن
...
-
مصادر عبرية: صلية صاروخية أطلقت من لبنان وسقطت في حيفا
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|