أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد السلطاني - قضايا في العمارة العراقية :العمارة ، بصفتها منجزا ً ثقافيا















المزيد.....



قضايا في العمارة العراقية :العمارة ، بصفتها منجزا ً ثقافيا


خالد السلطاني

الحوار المتمدن-العدد: 1035 - 2004 / 12 / 2 - 07:45
المحور: الادب والفن
    


اصدرت اللجنة التحضيرية لمؤتمر المثقفين العراقيين بيانا يشير الى ارجاء موعد انعقاد المؤتمر " .. الذي كان من المقرر ان يلتئم اواخر تشرين الثاني الجاري الى وقت آخر مناسب ، .. نظراً للظروف غير المواتية التي يمر بها بلدنا " ، واضافت في بيانها الصادر مؤخرا ".. ان إرجاء انعقاد المؤتمر، لا يعني بأي حال، الغاءه، فهو سينعقد في أقرب فرصة ممكنة، إننا نسعى ونطمح الى استمرار التواصل مع مثقفينا في أي جهة من الأرض كانوا. "
"وسعيا ً لتوفير أطر مناسبة لرسم ستراتيجية السياسة الثقافية وآلياتها في بلدنا المتحول نحو الحرية والديمقراطية " ، فان وزارة الثقافة العراقية كما جاء في بيانها " .. تهيئ لمستلزمات عقد "مؤتمر المثقفين العراقيين" بمشاركة أوسع عدد ممكن من المثقفين داخل العراق وخارجه. هذا المؤتمر الذي يأتي أستكمالاً لـ " الملتقى الثقافي الاول عن العراق " الذي دعت اليه منظمة اليونسكو وأستضافته في مقرها بباريس في شهر ايار الماضي، سيتولى رسم ملامح لما ينبغي القيام به على الصعيد الثقافي مستقبلا، مساهمة في ارساء قواعد الوطن الذي حلم ويحلم به الجميع، آخذين بالاعتبار ان الثقافة الوطنية الجادة والمسؤولة ستكون الرافعة لذلك الوطن. فمن دون اعمار روح الانسان العراقي يصعب الحديث عن اي اعمار مادي، وليس افضل من الثقافة دواء للارواح المثقلة بسنوات من الحروب والحصار والقمع والتشرد .. " .
وكان المفروض ان يناقش المؤتمر الذي يتألف " .. من "19" تسع عشرة ورشة عمل في الاختصاصات الثقافية والفنية المختلفة، وهي التالية: ورشة المسرح، ورشة السينما، ورشة الموسيقى، ورشة الفن التشكيلي، ورشة التراث الشعبي ، ورشة الكتاب والنشر، ورشة الترجمة، ورشة ثقافة الطفل، ورشة الآثار والتراث، ورشة ثقافة المرأة، ورشة المكتبة الوطنية، ورشة الثقافة العلمية، ورشة التشريعات المتعلقة بالثقافة وبوزارة الثقافة، ورشة مصادر التمويل الثقافي، ورشة هيكلية الوزارة، ورشة العلاقات مع الوسط الثقافي ، ورشة المهرجانات والفعاليات الثقافية، ورشة تنمية الثقافات العراقية، ورشة الموروث المعماري. "
ادناه نص الورقة المقدمة من كاتب المقال الى المؤتمر المرجأ .
* * *
اود في البدء ان اشكر وزارة الثقافة العراقية لدعوتها الى انعقاد مؤتمر المثقفين العراقيين لمناقشة الوضع الثقافي العراقي ، والعمل على إمكانات تقصي سبل تسهم في " اعادة صياغة اتجاهات جديدة اكثر حرية وشفافية لثقافتنا الوطنية " . واني اقدم الشكر لها مرتين : مرة لمبادرتها في الدعوة لانعقاد مثل هذا المؤتمر ، والمرة الاخرى كونها ادخلت موضوع " العمارة " ضمن عنواين ورش العمل الاخرى ، ذلك لان العمارة ظلت في كثير من الاحيان موضوعا غريبا ومقصياً بتعمد عن طيف تنويعات الخطاب الثقافي العراقي لاسباب كثيرة ، ليس المجال هنا مناسبا لطرحها .
ولا يسعني ، وانا المهتم بالشأن المعماري والثقافي العراقي ، واحد ظليمي الحكم الاستبدادي ، الا ان اعبر عن فرحتي الكبيرة بزوال الدكتاتورية ونظامها التوتاليتاري البائد عن ربوع وطننا ، متطلعاً حالي حال الكثيرين ، نحو نظام ديمقراطي تعددي ، يكفل للجميع حرية الرأي والابداع ، في الوقت الذي يحترم الرأي الاخرويقبل في الاختلاف .
لقد عرقلت الدكتاتورية نمو وتطورمسار العمارة في بلدنا ، مثل ما عرقلت مسار اجناس عديدة من الانشطة الاخرى ، وحاولت بفكرها الشمولي المتخلف ان ترسي في الخطاب المعماري العراقي منظومة " قيم " و " تقاليد " غريبة ودخيلة ، على الممارسة المهنية المحلية اتسمت على كثير من التخلف والنكوص والانكفاء .
كما حرمت الدكتاتورية العديد من المعماريين المجدين ، ولا سيما الشباب منهم ، من فرص اظهار نهجهم الابداعي وتأسيس طروحاتهم الخاصة ، موغلة في غلق جميع الابواب امام ممارسة النشاط المعماري الحرّ ؛ الامر الذي افضى الى هجرة المعماريين الى خارج العراق بصورة كثيفة ، تخلصاً من الاجواء التعسفية التى افتعلها النظام الدكتاتوري البغيض ، وقد نجم عن ذلك حرمان البلد من جهد وعمل الكثير من ابنائة المخلصين ، الساعين لتقدم بلدهم ، والطامحين لرؤيته كمكان رحب لنهوض انجازات معمارية جادة وحقيقية .
وبالتزامن مع فرض سلطة الدكتاتورية الغاشمة وتعاليمها الفجة في صميم الممارسة المهنية المحلية ، انبرى عدد قليل من دعاة الفكر الشمولي المتخلف لترويج تلك " التعاليم " واخراجها بمظهر " الوصايا " المهنية القابلة لتأسيس اتجاه فكري / معماري جديد ، من خلال كتابات لمقالات بائسة ومملة عن فكر " القائد الضرورة " ، تسترجع فيها مقولاته الضحلة ، وتردد مداخلاته السطحية فيما يخص الشأن المعماري ، جاعلة من خطبة المضجرة وكلماته البليدة التافهه التى تفوه بها يوما ما ، في " نقابة المهندسين العراقية " وكأنها منبعاً لظهور ذلك الاتجاه الفكري بالعمارة ومصدرا له، متوخية ومتبجحة في الوقت نفسه في نيل رعاية مفترضة هشة ، والحصول على عطايا الدكتاتورية الفاسدة وثمارها المحرمة .
ومن حسن الطالع ، فان الذين قبلوا اداء ذلك الدور المشين هم قلة من اناس ، اعتبروا دائماً دخلاء على المهنة المعمارية الجادة ، غير المدركين لخصوصيتها ، وغير العارفين لابسط مقوماتها الابداعية .
( 1 )

تثير موضوعة " العمارة " ، وتحديداً العمارة العراقية كثيراً من المقاربات الفكرية / الفنية المتنوعة ؛ مقاربات تعكس بدورها ذهنية اؤلئك القائلين بها والداعين اليها . وليس ضرورياً ان يشمل او يتضمن المشهد المعماري العراقي جميع تلك المقاربات والافكار . لكن طرحها ، والادلاء بها بصوت مسموع سوف يغني الفعالية المعمارية ، ويجعلها اكثر ثراءاً وتنوعا ً ؛ وهو ما نأمل ان يتسم به خطاب العمارة العراقية المستقبلي . وتأسيساً على ذلك فان الملاحظات والافكار التى سترد لاحقاً ، ينبغي ان تأخذ في حدود اطارها المعرفي / الابستيمولوجي ؛ اي انها لاتسعى لان تكون وصّية على نوعية الاداء المعماري ؛ انها تطمح لتضئ جانياً من جوانب الممارسة المعمارية العراقية من قبل شخص مهتم بالشأن المعماري العراقي : بحثاً ، وتدريسا ً، ومشاركة ، ومتابعة لنشاطات ذلك الشأن وانجازاته ، مع التذكير دوماً بان تلك الاضاءات ماهي الا اجتهادات شخصية ، قابلة للنقاش والحوار الموضوعيين .
واذا قدر لي ان ابدء مداخلتي هذه ، فاني سوف ابدأ من عنوان الورشة الخاصة بالعمارة ، وهي ورشة " الموروث المعماري " . والتساؤل المنطقي الذي سيرد بعد قراءة عنوان الورشة ، لماذا " الموروث المعماري " قصراً وتحديداً ؟
هل يراد بهذا التحديد معالجة قضايا " الموروث " المشّكلة لجزئية متواضعة من قضايا الفعل المعماري ؟ ، ام ام مصطلح " الموروث المعماري " يراد به اختزال مهام " العمارة " ومنجزها بالكامل ، كما يفهم من سياق عناوين الورش الاخرى المتضمنة لاجندة مؤتمر المثقفيين ؟ . واذا كان المقصود هو المعنى الاول ، اي مناقشة جزئية المنجز المعماري ، فان مثل هذا التعاطي سيكون قاصراً وناقصاً لادراك كنـه العمارة وقضاياها المهمة ، مع الاشارة الى خطورة تبني هكذا مفاهيم ، والتى قد توحي بان قضايا " الموروث المعماري " تمتلك لوحدها فقط أحقية تسميتها " بالقضايا الثقافية " . والسؤال الذي طرحناه توا ً، ما فتأ قائماً ، لماذا هذا التغييب لفعاليات العمارة الاخرى ؟ ؛ فالعنوان يشي بنوع من الاقصاء للناتج المعماري الحديث ، الذي يهمنا كثيراً ، كمعاصرين ، الالمام بطروحاته ، ومعرفة جيدة لمقارباته ؛ في الاقل من باب النزوع الثقافي ، الذي يفترض الاحاطة بطبيعة الاشياء ، والتوق لادراك مكنونات الحدث ، والحرص في ادراك سياقات عمله ومجالاته ؛ هذا ، اذا قدر لنا ان نتغاضى عن تأثيرات العمارة المعاصرة العميقة والواسعة على طبيعة اساليب حياتنا اليومية وانعكاساتها القوية على مجمل نوعية الاحياز التى توفر لنا فضاءات معيشتنا وعملنا ووسائل راحتنا . باختصار شديد ، لماذا يختزل مفهوم الفعل المعماري بناحية ، بجزيئة من مدى رحيب لنشاط مستمر وواسع ؟

قد يكون من المناسب التذكير بان نزعات التوجهات " الماضوية " ، بضمنها الحرص في جعل مفهوم " الموروث المعماري " كدالة وكمرجعية ، اعتبرت في كثير من الاحيان كوسيلة مؤثرة في خطاب تغريبي ، خطاب يهدف فيما يهدف الى اقصاء متطلبات الواقع المعاش ، والهروب من استحقاقاتها في لزوم ووجوب التمتع بمزايا " الحداثة " والاستفادة من تبعات المستوى الحضاري الرفيع الذي بلغته الانسانية في العديد من النواحي المختلفة .
كما ان هوس الدعوات بمواضيع " الموروث المعماري " اعتبرت لدى البعض بمثابة مقياس ، يقاس بها نوعية المنتج المعماري المعاصر، ومسطرة تضبط بها نوعية الاجتهاد التصميمي . واثناء تسلط النظام الشمولي البائد ، ارتقى مفهوم " التراث المعماري " بمعناه السطحي والساذج ليضحى بمنزلة البداية والنهاية لمجمل العملية المعمارية ؛ بتعبير اخر قيُم الموروث الماضي ، وفق المفاهيم الشمولية ، ليكون فضاءاً دالاً على تخوم " ابداع " ، لا يستقيم الا بتكبيله بمرجعية تاريخانية ؛ وكانت الحجج التى تسّوغ لتبرير مثل تلك الطروحات تستمد شرعيتها من ضرورة اثبات " الهوية " والتدليل على " الانتماء " والنأي عن " الانقطاع عن الجذور " في المنجز المعماري ؛ وهي حجج واهية ، بالطبع ، اريد بها تكبيل النشاط المعماري وتغريبه ؛ وجعله نشاطاً مطبوعاً بمرجعية واحدة ووحيدة ، تتصادى مع آحادية التفكير المطلق الذي يرفض الاختلاف ، ولا يعترف بالاخر ؛ والذي منه تستمد الدكتاتورية وسائل ديمومتها ، ويتغذى منها نسغها الكلياني .
ومن نافل القول ، الاقرار هنا ، بان مفهوم " الموروث المعماري " ظلّ على الدوام مفهوماً متحركاً ومتغيراً ، يتبع متغيرات طبائع الذائقة الفنية التى يفرزها عادة الوعي الجمعي ، ذلك الوعي المرتبط باحداثيات الزمان والمكان المحددين . فنحن الان ، على سبيل المثال ، لنا تصوراتنا الخاصة عن هذا المصطلح ، تخالف وتتباين مع تصورات اجدادنا عنه ، او تصورات اؤلئك الذين عاشوا " صدمة الحداثة " المعمارية في العشرينات او الثلاثينات من القرن الماضي . وما يراه اخرون من معانٍ يحملها ذلك المفهوم ، ليس بالضرورة هي ذاتها التى نكررها نحن ! . ومن هذا المنطلق فان المزايا الايجابية لمفهوم الموروث المعماري ، سوف تتجلى بصورة واضحة فقط ، عندما يكون ذلك المفهوم واقعاً ضمن دائرة التفسير والتأويل ، بعيداً عن التعاطي معه كونه مفهوما ً فكريا ً ثابتا ً ومستقراً يوحي استقراره الى نوع من الحضور المنطوي على تبجيل زائف ، ويشي رسوخه وديمومته الى امتلاكه قداسة مزعومة.
واذا قدُر لنا ان نقترح عنواناً آخراً لورشتنا، التى نأمل ان تتعاطي بصورة جادة ورصينة مع اشكاليات العمارة ، فاننا في هذا المجال ، نقترح ان يكون العنوان ورشة " المنجز المعماري " بديلا عن " الموروث المعماري " لاهلية العنوان الاول في التصدي لتنويعات النشاط المعماري بصورة شاملة ووافية ؛ وبالطبع ، فان الامر هنا لا يتعلق ، كما انه لا يمت الى رغبة واهية في الحرص على تبديل كلمات بكلمات ، وانما المقصود تجسيد نزوع حقيقي في ادراك كنه المعنى الذي ترمز اليه "علامة " الكلمة المختارة ، والاحتكام " لمدلولها " ؛ مدلول ينوب بحضوره عن ثيمة مفترضة ومعنى مقصود ، وعند غياب المدلول فان ذلك يعني تكثيفاً لحال غياب المعنى المقصود وثيمته المفترضة معـا ً .

( 2 )

تتشكل اهمية الممارسة المعمارية العراقية المعاصرة من نوعية القضايا المهنية التى تتعاطى معها تلك الممارسة . فكلما كانت تلك القضايا على درجة عالية من الجدة والرصانة ، كلما شقت الممارسة المعمارية طريقاً مؤثرا وواضحاً في الخطاب الثقافي العراقي بشكل خاص والمنجز الحضاري العراقي بشكل عام . ورغم النجاحات المهمة التى احرزتها العمارة العراقية الحديثة خلال عمرها القصير ، الذي ابتدأ من عشرينات القرن الماضي ؛ والمتضمن تأسيس مقاربات معمارية عُدت في حينها رائدة وطليعية في نوعيتها ومقاسها ، نسبة الى ما كان يجري في عمارة مناطق الاقاليم المجاورة ، وما انتجته من لغة معمارية حداثية ، وما رافق ذلك من بروز تنظيم مهني عال ، وتأسيس مدرسة معمارية رصينة ، قبل ان تستحوذ الدكتاتورية على جميع مفاصل الحياة المختلفة ، وتحيل تلك المنجزات الى خراب تام وانهيار شامل ؛ نقول رغم تلك النجاحات ، فان ما ينتظر ان تنجزه الفعالية المعمارية مستقبلا يفوق اهمية ما تحقق سابقاً ، وذلك لطبيعة الاشكالات الكبرى التى يتعين على العمارة العراقية اليوم ان تجد حلولا جادة ومقنعة لها .
يزخر المشهد المعماري المعاصر على جملة قضايا مهنية ملحة ، كما يحفل ايضا باشكالات مهنية متنوعة ، يتطلب فرزها والتصدي لها ، ومن ثم ايجاد حلول ناجعة وكفوءة لها ، يتطلب ذلك مهارة تصميمية عالية ضمن مقاربات معمارية جديدة ، مقاربات لا اخشى اذا وصفتها كونها تتجاوز بقطيعة كاملة مع كل ما كان مألوفا ومتعارفاً عليه في الممارسة المعمارية الحالية . ذلك لان تغاضي الفعالية المعمارية العراقية لعقود من السنين للمشاكل الواقعية والحقيقية ، التى عانى منها البلد ، بحكم سيطرة الحكم الدكتاتوري البائد وتوجهاته الشكلية ، المتسمة على اخفاء الحاجات الاساسية للناس العاديين ، وعدم اكتراثه بمصائرهم واهماله لآمالهم وطموحاتهم ، قد ادى الى حرف اتجاه الممارسة المعمارية العراقية نحو طريق مغلق وكتيم ، لا يمكن لتلك الممارسة فيه من ان تنهض باعباء مسؤوليتها المهنية باي حال من الاحوال ، اوان تتصدي بكفاءة واهلية لقضاياها الملحة . فالركض وراء البهرجة التزينية الكاذبة ، والولع في استخدام المفردات الماضوية بصيغتها النصّية والاستنساخية ، وهوس الاستعارات التوليفية ، والتبجح باستخدام مواد انشائية مكلفة بلا مبرر، فضلا على توظيف النشاط المعماري الرسمي لخدمة وتلبية متطلبات افرازات الحكم الشمولي المتسمة على انحطاط فكري فاضح ، والتعمد في ابراز" واجهات " مؤسساته القمعية ، كل ذلك افضى لان تكون عموم الممارسة المعمارية العراقية مقصية عن اتجاهات وحقائق العمل المعماري المعاصر، وبعيدة جدا ً عن مسعى الانهماك في مقارباته المهنية الحداثية .
ويتعين الان على جميع مهتمي الشأن المعماري العراقي ارجاع مسار الفعالية المعمارية الى نهجها و " سكتها " الصحيحة ، نهج ، وسكة تتصديان لمشاكل الناس الحقيقية ، والتعرف عليها عن كثب ، املاً في ايجاد حلول مهنية : منطقية وعقلانية لها ، في ضوء معطيات العمارة المعاصرة واتجاهاتها الحداثية . وبغير ذلك ، يتراءى لنا ، ان شدة ازمات الفعالية المعمارية ستزداد تعقيداً ، وسندور مرة اخرى في حلقة مفرغة ، ليس بمقدورها الا ان تفرز وهماً لحلول ، وسراباً خادعاً " لانجازات " متخيلة ! .
من هنا يبدو الحرص على اخضاع مسيرتنا المعمارية الحالية والسابقة لاشتراطات الفحص النقدي ، يبدو امراً غاية في الاهمية ، كما يتطلب وعي الدرس المعرفي لذلك الاخضاع الاستعانة بمفاهيم تسهم في ادراك طبيعة ازمات الممارسة المعمارية التى خلفتها الدكتاتورية ،وتفكيك مرجعياتها الغارقة في وهم تصوراتها الشكلية ، توخيا ً للانعتاق من مأزقها المهني الحالي . وفي هذا الاطار فان اعادة صوغ مهام العمارة العراقية المعاصرة ، يقتضي التقرب وفهم مشاكل الناس الحقيقية واحتياجاتهم الواقعية ، ومن خلال تهشيم الثنائيات الخانقة ، والتحرر من التماهيات الواهية الرائجة في المشهد المعماري المحلي ، بغية تجاوز تكبيلات تلك الازمات ، والمساهمة في تسريع عمليات الابتعاد عنها .

( 3 )

ومع الاخذ في نظر الاعتبار تشعب وضخامة الارث السلبي ، مع توقع وفرة القضايا المهنية القادمة ، والتى يتعين ان تتعاطى معها الفعالية المعمارية المحلية ؛ فان الاخيرة ، في اعتقادنا ليست مؤهلة تماما لحل جميع تلك الاشكالات بصورة كفوءة ومتقنة ؛ وهذا الاقرار لا ينبغي ان يسبب حرجا ً لاحد ؛ كما انه لا يقلل من شأن انجاز الفعالية المعمارية المحلية . ولهذا فان التعرف والدراسة المتأنية لانتاج " الاخر " المهني ، تبدو لنا امراً مشروعا ً ونزوعا ً واجبا ً . وهذا النزوع المهني يتعين فهمه وادراكه ضمن سياقه التاريخي ، من دون خشية او توجس في التقليل من نديتنا تجاه الاخر وانجازاته ، مع التذكير بان مثل هذه الممارسة عدت سابقاً ، وتعد الان امراً مشروعا ً وعاديا ً في المشهد المعماري العالمي . و " الاخر " هنا يشمل النشاط المعماري القريب جغرافياً من بلدنا والمجاور له ، وحتى البعيد عنه . ففي ظلال مواصلة غياب المعرفة الحقيقية بالاخر المهني التى اتبعها النظام الشمولي ، وسياسته الفجة في غلق ابواب المعرفة و سدّ نوافذها عن بلدنا والتى زاولها طيلة عقود ، انقطعت الممارسة المعمارية المحلية عن متابعة انجازات الاخرين ، او التعرف عليها ، مما الحق مزيدا من الضرر والاذى بنوعية الناتج المعماري المحلي ، وساهم في ابطاءه وتراجعه ؛ علما ان كثيراً من القضايا المهنية التى جابهتها الفعالية المعمارية عندنا ، قد يكون " الاخر " وجد لها حلولاً مقنعة ، مما يجعل من مساعي التعرف عليها مسبقاً امراً ايجابيا ً ، يكفل اثراء نوعية الحلول التى تعاطت معها الفعالية المعمارية المحلية ، ويضمن تعزيز طيف مقارباتها التصميمية .
ومع اقرارنا باننا جزء من منطقة جغرافية متجانسة ثقافيا ومناخيا ً ، بالاضافة الى انتمائنا القومي ، فاننا مع الاسف ، لا نعرف كثيرا عن منجزات الاخرين المعمارية ، سواءالقريبين منا او البعيدين نوعا ما . وبشكل عام فان معرفتنا ناقصة لانجازات اشقائنا في لبنان مثلا ً ، او في بلدان الخليج القريبة ، او في الاردن او في مصر ، فضلا على عدم احاطتنا بشكل تام عن ما يجري في الممارسة المعمارية بتونس او في المغرب . ويظل قصورنا واضحاً فيما يخص عدم الاطلاع عن النشاط المعماري في تركيا او في ايران ، في باكستان او في الهند او في بانغلادش وغيرها من البلدان التى تتصدى عمارتهم باستمرار لذات المشاكل التى تواجه الفعالية المعمارية عندنا ، من حيث تأمين اسكان مناسب وسريع وصحي واقتصادي ، او في توفير فضاءات كفوءة ومميزة لاداء الاعمال او التعليم او لتلبية الحاجات الخاصة لراحة ورفاهية مواطنينا . وبالطبع فان تكريس حضور ثقافة معرفة " الاخر " ، وتغلغل ذلك الحضور في نسيج وسياقات العمل المعماري المحلي ، لا يمكنه ان يقتصر على حقيقة مراكمة الحلول ، واستظهار الاجوبة الصحيحة ، التى انتجتها ممارسات " الاخر " المعمارية فحسب ، وانما يظل الهاجس الاساسي لشيوع وتكريس ذلك الحضور مرتهناً في امكانية الاحاطة والالمام بجوهر وماهية المقاربات المعمارية ذاتها ، تلك المقاربات التى ينطوي عملها على استيلاد دائم لحلول تكوينية واستجابات تصميمية متنوعة ! .
واذ نحن بصدد اعمال " الاخر " وامكانية مشاركته في النشاط المعماري العراقي المستقبلي ، نشير الى خيار دعوة المعماريين العالميين للمساهمة في تقصي اجابات لمشاكل العراق العمرانية ، ويتعين علينا التمعن جيدا في هذا الخيار، الذى اراه امرا مناسباً وصائبا .. وضروريا ايضاً !؛ ذلك لان التلاقي مع رموز الخبرة العالمية ، والاطلاع على مستواها المهني الرفيع في شقيه التطبيقي والتنظيري ، ظل على الدوام لصيق التطلعات الجادة التى تطمح في رؤية موضع الممارسة المعمارية المحلية مرتقيا ًالى مصاف الفعالية المعمارية العالمية وضمن منزلتها المهنية العالية .
ويمتلك العراق تجربة غنية ومنقطعة النظير في هذا المجال ، عندما تمت دعوة خيرة المعاريين العالمين وقتذاك ، للمساهمة في تحقيق مشاريع الاعمار في الخمسينات ، كما عدت تلك التجربة لاحقاً بمنزلة الحدث الاكثر اهمية في المشهد المعماري العالمي ، اذ قلما اجتمعت نخبة معمارية عالمية ، تمثل عصارة الفكر المعماري الحداثي امثال : لو كوربوزيه ، وفرنك لويد رايت ، وفالتر غروبيوس ، وآلفار آلتو ، وجو بونتي ، ووليم دودوك ، وخوسيه لويس سيرت ، وقنسطنطين دوكسيادس وغيرهم من المعمارين المشهورين قلما اجتمعوا في مكان واحد ، كمثل اجتماعهم على الارض البغدادية ! . ولاتزال اصداء تلك التجربة تدرس اكاديمياً وتحلل معمارياً كحدث مهم من الاحداث الناصعة في سجل تاريخ العمارة الحديثة ، وسجل الثقافة العالمية عموما ً! .
وانسجاما مع تطلعات الكثير منا لرؤية بلدنا كساحة فسيحة لاعمال بنائية واسعة ومتنوعة ، ونظرا للنقص الهائل في قطاع التشييد والبناء ، واتساقا مع آمال ورغبة الكثيرين من مواطنينا في التعجيل بمهام التغيير ، وتجسير الهوة التى تفصلنا عن المستوى الحضاري اللائق للدول المتقدمة ، و توفر القدرة المادية في تأمين الموارد المالية لتلك الاعمال ، فان امام العراق المعماري فرصة نادرة اخرى ، فرصة تاريخية باهميتها ، قادرة ان تكرس البلد كحاضنة لارفع ما انتجته الثقافةالعالمية من انجازات ، واعني به المنجز المعماري ، وان تعيد للعراق مكانته الثقافية الرفيعة ، والى عاصمته – بغداد وجهها الحضاري الذي عرفت به طيلة تاريخها المجيد ، كحاضرة كبرى ومركزثقافي مهم ، مطبوع بروح المثاقفة الرفيعة والتعايش السلس للافكار المتنوعة ، العامرة بيئتها المادية بانجازات معمارية طليعية ورائدة في آن ! .
ومما يعزز مصداقية مقترح دعوة المعماريين العالميين للمشاركة في اعمال اعمار العراق ، ويشير الى اهميته الثقافية ، كون الممارسة المعمارية العالمية الحالية، بتجلياتها " الما بعد حداثية " ، قد وصلت الى مرحلة النضوج والاكتمال ، مما يجعل من مساهمات المعماريين العالميين مساهمات نوعية ، حافلة بلغة معمارية فريدة ، ومنطوية على اهمية تاريخية ؛ تماما مثل ما حدث في الخمسينات ، عندما ساهم معماريو الحداثة ، حينذاك ، بتصاميم هامة ومتنوعة ومميزة ، استمدت اهميتها وتميزها من خصوصية مرحلة النضوج المهني لمصمميها ! .


( 4 )

لابد ، ونحن في صدد الحديث عن قضايا العمارة العراقية ، ان نشير الى غياب فعالية النشر المعماري وما حولها . وهذا الغياب غير المبرر بات يشكل عائقا ً في اتجاه نموّ وتقدم النشاط المعماري في بلدنا . ونقصد بالنشر المعماري كل ما يصدر من مطبوعات تهم العمارة : انجازا ً وتاريخا ً ، وتنظيرا ً ؛ سواء كان ذلك عن طريق نشر الكتب المتخصصة ام اصدار دوريات ومجلات معنية بالشأن المعماري و الهندسي والفني ، او في تنظيم صفحات الكترونية خاصة بالعمارة والمعماريين على الشبكة الدولية : الانترنيت .
وليس ثمة داع ٍ هنا لتأكيد اهمية وخطورة فعالية النشر ، لترويج الافكار المعمارية الطليعية والجادة ، وتأمين انتشارها سريعا وواسعاً في اوساط معمارية وغبر معمارية . واذا سلمّنا بان العراق ينتظره في المستقبل القريب ، حركة اعمارية واسعة وشاملة ، اعتماداً على وفرة وضخامة الموارد المالية المخصصة لشؤون الاعمار ، فضلا ًعلى وجود التوق المسوغ في تجاوز سلبيات الماضي سريعاً ، فان ظهور دورية ، وربما دوريات خاصة بالعمارة والاعمار ، سيكون امرا ً مرحبا به وفعالا ولازما في تعجيل حضور الخطاب المعماري العراقي الجديد ، وتكريسه في المشهد الثقافي ، ذلك الخطاب الذي نأمل ان يكون جاداً وطليعيا ً وحداثيا ُ! .
وليس هناك ما يبرر اطلاقا ً استمرار غياب ظهور دورية متخصصة عندنا ، ولاسيما بعد التغيير المجيد الذي شهده وطننا ، في وقت يمتلك العراق كتـّابا ونقادا كفوءين ومؤهلين لاصدار مثل هذه الدورية . ولعل التذكير ، هنا ، بمشروع المعمارية " وجدان نعمان ماهر " ، ومبادرتها الشخصية الخلاقة ، هي ومع وزملاءها المعماريين وهم : معاذ الالوسي ، وسعد الزبيدي وسامان كامل وكاتب هذا السطور ، و بقية ناشطين اخرين مهتمين في الشأن المعماري ، الذين اصدروا عام 1989 دورية معمارية رصينة ، هي مجلة " عمارة " ، والتى اريد لها ان تكون منبرا ً مهنيا ً حرا ً لعرض وتناول قضايا العمارة العراقية ، لعل ذلك المشروع ، وقبله محاولة اصدار مجلة " الننار " المعمارية في بداية السبعينات ، يؤكد حيازة البلاد لكادر جدير ومؤهل للتعاطي بكفاءة مع قضايا النشر المعماري . ورغم توقف مجلة " عمارة " عن الصدور بعد نشر اعداد قليلة منها ، بسبب الموقف السلبي والمناوئ الذي تبناه النظام الشمولي منها ، وعدم تقبله لفكرة وجود مطبوع يعمل خارج نطاق " خيمته " الكليانية ، والنظر بعين الخشية والريبة من صدور مجلة تتطلع الى النأي بنفسها عن آلته الدعائية الفظة الرخيصة ، رغم ذلك فان هذا لايعني باي حال من الاحوال ، تعذر او استحالة صدور دورية معمارية عراقية جادة . ومن الممكن جدا ، جعل الدرس التجريبي السابق ، الخاص باصدار دورية عراقية ، تمرينا ً نافعاً بكل نجاحاته واخفاقاته ، وجعله ليكون حافزا ًومرتكزا اساسيا ً ، لجهة تبني و تسريع ظهور دورية معمارية مستقبلية .
ولئن اشرنا الى اهمية وجود دورية ، مهتمة بقضايا الشأن المعماري العراقي ،ضمن فعالية نشر واسعة فاننا تعتقد ، بان مجال تلك الفعالية ، ينبغي ان يتوسع ويشمل اصدار كتب متخصصة عن العمارة العراقية ،او العربية او العالمية ؛ والعمل بموزاة ذلك على ترويج حركة الترجمة المعمارية . واذ كنا مقتنعين باهمية ورصانة المنجز المعماري العراقي ، فان الذي يعوزنا هو مؤلفات تضئ جوانب هامة من ذلك المنجز الحيوي ، مؤلفات وكتب بمقدورها ان تستقرأ وتحلل وتفسر وتؤول برصانة ايجابيات ذلك المنجز وسلبياته . ويتعين عليّ ، في الاخص ، كوني احد الاكاديمين المهتمين في مجال التدريس المعماري والمعتنين باشكاليات التثقيف المعماري ، التنويه والاشارة الى افتقاد تام للمراجع الاساسية والهامة ، التى تناولت وتتناول منجزات العمارة العراقية الماضية والحديثة والمعاصرة ، و خلو المشهد الثقافي تقريبا ً من اي مطبوع جاد ورصين يتعاطي مع هذا الموضوع ، وقد نجم عن هذا الوضع الثقافي والمعرفي الملتبس الى عدم معرفة جمهرة غالبة من المعماريين ولاسيما الشباب منهم لطبيعة ونوعية الاعمال المعمارية التى تمّ انجازها في العقود الماضية ، كما ادى ذلك الوضع الى جعل القليل منهم فقط يعي اساليب مقاربات المعماريين الرواد او يخبراسمائهم الذين عملوا ابان تلك الفترة ، لغياب المولفات و الكتب التى تتعاطي مع هذا لموضوع ، والمنشدة لاضاءة جوانبه الابداعية . وخلاصة القول ان عدم الاكتراث والاهتمام بهذا النشاط الحيوي الذي يعتبر لصيق الصلة بقضايا المنجز المعماري ، ظل وسيظل يمثل نقصاً كبيرا وخللا ً واضحا ً ( فاضحا ً؟) في مشروعنا المعماري بشكل خاص ، والثقافي الابستيمولوجي بشكل عام .

( 5 )

نعترف ان اشكالات العمارة العراقية وقضاياها المهنية لكثيرة . وهذا الكثرة في الغالب الاعم ، مردها تشابك الفعالية المعمارية مع قضايا واجتهادات عديدة ، لا تمت بصلة مباشرة الى موضوع العمارة واهدافها الحقيقية . وما كان لها ، اي للعمارة ، الرغبة في مثـل ذلك التشابك ، او اختيار نوعية تلك الاجتهادات ، لولا اقحام الدكتاتورية نفسها في قضايا النشاط المعماري المحلي بقوة ، وسعيها الحثيث لتوظيف منجز العمارة في تحقيق اهدافها السمجة والمنحطة . وبزوال الدكتاتورية وحكمها التوتاليتاري المقيت ، فاننا ننتظر غياب مبررات زج ّ عمارتنا في مسار ملء بالمطبات العديدة التى لا داعٍ اليها اطلاقا ، واسقاط حيثيات التشتت المهني وزوغان الاهداف الصحيحة ؛ وان تسلك عمارتنا الطريق الصائب والصحيح ، والذي بمقدوره فقط ان يبدع منجزاً تصميماً حقيقيا ً، كفوءا ً ومجيدا ً .
لقد اشرنا ، في متن مداخلتنا هذه ، الى جملة قضايا مهنية صادفت الفعالية المعمارية المحلية . ونعترف بان ثمة اموراً مهنية ذات طابع ثقافي عديدة واضافية، سيتناولها باحثون آخرون مشاركون في ورشتنا المعمارية ؛ والكل يسعى الى تذليل الصعاب امام مسار عمارتنا ، توطئة لتحقيق نجاحات معمارية مرموقة . ومن المفيد هنا ، ان نشير الى اهمية اقرار هيئات المجتمع ومؤسساته الرسمية وغير الرسمية بمكانة وحضور المنجز المعماري ، كاحد اوجه تنويعات المشهد الثقافي العراقي ، وان يصار الى التدليل بشكل بيّن وواضح الى مبدعي " نصوص " هذا المنجز ، والى " مؤلفيه " الحقيقين . من هنا تبدو فكرة تنظيم وتشكيل " جائزة الابداع المعماري " امرا ً مواتيا وصائبا ً ، لتذكير المجتمع العراقي الى اهمية " المنجز المعماري " ، واشعار المعماريين انفسهم بقيمة واهمية منتجهم التصميمي .
وبما ان ورقتنا المقدمة الى الورشة ، لا تنشد اعطاء تصورات دقيقة عن " جائزة الابداع المعماري " المقترحة، كما لا تطمح الى صياغة نظام كامل متكامل لها ، اذ ان ذلك منوط بقبول المقترح اولا ً، من قبل المؤسسات المعنية ، ومن ثم يصار الى اصدار نظام داخلي تتمتع بنوده على مصداقية قانونية تعكس نصوصه الاحساس باهمية المنجز المهني ، فاننا نود ان تشير بعجالة، الى ما يمكن ان تشمله تلك الجائزة من مواضيع تتضمن ، وفق رؤيتنا ، مايلي :
1- جائزة الابداع التصميمي .
2- جائزة النشر المعماري .
3- جائزة الحفاظ على الابنية ذات الاهمية المعمارية والتاريخية .
وكما اشرنا توا ً ، فان تفصيل " جائزة الابداع المعماري " وتحديد فروعها ، وتعيين الجهة او الجهات المعنية التى تمنح هذه الجائزة ، وطريقة عمل لجانها ، ومقدار قيمتها المادية ، وتوقيت ميعادها ، وغير ذلك من الامور الاجرائية الاخرى ، سيكون رهناً بقبول المقترح اولا ً، والتسليم باهميته المهنية . ومرة اخرى نذكرّ بان جوائز الابداع المعمارية السنوية وغير السنوية ، تعتبر امرا ً معتادا ومألوفاً لدى العديد من دول العالم المتحضر ، كما تعد اجراءات منحها بمنزلة الحدث المهم في المشهد الثقافي لتلك الدول ، وهو ذاته ، ما نأمله لتلك الفعالية ان تكون عليه ، كاحدى الوقائع المؤثرة ، والحدث المفرح المرجو في الخطاب الثقافي العراقي المستقبلي .

ولعل مرتجى الامنية الاخيرة المشار اليها توا ً ، في رؤية بلدنا حافلا ً باحداث ثقافية وحضارية متنوعة ، ومفعما بامال تحقيقها ، هي التى املت علينا ، - نحن الذين نتأهب شوقا ورغبة لخدمة وطننا ، والعمل على رفعته وتقدمه - ، المشاركة في تقديم هذه الورقة المتضمنة لبعض قضايا العمارة العراقية ،التى نرى بان اثارتها ومناقشتها سيكون في صالح موضوع العمارة ومنجزها الحصيف .

هل بالمستطاع تلخيص النقاط الاساسية التى وردت في الورقة ؟
- اجل ؛ انها بايجاز تضمنت ما يلي :
اولا ً - اعتبار مصطلح " الموروث المعماري " جزءا ً من مفهوم اوسع ، نقترح تسميته بـ " المنجز المعماري " وهو مفهوم يراد به رصد الفعالية المعمارية وتغطية نشاطها في الزمن الحاضر وفي الزمن الماضي وفي المستقبل . كما لا يجوز عد ّ مصطلح " الموروث المعماري " ، وكأنه مرجعية اساسية ووحيدة للناتج المعماري المعاصر .
ثانيا ً - يتعين على المهتمين في الشأن المعماري العراقي اعادة صوغ منطلقات واهداف العمارة العراقية ، بحيث تتواءم مع المتطلبات الحقيقية والواقعية لجموع الناس العاديين وتعمل على تحقيق آمالهم في توفير فضاءات كفوءة ومناسبة لسكناهم و عملهم وراحتهم وغيرها من الانشطة الانسانية الاخرى .
ثالثا ً - بغية التسريع في حل اشكالات العمارة العراقية الحالية والمستقبلية ، يتعين معرفة ودراسة وتحليل تجارب النشاط المعماري في الدول الشقيقة والصديقة واستقراء العبر من تجاربهم المهنية في التصدي لذات المشاكل التى تواجه الفعالية المعمارية العراقية .
رابعا ً - العمل على دعوة المعماريين العالمين للمشاركة في النشاط المعماري المحلي ، واختيار معماريين معروفين على النطاق المهني والعالمي ، والنظر الى مساهمتهم كجزء من التواصل المطلوب بين العراق والعالم .
خامسا ً - العمل على تشجيع فعالية النشر المعماري ، وتأسيس دار نشر معمارية، ان امكن ، وتسريع اصدار دورية معمارية ، وتنشيط مهام التأليف والترجمة المعمارية.
سادسا ً - الاشتغال على اعداد نظام " جائزة الابداع المعماري " بفروعها كافة ، والعمل على تأليف لجان متخصصة من اجل تنظيم واخراج فكرة الجائزة الى حيز الوجود .

تقبلوا ، ايها الاصدقاء ، التمنيات الخالصة في نجاح عمل ورشتنا المعمارية ، والتمنيات ذاتها لنجاح عمل مؤتمر المثقفين العراقيين عموما . □□

د. خالد السلطاني
معمار ، واكاديمي
مدرسة العمارة / الاكاديمية الملكية الدانمركية للفنون
عضو المنظمة الوطنية للمجتمع المدني وحقوق العراقيين



#خالد_السلطاني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ثمانينية خالد القصاب : المثقف المبدع ، المتعدد المواهب يتعين ...
- صفحات من كتاب سيصدر قريباً - العمارة الاموية : الانجاز ، وال ...
- تيارات معمارية حديثة : التيار الوظيفي
- صفحات من كتاب سيصدر قريباً - العمارة الاموية : الانجاز والتأ ...
- موالي - صدام المُدَّعِية - بالثقافة - تسعى - لتبييض - سيرة ا ...
- عمارة جعفر طوقان : فعل الاجتهاد التصميمي
- المُعـلمّ - بمناسبة رحيل فائق حمد
- معالي العمارة المهنية
- عمارة اسمها .. التعبيرية - صفحات من كتاب : قرن من الزمان ؛ م ...
- عمارة اسمها .. التعبيرية
- مرور سبع سنوات على رحيل الشاعر الجواهري ( 27 تموز - يوليو - ...
- موالي صدام المدعية - بالثقافة - تسعى - لتبيض - سيرة الدكتاتو ...
- منجز العمارة الاسلامية مسجد السليمانية في اسطنبول نضوج الحل ...
- صفحات من كتاب - قرن من الزمان .. مئة سنة من العمارة الحديثة ...
- مدرسة اولوغ بيك : جماليات مكان التعلم .. والتعليم
- حديث هادئ ، في معمعة كلامية
- صفحات من كتاب - العمارة العراقية الحديثة: السنين التأسيسية - ...
- العلم العراقي الجديد: ملاحظـات تنظيـمية وفنـية سريعـة
- منجز العمارة الاسلامية (3 ) عمارة - مسجد امام - في اصفهان
- صفحات من كتاب - قرن من الزمان .. مئة سنة من العمارة الحديثة ...


المزيد.....




- عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا ...
- -أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب ...
- الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى ...
- رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
- -ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
- -قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
- مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
- فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة ...
- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - خالد السلطاني - قضايا في العمارة العراقية :العمارة ، بصفتها منجزا ً ثقافيا