سهر العامري
الحوار المتمدن-العدد: 1035 - 2004 / 12 / 2 - 07:37
المحور:
الادب والفن
هو عبد الله بن ربعي بن شبث بن ربعي الرياحي من بني رياح بن يربوع بن حنظلة ، وكان قد ارتحل الى خراسان ، واستوطن آخر عمره سجستان ، وقد أدرك الدولتين : الأموية والعباسية ، كما كان مغرما بالشراب ، مستهترا به ، وقد شرب ذات يوم وهو على قارعة الطريق بخراسان ، فمر به ساعتها نصر الليثي ، حاكمها ، فقال له : ويحك - يا أبا الهندي – ألا تصوننّ نفسك ؟ فقال لو صنت نفسي أنا لما حكمت خراسان أنت !
بَكرَ أبو الهندي يوما من الأيام الى بيت خمار كان يقع في شارع يقال له : كوى زيان وهي بسجستان ، ويكون معنى اسم الشارع بالعربية هو : شارع الخسران ، فقال ابو الهندي للخمار :
طربت الى الصبوح فهات عجلْ
فأتاه الخمار باحسن الشراب وصفوه ، فشرب على عجل وسكر فنام عند الخمار من أول الصباح ، ثم دخل نفر فرأوا أبا الهندي نائما ، فقالوا للخمار : من هذا المطروح على وجهه ؟ قال : هذا ابو الهندي ، اشتهى واسرع فسكر ونام 0 فقالوا : اسقنا مثلما سقيته وعجل حتى نلحق به ! وحين انتبه أبو الهندي عصرا ، سأل الخمار عنهم ، فقال : قوم دخلوا فرأوك مطروحا ، فسألوني عنك ، فاخبرتهم عن أمرك ، واشتاقوا الى ما سقيتك من خمر حتى صروعوا مثلما صرعت أنت ! فقال أبو الهندي للخمار : ويحك الحقني بهم وعجل ! وقد ظلوا على هذه الحال عشرة أيام ، كلما أفاق ابو الهندي وجدهم مصروعين ، وكلما أفاقوا هم وجدوه مصروعا ، وفي ذلك قال هو :
ندامى بعد عاشرة تلاقوا
وضمهمُ بكوى زيان راحُ
رأوني في الشروق صريع كأس
معتقة وما متع الصباحُ
فقالوا أيها الخمار من ذا
فقال أخٌ تخوّنهُ اصطباحُ
أدار الراح حتى أقعصته
فخرّ كأنه عود شناحُ*
فقالوا قمْ وألحقنا وعجلْ
به إنا لمصرعه نُراحُ
وحان تنبهي فسألت عنهم
فقال أتى بهم قدر متاحُ
فقلت له فسّرع بي إليهم
حثيثا فالسراع هو النجاحُ
وقد شرب ذات ليل مع نفر على سطح دار ليس فيه ستر في قرية من قرى مرو ، وقد سكروا فخشوا على أبي الهندي أن يسقط من على سطح الدار حين أرادوا النوم ، فربطوه بحبل من رجله ، وطولوا فيه ، فقام أبو الهندي في بعض الليل ليتبول ، فسقط وظل متدليا بالحبل ، وهم لا يشعرون ، فلما أصبحوا وجدوه متدليا ، ميتا !
أوصى أبو الهندي أن تكتب أبياته التالية على قبره بعد موته :
اجعلوا إن متّ يوما كفني
ورق الكرم وقبري معصره
ودفنوني ودفنوا الراح معي
واجعلوا الاقداح حول المقبره
إنني أرجو من الله غدا
بعد شرب الراح حسن المغفره
قيل وكان الفتيان يجتمعون عند قبره ويشربون ويصبون نصيبه من الخمرة على ذلك القبر0 !
* أقعصته : قتلته مكانه 0 عود شناح : المسن ، الجسيم ، الطويل من الإبل 0
#سهر_العامري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟