عماد دلا
الحوار المتمدن-العدد: 3476 - 2011 / 9 / 3 - 10:08
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لا للمجالس ..... نعم للمجالس
مؤتمرات , لقاءات , هيئات , مجالس ... وحدة وطنية , وطنية بدون وحدة , تغيير ديمقراطي , ائتلافي , اتحادي , شامل , موسع , تحضيري , تنسيقي , تشاوري , تمهيدي , قيادي , إنقاذي , وطني , انتقالي ..... الخ فهي كثيرة جدا , و منذ بداية الثورة السورية المجيدة نراها تظهر هناك وهناك " ليس ثمة من هنا , فكلها هناك "
غزارة إعلامية مؤتمراتية تستحق الوقوف عندها ودراستها وتحليلها , إلا أنني لن افعل هذا هنا وسأترك ذلك لما بعد الثورة , ما يهمني هنا هو محاولة الإجابة عن سؤال أساسي , هل نحن بحاجة لمجلس انتقالي ؟
الرأي العام منقسم بين مؤيد لتشكيل مجلس انتقالي ومعارض لتشكيله , ويبدو أن كفة المؤيدين هي الراجحة , إلا أن هذه الكفة الراجحة تنقسم بدورها و تتشظى وفق اعتبارات مختلفة تبدأ من مكان إعلان المجلس وكيفية الإعلان عنه ولا تنتهي عند عدد أعضائه ورئيسه و حقيقة تمثيلهم للثورة والية تحديدهم أو انتخابهم أو تعيينهم أو ترشيحهم .... في كل خطوة نحو هذا المجلس تكمن مشكلة عصية على الحل , فمبررات المؤيدين لمجلس انتقالي ما مبررات مقنعة في بعض الجوانب , ومبررات المعارضين لنفس المجلس مقنعة في جوانب أخرى , ولكي نخرج خارج هذه الدائرة الضيقة ونذهب باتجاهات أخرى أكثر رحابة تتيح لنا التفكير المنطقي السليم وتتسع لإجابات وحلول من خارج هذه الثنائية " موافق - معارض " " مع - ضد " " نعم - لا " علينا أن نعود إلى أصل الموضوع , و أصل الموضوع هو قضيتنا " الثورة "
اعتقد أنه من المفيد التعاطي مع ثورة الحرية والكرامة باعتبارها مشروع _وهي فعلا مشروع _ لكنه مشروع كبير يشمل الوطن كله , هي مشروع وطني مصيري كبير وهذا المشروع العظيم تتطلب إدارته كفاءات عالية ومهارات فائقة وحنكة وإبداع ... والشعب السوري لديه كل هذا وأكثر , لكن الخوف كل الخوف مما يمكن أن اسميه أخطاء بدئية وهي من الأخطاء القاتلة التي قد تودي بكل الكفاءات وبكل العمل إلى ما يسمى رياضيا " محصلة صفرية " , ونفي احتمال حدوث هكذا أخطاء كارثية يستوجب مراعاة قواعد عامة أساسية تنطبق على اكبر المشاريع كما تنطبق على أصغرها بما فيها المشاريع الشخصية البسيطة
" معطيات – أهداف – احتياجات – قواعد العمل والياته – الزمن " تحليل مجمل هذه العناصر ودراستها وفهمها هو الذي ينتج الخطة المناسبة لإدارة المشروع ونجاحه , بحيث تكون الإجابات حاضرة عن أي تساؤل من قبيل لماذا , كيف , متى ؟
إن الخلافات القائمة الآن بخصوص المجلس الانتقالي وعموم المجالس التي تُشكل أي كانت مسمياتها , هي خلافات قائمة على سؤال , كيف ؟ ورغم أن الإجابة على هذا السؤال مهمة وضرورية وتستدعي الاختلاف , إلا أن الوصول إلى هذا السؤال يعني أن هناك إجابات محسومة ومتفق عليها بخصوص لماذا ؟ ومتى ؟
الكثيرون متفقون على ضرورة تشكيل مجلس انتقالي الآن ؟ ... لكن لم يقل لنا أي منهم أين تكمن هذه الضرورة , , و أكثر ما يقال في هذا الموضوع , هو أن الثورة تحتاج من يمثلها , وهذا صحيح فتمثيل الثورة ضرورة ملحة , لا بل انه تأخر كثيرا..... لكن تمثيل الثورة شيء والمجلس الانتقالي شيء أخر _ وضرورة التمثيل تنبع من الحاجة للتنظيم لتحسين الأداء الثوري وضمان استمراره , فضرورات المجلس التمثيلي هي ضرورات تنظيمية عملياتية تخطيطية وميدانية وضرورات سياسية ثورية .
فانتفاء الحاجة لمجلس انتقالي يكمن بعدم وجود مسوّغ لوجوده , فنحن ما زلنا في المرحلة الماقبل انتقالية , بغض النظر عن زمن الثورة , فلكل ثورة ظروفها ومعطياتها وحيثياتها , وما يصح هناك ليس بالضرورة أن يصح هنا , فنظام العصابات المجرمة في سوريا نظام فريد واستثنائي في العالم والتاريخ , فطريقة تشكيل هذا النظام والقائمة على اختيار عناصره وفق معايير أمنية فئوية مفرطة في التطرف والصرامة جعلت منه تشكيل عصاباتي صلب ولهذا فهو مازال متماسكا ككتلة واحدة منسجمة متناغمة متعاضدة ,ومن المستبعد أن ينهار تدريجيا " بالرغم من ظهور انشقاقات فردية هنا وهناك " هذا النظام سينهار ككتلة واحدة " من مختار أصغر قرية في البادية السورية يعجز غوغول ايرس عن التقاطها وحتى رأس الهرم " هذا أولاً.
ثانياً , باب الحوار مع النظام اقفل , بل هو مقفل منذ انقلاب 1963 , فهذا النظام لا يعترف بوجودك أصلا فكيف يقبل بمحاورتك , وهل يعرف أساساً هكذا لغة , قدمنا له فرصة تاريخية _ وأقصد ب "نا " نخبة المجتمع السوري من قوى معارضة ومثقفين وناشطين سياسين وحقوقيين و اكادميين وكل السوريين المهتمين بالشأن العام _ في بداية عهد الوريث الابن , فحول ما سمي" ربيع دمشق " إلى صحراء قاحلة حيث توزعت زهور هذا الربيع القصير بين معتقل وملاحق ... وحتى في بداية الثورة السورية المجيدة تقدمت هذه النخب وبدافع من الوطنية ومن حس المسؤولية المفقود نهائيا عند هذا النظام بمشروع وطني قائم على الحوار وعلى مبدأ المشاركة , إلا أن النظام رفض ذلك و أوغل في القتل والإجرام .
ثالثا , باب التفاوض لم يفتح بعد , ولا أظنه سيفتح , فلن يقبل أحد بالتفاوض مع مجرم إلا على تسليم نفسه , وهذا أمر مستبعد .
ولهذا ولكون عمل المجلس التمثيلي تتلخص بأفعال عملية إجرائية تهدف لدعم الثورة وضمان استمرارها وعبورها المرحلة الأكثر خطورة " الماقبل انتقالية " , ولكون المجلس التمثيلي الضرورة خارج إطار الحوار والتفاوض ولكونه يمثل مرحلة ليس فيها أي إقرار أو تثبيت لأي مبدأ وطني عام من مبادئ الدولة , فليس من الضروري أن تحاكي تشكيلة هذا المجلس التشكيل النيابي الذي تفرزه العملية الانتخابية الديمقراطية
كما انه ليس من الضروري دمج قوى الداخل وقوى الخارج في مجلس تمثيلي واحد وذلك لضرورات تفرضها ظروف الثورة السورية ... فلو كانت الثورة قائمة بالأساس على وجود قيادة ثورية موحدة , لكان ذلك أمر طبيعيا كما هو معروف تاريخيا في كثير من ثورات العالم بحيث تكون قيادة الثورة موزعة بين الداخل والخارج لكن ضمن مجلس موحد ...... ولو كانت الظروف الموضوعية تسمح بحرية التنقل واللقاء " كما في الثورة المصرية مثلا " لكان أيضا ممكنا أن يكون هناك مجلس موحد
ونظرا لمجمل هذه الظروف ولكون المهام والواجبات المناطة بالداخل تختلف عن المهام والواجبات المناطة بالخارج نتقدم للقوى الفاعلة في الثورة السورية بالاقتراح التالي : تشكيل قيادة ثورية في الداخل , ومجلس لممثلي الثورة في الخارج , وليس من الضروري أن يحاكي كلا التشكيلين في تشكيلهما التشكيل النيابي لكون دورهما هو دور وظيفي عملي إجرائي أكثر مما هو دور تمثيلي سياسي , ويتم التواصل والتعاون بين التشكيلين عبر قنوات مفتوحة ودائمة للتنسيق معا ولمعرفة احتياجات كل تشكيل ومهامه وخططه وبرامجه
هذه خطوط عريضة للمقترح ولمبرراته , وعدم نشر التفاصيل لا يعني غيابها ..... و دمتم
#عماد_دلا (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟