أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمود - كلام مناسباتي جداً للعُزَّل إلا من الحياة جداً جداً














المزيد.....

كلام مناسباتي جداً للعُزَّل إلا من الحياة جداً جداً


إبراهيم محمود

الحوار المتمدن-العدد: 3471 - 2011 / 8 / 29 - 15:56
المحور: الادب والفن
    



على مدى ملايين الأميال من المرارة المشتركة، وفي مساحات تترى من المكابدة، تمتد بين الحبل المشيمي فينا والحبل الذي يسلّم الجسم المكفَّن للقبر، بدءاً من وطن لا يسمّينا إلا لحظة الفاجعة، ويتنكر لنا بحضور جمهرة الأوغاد، أيها الأصدقاء الذين صادقت جفونُكم كرى الليالي الثقيلة الخطى وهذبت أحلامَكم قامات إراداتكم الباتعة.

في حضرة"لا" لكل سافل وقاتل وضحل الروح، يأتيني مداد" نعم" سخي من بين أصابعكم المترعة بالطراوة.

يجمعنا ألم الحنين إلى لقاء وطني يستفظعه جلاد مدمنُ القضبان وروايات السفه ومديح الطاغية عرَّاب الخرائب:

للجامعين بين ألِف الحياة الحقة ويائها، للطلقاء لا الفرقاء، لأمراء المعنى لا وزراء التكليف، للمعنيين بالحياة كما يجب أن تكون أبعد مما تكونه راهناً، أنَّى كانوا وحلُّوا، أهتف بكاملي : سلاماً لكم أيها العزَّل إلا من الحياة.

أيها العزَّل إلا من الحياة، خذوني معكم، كاتب أسراركم، سمير لياليكم الحانية، رفيق نهاراتكم الثملة بكم.

إيها العزَّل إلا من الحياة، وأنا الأعزل إلا من الرغبة في أن أكون شاهد عيان حياة كما لم تُروَ من قبل.

ليس إلاكم أنتم إياكم أعني وأنتم تعنُون وثبة الشباب في كل منحدر حياة، ومنعطف حياة، واستراحة حياة.

أيها القائمون في الحياة دون انحناء، القيّمون على حيواتهم بالجملة: المفلسون إلا من الحب، الجديرون بالحب كما لو أن الحب لم يفطر إلا تيمناً بكم، الماضون في الحياة كما لو أن الحياة تتفعل بكم لا سواكم. أيها الضعفاء إلا من الرغبة في الحياة التي تستأهل اسمها، الفقراء إلا من معنى أن تكونوا في الحياة، الهشون إلا من بلاغة الإرادة، في مواجهة العارين عن الصحة وشقيقاتها، كما لو أنكم الصواب ليس إلا، كما لو أنكم ضرورة الحياة ذاتها.

سيضحك الله لكم، على ثبات أعينكم واستقرار قلوبكم وهدوء جلودكم، كما لم يضحك من قبل لأحد من قبلكم!

لن أسمّيكم بخاناتكم فأنتم خارج أروقة الخانات والحانات، يا أحبة: أعزَّة حرية تهون دونها كل حياة خاناتية...

أيها الأعلون شأنكم شأن الأعالي كما لم تعهد شريكاً سواكم في خبز الحياة الساخن، ونبعها المشرئب بزلاله.

أنتم من أعني حيث تكونون كما هي الحياة في جهاتها الست، كما هي السموات السبع وطبقات الأرضين السبع، وصحبتكم أكثر من معجزات سبع: فيما تكونُونه وتكوّنونه وتنشدونه وتحرسونه وتعززونه وتجددونه وتسمُّونه!

ذاك هو هتافي الروحي وأنتم بكامل أسمائكم وطرقكم الألف وحريتكم التي تشير إليكم بيدها ذات الصواب.

أسمّي فيكم المنتظَر في حضوركم وغيابكم وهو حضور في الرشاقة، في تلطفات اللغة وأفانين بهاء معانيها.

أحيل إليكم الحياة التي تردُني أخبارها تباعاً، وقد تعاظمت مدوناتها وألسنتها الألف وواحد يصل فيما بينها:

للذين يعبُّون الحياة عباً، ويشمتون بالشامتين إجلالاً لحياة وحدهم وحدهم الأقدر على تصريفها وتلطيفها.

للذين ينهضون من الألم سعداء في انتظار طلقة الفرح أو بشارة الحياة كما لم يعشها أحد من قبل أبداً أبداً.

للذين استوفوا شروط الحياة إذ يستخرجون من الكلام ما يطريه الكلام نفسه، ويستعذبون الحياة إلى درجة أنها تفرج عما تحتكره لنفسها، احتفاء بهؤلاء المدمنين على حبها وهم ممصوصون من شدة المعاندة، بينما تكون أرواحها عالية الأنفاس، رحبة المقادير، لا يد تسترجي المطاولة عليهم، وهم أنفَذُ من الهواء وأحْنَكُ من النار.

للذين يرتحلون ويثمرون في جنبات الحياة على مدار الساعة، ليس من زمن يلفت نظرهم، ليس من ليل، ليس من نهار، إذ إن زمانهم واحد، وهم يهتدون بساعتهم الروحية، على قدر وافر من الحرية كما لو أنهم الحياة ذاتها.

للذين يدَعون البوصلة لمن يعكر صفو الجهات، لمن يخلط بين الخنصر والبنصر، بين الشفق والغسق، بين طلقة الشهقة وشهقة الينبوع، لمن تأخذهم سنة من نوم كل حين، وهم في مطاوي التيه، وخذلان المعنى، لأن الذي اكتفوا به كما تقول عناوينُهم الجهاتُ البليغة، كما تقوم شموسهم وأقمارهم وهي تقتدي بخطواتهم، همُ البوصلة.

للذين تعف نفوسهم عن ذكر المناسبات ومضارباتها ويعدُّون التوقيت المقطّع لشمالهم وجنوبهم، لأفكارهم الكونِ ُ، لمشاعرهم الطبيعةُ الخلاقة، لأحاسيسهم المدى الفضائي، كما لو أنها نفوس خلقت لتعلّم اللغات دقة التهجئة.

لما هو أبعد من كل عيد، من كل صوم رباني بهدف مرسوم، من كل تعويذة جامعة ِمخاوف، من كل محظور باعث على التردد والافتئات في الروح، لما هو أبعد من فناء الجسد، لما هو أكثر قرباً من روح تعيش ما بقيت حية، أعيادها الدائمة، فصولها الممهورة بأنفاسها، خطوط اتصالها بالمستحيل، لما يقرب من الأبدية الجذلى.

للذين أعنيهم- مجدداً- بظلالهم السمحاء، بلغاتهم، بصراحتهم في معانقة الآخرين، وبساطتهم الجليلة في حب الحياة بمن فيها، ونهيهم عن لسع القريب على غفلة، ودأبهم في احتضان من هم أهل للحياة، كما لو أن المكتشف فيهم وبهم، ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا يد صافحت ولا صدر احتضن، ولا روح عاشت متعة لا تزول..

لجامعي الأوطان في وطن واحد، وطن لا تتلبسه شائبة، وطن من عناصر بقائه المثلى، وطننا قبلة أرواحنا..

للذين يجمعون بين نهرية الذكورة وينبوعية الأنوثة، بين بلاغة الطفولة وطيران الشجاعة الحر، بين براءة لا تجارى في حكمتها، وعفة نفس تبز كل طمأنينة معهودة، حيث تقيم أسماؤهم في حقول فارهة من ضوء، في برار من عبق، على قمم من طموح الرؤى، مشبوكة بصداقات لا تقول إلا ما ألِفته من شفافية العالم وخلود عشقه.

كل حياة وأنتم أبديون، كل ثغثغة وأنتم موعودون بسهول وافرة الندى، كل منعطف وأنتم طَلةُ منبَسطه الضاحك!



#إبراهيم_محمود (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- القامشلي في كتاب عن القامشلي حول كتاب( القامشلي1925-1958) لأ ...
- أقولها لمن يسمع
- انتصار الدم الليبي
- حول مقال(PKK إرهابي حتى النخاع؟!)-
- في البازار الثقافي الكردي
- PKK إرهابي حتى النخاع؟!-
- سرديات القهر، في المجموعة القصصية (غبار البراري) لصبري رسول
- المصحَّة الكردية: ليس من كردي معقَّد إطلاقاً
- النظام يريد إسقاط شعبه
- بين فرعون وطغاة اليوم
- الإعلان عن دورة تدريبية لقادة أحزاب الحركة الكردية في سوريا
- أحزاب الحركة الوطنية الكردية في سوريا بين التجاهل والتحامل
- أطفالُ المعارضة وسمُّ الحيَّة
- سيصبح بشار الأسد أتاتوركاً كردياً؟
- أيها المؤتمري الكردي، قف: نقطة نظام-
- نورالدين ظاظا وأحداث 2011 كردياً
- نداء عاجل إلى الأحزاب الكردية ومن في ركابها
- ماذا يعني لو حلّت الأحزاب الكردية نفسها؟
- لعبة الشطَّار: الأحزاب الكردية وحرابها الذاتية
- كردي كردستاني، أم كردي سوري..؟!


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - إبراهيم محمود - كلام مناسباتي جداً للعُزَّل إلا من الحياة جداً جداً