|
- شيخ مَحشي - !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 16:46
المحور:
كتابات ساخرة
أحد أصدقاءنا كانَ من " الشيوخ " .. ( لم نكن ندري حقاً هل هو من عائلة شيوخ " أصلية " ، أم ان لقبه مُكتَسَب بطريقةٍ غير شرعية مثل بطل قصة عزيز نسين ! ) ، على أية حال ،عندما كُنّا نُريد أن نزعجه .. يقولُ أحدنا انه تغدى اليوم " شيخ مَحشي " ، وعندما تَحّررتْ سيناء بعد حرب 1973 ، وأقامتْ مصر منطقة سياحية راقية ، في " شَرم الشيخ " .. اُضيفت هذهِ العِبارة ، الى القاموس الذي نُداعب به صاحبنا !. فنتمادى ونقول : [ هنالك وليمة في شرم الشيخ ، والطبق الرئيسي المُقّدَم هو شيخ المَحشي ] ... كان صديقنا لايزعل من هذه الكلمات .. بل هو نفسه كان لايميلُ الى الآغوات والشيوخ !. أعتقد ان هنالك ، مُعادلة في غاية الوضوح .. : كُلما كان المُجتمع عشائرياً ، ونفوذ الشيوخ كبيراً .. كُلما أصبح تَقّدُم هذا المجتمع صعباً ، وإصلاحه وتطويره ليسَ يسيراً . وكُلما كان بِمُتناوَل الشيوخ ، تجاوِز القانون وعدم الإلتزام به ... أصبحتْ الفوضى واللاعدالة هي السِمة الغالبة . كُلما كانتْ الأعراف الخاوية والتقاليد البالية ، هي السارية على المجتمع ، على حساب القانون الوضعي والعدالة .. فأن مؤسسات الدولة المدنية تتراجع وتتقهقر . وطالما ان الشيخ ، هو الذي " يفصل " في قضايا المرأة ويُقّرِر مصيرها ، فأن نصف المجتمع عبارة عن سلعة او بضاعة ، قابلة للشراء والبيع والتبادل والمُقايضة . عندنا في العراق اليوم .. باتَ الشيوخ يتصدرون المَشهَد .. فيكاد لايمُر أسبوع ، إلا وينعقد مؤتمر لشيوخ عشائر هذه المنطقة او تلك ، او لشيوخ المذهب هذا او ذاك .. وتلك علامة واضحة ، على ضُعف الدولة ، وهشاشة الوضع السياسي والاجتماعي .. والإرتباك الذي تُعاني منهُ الاجهزة الامنية ، وهزال السلطة القضائية ، وإنعدام الثقة بالمؤسسات الحكومية . عندما يفتقد المواطن للشعور بالأمان ، وعندما لايشعر بأن الدولة تحميهِ .. فأنه مُضطَر للبحث عن بدائل اُخرى ، والبدَيل المُتوفر والمُتاح ... هو الشيخ ، بقُوتِه العشائرية او الدينية ، او كليهما ... وهُنا يبدأ إنحدار المُجتمع ، وتفقدُ " المواطنة " قيمتها ومحتواها .. بالعَودة الى الأعراف العشائرية التقليدية ، بما تتضمن من تخلف ورجوعٍ الى الوراء . ما يحدث اليوم في عموم العراق .. هو تكريسٌ لهذه القِيم ، التي هي خليطٌ من بقايا البداوة الفّجة التي " تحترم " الغزو وتُبيح " الغنيمة " ، حيث انها تعتبر الإغارة على قبيلة مُجاورة ، شُجاعة ... فكيف بالإستيلاء على الأموال العامة للدولة ؟ ، وبعض قشور الدين المُغّلفة ، بالمَيل الى " تقديس " الشيوخ والسادة ، وتبرير كُل أفعالهم ، مهما كانتْ سيئة ومؤذية . صديقي القديم ، المرحوم " الشيخ " ، كانَ هو نفسه ، يسردُ أحياناً طرائف ونكاتاً ، عن تصرفات ( بعض ) الشيوخ ، وإزدواجيتهم .. وخداعهم للناس البُسطاء عن طريق إدعاءهم للتقوى والنزاهة والصدق .. وحَث الناس على عدم إرسال أطفالهم الى المدارس ، لكي [ لاتفسد أخلاقهم ] ... بينما هُم أي الشيوخ ، فأنهم يبعثون أولادهم وبناتهم ، الى أفضل المدارس . وبالفعل فقبلَ ستين سنة ، كان العديد من أبناء الشيوخ ضُباطاً وأطباء ومهندسين ... ويقولون لِعامة الشعب : لاترسلوا أبناءكم الى المدارس .. لأن ذلك حرام !. طبعاً لكي يظلوا جَهلة اُميين وتسهَل السيطرة عليهم ! مثل هؤلاء " الشيوخ " ، يستحقون فعلاً ، ان نُرّدِدَ على مسامعهم يومياً : " شيخ مَحشي " !.
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أمثالٌ عراقية
-
تأجيلات
-
لِنُقاطِع البضائع التركية والايرانية
-
بعض جذور المأزق الكردي
-
المعلومة
-
الصَوم المُتقَطِع
-
الموبايل
-
إنتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان -1-
-
الرأسمالية المُتوحشة
-
إهمال الأطفال في العطلة الصيفية
-
ألشَرَف
-
على هامش إجتماع قادة الكُتَل
-
بالروح .. بالدَم نفديك
-
رجعيو البصرة وشيوعيو الموصل !
-
إبتسامات رمضانية
-
إنقلابٌ صامت في تركيا
-
الغُربَة .. وفُقدان الذاكرة
-
جَشع التُجار .. وحماية المُستهلِك
-
زيارات الرؤساء .. مَحَلِياَ
-
ايران والحدود مع العراق
المزيد.....
-
احتلال فلسطين بمنظور -الزمن الطويل-.. عدنان منصر: صمود المقا
...
-
ما سبب إدمان البعض مشاهدة أفلام الرعب والإثارة؟.. ومن هم الم
...
-
بعد 7 سنوات من عرض الجزء الأخير.. -فضائي- يعود بفيلم -رومولو
...
-
-الملحد- يثير الجدل في مصر ومنتج الفيلم يؤكد عرضه بنهاية الش
...
-
رسميًا إلغاء مواد بالثانوية العامة النظام الجديد 2024-2025 .
...
-
مسرح -ماريينسكي- في بطرسبورغ يستضيف -أصداء بلاد فارس-
-
“الجامعات العراقية” معدلات القبول 2024 في العراق العلمي والأ
...
-
175 مدرس لتدريس اللغة الصينية في المدارس السعودية
-
عبر استهداف 6 آلاف موقع أثري.. هكذا تخطط إسرائيل لسلب الفلسط
...
-
-المُلحد-.. إبراهيم عيسى: الفيلم هو الدولة المدنية التي نداف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|