|
قرن من التاريخ المترع بالتضحيات
موسى غافل الشطري
الحوار المتمدن-العدد: 3470 - 2011 / 8 / 28 - 15:19
المحور:
الادب والفن
بكل أسف تنطلق بعض الألسن الوقحة هنا و هناك ، لتنال من أعظم مسيرة نضالية عرفها التاريخ العراقي الحديث . و من المهم أن نذكِّر المشككين و المتنكرين للحقيقة الدامغة التي تثبت على أن ما عزز ازدهار العلم و الفن و الأدب و علماء الاقتصاد و الاجتماع و غيرهم ، ما كان لغالبيتهم الساحقة ، إلاً نتاجاً لمدرسة الفكر التقدمي الذي قاده متوقدي النشاط المتربين على نهج الفكر اليساري من شيوعيين و مؤيديهم . وهذه الحقيقة ليست من صنع أو فبركة أحد مدعٍ . بل هي الحقيقة بعينها . رغم أنف الحاقدين . و لقد تربى ممن هم من أولاد الشيوعيين و اليساريين وما تأثروا بالسياسة إلاّ من خلالهم . وانخرطوا بتيارات أُخرى منها التيارات الدينية . بل و نشأ الشيوعيون في بيوت مؤمنة . تقية ورعة . ومن هذه العوائل خرج الشيوعيون على أعلى مستوى من الوعي و الإلتزام الأخلاقي . و قد ابتعد الشيوعيون عن اولئك المسفين اخلاقياً و اجتماعياً . و حوسب أي شيوعي من قبل تنظيمه إذا أخل بسمعته و التزامه في السلوكية العالية ، لكي لا تنعكس على أنعكاساً سيئاً ضد مسار التنظيم . في هذه الأيام تحاول بعض النغمات المشبوهة ـ و التي سوف لن تجد لها أرضاً صالحة ـ أو تجد من يتقبلها . إن مثل هكذا زمن ولّى إلى غير رجعة ولم يعد بصالح مريديه . و إن التجارب تثبت على أن الشيوعية و اليسار هم الأكثر حرصاً و نزاهة . و خلقاً و اماناً . ذلك ما تعوَّد عليه الشيوعيون و تمرسوا فيه . وهم على بينة بواقع المواقف لمطلقي الشتائم و التشكيك في وطنية الشيوعيين .و لكن البينات تعطي أجوبتها لكي يخرس هؤلاء ، و لكي تتوضح الأمور للذين يفتقرون للمعلومات الواضحة التي عتّم عليها العهد الصدامي بقوة المخبرين و القتل و العقاب لرابع جار . و الآن يجرب حظهم أولئك الخائبون . و سيخيب جهدهم ، و سينكصون إلى الخلف كما نكص الصداميون . (قل لي ما هو موقفك من الشيوعية أقل لك من أنت ) و هذا ما ينبغي أن تدركه هذه العناصر الضاله التي فاتها الزمن و خابت أمانيهم . فالشيوعيون لم يكونوا دعاة تخريب و ترهيب . بل هم أهل وطنيه و أهل مبدأ ، ولهم من علماء الدين من يحترمهم . و أن أهم ما يشرفهم : أنهم باستمرار لا يملكون شروى نقير إلاّ حسناتهم و رجاحة عقلهم و نواياهم الحسنة . لكل ما تقدم : لم يكن الحزب الشيوعي عابر سبيل . بل هو من أرسى قيماً نبيلة في تاريخ النضال السياسي و الوطني و الجماهيري . و هو أول من تبنى النضال من أجل الأهداف الوطنية بوجهها الإنساني الناصع . و قاد الهبّات الثورية في تظاهراته ضد الصهيونية و قدم التضحيات في تظاهرات عام 1974 و قاد وثبة كانون 1948وما قَبْلَ وبعد هذا التاريخ تبنى القضية الفلسطين و قدم الدماء من أجلها ثم اسقط حكومة صالح جبر . وفي عام 1952 قاد انتفاضة تشرين و أسقط الحكومة. وقاد انتفاضة عام 1956و قدم الشهداء منهم من اتشهدواواعدموا كما حدث في قضاء الحي / واسط . كماهبّ الشعب بقيادة الشيوعيين لنصرة الشعب المصري أبان العدوان الثلاثي. و ساهم مساهمة طليعية في انتصار ثورة 1958 تموز. و في عام 1963 قاوم الانقلاب الفاشي بقيادة حزب البعث ، بعد ساسلة طويلة من الملاحقات قبل الإنقلاب الذي دعا الجواهري أن يناشد عبد الكريم قاسم قائلاً: تالله لاقتيد زيد باسم زائدة و لابتلى عامر و المبتغى عمر كما قاد الحزب الشيوعي انتفاضة حسن سريع التي لم تخدمها الظروف وتم إعدامه و رفاقه . و في الستينات اللاحقة خاض الحزب الشيوعي معرك ضارية مع السلطة العارفية بالأخص في الريف و كذلك ما بعد مجيء انقلاب 1968 و قد تعرضوا للتصفية في زمن ناظم كزار بتوجيه من قيادة حزب البعث . وفي الثمانينات قاد الأنصار الشيوعيون و حلفاؤهم المقاومة في شمال العراق . و رفع السلاح إلى جانب الحركة الكردية وقدم مئات الشهداء . وفي عام اسقاط النظام قاد الحزب الشيوعي عملية طرد القوات التابعة لنظام البعث من كردستان . وقدَّم في وقوفه ضد الدكتاتورية و الانقلابات الفاشية آلاف الشهداء من خيرة رفاقه و محبيه . و لم يكن آنذاك من القوى القومية أو غيرها ،من هي قادرة على خوض هذا النوع من النضال المقدام . فليعطني الأدعياء ممن يسئ للحزب الشيوعي تاريخاً حافلاً كهذا ، أو دليلاً منطقياً ضد محسوبيه ، من ليس في جعبتهم الخاوية غير الشعارات البائخة التي دسها البعثيون أبان نظام عبد الكريم قاسم . و البعثيون و مخابراتهم معروفون بتلفيق الشعارات و طرحها أمام أناس يتعاملون معها بحسن نية . إن الحزب الشيوعي العراقي أرسى أخلاقية رفيعة في سوح النضال الذي انغمر فيه بكل إيمان ، ومن خلال ذلك تعمق حماسنا و انحيازنا لنصرة الشعب ، و خوض النضال من أجل المطالب الوطنية و الجماهيرية .و كان لاستهداف تنظيمات الحزب الشيوعي غاية مبيتة و مرسومة بقصد حرمان الشارع العراقي من أقدر تنظيم جماهيري متفان من أجل مصالح الشعب و رائد لا يشق له غبار في تقويم الانحرافات ضد تطلعات الشعب . و قادر على إرساء سفينة النجاة إلى الشواطئ الآمنة . و كان هو صمام الأمان الذي طالما يلبي ساعات الشدة ليقف إلى جانب القضية مهما قست الظروف، وفي وقت الانحرافات الفاشية واللاوطنية . والحزب الشيوعي ناضل بلا هوادة من أجل تقويم المسار ، حتى لو تطلب الأمر تقديم التضحيات الجسيمة . فالساحة التي تخلو من دور الحزب الشيوعي بكفاءته العالية ، تفتقد إلى دليل الدرب المجرب في مسيرة المتاهات وتتعرض قضايا الشعب المصيرية إلى خسائر لا تعوض في مسيرة تجري ضمن النهج الصحيح . و غيابه المؤثر على الساحة ،حتماً يؤدي إلى متاهات تتسبب في كوارث سياسية و اقتصادية و اجتماعية و ثقافية و جغرافية و ثروات نفطية و مائية وضياع رؤيوي في مسيرة تتعرض إلى هجمات الفئات الضارية الشرسة و غيرها . و كان الفرد الشيوعي هو المثال الرائع لوضوح الرؤية و الدليل المجرب و الزاخر بالحماس الوطني و السلوكية و الاجتماعية الرفيعة و للشجاعة الفائقة و للأمانة و الحرص على مصالح و ثروات الوطن و الصدق و التواضع و الغيرة . و كان هو السباق في التزامه قضية التحرر الوطني ، و في طليعة القوي الوطنية المخلصة . و الشيوعي صاحب التزام ، حتى في سلوكه اليومي . فهو حريص على دقة المواعيد. هو حريص على دقة الانغمار في خدمة الشعب . هو حريص على إبداء التواضع. هو حريص على تبني المساعدة . فهو عنصر إيجابي في المجتمع .، لا يتوانى عن التضحية في حياته من أجل المهمات الصعبة . و في كل الأحوال ، كان الشيوعي و لم يزل مثار إعجاب و احترام، و معوّل عليه و مطلوب للملمات ، ووجهاً ناصعاً من وجوه المجتمع . و حتى اليوم و ما بعد اليوم ، سيبقى الشيوعي ملح الأرض . و سيتألق معدنه. و سيعرف الشعب أن ليس هناك من هو أكثر نزاهة و حرصاً و صدقاً ووطنية و إنسانية و سخاءاً من الشيوعي. و هكذا يشاهد المجتمع العراقي هذه النخبة الطليعية، فالشيوعي هو صاحب الرأي الصائب. و الشخص المجرب. و هو الحكيم الذي مّرت على حياته مصاعب و ملمات الحياة و عذاباتها و الليالي المظلمة القاسية ، و من عجن دقيقها و عالج أشدها و مارس التعامل الواعي مع انعكاساتها . و مع كل هذا بقي هو الابن البار لهذا الوطن و دليل المسار عند الإنعطافات الحادة . إن خلو ساحة النضال العراقية من قائد مجرب عبر عدة عقود كالحزب الشيوعي حتماً يؤدي إلى سوء إدارة دفة سفينة النجاة و إفشال هيمنة القوى التي تفتقر للخبرة ، ضعيفة التجربة تتسم بهشاشة الحرص ، و التخبط بإصدار إجراءات عشوائية غبية خبيثة النزعة ، ارتجالية متسرعة ، مخترقة تقوم بتنفيذ خدمات خجولة ، و عبرها تختفي مليارات الدولارات و ترليونات الدنانير و تختفي و تمضي السنين دون أن تحمل ما يمكث في الأرض . و لهذا ينبغي أن لا تخلو ساحة الوطن عن حضور الحزب الشيوعي لأداء مهماته من أجل الشعب و الوطن و التي هو كفء لها . نحن نشكر الحزب الشيوعي لأنه أزال الغشاوة عن عيوننا لأنه أضاء لنا الطريق . و ثقفنا . و أطلق لساننا. و جعلنا حريصين .. و علّمنا كيف نحرص على دقة الرأي الذي نتخذ فيه القرار الشافي . و لا ننجر لترهات ضيقي الأفق .
#موسى_غافل_الشطري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ألأمر مطروح مع سبق الإصرار
-
طلقة الرحمة على الصمت
-
العراق أولاً أيها السادة
المزيد.....
-
بليك ليفلي تتهم زميلها في فيلم -It Ends With Us- بالتحرش وال
...
-
“الأحداث تشتعل” مسلسل حب بلا حدود الحلقة 47 مترجمة بالعربية
...
-
في ذكرى رحيله الستين.. -إيسيسكو- تحتفي بالمفكر المصري عباس ا
...
-
فنان أمريكي يتهم الولايات المتحدة وإسرائيل بتنفيذ إبادة جماع
...
-
-الناقد الأكثر عدوانية للإسلام في التاريخ-.. من هو السعودي ا
...
-
الفنان جمال سليمان يوجه دعوة للسوريين ويعلق على أنباء نيته ا
...
-
الأمم المتحدة: نطالب الدول بعدم التعاطي مع الروايات الإسرائي
...
-
-تسجيلات- بولص آدم.. تاريخ جيل عراقي بين مدينتين
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
السكك الحديدية الأوكرانية تزيل اللغة الروسية من تذاكر القطار
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|