|
يجب أستكمال الثورة
حسام الحملاوي
الحوار المتمدن-العدد: 3469 - 2011 / 8 / 27 - 13:02
المحور:
مقابلات و حوارات
حوار حسام الحملاوي - الصحفي والناشط في حركة الاشتراكيين الثوريين- مع قناة التحرير
الحوار التالي أجراه الإعلامي محمود سعد مع الصحفي و الناشط السياسي الأشتراكي حسام الحملاوي في 16-8-2011. الحوار كان في برنامج "يا مصر قومي" الذي يبث من قناة التحرير. أرتأيت تحوبل هذا الحوار إلى نص نظراً لأهميته. أهمية الحوار تكمن في ما تتضمنه من معلومات دقيقة حول الحركة العمالية في مصر و كذلك في إظهارها للروح الثورية العمالية التي أصبحت طاغية في صفوف اليسار المصري عموماً. لعل هذه الثورية العمالية، التي هي علامة على بروز الطبقة العاملة على الساحة السياسية في مصر، تعبر عن نفسها بلسان حسام الحملاوي أصدق وأبلغ تعبير موجود. قال حسام الحملاوي قبل أشهر بأننا يجب أن ننقل روح ميدان التحرير إلى كل المعامل و كل الأوساط العمالية، ويقول هنا بأنها قد بدأت تنتقل بالفعل، فها هي قلب الثورة تنبض بين العمال كما لم ينبض أبدأ. وأنا أقول بأنه يجب علينا كشيوعيين أن ننقل الروح الثورية لعمال مصر إلى الطبقة العاملة على صعيد المنطقة كلها. فالكثير الكثير في مستقبل مجتمعات المنطقة يعتمد على إشاعة التجارب النضالية والعزيمة الثورية لعمال مصر في البلدان الأخرى في العالم العربي. عسى أن يكون نشر هذا الحوار مفيداً في هذا الأتجاه. جدير ذكره إن النص تم مراجعته من قبل الرفيق حسام الحملاوي نفسه و ينشر بعلمه و موافقته. النص مطابق تماماً للحديث و تم فقط إضافة بعض الكلمات في الأقواس لغرض التوضيح. ش.ع. 26.08.2011
محمود سعد: في سنة 2000 دخل شاب أسمر جميل الجامعة الأمريكية، و نزل العلم الامريكي، لم يتركوه طبعاً. أخذوه للأمن المركزي ومباحث أمن الدولة و... ولكن الجميل أنه كما يحدثني الآن هذا الشاب بأن العلم لم يتم رفعه بعد ذلك. معي اليوم الناشط السياسي في الاشتراكيين الثوريين الأستاذ حسام الحملاوي، مساء الخير استاذ حسام. حسام الحملاوي: مساء النور.... محمود: هل تريد في البداية التعليق على مكالمة رباب (مشاهدة أتصلت بالبرنامج قبل الحوار مباشرة لتدافع عن تقديم الثوار للمحاكمات العسكرية و تهاجم الثوار). أنا لدي أراء و أفكار سنناقشها معاً، ولكن إذا كنت تريد التعليق على حديث رباب تفضل. حسام: ليس كثيراً، ولكن سأعلق بجملة بسيطة، وهي إن اللجنة الإعلامية التابعة للحزب الوطني بدأت تنشط من جديد، بكل بساطة. لأني إذ أرى ذات الكلمات تتكرر في أكثر من قناة بحذافيرها، و بنفس الوتيرة من الهجوم، و حديث آتي فعلاً من كوكب آخر وليس له أي علاقة بالواقع، أقول إنه هناك حملة دعاية منظمة ضد الثوار. محمود: لمصلحة من؟ حسام: لمصلحة الثورة المضادة. الحقيقة إننا أزحنا حسني مبارك، و لكن نظامه ما زال حياً ويناور، ما زال قائماً ومازالت معظم مؤسساته تعمل وهناك أناس من الذين يحكمون البلد ليس من مصلحتهم أن تتقدم الثورة، ويحاولون أن يفرغوا الثورة من مضمونها عند أي محاولة لها. محمود: ولكن...انا أريدك أن توضح لي. لما تم أزاحة مبارك عن السلطة، قلنا بأن رأس النظام تم إزاحته، وإنه من السهل أن تبعد الجسم بعد ذلك. هؤلاء يعملون لحساب من؟ في السابق كانوا يعملون لحساب مبارك، وكلنا نعرف النفاق وما إلى ذلك. أنت طبعاً تابعت ذلك و عانيت منه كثيراً. ولكن الآن هم يعملون لحساب من؟ النظام القديم؟ وماذا يريدون من النظام القديم؟ ماذا سيفعل النظام القديم؟ كيف سيعود من جديد؟ حسام: هناك الكثيرون مِن مَن كانت مصالحهم مرتبطة بالنظام القديم. و من الطبيعي جداً إن النظام لما بدأ يهتز، النظام الذي كان يضم مخبر أمن الدولة الذي كان يمر على التجار و البائعين و يجمع منهم أتاوات، حتى اللواءات العسكرية... محمود: ...هذا صحيح حسام: اللواءات الموجودة إلى الآن، الذين كان النظام من مصلحتهم و مستمتعين بأمتيازات، إلى الرجل الأعمال الفاسد الذي كان له علاقة بالنظام، إلى موظف المحليات، إلى العمدة الذي عينه وزارة الداخلية....هناك أناس كثيرون مصالحهم تتناقض مع مصالح الثورة. في أي ثورة في العالم صحيح أنت تبدأ بأنك تزيح الرأس، ولكن بعد ذلك تبدأ عملية تطهير. نحن في حالتنا نشبه الأساطير الأغريقية، عندما تواجه أفعى بتسعة رؤوس، أو مليون رأس، والمعركة مستمرة. أنا لا أظن بأننا سننهي هذه الثورة و ننتصر في غضون شهر أو شهرين. أي ثورة في العالم تطول لأربع سنوات، وفي بعض الأمثلة حتى خمس سنوات. ستكون فيها انتصارات وهزائم، كر و فر، و لكن المعركة مستمرة و الناس الذين يتصورون بأن الثورة نجحت مع الإطاحة بمبارك، أنا أتصور إنهم بحاجة إلى وقفة مع النفس و التفكير أكثر. محمود: أحييك على هذا الرأي، لأن حقيقة إن الثورة قد أزاحت مبارك هو إنجاز تأريخي، ولكن الثورة ما زالت مندلعة. رحيل مبارك و نظامه والمجموعة الفاسدة التي هي الآن في السجون لا تعني بأن الثورة قد أنتهت، الثورة بعدها قائمة وفي بدايتها، و مازالت لها ما تقولها. أكد لي هذا لكي أرتاح، ولأنه هناك اناس كثيرون يشكون في هذا الأمر. حسام: أنا متفائل جداً... محمود: يعني الذين خرجوا مثل المارد، لن يرجعوا و يدخلوا الزجاجة مرة أخرى... حسام: انظر، ليس هناك أي نوع من أنواع الضمانات إن الثورة المضادة لن تنتصر، بصراحة. يعني ما زالت الكرة في الملعب. نحن أمامنا فترة، سيكون فيها تراجع و هجوم، كر وفر، هزيمة و إنتصارات، وكل ذلك. ولكن ما الذي يجعلني متفائلاً؟ هناك الكثيرون يا استاذ محمود يصبحون متشائمين لأنه بالنسبة لهم مقياس نجاح و فشل الثورة هو في حجم الحشد في التحرير. كم باستطاعتك أن تحشد في التحرير؟ أو إلى أي مدى نحن قادرون أن نخرج قوانين تسهل لنا موضوع الإنتخابات أو موضوع الدستور؟ هناك فريق "الدستور أولاً" وفريق "الانتخابات أولاً"، هناك آخرون يتحدثون عن دولة مدنية و دولة طائفية، و لما يرى البعض بأن هناك غياب لوحدة الصف في هذه المواضيع، يستائون و يتشائمون. ولكن ما الذي يجعلني انا متفائلاً؟ الذي يجعلني متفائلاً هو إن الحركة الاجتماعية التي كانت مستمرة في سنوات ما قبل الثورة؛ من ديسمبر 2006 عندما أطلق شرارتها عمال غزل المحلة، مستمرة حتى هذا اليوم. و تحقق انتصارات أيضاً. تعالوا ننظر إلى أساس هذه الحركة. محمود: انت تعود للأصل، و تتحدث عن من هو الأصيل في الثورة. حسام: بالضبط، فلنكن واقعيين، العمال هم من أسقطوا مبارك، يعني نحن كان لنا دور كبير جداً في ميدان التحرير، و أنا فخور جداً بدوري في ميدان التحرير، وفخور بأي شخص نزل إلى الميدان، وفخور بأي شخص نزل إلى الميادين العامة. لكن لنتذكر الايام الثلاثة الأخيرة 8 و 9 و 10 من فبراير، الإضرابات العامة التي كانت تعم كل القطاعات في مصر. محمود: العمال قاموا بتلك الإضرابات....و جاءوا إلى القاهرة حسام: نعم، يعني انتهى...كان يجب على مبارك أن يتنحى عن السلطة. هذه الإضرابات لم تنتهي إلى الآن. لأنه من الممكن إن ناشط من الطبقة المتوسطة أو من النخبة التي تتمتع برفاهية، يستطيع أن يعود بعد ثمانية عشرة يوم قضاهم في ميدان التحرير أن يعود لوظيفته التي تدر عليه عدة الآف من الجنيهات ويستمر في حياته العادية وأن ينتظر الحكومة المدنية التي – سبحان الله - ستنزل علينا بالإصلاحات و تحقق مطالب الثورة. لكن هناك عمال مثل عمال النقل العام والذين يستمرون خمسة عشر سنة في الخدمة، و يستلمون شهريا 189 جنيه فقط كمرتب أساسي. هذا لا يستطيع أن يعود للمنزل ليقول لزوجته و أطفاله، إنتظروا إن شاء الله في غضون ستة أشهر أو بعد الانتخابات (ستأتي) الحكومة الجديدة التي ستحل مشاكلنا، هؤلاء الناس هم الذين يستكملون الثورة و يحققون انتصارات يا استاذ محمود. نحن بدأنا هذه الثورة بثلاثة نقابات مستقلة، لدينا الآن تسعين نقابة مستقلة في منشآت وقطاعات لم يمتد إليها التنظيم النقابي قبل الآن، في قطاعات كان التنظيم النقابي الأصفر مسيطر عليها. لكن الآن هناك عمال ينظمون أنفسهم. حالما يستطيع العمال أن ينظموا أنفسهم في روابط تجعلهم قادرين على التحرك بشكل جماعي من أجل مصالحهم، حينها تعلم بأن الثورة تتحرك في اتجاهها السليم. محمود: وهذا يحدث الآن. حسام: و هذا يحدث الآن، صحيح محمود: إحالة المدنيين للمحاكم العسكرية إهانة للثورة...؟ حسام: طبعاً، سواء كانت هناك ثورة أم لم تكن، موضوع إحالة المدنيين إلى القضاء العسكري هو أمر مرفوض تماماً... تماماً. و أنا أرغب أن أعلن هنا، وأنا موجود معك في البرنامج، تضامني الكامل مع زميلتنا أسماء محفوظ. محمود: ولؤي حسام: و لؤي و كل ناشط. نحن لدينا الآن 12 ألف مصري تم الحكم عليهم في القضاء العسكري، أو في طريقهم للخضوع للمحاكم العسكرية وأنا متضامن معهم كلهم. لا يصح أنه في حين نحن نحاكم حسني مبارك و سفاحين من أمثال حبيب العدلي (وزير الداخلية أثناء حكم نظام مبارك) وقيادات الأمن أمام محاكم مدنية، أن نحاكم الثوار أو المواطنين حتى الجنائيين منهم أمام محاكم عسكرية ليس فيها الضمانات الكافية لمحاكمة عادلة. محمود: انا عجبتني منى سيف اليوم، حينما سمعت موقفها. هناك إشاعة تقول بأن أحد الأفراد من جماعة "آسفين يا بابا رئيس" (الموالية للرئيس المخلوع) تم إلقاء القبض عليه. نحن ضد هذه أيضاً. حتى هذا الشخص لو تم محاكمته محاكمة عسكرية فنحن ضد ذلك. منى تقول نحن ضد تحويل هذا الشخص ايضا إلى محكمة عسكرية، ما رأيك أنت في هذا؟ حسام: الناس التابعين لمجموعة " آسفين يا رئيس" يجب أن يحولوا إلى القضاء المدني الموجود بتهمة التحريض و الدفاع عن الثورة المضادة. فنحن لسنا في حفلة، نحن في ثورة. الثورة ليست فيها أنصاف حلول . فأنت اما في جانب الثورة أو ضد الثورة. ليس هناك موقف مثل من يقول بأني أستطيع أن أتأرجح بين مواقف مؤيدة ومناهضة للثورة، أو إني أستطيع التعامل مع الثوار وغير الثوار من هؤلاء القتلة والمحرضين على الثورة بنفس المنطق. محمود: حسناً المجلس (العسكري) أصدر بياناً في الآونة الأخيرة قال فيها أنهم لن يحاكموا المدنيين عسكرياً، بل سيحاكمون البلطجية عسكرياً. ما رأيك أنت؟ حسام: ثلاثة أرباع الثوار يتم محاكمتهم بتهمة البلطجة، هذا أولاً. وأنا أشعر بأن نفس الخطاب الإعلامي لأمن الدولة في التسعينيات يكرر نفسه. حينها كان الخطاب يتحدث عن الإرهاب، و الآن نفس الخطاب و لكن اشطب كلمة" الإرهابي" و اكتب مكانه كلمة" البلطجي". يعني في التسعينيات لو تتذكر أي شخص كان يتم القبض عليه و اختطافه في الشارع كانوا يقولون "إشتباه إرهاب"، الآن يمكنهم أن يأخذوا أي شخص من الشارع على أساس أنه بلطجي. محمود: طبعاً هذا الولد الذي تحدثت والدته قبل قليل، كان لديه نفس القصة. حسام: وغيره بالآلاف محمود: صحيح و غيره بالآلاف. حسناً ليس هناك في مصر من هو فوق النقد. (ما رأيك؟) حسام: هذا صحيح، هذا صحيح، و لكن للأسف المجلس العسكري يسبح ضد هذا التيار. محمود: ولكن هناك من يستاء من النقد. حسام: هؤلاء، أصحاب الأحاسيس المرهفة، الأفضل لهم أن لا يدخلوا في حوارات أساساً. إذا كان هناك من هو أحاسيسه مرهفة إلى درجة يعتبر كل نقد له إهانة لذاته الإلهية، فليبتعد عن الحوار و لا يدخل السياسة نهائياً. يا سيدي لو إنك ترى نفسك فوق النقد لماذا تدخل المجال السياسي؟ أخرج خارج هذه اللعبة نهائياً. هذا أولاً، ثانياً نحن إنتظرنا من ثورة 1919 حتى الآن لكي نرى هذه الثورة. ولأ أعتقد بأن الشعب المصري سوف ينتظر مئة سنة أخرى لكي يرى التغيير. و كما قلت … محمود: ممكن نعتبر بأنه انتظر مئة سنة...من 1919 (حتى الآن) انتظر مئة سنة تقريباً. حسام: بالضبط و سوف لن ننتظر مئة سنة أخرى. كفاية...كفاية... و في وقت أنت ترى أيضاً بأن الشعوب حولك تقتدي بك أنت في مصر. تنظر لك بإعتبارك القاطرة التي ستخرج المنطقة من المأساة التي تعيش فيها. الآن، أناس كثيرون عندما يشاهدوا صور مبارك وهو في القفص في سوريا و في اليمن و في أقطار أخرى... محمود: وفي الخليج... حسام: و في الخليج أيضاً. الناس يفكرون مع أنفسهم بأنهم هم كذلك بإمكانهم أن يضعوا طغاتهم خلف القضبان. محمود: طبعاً، ها نحن نرى بأنها قد حدثت في مصر... حسام: نعم... ليس هناك أي شخص فوق النقد. بالنسبة لي الشعب المصري فقط هو الخط الأحمر. محمود: أنت مختلف مع سياسات المجلس العسكري. حسام: صحيح، المجلس العسكري جزء من النظام القديم. يجب أن نكون صريحين....يجب أن نكون صريحين يا جماعة، لا يصح أن نلّون الحقائق يا جماعة. نحن الآن لدينا نظام هو نظام المؤسسات. حتى لو قالوا لا النظام كان نظام فردي و مبارك كان دكتاتور واوتوقراطي، صحيح هو كان دكتاتور، ولكن دكتاتور يحكم بمؤسسات. هناك شيء أسمه أمن الدولة، هناك شيء اسمه مخابرات، في شيء أسمه الامن المركزي، في شيء أسمه وزارة الصحة، يعني هناك وزارات... محمود: مجلس الأمن القومي... حسام: بالضبط، انت عدوك ليس فقط أمن الدولة. أنت عدوك كبير، عدوك متفرع ما بين المؤسسات. و في كل المؤسسات أنت لديك الحليف و لديك العدو. و هناك حلفاء أيضاً لكي نكون صريحين مع بعض. نحن دولة عسكرية من سنة 1952. يعني سواء إن العسكر موجودين في الثكنات أو خارج الثكنات، أنت في دولة عسكرية، يعني دولة المؤسسة العسكرية فيها هي أقوى مؤسسة موجودة، وهي صاحبة القرار النهائي أيضاً. ليس بطريقة مباشرة، كأن يرفع سماعة التلفون و يقول يجب أن يحدث كذا و كيت. القصة ليست هكذا يا جماعة، هذه طريقة كاريكاتورية لتصوير الأمور، ولكن هذه هي المؤسسة الحاكمة. هذه هي المؤسسة التي تسيطر على 25% إلى 45% من الأقتصاد. الفكرة الموجودة، الوهمية لدى البعض هي إننا نعيش الآن في مرحلة انتقالية، وبعد المرحلة الإنتقالية ستجرى انتخابات وستكون لدينا حكومة مدنية و العسكر سيعودون إلى ثكناتهم. ولكن لا. القصة ليست بهذه البساطة، وهذا لا يؤدي إلى أي شيء. لو إن المرحلة الانتقالية التي نتواجد فيها الآن يديرها في النهاية لواءات المجلس العسكري، تأكدوا تماماً إن أي نوع من انواع الأنظمة، اي نوع من أنواع الدساتير، أي نوع من أنواع الانتخابات، التي ستخرج بنا من المرحلة الانتقالية، ستكون في النهاية نظام يحافظ على إمتيازات الجيش، نظام سيكون بالنسبة اليه المجلس العسكري خط احمر، شيء من قبيل ما موجود في تركيا، في السابق. وهذا لا يصح، نحن في وقت نقول فيه سنطهر البلد كلها. نحن في زمن نقول فيه بأننا نقوم فيه بثورة حقيقية لأول مرة بعد مئة عام. و لهذا فيجب علينا أن نستمر بالقصة إلى النهاية. انا من وجهة نظري أقول بأن هذا المجلس العسكري الموجود الآن يجب ان يرحل. لا يصح بأنه هو من سيدير المرحلة الانتقالية. هذه ليس بسبب وجود ضابط سيء أو ضابط جيد، الموضوع الذي اتحدث عنه هو مؤسساتي صرف.... محمود: ولكن إذا كان المجلس سيسلم....سيبدأ الانتخابات في سبتمبر والانتخابات ستتم في نوفمبر، وانتخابات رئاسة الجمهورية في يناير، هذا التسلسل الزمني موجود، ألا يكفي هذا؟ حسام: كلا لا يكفي، يا استاذ محمود.. لو قرأت دستور الاتحاد السوفيتي في عهد ستالين، وكلنا نعرف ستالين، ستبكي من كثرة ما تراه من الحريات، ستقول انا لا استحق كل هذه الحريات الموجودة في هذا الدستور. هل كان ذلك الدستور مطبق على أرض الواقع؟ كلا طبعاً. انا لا يعنيني الدستور سيخرج بأي شكل ونص مكتوب.... محمود: نحن كان لدينا دستور... حسام: نعم كان لدينا دستور... نعم كان فيه عيوب وترقيعات، ولكن … محمود: كان لديك حقوق (في الدستور) لم تكن لتأخذها... حسام: على أرض الواقع، هل كانت تطبق؟ لا، لم تطبق. فأنا بالنسبة لي السؤال هو: هل هناك قوة أجتماعية موجودة على الأرض تستطيع أن تسند هذا الدستور، بحيث إنه في النهاية الكلمات المكتوبة فيها لا تكون مجرد حبر على ورق أم لا؟ وإلى الان الثورة لم يتم حسمها على الأرض. الدستور لا يأتي لتغيير أوضاع محددة، بل لتقنين أوضاع موجودة. القوة الاجتماعية تنتصر أو تنهزم والقوة الاجتماعية المنتصرة هي التي ستكتب الدستور. و لكن أنت الآن في مرحلة تناور و تلعب فيها لعبة القط و الفأر، تضغط على المجلس، تذهب، تعود... محمود: أنت حتى لا تعرف من يكتب الدستور... حسام: بالضبط، وبصراحة كل البوادر الموجودة ليست مشجعة. محمود: حسناً، هل المظاهرات و الأعتصامات تعطل عجلة الانتاج مثلما يقولون؟ لا أعلم ما هي هذه العجلة؟ هل نريد لها منفاخاً؟(ضحك).... حسام: هذه البرودكشن ويل (ضحك)... هناك بعض الزملاء نشطاء في الحركة العمالية من الذين أحترم آرائهم كثيراً، شخصيات مثل الأستاذ خالد علي، الأستاذة فاطمة رمضان، الأستاذ مصطفي بسيوني الذي يعمل في جريدة التحرير والاستاذ هشام فؤاد، هؤلاء قاموا بدراسات مستفيضة حول الإعتصامات التي جرت في الستة أو سبعة ألاشهر الأخيرة، وما توصلوا إليه هو إن 50% من الإعتصامات على الأقل تحدث لأجل تدوير عجلة الانتاج. يعني مثلاً يأتي رجل الأعمال لكي يصفي المصنع، فالعمال يرفضون، و يعتصمون ويتظاهرون لأجل بقاء المصنع أو يأتي رجل الأعمال أو الدولة في قطاعات معينة و يريدون تقليل ساعات العمل، أو تحاول خفض حجم العمالة في القطاع المشار اليه، فيعتصم العمال لرفض القرار لكي يحولوا دون طرد العمال. فهكذا 50% من الإعتصامات هو لأجل تدوير عجلة الإنتاج. محمود: و ما تعليقك على "العجلة... انقذوا العجلة... العجلة وقفت... "؟ ونرى بأن الأعتصامات توقفت و لا نرى أي شيء قد تغير. حسام: طبعاً، هم يجب عليهم أن يبرروا فشلهم بأمر ما. ها نحن نرى بأن إعتصام ميدان التحرير انفض الآن، أين هي عجلة الإنتاج الآن؟ أين الإقتصاد؟ أين هي البورصة التي ترتفع أسعارها و قيمها؟ هناك نقطة أخرى أريد لفت إنتباه الزملاء النشطاء إليها، فبعضهم يصاب بالإحباط حينما يرى بأن الناس تتحدث عن الإعتصامات في ميدان التحرير بصورة سلبية. يجب علينا العودة مرة أخرى للحركة الأجتماعية و التي هي أساس الثورة، فلنلاحظ يا زملاء إن هذه لا زالت موجودة، وإن روح ميدان التحرير قد انتقلت بالفعل إلى قطاعات حيوية من المجتمع الموجود. ايام الاعتصام ضد حكومة (رئيس وزراء مبارك، الفريق أحمد) شفيق في فبراير، كان عددنا قليل في التحرير. مر من هناك شخص كان يبدو عليه بأنه ميسور الحال من الطبقة الوسطى، و بدأ يناقش الموجودين في الأعتصام و يقول بأن ما تعملوه هنا خطأ و لا يصح يا جماعة أن تعتصموا في التحرير و كلام مثل هذا. بعد أن تحدثت إليه أتضح لي بأنه موظف في بنك وذاهب لكي يعتصم هو نفسه في البنك الذي يعمل فيه... يعني هو كان يعيش حالة من الأزدواجية. من جهة يقول لا يا جماعة أعتصام التحرير لا يصح، و لكن هو نفسه مشارك في الثورة و ذاهب لكي يشارك في إعتصام يقام في مكان عمله لتطهير الفساد. فنعم، صحيح...جزء من الشعب تم تضليله بدعايات الثورة المضادة و دعايات المجلس العسكري في حالات كثيرة ضد المعتصمين في التحرير. لكن بغض النظر عن ذلك موقف الناس يختلف في الواقع. ممكن تجد نفسك في سيارة أجرة تاكسي، سائق السيارة يتذمر من أعتصام ميدان التحرير و لكن بعد ذلك تجد بأنه بعد إيصالك يذهب هو نفسه لكي يشارك في أعتصام أمام وزارة المالية. محمود: تقصد بأن الثورة لم تخسر الناس بسبب الأعتصامات الأخيرة. حسام: كلا طبعاً. أنا لا أرى بأن ذلك قد حدث وأنا مختلف مع الكثير من النشطاء المهمومين فقط بحجم التواجد في ميدان التحرير. يا جماعة القصة ليست كذلك. نحسبها على مستوى واسع. أولاً الثورة ليست ميدان التحرير فقط. الثورة في 26 محافظة مصرية. بعض المحافظات تسبق القاهرة بمراحل. هناك محافظات أشعلت الثورة مثل السويس لا يستطيع أحد أن ينساهم أبداً... محمود: والأسكندرية.... حسام: و الإسكندرية طبعاً... نحسب الأمور بمنطق الحركة الإجتماعية، وإلى أين وصلت الحركة الإجتماعية. لأنها هذه هي في النهاية الحركة التي تطهر. هناك مثال مشرق أنا أريد الإشارة إليه لكي نرفع من الروح المعنوية للنشطاء و لكي يعلموا أيضاً ماذا يحدث في الواقع. مستشفى الزاوية الحمراء خلال ثلاثة أيام الماضية، اعلن فيها نقابة مستقلة وتم سحب الثقة من مدير المستشفى و تم أنتخاب مدير جديد للمستشفى. العاملين هم من ينتخبون مدرائهم الآن. و هذا يحدث في أماكن أخرى. هذا النموذج تكرر في مستشفى منشية البكري و يتكرر في أماكن أخرى و هذا هو التطهير الحقيقي. نحن لن ننتظر حكومة تأتي من فوق، حكومة هي في النهاية أيديها مغلولة، أو متواطئة مع العسكر، لكي تحرر لنا البلد. نحن من يحرر البلد بأنفسنا. محمود: هل هذه الحكومة قامت بما عليها القيام به، أو حكومة....ما هو رأيك في حكومة الدكتور عصام شرف؟ حسام: لا طبعاً. أنا لا تعجبني حكومة الدكتور عصام شرف بالمرة. الحكاية ليست له علاقة بشخص الدكتور عصام شرف. أنت لو اتيت بحسام الحملاوي كرئيس وزراء في المرحلة الانتقالية و ما زال البلد يخضع لحكومة المجلس العسكري، فأنا بتأكيد سوف لن أرضي الناس. محمود: أنت تقصد بهذا إن الدكتور عصام مقيد... حسام: مقيد. ولكن (اقول) يا دكتور عصام أنت كنت تعلم ما الذي ستدخل فيه. يعني أنا لا أبرئك يا دكتور، لأنك كنت تعلم ما الذي ستدخل نفسك فيه... محمود: ولكن هذا كان طلب الجماهير. حسام: ماذا نعني بالجماهير؟ يعني هل قام 85 مليون بإستفتاء و خرجنا بالدكتور عصام؟ محمود: لا، ولكن أنتم كنتم في ميدان التحرير تمثلون الشعب. حسام : أنا من الناس الذين لم يطرحوا أسمه نهائياً لرئاسة الوزراء، هناك ناشطين فعلوا ذلك، و أنا أحترمهم كثيراً على العين و الرأس. و لكن انا عمري ما طرحت أي أسم، لأني أعلم لو طرحت اي أسم في هذه المرحلة فلن يفيد، يجب أستكمال الثورة. محمود: بالنقابات العمالية التي تحدثت عنها.... (؟) حسام: النقابات العمالية هي فورم (شكل) أو صورة من صور التشكيلات الأجتماعية التي يمكننا أن ننظمها في الوقت الراهن لأجل تعبئة الجماهير، لكن هناك لجان شعبية تنشط في أماكن معينة، هناك روابط أحياء نسعى إلى إيجادها، بحيث يكون بمقدور الناس أخذ زمام الأمور و زمام المبادرة. لا نظل بين الآونة والأخرى نصرخ و ننادي الحكومة: يا عصام شرف أعمل كذا و كيت. نحن الذين نقوم بالعمل و التنفيذ، نحن الذين نضغط، من الأسفل و ليس من الأعلى. محمود: هل الثورة حالياً تحتاج إلى قيادة رمزية؟ حسام: لو القيادة الرمزية على الشكل الرومانسي … محمود: يعني تتفقوا كلكم على محمد ابراهيم، أي احد، و هو سيصبح الشخص الذي يتحدث بأسمكم مع المجلس العسكري ومجلس الوزراء...هل نحن بحاجة إلى هكذا شخص؟ هذه الفكرة جائتني و أنا … حسام: بصراحة لا، أنا أعلم بأن هناك من يوافق على هذا الرأي، و لكن بصراحة أنا لست موافقاً عليه، لأننا يجب أن نخرج من فكرة البطل و الرمز أو الشخص الذي من الممكن أن يمثل إرادة شعب، أو حتى كمفاوض.... محمود: و لكن هذا من فكرة التوحيد... حسام: ممكن نصل لقيادة جماعية. محمود: مجلس رئاسي؟ حسام: مجلس رئاسي مدني ثوري، لا يكون حصراً على الشخصيات اللامعة التي تظهر في الإعلام... محمود: لا، أنا لا أتحدث عن ذلك البتة. حسام: ذلك المجلس الرئاسي يجب أن يضم قيادات الإحتجاجات الإجتماعية المعروفة على نطاق واسع. في محافظات كثيرة، هذه القيادات هي التي تدير فعلاً شؤون المنطقة التي تتواجد فيها. هؤلاء الناس يجب أن يكونوا ممثلين في المجلس الرئاسي. لكن المجلس العسكري .... محمود: يعني أنت مع فكرة المجلس الرئاسي. حسام: نعم. انا مع فكرة المجلس الرئاسي. محمود: وقبل انتخابات مجلس الشورى و مجلس الشعب؟ حسام: نعم مجلس رئاسي عن طريق التوافق و لكن ليس من الشخصيات اللامعة الإعلامية. بل أعضائها يكونوا من قيادات الاحتجاجات الأجتماعية اساساً، الذين هم معروفون للجميع. انت لا تحتاج لتنقب عن هؤلاء. محمود: حسناً، أنت بماذا شعرت يوم مظاهرة 29 يوليو/تموز للإسلاميين و السلفيين؟ ماذا دار في خلدكم أنتم و مجموعتكم؟ حسام: ما جرى في ذلك اليوم كان مهزلة من أوجه كثيرة. من مسألة نقض الاتفاقيات الموجودة ما بين المنظمين. محمود: كان هناك أتفاق قبلها بيومين...ممنوع رفع الأعلام، و ممنوع رفع شعارات خاصة... وممنوع كذا و كذا...أليس كذلك؟ حسام: الذين نقضوا الإتفاق اساساً كانوا من السلفيين، أنا أعلم بأن الإخوان قد نقضوا الاتفاق و لكن ليس بنفس الشكل، بل بالعكس كان هناك البعض من شباب الأخوان يحاولون السيطرة على الموقف... ولكن بالنسبة لي الذي جرى يوم 29 لم تكن و لن تكون كارثة. لأنه أولاً هو يوم واحد و الثورة كما قلت ستمتد لسنوات و سيكون فيها كر و فر... محمود: ولكن ذاك لم يكن مجرد يوم، بل هي فكرة....و هي كذلك ومضة و إشارة إنذار. حسام: هذا صحيح و ذلك يعبر عن تيار موجود داخل المجتمع يحاول استقطاب الصراع على أرضية دينية-طائفية أو على ارضية ما يسمى بعلمانيين ضد إسلاميين، و يريدون إدخالنا في هذا الصراع. و لكن أنا احاول أن أستقطب الصراع كله على أرضية العدالة الأجتماعية. جميل جداً، أنت تأتيني اليوم و تقول تريد تطبيق شرع الله؟ حسناً جداً، قل لي ماذا ستفعل بالحد الادنى للأجور؟ انا أريد من هؤلاء الناس أن يتحدثوا عن هذه المسائل. ماذا ستفعل مع المحاكمات العسكرية؟ ماذا ستفعل فيما يتعلق بحق العمال في التنظيم النقابي؟ ماذا ستفعل بصدد أسعار الزيت و السكر الحالية؟ الذي يهمني في الآخر هي هذه القضايا. لو جائني الشيطان بحلول لهذه المشاكل، و طريقة عمل لتنفيذ تلك الحلول سأكون معه. انا لا يهمني بعد ذلك اليافطات. يعني لنتذكر أيضاً.... محمود: أنت تقول كلام خطير الآن يا استاذ حسام. يعني لو قدم لك برنامج منطقي و مقبول و قابل للتحقيق بشكل ما من السلفيين ستقبله؟ حسام: نعم طبعاً. ولكن الفكرة هي إني أعلم بأنهم لن يفعلوا ذلك. و لكن لنقل الجماعة الإسلامية سيأتوني غداً و تريد تطبيق العدالة الاجتماعية و ستحقق كل مطالب الثورة؟ أهلاً وسهلاً بهم، في النهاية أنا لا يهمني اليافطات. الذي يهمني هو إنه أهداف معينة نحن نزلنا من أجلها، وهذه الاهداف أنا أريد من يحققها. الفكرة هي إن القوى السياسية الموجودة و من ضمنها اليسار الذي أنا أنتسب إليه، في النهاية لسنا نحن من يحرك الشارع. أو لغاية الآن لسنا نحن من يحرك الشارع. بغض النظر عن ما تقوله الجماعة الإسلامية أو ما يقوله حسام الحملاوي في هذا البرنامج معك، في النهاية الشارع لدية حركته. الإضرابات التي تجري الآن في كل مكان في مصر و الإعتصامات العمالية لا يحركها حسام الحملاوي. حسام الحملاوي يؤيدها و الكثير من اليسار يؤيدونها، ولكن هل نحن نحركها؟ كلا. نعود مرة أخرى للنقطة المتعلقة بالقيادة. انا ضد فكرة "القلب الشجاع،" أي أن تأتي بشخص خارق الذي سيقود الجماهير المصرية. الجماهير المصرية منهمكة في خلق القيادات الطبيعية لها. هناك أسماء من الممكن إنها غير معروفة للإعلام و لكن هذه الاسماء تحرك الملايين. يعني مثلاً شخص مثل القيادي العمالي في غزل المحلة الأستاذ كمال الفيومي، أو الشيخ كمال الفيومي. هو كان من المعتقلين في السادس من أبريل 2008، وقد أعتقل مع زملاء له في المصنع من قبل أمن الدولة لكي تُجهض الإضراب. هو من الناس التي قادت إضراب عمال المحلة و من القيادات التي لا زالت تقود إحتجاجات العمال. ما يصنعه الشيخ كمال الفيومي في مصنع غزل المحلة الذي هو أكبر مصنع غزل في منطقة الشرق الأوسط بعمالة 25 ألف عامل، يؤثر على الصراع الطبقي في مصر كله، يؤثر على 15مليون عامل بأجر في مصر. محمود: تصدق، أني أول مرة أسمع هذا الإسم؟ عندك حق إذا قلت إننا في الإعلام لسنا منتبهين كثيراً. حسام: و هناك الكثيرين مثله يا أستاذ محمود. و انا قصدي أنه أي فراغ في القيادة، يتقدم له أشخاص مثل الشيخ كمال. محمود: هناك تكتل تشكل البارحة. تكتل وطني من تيارات ليبرالية و كذا و كذا...هل هذا شيء مخيف لأنه سيتشكل مقابله تكتل أسلامي؟ ما رأيك في هذه القضية؟ هذا التكتلات ستصبح مشكلة كبيرة، اليس كذلك؟ حسام: انا أرى بأن استقطاب على أساس علماني – اسلامي مشكلة للجميع. ولكني لست مندهشاً من إن هذا الأمر قد حصل البارحة. لأن التيارات الليبرالية، برغم مشاركتها الشجاعة في الثورة، منذ اليوم الأول، أو من أيام عمر سليمان و هم يحاولون فتح قنوات للتفاوض، هذا أولاً. ثانياً.... محمود: نعم لقد ذهبوا و حضروا اجتماعات مع عمر سليمان فعلاً، واثناء وجود مبارك... حسام: في وقت عرض على أشخاص مثلي حضورر تلك الاجتماعات و لكني رفضت. محمود: صحيح هذه الاجتماعات جرت و ما زال مبارك موجود. حسام: و كانت لهم قنوات اتصال مع المجلس العسكري بعد ذلك. و صدرت منهم تصريحات بعد ذلك، و لن أذكر الأسماء هنا، يطالبوا المجلس العسكري بحماية مدنية الدولة. هذه هي القصة نفسها التي حدثت في التسعينيات، عندما رأينا انه في مواجهة الإسلاميين وجدنا كل المثقفين العلمانيين "المستنيرين" يتم حمايتهم من قبل الحراسات الخاصة التابعة لأمن الدولة. يعني إرتموا في حضن النظام في مواجهة "الإسلاميين الفاشيين". فهذا الاستقطاب بالنسبة لي ليس بمجدي، الاستقطاب الحقيقي بالنسبة لي هو ما يرتبط بمواقف في النهاية . مواقف لديها علاقة بالعدالة الاجتماعية. مواقف لها علاقة بـ : ما هو الموقف من المجلس العسكري؟ ما الموقف من استكمال الثورة؟ ما الموقف من الإحتجاجات الاجتماعية، التي سواء رضيت بها أم لم ترضى ستستمر؟ الاحتجاجات التي صدرت ضدها قوانين تجرم الاعتصام، لم تكن موجودة في زمن مبارك و لها نظراء في عهد هتلر في المانيا النازية ، هذه الاحتجاجات مستمرة رغماً عن تلك القوانين، ما هو موقفك حولها؟ ما هو الموقف من تأميم الشركات المخصخصة التي تم خصخصتها بالفساد؟ هذا ما يهمني، يجب أن يتم الاستقطاب على هذه الأسس. محمود: هل تعتقد بأن المسألة في يدنا هكذا؟ هذه تيارات قوية، و تحدثت أنت الآن عن نقطة مثيرة، و هو استغلال الدين و تأثيره على الناس. الناس عندما يكون الحديث "قال الله و قال الرسول" لا تفتح أفواهها. هم يستغلون هذا استغلال حقيقي، وهم منظمون. فهل باستطاعتك أنت بعد هذا أن توصل حديثك إلى الناس؟ حسام: هذا لا يقلقني... محمود: لا يقلقك؟ حسام: انا اتحرك على صعيد الاضرابات العمالية منذ 2006، انا زرت كمية مصانع لا تعد و لا تحصى من ديسمبر 2006 إلى يومنا هذا. لو تتذكر بأن موقف شيوخ السلفيين من الإضراب، من الاعتصام، من المظاهرات هو إنها حرام. لكن في ذات الوقت، أنا كنت أرى في المصانع التي أزورها بأن هناك عمال سلفيين بلحى موجودين يشاركون في الإعتصام و الاضراب. كنت أجد نساء منقبات موجودات في الإعتصام، تحت سقف واحد مع رجال المفروض إنهم غرباء، أزواجهن السلفيين في الخارج و يحضرون لهن الطعام لكي يستمروا بالاعتصام داخل المصنع. لأن في النهاية الناس ليسوا روبوتات ليسوا إنسان آلي.... محمود: صحيح... حسام: ... انت تتلقى أفكار، من الممكن أن يبتزك أحدهم بإسم الدين. من الممكن أن يزايدوا عليك بإسم الدين. لكن في النهاية أنت لديك مصالح اجتماعية على الأرض، ستبدأ تخلق لك وعي متناقض. مهمتنا نحن كنشطاء أن نعلي هذا الجانب، وأن نبعد عن الإستقطاب الديني. محمود: يا استاذ حسام كان بودي أن أستمر معك في الحديث مطولاً، ولكن رباب اخذت الكثير من الوقت. لكن ما زال هناك متسع لسؤال او سؤالين. هل لديك تصور عن المرحلة القادمة؟ هناك تصور يقدمه الجيش، و هناك تصور تقدمه القوى المدنية بتياراتها المختلفة، هل لديك أنت تصور للمرحلة القادمة؟ كيف يمكن لنا أن نعبرها بأقل الخسائر؟ حسام: أولاً نذكر السادة المشاهدين، أنه لا أحد يحب الاعتصام من أجل الاعتصام. لا حد يرغب في أن يترك بيته و يذهب لكي ينام في الشارع أو في المصنع ليعتصم، لأنه غاوي إعتصامات. لا أحد يشتبك مع الشرطة لأنه غاوي إشتباكات. نحن جميعاً اناس يعملون، نحن جميعاً مواطنون، وقد تضرر الكثير منا من المشاركة في الاعتصامات و في الثورة، هناك من خسر وظيفته و هناك....الخ. انا لن أكون صادقاً لو قلت لك اني أعلم ماذا سيحدث في المستقبل. وأي شخص يقول لك ماذا سيحدث في المرحلة القادمة... محمود: صحيح أنا أشكرك على هذا التصحيح، لا أحد يعلم ماذا سيحدث ولكن قل لي (ما في) خيالك... حسام: انا أقول لك بأن الانتخابات، سواء البرلمانية أو الرئاسية أو الدستور، سيكونوا ثلاثة اكبر الكوارث ستشهدها هذه البلاد، طالما النظام ما زال قائماً و يتم كل ذلك في حين ما زال النظام قائماً... محمود: ولكن أنت قلت لي بأنك متفائل... حسام: انا لست متشائماً... محمود: قصدك بأن انتخابات نزيهة أو ليست نزيهة لا تهمك...هي كوارث في كل الأحوال. حسام: نعم أنا أراها كوارث. محمود: ولكن ذلك ليس مهماً برأيك... حسام: انا لا أرى بصراحة أن ذلك مهم. لأننا يجب أن نتذكر بأن انتخابات مجلس الشعب الأخيرة جرت في نوفمبر 2010، فاز بالتزوير 97% من الحزب الوطني، تم حله عن طريق الثورة بعد حوالي شهرين. يعني ذلك بأنه بغض النظر عن المؤسسات الموجودة، الشعب المصري مستمر في ثورته. و ما أطرحه أنا على الجميع هو استكمال الثورة، استكمال التطهير. نأخذ روح التحرير وننقلها للمصالح و الشركات و جامعتنا. و عليه فأنا كحسام الحملاوي لو كنت طالب في جامعة القاهرة فوظيفتي هو أن أعود للجامعة و أدرس و... لكن بين زملائي أحاول تنظيمهم، المرحلة القادمة هي مرحلة التطهير. وضمن هذه العملية، حين تطهر، تبني مؤسسات بديلة في ذات الوقت. يعني الذي حدث في نموذج مستشفى الزاوية الحمراء، الذي أشرت إليه. هو ما نحتاج لنشره في جميع أرجاء البلد. حالما إستطعنا أن ننشره على صعيد البلد كله، حينها أستطيع أن أقول لك بأننا أصبحنا جاهزين لتقنين الوضع عن طريق الدستور. سنكون جاهزين للديمقراطية المباشرة أيضاً. محمود: يعني أنت تتحدث عن الفئة العاملة، الطلاب، العمال، الفلاحين... حسام: كل العاملين بأجر في مصر. محمود: ...الشعب المصري، كل من يعمل. و تناديهم لكي يجتهدوا في عملهم و يجعلوا الثورة نصب أعينهم، و ينظفوا منطقتهم. حسام: ينظفوا منطقتهم هذا ما أقصده. ولكن أن أصف لك إطاراً و أقول بأننا سنكون جاهزين للانتخابات في ليلة كذا، هذا لا أستطيع أن احدده. محمود: حسناً أنا أريد أن أسمع رأيك فيما أقوله الآن. انا أتصور بأن رئيس جمهورية الثورة، و برلمان الثورة لن تأتي قبل عشرة أعوام. حسام: لا أستطيع أن أقول لك متى سيأتون، و لكن لا ليس عشرة سنوات. محمود: قبل ذلك؟ حسام: نعم قبل ذلك، انا لدي ثقة كبيرة في قدرة الجماهير المصرية على التغيير. حسب ما أراه على الأرض إن هناك إنتصارات تحدث. لو أصبح لدينا تسعون نقابة في ستة أشهر، تخيل ما الذي سيحدث في الأشهر القادمة؟ بصدد الحركة الإجتماعية في مصر، يا جماعة أنا أبشركم بأنكم لم تروا بعد إلا بدايتها. فعلى أساس إنتصارها يتحدد ذلك الموعد. محمود: على الأعلام أن يفعل (ماذا)؟ حسام: على الأعلام أن يتابع الحركة الإجتماعية. أقصد بأنك إذا سمعت خبر عن اعتصام، فأن تغطي ذلك الإعتصام يصبح أهم مليون مرة من أن تلهث خلف وزير لكي تأخذ منه تصريح. محمود: يعني على الأعلام أن يتحرك خلف أطراف الثورة في كل مكان... حسام: بالضبط. محمود: ليس شرطاً على الاعلام أن يغطي محاكمات مبارك و محاكمات المقبوض عليهم من النظام السابق (هل هذا صحيح؟) حسام: لا بالطبع، فذلك مهم. هناك 850 مصرياً على الأقل قد استشهدوا أثناء الثورة. اهالي هؤلاء من حقهم أن يروا، أنا كشخص أعتقلت أثناء حكم مبارك، أنا ارغب ومن حقي أن أرى مبارك في القفص. "أم مصطفى أحد الثوار المعتقلين من قبل المجلس العسكري والذي من المفروض أن يحول اليوم التالي إلى المحاكمة العسكرية بتهمة البلطجة تتصل و بصوت مليء بالأسى و البكاء تتحدث عن ألمها لمصير ابنها و حزنها لتوصيفه بالبلطجي" محمود (بعد المكالمة يقول بتأثر شديد): هل هذا تخبط أم تصرف مقصود؟ انا أرغب في أن افهم وأتصور ما يحدث على إنه تخبط و أرتباك لا أرغب في أن أقول هذه مقصودة. من الذي له مصلحة في هذا؟ لا أرى بأن هناك من له مصلحة في هكذا أمور (أي أعتقال الثوار من قبل المجلس العسكري بتهمة البلطجة وتحويلهم إلى محاكمات عسكرية.) حسام: هناك مصلحة في أن الأوضاع تبقى مثلما هي الآن، وهناك مصلحة أيضاً في أن تعود الأوضاع مثلما كانت قبل الثورة. للبعض مصلحة في إعادة عجلة التأريخ إلى الخلف. محمود: يا أخي العزيز لتبقى كما هي و لكن دون أن يصنعوا هذا في الثوار و يلفقوا لهم تهم البلطجة و يحولوهم إلى محاكمات عسكرية. لماذا هذا يحدث؟ لماذا؟ حسام: لأن هذه ثورة. لا يصح أن تبقى في الوسط. أما أن تختار صف الثورة، أو أن تكون في صف الثورة المضادة. ليس هناك حلول وسط في الثورات. و ما يحدث الآن هو للأسف سببه أن القوى التي تحكم و تدير الأوضاع في هذا البلد في المرحلة الانتقالية ليست مع الثورة، بل تحاول إحتواء الثورة. تستسلم لضغوط الثوار و لكنها تحاول إحتواء الثورة. محمود: انا سعيد بك بصراحة. أنت تبدو لي كمن يده في الجحر، يتحسس الثعابين وهم يلدغوه بين الحين و الآخر، ولكنك متفائل على الرغم من ذلك. حسام: أكيد... أكيد محمود: فأنا سعيد جداً لذلك، وأرغب أن أنقل تفاؤلك للناس (يتوجه للمشاهدين) أنا لست مثل حسام، انا أذهب إلى بيتي بعد هذا، وليس لي شأن بما يحدث. ولكن حسام لا يهدأ، بل في حركة دائمية، أعتقل ثلاثة مرات، في السنوات 2000 و 2002 و 2003، و لكم أن تتخيلوا كيف كان جهاز أمن الدولة يعامل المعتقلين الثائرين والغاضبين في تلك السنوات. كانوا يتصرفون بمنتهى الشراسة. أنا أحييك يا حسام على موقفك وأشكرك، وأتمنى من كل شباب مصر أن يكونوا مثلك. ليس مناضل فحسب، بل متفائل أيضاً. أشكرك شكراً جزيلاً. حسام: شكراً.
#حسام_الحملاوي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دام شهرًا.. قوات مصرية وسعودية تختتم التدريب العسكري المشترك
...
-
مستشار خامنئي: إيران تستعد للرد على ضربات إسرائيل
-
بينهم سلمان رشدي.. كُتاب عالميون يطالبون الجزائر بالإفراج عن
...
-
ما هي النرجسية؟ ولماذا تزداد انتشاراً؟ وهل أنت مصاب بها؟
-
بوشيلين: القوات الروسية تواصل تقدمها وسط مدينة توريتسك
-
لاريجاني: ايران تستعد للرد على الكيان الصهيوني
-
المحكمة العليا الإسرائيلية تماطل بالنظر في التماس حول كارثة
...
-
بحجم طابع بريدي.. رقعة مبتكرة لمراقبة ضغط الدم!
-
مدخل إلى فهم الذات أو كيف نكتشف الانحيازات المعرفية في أنفسن
...
-
إعلام عبري: عاموس هوكستين يهدد المسؤولين الإسرائيليين بترك ا
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|