أحمد أوحني
الحوار المتمدن-العدد: 3468 - 2011 / 8 / 26 - 16:33
المحور:
الادب والفن
رجــلٌ للبيع
في أحد أيَّام الصيف الحارة من السنة الماضية ، جلست أستظل بشجرة وأشكو الحرارة المفرطة ، خصوصاً وأن اليوم كان من أيام رمضان . تمنيت لو صار الجو شتوياً ومطيراً ، يحصل هذا للكثير منا : نحلم بالأيام الماطرة في الصيف وبالدافئة أيام الشتاء .
جلس إلى جانبي رجل في الخمسين من عمره ، أعرفه جيداً منذ زمن بعيد ، طويل القامة ، نحيف ومعوز الحال . ولطول الوقت ، تكلمنا عن كل شيء . كان حديثه في الغالب يميل إلى أمور الحياة المعيشية والغلاء ومشاكل ومتطلبات الأولاد . سكت قليلاً ثم تابع حديثة بسؤالي حول سماعه أن هناك محلات بالمدن الكبرى متخصصة في شراء الأعضاء البشرية وإعادة بيعها للآدميين الأثرياء ، فقال لي : " إذا كان هذا ممكناً أريد أن أبيع بعضاً من أعضائي ".
أجبته بأن كل شيء ممكن في هذا الزمان ، نزل علي كلامه كالصاعقة ، وأحسست بمادة الأدرينالين ترتفع في دمي نتيجة شيء يشبه الخوف والفزع . قلت له في نفسي : " ما هذا الذي فعل بك العوز يا رجل ؟ ".
ثم أردف قائلاً : " لا أظن أعضائي صالحة للبيع لأن معظم غذائي لايتعدى الخبز والشاي وبعض الخضر من حين لآخر " . حاولت استدراجه إلى مواضيع أخرى إلا أنه متمسك بحلمه قصد الحصول على بعض المال . اعتذرت من الرجل بعد أن وضعت له ورقة نقدية بسيطة في يده ، ثم تركته وهو يتلو دعوات علي بخير الجزاء . سمعته يناديني ويقول : " يا أستاذ أحمد ، لنا عودة إلى هذا الموضوع في المرة المقبلة ".
ما هذا ؟ رجل يعرض نفسه للبيع اتقاء الحاجة ومصاريف الأولاد والحياة بصفة عامة ، سألت نفسي غير ما مرة :" لو وصل بي الأمر إلى هذه الحال ، أي عضو من جسمي يمكن أن أستغني عنه ؟ إلى حد الساعة أتردد في الإجابة . صحيح ، العوز يمكن أن يحطم الرجال ويصنع كل شيء .
ذ. أحمـد أوحنـي - أفـورار - المغرب
#أحمد_أوحني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟