عبدالمنعم الاعسم
الحوار المتمدن-العدد: 3468 - 2011 / 8 / 26 - 15:25
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سيدي، ايها الموزع بيننا هذا اليوم، خبرا قصيرا عن قطيع من الهمج اغار عليك، وأدمى اصابعك، ووجنتيك، والقى بك على قارعة طريق موحش بعد ان اعطاك درسا في لزوم البيعة للسلطان، الجلاد، حيث تتسلق الاعشاب الميتة على نوافذه، وتتكسر من حواليه قطع الغيار الصدئة للاعوان والقتلة.
ايها المسجى على سرير بعرض الشاشة الملونة التي لا تكذب، وعلى امتداد مواكب الاحتجاج التي لا تقهر، انك اطلقت رسومك وهم اطلقوا الرصاص، وفي المسافة بين الرسم والرصاصة ينشق عمود الضياء المُبهر، اشارة الى طريق النصر، وكنت ماهرا في توليف تلك الحكاية الابدية.
انها محاولة اغتيال تضم نفسها الى سلسلة طويلة من اعمال الاغتيال المسلكية منذ ان كمن قابيل في منعطف طريق للايقاع باخيه هابيل ويشج راسه بصخرة ويصرعه، وذلك قبل ثلاثة وتسعين الف سنة، حتى اغتيال آخر متظاهر مسالم في شوارع دير الزور، وجميعها تنطلق من رغبة في استئصال الخصم.
ما اصابك هذا اليوم يعـْبر بالسلطة من حاضرة وادارة ومشيئات الى رجال ملثمين، وهنا، ابخست ثمنها الى احط منسوب إذ تقتص من معارضيها في الشوارع، وتهرب.
عرفناك، سيدي، منذ زمن بعيد، حين خالفتَ انحطاط انصار الدكتاتورية الفاجرة في العراق وصوّرت الطاغية بما يليق من الاحتقار، واعطيتنا بلاسم من تخطيطاتك المبدعة، فيما هرع الكثير من كتاب وفناني ونافخي ابواق المرحلة الى الخدمة في ماكنة التهريج والحرب والقتل.
نتذكر، موقفك النبيل من حق العراقيين بالخلاص من العلبة الخانقة لحكم الفرد الطاغية، وكنتَ تعلـّم غيرك بان الموقف من الحرية ليس سلعة معروضة للنقاش، ففي كل التفاتة من خطوط رسومك الساخرة تسكن صيحة احتجاج ضد المهانة والاستبداد وحكم العشيرة والقبضة الامنية.
في رسومك الساخرة يتوالد الخطر عليهم. هذه هي القضية، ذلك لأن العاصفة اقامت في رسومك، ووجدت مكانها في سيمفونية الهتافات الشبابية التي لا تخاف.
احسب انك، اليوم، ولدت مرة اخرى، صدّقني، فقد اعطيت كلمة السر لنا: لا غد اكيد للجناة الذين يأذنون بالقتل وكم الافواه وتجريف حدائق الافكار. اما المستقبل فهو لاولئك الشجعان الذين لا ينحنون امام الجلاد.
قفْ سيدي على قدميك، وانهض من سرسرك، وغادر شاشتك الملونة الى رسومك وعصافيرك ولعبتك البارعة في ترويض الجلادين. ضعهم في البالوعات، واعط امهات المحتجين شهادة اضافية لتضميد جراحات ابنائهم.
*
"كل الازهار شريفة حيث تترك لحالها، ما عدا القرنفلات الحمراء التي يضعها الجنرالات ما بين وسام ونجمة".
محمود درويش
#عبدالمنعم_الاعسم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟