|
سر ليلة القدر-ليلة الليالى-ليلة القدس-غرة أيام الله-قرة عين الابداع-مطلع العصر الأعز الأكرم-مبدأ القرن المبارك الأفخم التي هى خير من ألف شهر
راندا شوقى الحمامصى
الحوار المتمدن-العدد: 3466 - 2011 / 8 / 24 - 19:24
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
ماذا عن ليلة القدر؟ هل هى كما تظُنُ العقول والأفهام بأن ليلة القدر هى الليلة التى أًنزل فيها القرآن؟!! كيف ونحن نعلم ان القرآن الكريم امتد به الوحي على مدار 23 سنة ولم ينزل دفعةً واحدة فى ليلة القدر!!!!!! فلنحاول إدراك معنى ومغزى هذه الليلة-ليلة القدر-ليلة الليالى-ليلة القدس-غرة أيام الله-قرة عين الابداع-مطلع العصر الأعز الأكرم-مبدأ القرن المبارك الأفخم.
"إنا أنزلناه في ليلة القدر وما أدراك ما ليلة القدر ليلة القدر خير من ألف شهرٍ تَنَزَّلُ الملائكةُ والروحُ فيها بإذن ربهم من كلِّ أمرٍ سلام هي حتى مطلعِ الفجرِ." سورة القدر آية 1-5
هذه الآيات مليئة بالنبوات والبشارات الخاصة بظهور حضرة الباب (القائم الموعود) . وقبل الخوض في التفسير لنراجع بعض الاصطلاحات الأساسية المستخدمة في هذه الآيات. أ. ليلة القدر كلمة "القدر" تعني القوة والقدرة والنفوذ والاحترام والقيمة ... الخ. وقد استخدمت هذه الكلمة في سبعة مواضع مختلفة من القرآن الكريم.
ب. ألف شهر لنتأمل جلياً، لماذا استخدم الله تعالى اصطلاح "ألف شهر". لا بدّ من وجود مغزى خاص له لأن الله لا يستعمل كلمة أو حرفاً دون سبب أو معنى. ألف شهر تعادل 83 سنة وأربعة أشهر، وهذه المدة هي المدة التي قضاها الشيخ أحمد الإحسائي وأتباعه وأيضاً سيد كاظم الرشتي وتلاميذه في تحضير وإعداد المسلمين لظهور موعودهم المنتظر.
طبقاً لكتاب "المعجم البهائي الأساسي" ولد الشيخ أحمد في عام 1743 م وتوفي عام 1828 م عن عمر يناهز الخامسة والثمانين عاماً، إذا طرحنا 17 سنة من عمره وهي فترة طفولته وتعلمه فيكون الناتج 68 سنة وهي الفترة التي قضاها الشيخ أحمد في إعداد الناس ليوم الظهور (من 1760 حتى 1828 م) وعندما توفي خلفه أحد تلاميذه وهو السيد كاظم الرشتي. واستمر السيد كاظم لمدة خمسة عشر عاماً مثل سلفه العظيم في تعليم الناس وتهيئتهم بظهور الموعود. وخلال هذه الفترة استطاع أن يجعل عدداً كبيراً من تلامذته مستعدين لقبول مطلع الأمر الإلهي القادم. وقد توفي السيد كاظم الرشتي في 31 ديسمبر من عام 1843 م. وفي 22 يناير من عام 1844 م رجع أحد تلامذته الممتازين وهو الملا حسين إلى كربلاء من أصفهان وأخذ يشجع تلامذة السيد على الانتشار في جميع الجهات للبحث عن موعودهم ومحبوبهم. وقد وصل الملا حسين نفسه إلى شيراز مساء يوم 22 من شهر أيار (مايو) من عام 1844 م. وخلال تلك الليلة الميمونة كان هو أول من آمن بالشخص الموعود. إن جميع فترات الشيخ أخمد والسيد كاظم والملا حسين قبل إعلان دعوة حضرة الباب يبلغ 83 سنة وأربعة أشهر كالتالي:
الفترة التي أعدّ فيها الشيخ أحمد الناس 68 سنة. الفترة التي درس وعلم فيها السيد كاظم الناس 15 سنة. الفترة التي فيها رحل وبحث تلامذة السيد كاظم عن محبوبهم ومولاهم أي من 22 يناير إلى 22 مايو من عام 1844 م. = 4 أشهر.
المجموع = 83 سنة وأربعة أشهر= 83×12شهر+4شهور=1000شهر ويسمي الذكر الحكيم هذه الفترة ألف شهر. إن نتيجة كل هذه الآلام التي احتملت والجهود التي بذلت خلال الألف شهر هي ظهور السيد علي محمد (الباب) في ليلة القدر. (من دلائل نقلية صفحة 156 D:/Mughrabi/Bahaiwork/Teaching)
أما بالنسبة لذكر نزول الملائكة و الروح في ليلة القدر فإن كلمة ملائكة تعني ملائكة الإلهام و الوحي و كلمة الروح تعني الظهور السماوي و قد جاء في موضع آخر من القرآن الكريم بأن الملائكة و الروح سيصطفون معا و سوف لن يتكلم أحد دون أن يأذن له الله: يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَّا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا {سورة النبأ آية 38} و وردت كلم الروح بمعنى الوحي الإلهي في عدة مواضع: أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ {النحل/1} يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ {النحل1/2} و هنا إشارة واضحة على الأمر الإلهي الجديد واقع و أن الوحي سيستمر و سينزل على من يشاء من عباده. و في موضع آخر: وَإِنَّهُ لَتَنزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ {الشعراء/192} نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ {الشعراء/193} عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنذِرِينَ {الشعراء/194} (سورة الشعراء آيات 192-194) و هنا إشارة لنزول روح الوحي الأمين على الرسول (صلعم) بالقرآن الكريم على الرسول المصطفى الكريم ليكون نذيرا لما سيأتي من بعده. و جاء في موضع آخر: رَفِيعُ الدَّرَجَاتِ ذُو الْعَرْشِ يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ لِيُنذِرَ يَوْمَ التَّلَاقِ {غافر/15} في إشارة تؤكد أن الله يصطفي من يشاء من عباده ليلقي عليه روح الوحي. و بناء على ذلك فليلة القدر هي ليلة نزول الوحي و ستشهد هذه الليلة المجيدة نزول الوحي والفيوضات الإلهية من سماء الوحي في تلك الليلة التي لا يعرف احد مدى قيمتها و عظمتها سوى الله تعالى و من اصطفاهم من عباده. وإن تلك الليلة أي ليلة القدر هى نتيجة ألف شهر وأن الله سوف يبعث فيها الملائكة والروح-أي رسالة سماوية-بأمر من عنده وهذه الرسالة سوف تستمر حتى بزوغ الفجر. التمهيد لليلة القدر-ليلة الليالي أن العلامة الشهير( الشيخ أحمد الإحسائي) و خليفته(كاظم الرشتي.) و تلميذه الملا حسين علموا و اعدوا الناس لاستقبال الظهور القادم لمدة ألف شهر أو 83 سنة و أربعة أشهر. و في النهاية تشرف الملا حسين بمحضر حضرة الباب و قبل دعوته في ليلة 23 مايو (أيار) من عام 1844م و ذلك بعد ساعتين و إحدى عشر دقيقة من غروب الشمس و أعلن بأنه هو المهدي الموعود الذي انتظره الناس لمدة ألف سنة و في تلك الليلة المباركة انزل حضرة الباب كتاب "أحسن القصص-تفسير سورة يوسف" و استمر في محادثته مع الملا حسين و انزل عدة آيات له طيلة تلك الليلة و عندما إذن المؤذن لصلاة الفجر من مسجد قريب سمح حضرة الباب للملا حسين بالعودة إلى أصحابه. و كل إنسان منصف يستطيع إن يرى مدى وضوح الآيات المذكورة في التنبؤ بظهور حضرة الباب في القرآن الكريم. عندما أحس الشيخ احمد الإحسائي بدنو اجله جمع أتباعه وقال لهم " ابحثوا بعدى عن الحقيقة بواسطة السيد كاظم , فهو وحده الذي يفهم قصدي " ورغم الألم المحزن والفراق فقد قام السيد كاظم لإتمام العمل الذي أوصاه به وهو على تمام العلم باقتراب الساعة التي يظهر فيها الموعود وبالحجبات التي تمنع الباحثين من إدراك جمال الظهور المستور ومعرفته. وراح يبذل جهده تدريجيًّا وبحكمة بالغة لإزالة تلك الحجب والعقبات , ويوضح لتلاميذه علامات الظهور وان الموعود ينحدر من نسل شريف من سلالة رسول الله , حديث السِّن وعلمه لدنيّ . وأنه معتدل القامة لا يشرب الدخان وانه فى غاية الاستقامة والصلاح والتقوى. ولم يجد السيد كاظم فيمن حوله من تلامذته أتباع الطائفة الشيخية إنساناً مخلصاً حقاً مستحقاً لسماع كل ما تعلمه من سيده ، فقد كانوا جميعاً متعلقين بشئونهم الدنيوية ، لكنه وبعد طول انتظار وجد شاباً كفؤاً لحمل تلك الأمانة العظيمة، كان ذلك الشاب طالب علم يدعى الملا حسين بشروئى، فأغدق عليه السيد كاظم الحب والاحترام والتبجيل لدرجة أن البعض اعتقد أن الملا حسين هو الموعود، كما بادل الملا حسين السيد كاظم حبه واحترامه العظيمين. كان الملا حسين لديه مقياسا عزم أن يختبر به كل من يدعى انه الموعود ، ذلك بأن يطلب منه كتابة تفسير لقصة سيدنا يوسف المذكورة في القران الكريم بأسلوب ولغة مغايرة تماما للأصول المتداولة بين علماء ذلك الزمان. وفى أحد الأيام طلب الملا حسين من معلمه السيد كاظم أن يكتب له ذلك التفسير فامتنع السيد قائلا " ان ذلك الشخص العظيم الذي سيأتي من بعدى سوف يظهره لك دون سؤال ، وسيكون هذا التفسير واحدا من اظهر الشواهد على صدقه" ، فسأله الملا حسين مرة أخرى " لماذا سميت هذه السورة في القران بأحسن القصص " فأجابه " إن الوقت غير مناسب لتوضيح السبب " فألمحت كلماته بكل وضوح إلى أن المستقبل سوف يكشف في طياته النقاب عن هذه الحقيقة. وقد قُدْرَ للسيد كاظم ان يلقى الباب شخصيا ، ليتعرف فيه على القائم ويعترف به اعترافاً صريحاً. لكنه رفض أن يذيع اسمه مردداً مراراً أمام أتباعه " بأن ضلال هذا الجيل هو بدرجة أنّه لو أشار بإصبعه إلى الموعود وقال: ’هذا هو محبوب قلبي وقلبكم،‘ لأنكروه وما قبلوه " . إلا انه أشار إلي مجيئه إشارات واضحة لا تترك مجالا كبيرا للشك فقال " أن القدوم وشيك وان القائم نفسه قائم بين ظهرانيهم " ترونه بأعينكم ولكنكم لا تعرفونه " . ورغم انه ظل طوال حياته يوجه الناس إلى ظهورين إلهيين مرتقبين إلا انه أشعل أشواق تلاميذه وتابعيه في أواخر أيامه قائلا " إن سر هذا الأمر لا بد وان ينكشف وما أعظم المقام الذي ادعوكم إليه ! وما أعظم المهمة التي أعدكم لها. وأخيرا ألمح السيد كاظم في حديثة مع تلاميذه أن ظهور الموعود الذي يترقبونه موقوف برحيله عن هذا العالم وبمجرد رحيله يشرق جمال القائم. وهكذا اقتضت حكمة الله رحيل هذا المبشر المخلص النبيل إقتداء بالسنن الإلهية في كل طور من الأطوار الدينية السابقة حيث كان ظهور كل رسول في كل طور من الأطوار الدينية السابقة وإعلان دعوته متوافقا مع رحيل مبشره الجليل ، كما كان رحيل يوحنا المعمدان غيلة بقطع رأسه على يد هيرودس طاغية الجليل إيذانا لبدء إعلان رسالة السيد المسيح ، ومن بعده كانت وفاة ورقة بن نوفل الذي بشر بظهور النبي محمد الأمي في أرجاء الجزيرة العربية تمهيدا لبزوغ شمس حضرة الرسول عليه الصلاة والسلام. وفي سنّ الستين من عمره ودّع السيد كاظم هذا العالم " ودفنت بقاياه المقدسة في مقام الإمام الحسين خلف شباك البهو بقبر أمير المؤمنين وقد حفر عميقاً ومائلاً في عمقه نحو مدخل فناء الحرم وخلف وراءه جماعة من الأصحاب المخلصين زهدوا في الدنيا وما فيها، وانتشروا في أنحاء البلاد يبحثون عن الموعود. بعد مرور أربعين يوماً على وفاة السيد كاظم الرشتى جمع الملا حسين بشروئي ابرز تلاميذ الراحل العظيم باقي رفاقه وسألهم قائلاً " ماذا كانت اعز رغبات السيد كاظم الراحل وآخر وصاياه ؟ فأخبروه أن السيد كاظم كان يأمرهم مرارًا وتكرارًا أن يهجروا منازلهم ويتفرقوا في البلاد في كل مكان بحثاً عن الموعود الذي كان يشير إلى قرب ظهوره. حثّ الملاّ حسين أقرانه على السفر للبحث عن الموعود، وأنعش بكلماته قلوب زملائه على حين استعد هو لبحثه بالاعتزال وقضاء أربعين يوماً في عزلة وتعبد مستغرقاً استغراقاً عميقاً في العبادة ، ترك بعدها كربلاء عازماً أن لا يتوقف عن بحثه حتى يكون في محضر من يبحث عنه. فسافر إلى النجف ومعه أخوه محمد حسن وابن أخته محمد باقر ومنها إلى الكوفة ، ثم واصل ترحاله إلى بوشهر على الخليج الفارسي , ولكنه لم يقدر على المكوث في بوشهر وأحسّ أن شيئًا يجذبه إلى الشمال نحو مدينة شيراز. وصل الملاّ حسين إلى شيراز بعد العصر تقريباً ، فطلب من رفيقيه أن يذهبا إلى مسجد شهير في شيراز اسمه " الإيلخاني " وينتظراه هناك إلى أن يلحقهما وأخبرهما " أن شيئا ما يجذب قلبى إلى داخل المدينة ، ولكن سوف ألقاكما لصلاة المغرب إنْ شاءَ الله. وقبل الغروب ببضع ساعات لمح الملاّ حسين فجأة شابًا وضّاح الجبين يلبس عمامة خضراء يقبل تجاهه وحيّاه بابتسامة ودية وعانقه بمحبة وإخلاص مرحّبًا بوصوله بالسلامة وكأنه صديق قديم ،حتى ظن الملا حسين في بادئ الأمر أن الشاب هو أحد تلاميذ السيد كاظم سمع باقترابه من المدينة فخرج للترحيب به. ويستعيد الملا حسين ذكرى تلك الليلة التي لا تنسى ولقائه مع حضرة الباب(القائم) فيقول : " إن الشاب الذي قابلني خارج أبواب شيراز أدهشني بإشارات محبته وألحّ في دعوتي لزيارته لأستريح قليلاً من وعـثاء السفر فسألته أن يعفيني من ذلك لأن رفيقيّ قد عملا ترتيبًا لنزولي في هذه المدينة وهما بانتظار رجوعي فقال: ’ إتركهما لحراسة الله فهو لا شك حافظهما ". " ولمّا تفوّه بذلك أمرني بإتباعه وكنت قد تأثرت جدًّا من اللطف الذي واجهني به أثناء محادثته ، ولم تمض برهة وجيزة حتى وجدت نفسي عند باب منزل ظريف، طرق بابه ففتح له خادم حبشي ولما دخل على العتبة أمرني بأتباعه قائلاً: "ادخلوها بسلام آمنين" . " وإذ دخلت المنزل وتبعت مضيفي إلى غرفته شعرت بسرور لا مزيد عليه وبمجرد أن جلسنا أمر بالطشت والإبريق وأمرني أن أغسل يداي وقدماي من وعثاء السفر فاستأذنت منه لأغتسل في الغرفة المجاورة ولكنه رفض وشرع يصبّ الماء بنفسه على يديّ. ثم ناولني مشروبًا لطيفًا وجهّز الشاي بنفسه وناولني منه. وبعد أن غمرني بلطفه طلبت منه الانصراف وقلت بأن صلاة المغرب قد اقتربت ووعدت أصحابي أن ألتحق بهم في مسجد الإيلخاني فأجابني بكل احترام وهدوء : " لا بُدّ وأنك تكون قد علّقت عودتك على مشيئة الله ويظهر أنه ما أراد ذلك فلا تخف من خلف الوعد ". وكان بهاؤه واطمئنانه قد أسكتاني وقمت فأعدت وضوئي وابتدأت في الصلاة وأخذ هو أيضًا يصلي بجانبي وأثناء الصلاة ارتاحت نفسي من تحيّرها من غرابة هذه المقابلة ومن البحث الذي تعلّقت به.
وكانت ليلة القدر-ليلة الليالي: "وكانت تلك الليلة العشيّة السّابقة على 5 جمادى الأول سنة 1260 هجرية الموافق مساء 22 مايو سنة 1844 ميلادية . ابتدأ مضيفي الشاب يحادثني بعد الغروب بنصف ساعة وسألني قائلاً: ’من ذا الذي تعتبره خلفًا للسيد كاظم رئيسًا لكم وهل أعطاكم معلمكم أوصافًا مفصّلةً وامتيازاتٍ في موعودكم ؟ فقلت: ’نعم فإنّه من السلالة الطاهرة والعترة النبوية ومن ذريّة فاطمة وأما سنّه فأكثر من العشرين وأقل من الثلاثين وعنده علم لدُنّي وهو متوسط القامة ويمتنع عن شرب الدخان وخال من العيوب والعاهات الجسمانية. فسكت هنيهة ثم قال بصوت جهوري: ’انظر هل ترى هذه العلامات في شخصي ؟ ثم عدّد العلامات وأظهر أنها جميعها تنطبق عليه. فحصلت عندي دهشة كبيرة وكنت في ابتداء طلبي وبحثي قد جعلت أمام عيني علامتين أعرف بهما صحة دعوى الموعود وهما أولاً رسالة ألّفتها تختص بالأمور والأحوال الغامضة والأقوال المتشابهة والتعاليم الباطنية الصادرة من الشيخ أحمد الإحسائي والسيد كاظم وصمّمت على أن الذي يحلّ هذه المسائل أسلّمه زمام أمري وثانيًا أطلب منه أن يُملي عليّ تفسيرًا على سورة يوسف بلغة وطريقة مغايرة للأصول المعروفة في زماننا وبدون أن اطلب منه ذلك. "وبينما كنت مشتغلاً بحل هذه الأمور في عقلي قال لي مضيفي مرة أخرى: ’أمعن النظر هلاّ يمكن أن يكون الشخص الذي يعنيه السيد كاظم إنما هو أنا ؟ فاضطررت إذ ذاك أن أقدم له نسخة من الرسالة التي كانت معي وسألته هل لك أن تقرأ هذا الكتاب وتتصفحه بعين الرضا وتصفح عما تجده فيه من ضعفي وتقصيري، فأجابني إلى طلبي وفتح الكتاب ونظر في بعض صفحاته ثم أغلقه وابتدأ يخاطبني وفي ظرف بضعة دقائق كشف لي عن جميع الأسرار التي فيه وحلّ جميع معضلاته ولما أتمّ ما أردته في برهة قصيرة فسّر لي أيضًا كثيرًا من الحقائق التي لم توجد في كتابات الشيخ أحمد ولا السيد كاظم وهذه الحقائق التي لم أسمعها من قبل كانت تتلى بصوته في طلاوة مبهجة وقوّة فائقة. ثم قال لي: ’ لو لم تكن ضيفي لكان موقفك خطيرًا ولكن الرحمة الإلهيّة شملتك فإن لله أن يمتحن عباده وليس للعباد أن يمتحنوه بما عندهم من الموازين " ثم شرع يقول: " والآن حان وقت إنزال تفسير سورة يوسف " حدث ذلك تماماً كما سبق واخبر به السيد كاظم الملا حسين حيث وعده بأن المحبوب في تلك الساعة سوف ينزل تفسيراً لقصة يوسف دون أن يُسأل. وتناول الباب قلمه وبسرعة لا تكاد تصدّق نزلت سورة المُلك وهو الفصل الأول من تفسيره لسورة يوسف " المعروف بقيوم الأسماء " وتنبأ في هذا الكتاب عن استشهاده، وزادت رخامة الصوت الذي صاحب الكتابة الذي كان يكتبها من قوّة تأثير كلماته المهيمن ولم يقطع لحظة واحدة تدفق الآيات الجارية من قلمه ولم يتوقف ولو مرة واحدة حتى تمّت السورة. ويحدثنا الملا حسين عن تلك الليلة فيقول: - " جلست مسحوراً بحديثه غافلاً عن مضى الوقت وعن أولئك الذين كانوا في انتظاري وفجأة أيقظني المؤذن من النشوة التي غرقت فيها وكان يؤذن لصلاة الفجر!(وسلاماً هى حتى مطلع الفجر) وفى تلك الليلة يبدو أنني فزت بكل النعم والألطاف التي ذكرها العلي القدير في كتابه ( القران الكريم ) وأعدها لأهل الجنة . ولقد جافاني النوم في تلك الليلة وغمرتني موسيقى ذلك الصوت الذي كان يعلو حين ينزل آيات " قيوم الأسماء " ويهبط بنغمة حلوة أثيرية إذ يتلو المناجاة التي ينزلها وعقب كل مناجاة كان يكرر هذه الآية : " سبحان ربك رب العزة عما يصفون, وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين " . ويقول الملا حسين " وأخيرًا قمت وأنا أقدم رجلاً وأؤخر أخرى واستأذنت منه في الانصراف فأمرني بابتسامة بالجلوس قائلاً: ’إذا انصرفت على هذه الحال فإن كل من يراك يقول أن هذا الغلام قد فقد رشده. " " ثم التفت إلي وخاطبني بقوله : ’يا من هو أول من آمن بي حقًا إنني أنا باب الله وأنت باب الباب ولا بُدَّ أن يؤمن بي ثماني عشرة نفسًا من تلقاء أنفسهم ويعترفون برسالتي وسينشدني كل واحد منهم على انفراد بدون أن يدعوهم أحد أو ينبّههم إليها وعندما يتمّ عددهم يجب انتخاب أحدهم لمرافقتي إلى الحج إلى مكة والمدينة وهناك أبلّغ الرسالة الإلهيّة إلى شريف مكة ثم أرجع إلى الكوفة " " وعليك الآن أن تكتم عن أصحابك وعن كل شخص آخر هذا الأمر واحذر أن تُظهر مكنون هذا السِّر من سلوكك أو هيئتك ، ولمّا أتمّ هذه الكلمات أمرني بالانصراف " . وأخيرا انتهى بحث الملا حسين الطويل ، ولعل كلماته هي خير ما يصف عمق تلك التجربة الفريدة إذ قال " لقد صرت مبهوراً من بهاء هذه الرسالة الجديدة وغمرتني قوتها الساحقة ، وغلب على مشاعري احساس بالغبطة والقوّة والشجاعة لا يقدر العالم بأجمعه على مقاومتها ".
ليلة الميلاد الميمون طهران 23مايو 1844 لم تكن طهران في تلك الليلة بأفضل حالا من مدينة شيراز. فما كاد الليل أن ينتصف حتى كانت المدينة تغط في سبات عميق وقد أسدل الليل الحالك السواد أستاره الثقيلة فوق شوارعها الملتوية الضيقة فغرقت في ظلام دامس عدا بضع مشاعل بترولية متناثرة هنا أو هناك عند بوابات الحارات أو فوق مداخل بيوت الأغنياء والموسرين بددت بأضوائها المرتعشة بعضاً من ذلك الظلام المطبق ولم تعرف المدينة في تلك الليلة أى من الحوادث المؤسفة التي كانت دائمة الوقوع والتكرار كالاعتداءات الدموية أو أعمال السلب والنهب وسرقات منازل الأغنياء بل كانت ليله ساكنه هادئة تمام الهدوء . إلا أن أهل بيت واحد في تلك المدينة النائمة قدر لهم أيضاً أن يظلوا ساهرين مستيقظين لا يعرف النوم طريقاً إلى عيونهم حتى مطلع الفجر . كان هذا البيت يقع في حي (دروازه شميران) القريب من أحد بوابات مدينة طهران والمعروف ببوابة شميران تقطنه أسره كريمه نبيلة هم عائلة المرحوم ميرزا عباس برزك نورى نسبة إلى مقاطعة نور في ولاية مازندران في أقصى شمال إيران حيث كانت منطقة آبائه وأجداده . كان البيت يشغل مساحه واسعة من الأرض ويتكون من طابقين يحيط به سور مرتفع من الحجر له بوابه من الخشب السميك تفتح على ممشى عريض طويل بطول المنزل يزين مقدمته عقد على شكل قوس من الطوب الآجر، ويفصل الممشى التي فرشت أرضيته ببلاط مزخرف بين أحد جوانب السور والواجهة الرئيسية للمنزل والتي تفضي إلى عدة غرف لاستقبال الضيوف والزوار ثم نجد في نهايته حديقة جميله زرعت بالورود والرياحين وغرست في أرجائها بعض أشجار البرتقال والليمون الحلو يفتح عليها باب أو بابان في الواجهة الخلفية للمنزل لاستعمال أهل البيت والمقيمين فيه. كان البيت أشبه بقصر صغير فرشت غرفه الواسعة برياش ثمين فاخر وزينت جدرانه بزخارف جصيه دقيقة الصنع وعلقت فوق بعضها لوحات من الآيات بديعة التكوين كتبت بخط فارسي جميل كتب بعضاً منها ميرزا عباس نفسه . "وفى تلك الليلة التي ظل الجميع فيها ساهراً متيقظا كانت سيدة البيت النورى الشابة الجميلة آسيا خانم زوجة ميرزا حسين على(حضرة بهاءالله) والتي كان زوجها المحب يلقبها ( نواب خانم ) تعانى في تلك الليلة الآم المخاض والتي بدأت علاماته بعد غروب ذلك اليوم. فدبت في البيت حركة غير عاديه واضائت الشموع الكبيرة والمشاعل كل أرجاء المنزل وطرقاته وحفت بها في إحدى غرف البيت الكبير قابلة ودوده مستبشرة باختيارها لتلك المهمة لما تعلمه من كرم وسخاء السيد صاحب البيت وبما ستناله من نفحات سخية من باقي أهل الطفل أيضا كالعادة الجارية في مثل هذه المناسبات، يعاونها فتاتتين نشيطتين من خدم المنزل بينما تجمع عدداً من نساء الأسره القريبات في ردهة جانبيهٍ يتعجلن ميلاد الطفل الجديد ويبتهلن إلى الله بقلوب دافقة بالأمل والرجاء أن يدخل هذا الميلاد السعادة والفرح والسرور على قلبي والديه وان يكون اسعد حظاً من شقيقيه الذين سبقاه. كان قلب أسيا خانم في تلك الليلة – ليلة الليالي-ليلة القدر - مفعما بإحساس طاغ بالفرح والحبور يشع سرورا وسعادة بمقدم الوليد الجديد الذي كانت تنتظره بفارغ الصبر لتدخل البهجة والفرح على قلب زوجها المحبوب ولتكتمل سعادتها كزوجه وأم فخففت تلك الأحاسيس والمشاعر كثيراً من الآم المخاض الموجعة التي طالت ساعاتها حتى كاد الليل أن ينصرم ويبزغ فجر اليوم الجديد . وما أن ارتفعت أصوات المؤذنين فوق مآذن المساجد تدعوا إلى صلاة الفجر حتى علت صيحات الطفل الوليد فاختلطت بصيحات التهليل بالفرح والاستبشار في حين سارعت إحدى سيدات البيت تزف البشارة المنتظرة إلى بهاء الله والد الطفل وتهنئه بسلامة الأم ووليدها فأطلق عليه اسم جده الوزير( عباس ) الذي كان يكن له كل محبه وإكبار وإعجاب" .
صدفة الميلاد وليلة (البعث-القدر-الليالي) لم تكن ليلة ميلاد حضرة عبد البهاء مجرد حدث سعيد تصادف وقوعه ليلة بعث حضرة الأعلى(الباب-القائم الموعود) فهي إن كانت قد حدثت على هذا النحو فهي بلا شك مصادفة سعيدة رائعة " وكيف لا وهو الذي صادف ميلاده الميمون تلك الليلة الخالدة التي بين فيها حضرة الباب طبيعة رسالته الفائقة لملا حسين أول من امن به " لكنها في الواقع لم تكن كذلك بل كانت تقديراً إلهياً سابقاً تنبأ به العديد من الرسل والأنبياء السابقين كما وردت بعضها في التوراة ( زكريا 6 أية 13، 14 العهد القديم و اشعيا 9، 11 و سفر الجامعة إصحاح 5 إيه 14، 15 ) . وفى القران الكريم في سورة البلد ( لا اقسم بهذا البلد وأنت حل بهذا البلد ووالد وما ولد ) كذلك تطالعنا في سورة الرحمن عروس القران أيضا نبؤتان في الآيه (50)، (فيهما عينان تجريان)، الآيه (66) (فيهما عينان نضاختان ) والمقصـود بهاتين العـينان هو حضـرة عبد البـهاء عباس (ع ع) ويضيف السيد كاظم الرشتى في كتابه ( شرح القصيدة ) بعداً جديدا لتلك الليلة فيقول: ( عندما اقترنت الباء ونقطتها ( ب ) بعالم الغيب برمز ( ا ) ظهر( با ) ونتج عن هذا الاقتران رمز العين ( عـ ) اشاره إلى التعين الأول (عـ با) وكان ذلك في سنة الستين ( س ) فظهر عباس الإمام برمز ( ع ) قائما ظاهرا أمام الناس. إلا أن هذا التدبير الالهى الفائق الإمكانيات الذي حدث ليلة23مايو 1844 " شرع يعمل في نفس الليلة الخالدة التي أفضى فيها حضرة الباب بهدف رسالته إلى الملا حسين في حي متواضع من أحياء مدينة شيراز " كما يشير حضرة المولى شوقي افندى إلى كتاب قيوم الأسماء أول كتب حضرة الباب في إشارة واضحة ليلقى مزيدا من الضوء الباهر على أحداث تلك الليلة قائلا : " على أن ضوءا اكبر دلاله يفيض على هذه القصة الخاصة بإعلان رسالة حضرة الباب إذا نحن تصفحنا ( أول وأعظم واكبر ) كتب الدورة البابيه وهو تفسير سورة يوسف الشهير الذي نزل فصله الأول كله على وجه التحقيق من قلم منزله الأعلى في تلك الليلة – ليلة اليالى " فيفضل حضرة الأعلى بقوله الكريم في كتاب قيوم الأسماء (سورة الظهور) ( إنا نحن قد أنزلناك من منظر العرش في ليلة القدر إلى بطن الأم وانك في ذلك اليوم على العرش قد كنت لله العلى ساجداً وعلى الملك محموداً . إن هذا لهو اليوم في الفصل وهو اليوم في الجمع الذي قد كان بالحق ميقاتا ) . وفى كتاب شئون خمسه كان حضرة الباب أول من أطلق لقب ( سر الله ) فتفضل حضرته قائلا ( هل تعرفون سر الله أولا تعرفون ذلك هو أول من امن بمن يظهره الله فكيف لا تعرفون ؟ ) هذا اللقب " الذي شاء والده المحب المعصوم أن ينعم عليه بهذا اللقب العزيز, ألا وهو سر الله "
ففي القران إنذارات عديدة ورهيبة عن تلك الليلة: " يأيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شئ عظيم يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذي حمل حمله وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد " الحج 1-2
" إذا رجت الأرض رجا وبست الجبال بسا فكانت هباء منبثا " (الواقعة 4 – 5 - 6
"فإذا جاءت الصاخه يوم يفر المرء من أخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنية"ونفخ في الصور فصعق من في السموات والأرض إلا من شاء الله .عيسى 33 – 36 ومن الأنبياء من بهرتهم وعودها وأحلامها فترنم بعظمة جمالها وطار في معارج قدسها وصور لنا صورا عامره بالأمل والرجاء لكل المعذبين في الأرض حيث يصبح العالم الانسانى جنسا واحدا بلا تفرقه أو تمييز حتى للإماء والعبيد .
" فيقضى بين شعوب كثيرين ، ينصف الامم فيطبعون سيوفهم سككا ورماحهم مناجل لا ترفع أمه على أمه سيفاً ولا يتعلمون الحرب فيما بعد" ميخا 3 : 4
"بل يقضى بالعدل للمساكين ويحكم بالإنصاف لبائسي الارض ويضرب الارض بقضيب فمه ويميت المنافق بنفخة شفتيه. " اشعيا الاصحاح الحادى عشر ايه 4
"يوم تبدل الأرض غير الارض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار" ابراهيم 48
" وأشرقت الأرض بنور ربها " الزمر 69
على أن تلك الأحداث الهائلة المفزعة من جانب والرحيمة المتلآلئه بالأمل والفرح والسعادة من جانب أخر كانت كلها صور لجوانب متعددة لليلة واحده قدر لها بحق أن تكون ليلة الليالي . والمدهش إن تلك الليلة لم تأت على شاكلة أي صوره من تلك الصور التي تخيلتها عقول وأذهان الناس أو تشتمل على أي علامة من علامات الوعود التي انتظرت الأجيال السابقة ظهورها وتحققها بل مضت ومرت في سكون مثلها مثل أي ليلة ربيعيه ناعمة هادئة ولم يحتفظ لنا التاريخ – مع الأسف – سوى بالقليل من أسرارها وحوادثها حتى أصبح من المتعذر – علـى وجـه التحقيق – أن تتعرف الأجيال القادمة على ما حدث في تلك الليلة خلال ساعاتها القليلة منذ أن غربت شمس نهارها إلى أن طلع نهار فجرها.
ليلة أشار إليها القران بعبارات مقتضبة لكنها رقيقة حالمة واعدة تغرق النفس والروح في بحار من الحب والصفاء والسلام. ليلة شوق إلى لقاءها الرسول عليه السلام وان لم يفصح عن حدث من أحداثها أو ميقاتها أو علاماتها .
إلا أن العلماء فسروا آياتها وأولوا كلماتها وفقا لأهوائهم وأمانيهم فكانت ليلة مستجابة الدعاء مقبولة الأعمال، ليلة يصفح فيها الله لكل عبيده الخاضعين الراجين غفرانه والأملين عفوه مهما كانت الذنوب والأخطاء ولو كانت بقدر الأرض والسماء . وعاش الناس طوال عشرات القرون يترصدون تلك الليلة ويأملون في لقاءها. واجتهد المؤمنين السابقين للكشف عن كنهها وحساب ميقاتها ونيل بركاتها ، إلا انه مع الأسف لم تسجل – على مر التاريخ الاسلامى - مكاشفة روحيه واحده لشهود تلك الليلة أو تعلن تجربة فريدة للخوض في غمار أنوارها القدسية .
ولقد المح القران الكريم إلى الكثير من الآيات تحكى عن تلك الليلة الخالدة بصور متعدده وبكلمات تكاد تتطابق. "واستمع يوم ينادى المناد من مكان قريب يوم يسمعون الصيحة بالحق ذلك يوم الخروج . ق 42 و43 " يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا " . النبأ ايه 38 " ينزل الملائكة بالروح من أمره على من يشاء من عباده أن انذروا انه لا اله إلا أنا فاتقون " إلا أن الناس لم تستطع أن تتفهم تلك الوحدة المتكاملة والوشائج الوثيقة بين هذه الآيات وبعضها البعض ولم يتضح المشهد أمام أعين وبصائر البشر, وبقيت تلك الليلة مستورة مخفيه عن الافئده والعقول والبصائر آلاف السنين تنتظر ميقاتها المعلوم لينفض ختمها وتجتلي أسرارها. لأنها لم تكن كما حسب الناس من أنها ليلة عفو الهي لتمسح عن الناس ذنوبهم المستعصية وتغفر للخطاة المعاندين خطاياهم منذ ولدتهم أمهاتهم ، بل كانت ليلة " انتهاء زمن العجائب " التي حلف بالحي إلى الأبد أنها " إلى زمان وزمانين ونصف " ونهاية هروب المرأه التي ولدت الابن الذكر من وجه الحية . الرؤيا 12 وبداية لكور جديد في تاريخ البشرية وتحقق ما تغنت به التوراة والأناجيل والقران حيث تفرح البرية وتشرق الأرض بنور ربها. " ثم رأيت ملاكا آخر نازلا من السماء له سلطان عظيم واستنارت الأرض من بهائه . الرؤيا 18 " ولقد جئناهم بكتاب فصلناه على علم هدى ورحمة لقوم يؤمنون هل ينظرون إلا تأويله يوم يأتي تأويلة يقول الذين نسوه من قبل قد جاءترسل ربنا بالحق " الأعراف 52و 53 " وما يعلم تأويله إلا الله " ال عمران 7 يتفضل حضرة الأعلى في كتاب:" قيوم الأسماء"" سورة فاطمة " الذي انزل في تلك الليلة ليفض الختم ويكشف الستر الذي طال انتظارةبقوله: إن الله أوحى إلى في ليلة القدر ما من نفس يخطر على قلبه حرفا من هذا الكتاب " (قيوم الاسماء سورة فاطمة وبهذا يتضح بجلاء باهر أن ما قصد بليلة القدر التي امتدت من مغرب تلك الليلة حتى مطلع الفجر هي نفس ليلة بعثة حضرة الباب في 23 مايو سنة1844 م الموافق 5 جمادى 1260هجريه والتي لقبت بليلة الليالي, فيها اشرقت علامات ظهور الرب ولاح يوم الله القيوم .( بها تم افتتاح امجد عهد في أعظم كور شهده التاريخ الروحي للجنس البشرى وهى الليلة التي بشر بها كل نبي وناح كل رسول حبا لجمالها. قرن بديع ص 13
وتفضل حضرة بهاء الله في كتاب الإيقان قائلا: " وهؤلاء الأقوام مازالوا إلى الآن منتظرين ظهور هذه العلامات وبروز ذلك الهيكل المعهود إلى حيز الوجود حتى ينصروه وينفقوا الأموال في سبيلة ويفدوا الأرواح في حبه, كما ابتعدت الملل الأخرى بهذه الظنون والأفكار عن كوثر معنى رحمة حضرة الباري التي لا نهاية لها وشغلوا عنها بتخيلاتهم وظنونهم " . (الإيقان(
ليلة القدر هي ليلة ميلاد هذا الظهور المبارك في لوح طبيب بعنوان "قد ذكر ذكره لدى الوجه" مخاطباً لباقر يتفضل حضرة بهاءالله جلّ شأنه: "وأمّا ما سئل في ليلة القدر قل قد ظهر يوم الأعظم وطافت حوله ليلة القدر بعد الذي أظهرناها وزيّناها بطراز إسمنا المنيع، لمّا قضت لا ينبغي ذكرها تمسّك بيوم الأعظم الذي فيه تجلّى الله على كل الأشياء إنّ ربّك لهو الحاكم على ما يريد، قد فسّرها مَن بشّر الناس بظهوري إنها زُيِّنت بما نزلت فيها الهاء التي انشعبت منها بحور الأسماء أن اعرف وكن من الشاكرين. في ظاهر الظاهر إنها ليلة فيها وُلد محبوب العالمين ونزل ذكرها في لوح الذي زيّناه بهذا الذكر العزيز البديع..." ("مائدة آسماني"، المجلد 1، الصفحة 7) في لوح لحضرة بهاءالله يتفضل بما يلي:
"الرؤوف الكريم الرحيم" "أن يا ملأ الغيب والشهود أن افرحوا في أنفسكم ثم استبشروا في ذواتكم بما ظهر ليلُ الذي فيه حُشرت الأكوار ودُوِّرت الأدوار وبُعثت الليالي والأنهار وميقات الأمر من لدن مقتدر قدير... وهذه ليلةٌ قد فُتحت فيها أبواب الجنان وسُدّت أبواب النيران وظهر رضوان الرحمن في قطب الأكوان... فيا بشرى لهذا الليل الذي استضاء منه كلّ الأيام ولا يعقل ذلك إلاّ كلّ موقن بصير. وقد طافت في حوله ليالي القَدْر ونُزِّلت فيه الملائكة والروح بأباريق الكوثر والتسنيم... وفيه تزلزلت أركان الجبت وسقط الصنم الأعظم على وجه التراب وانعدمت أركان الشرور وناحت المَنَاتُ في نفسها ثم انكسر ظهر العُزّى وظل وجهه مُسودّاً بما طلع فجر الظهور وفيه ظهرت ما قرّت به عيون العظمة والجلال ثم عيون النبييّن والمرسلين فيا حبّذا لهذا الفجر الذي ظهر بالحق عن مطلع عزٍّ منير... فيا حبّذا من هذا الفجر الذي فيه استوى جمال القِدم على عرش اسمه الأعظم العظيم وفيه وُلد من لم يلد ولم يولد فطوبى لمن يتغمّس في بحر المعاني من هذا البيان ويصل إلى لئالئ العلم والحكمة التي كُنزت في كلمات الله الملك المتعالي المقتدر القدير. فيا حبّذا لمن يعرف ويكون من العارفين. قل هذا فجرٌ نزلت فيه قبائل ملأ الفردوس ثم ملائكة القدس... قل هذا فجرٌ فيه غُرست شجرة الأعظم... قل هذا فجرٌ فيه ظهر كينونة المكنون وغيب المخزون وفيه أخذ جمال القدم كأس البقاء بأنامل البهاء وسقى أولاً بنفسه ثم أنفقه على ملأ الإنشاء... فيا حبّذا من هذه السدرة التي ارتفعت بالحق ليستظل في ظلّها العالمين. أن يا قلم الأعلى فامسك زمامك تالله الحق لو تنطق وتذكر نغمات الأثمار من شجرة الله لَتَبْقى وحيداً في الأرض لأن الناس كلّهم يَفِرُّنَ عن حولك... فيا حبّذا من أسرار التي لن يقدر أن يحملها أحد إلاّ الله الملك العزيز الجميل..." (رسالة الأيام التسعة الصفحات 48-53)
ومن لوح آخر بخصوص ميلاد حضرة بهاءالله: "هو الله" "أن يا معشر العشّاق تالله هذه لليلة ما ظهر مثلها في الإمكان... ثم نادى الله عن خلف سرادق القدس والإحسان بأنَّ هذه لليلةٌ وُلدت فيها حقيقة الرحمن... قل هذه لليلةٌ قُدِّر فيها مقادير الجود والفضل... قل يا ملأ العُشّاق قد أشرق جمال المعشوق من غير حجاب وقمصان... قد طلع جمال المحبوب عن أفق القدس... وقد ظهرت الحجة والبرهان بما قامت القيامة بقيام الله بمظهر نفسه القِدْمان... وَلَجَتِ الأدوار وتلجلجت الأكوار وتبهّجت الأنوار بما تجلّى الله على كلّ دوحةٍ ذات أفنان... تالله قد خُرقت الحُجبات وحُرقت السُّبُحات وكُشفت الدلالات ورُفعت الإشارات من ذي قدرة وقَدْران وإن هذا لفضلٌ من الله العلي المنّان..." (رسالة الأيام التسعة، الصفحات 55-58)
"يا ليلة القدس ، عليك من التحيات اكملها وابهاها ومن الصلوات اطيبها وازكاها ، يا قرة عين الابداع وغرّة ايام الله ومطلع العصر الاعز الاكرم ومبدأ القرن المبارك الافخم ، بحلولك فتح باب الاعظم على وجه العالم وظهر السر الاكتم وسطع النور الاقدم وامتد الصراط الاقوم وعبقت روائح الروح على كل الامم . بذكرك استفرح الخليل فى قلبه واستبشر الكليم فى ذاته و استجذب الروح بكليته ، واهتز الحبيب طربا فى نفسه ، وسبّح وهلل اهل ملا العالين من الكروبين والقديسين والملائكة المقربين . بكِ انارت الارضون والسموات ، وفيك بعثت الليالى ومنكِ استضاء الايام وحولك طافت ليلة القدر وبظهورك ابتسم ثغر الوجود وتشهق طاووس الاحديه فى قطب الجنان ودلع ديك العرش حول حرم الكبرياء وتموج البحر الاحمر وظهر جمال الورد وكشف النقاب عن جمال المعشوق بشأن تحيرت افئدة النبيين والمرسلين . طوبى الف طوبى لمن َعرف شأنك وحفظ حرمتك وشهد آثارك واستفاض من فيوضاتك وافتخر باسرارك و اقرّ واعترف بسلطانك ومقامك المتعظم المتعزز المتعالى المشعشع المقدس الباذخ الفريد"(حضرة بهاءالله) .
#راندا_شوقى_الحمامصى (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صوت السافور-زرين تاج-قرة العين-الطاهرة أعظم امرأة إيرانية (7
...
-
الطاهرة-صوت السافور-زرين تاج-قرة العين أعظم امرأة إيرانية (6
...
-
استشهاد (صوت السافور-ذرين تاج-قرة العين-الطاهرة أعظم امرأة إ
...
-
صوت السافور-ذرين تاج-قرة العين-الطاهرة أعظم امرأة إيرانية 4-
...
-
الطاهرة-صوت السافور-ذرين تاج-قرة العين أعظم امرأة إيرانية (3
...
-
الطاهرة-صوت السافور-ذرين تاج-قرة العين أعظم إمرأة إيرانية (2
...
-
الطاهرة- صوت السافور-زرين تاج-قرة العين أعظم امرأة إيرانية (
...
-
تجدد الدين بعد موته الروحاني -كيف يستعمل القرآن الكريم كلمة
...
-
المرأة في البهائية
-
الحج في الشريعة البهائية2-2
-
الحج في الشريعة البهائية1-2
-
حكم الصوم في العقيدة البهائية2-2
-
حكم الصوم في العقيدة البهائية1-2
-
أهداف الأديان وهدف الدين البهائي 3-3
-
أهداف الأديان وهدف الدين البهائي 2-3
-
أهداف الأديان وهدف الدين البهائي 1-3
-
النبأ العظيم- أنتبهوا
-
الإنسان وصناعة الغباء عبر العصور والأزمان2-2
-
الإنسان وصناعة الغباء عبر العصور والأزمان2-1
-
الصلاة في البهائية2-3
المزيد.....
-
المقاومة الإسلامية تستهدف المقر الإداري لقيادة لواء غولاني
-
أبرزهم القرضاوي وغنيم ونجل مرسي.. تفاصيل قرار السيسي بشأن ال
...
-
كلمة قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي بمناسبة
...
-
قائد الثورة الاسلامية: التعبئة لا تقتصر على البعد العسكري رغ
...
-
قائد الثورة الاسلامية: ركيزتان اساسيتان للتعبئة هما الايمان
...
-
قائد الثورة الاسلامية: كل خصوصيات التعبئة تعود الى هاتين الر
...
-
قائد الثورة الاسلامية: شهدنا العون الالهي في القضايا التي تب
...
-
قائد الثورة الاسلامية: تتضائل قوة الاعداء امام قوتنا مع وجود
...
-
قائد الثورة الإسلامية: الثورة الاسلامية جاءت لتعيد الثقة الى
...
-
قائد الثورة الاسلامية: العدو لم ولن ينتصر في غزة ولبنان وما
...
المزيد.....
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
المزيد.....
|