واثق الجلبي
الحوار المتمدن-العدد: 3465 - 2011 / 8 / 23 - 08:15
المحور:
الادب والفن
الإنسان والمكان
عند ضياع الطعم واللون والرائحة يتحول كل شيء إلى جماد ونكاد لانستذكر أيا من المذاقات التي كنا نستطعمها.
هل يلقي الإنسان بظلاله على الأشياء ؟ أم العكس..
سؤال أخذ مني ما أخذه من تفكير وخوف أيضا..فطالما لم أفكر في هذا الأمر بهذا العمق من حيث إرتباطه بالحياة العامة فراحت الأشياء تندلق عليّ لتغسل عني درن التوجس.
الإنسان يعطي للمكان الروح والشكل الذي يبقيه قائما في الذاكرة وفي النفس ، فإنطباعات المرء نحو الأشياء تكسبها ثقتها بنفسها لتحيلها إلى ثقة وحياة متحركة قادرة على تمويه المشاعر الإنسانية وجعلها راكدة في مكان يكسو زمن ما وفق تجربة أليمة أو مفرحة لا فرق فجهة الإحساس بالمكان هي نفسها.
هل تحب الزوجة بيتها أم زوجها وأطفالها؟
إذا أخذنا الأسرة كعينة ربما نحصل على تفسير منطقي واضح لفلسفة الإنسان وظلاله المغيبة على الأطلال وعلى المستوى الفكري والنفسي لما يطرحه هذا المكان من تفاعلات قيمية تجاه من بناه .
الزمان والمكان لهما فلسفة خاصة أكيد ولكن من أعطاهما هذه الميزة ؟
الإنسان طبعا ، فالأماكن محددة بالأطر المعرفية لمن رسم لها أبجدية الفلسفة وما كان إستيحاء الأفكار الإبداعية حتى من فنون العمارة إلا من قبل الإنسان نفسه.
إذا غابت المرأة عن بيتها هل تشتاق له أم لزوجها؟ أم تقتفي أثر دليل يجر بالإثنين إلى تعقيدات تأويلية تنقصها الدقة ، والرجل كذلك ، هل يشتاق إلى زوجته وأطفاله أم لا يعبأ بمسألة كونه أعطى والمرأة مسحة تجسيد المكان .
لا نلقي باللوم هنا على احد ولكن للضرورة القول بأن الشركاء لا بد أن يدركوا أن أفكارهم وإنسانيتهم هي التي تحتم على المكان أن يصبح جنة أو مقبرة تدفن فيها المشاعر.
إذا الفلسفة المكانية والتي تعكس الجمالية المتبعة في توخي المدارس الإنسانية هي فلسفة إنسانية بحتة ولا تحتاج إلا لفصل التداعي الحاصل للإنسان على المكان وعلى الزمان.
هذه فكرة ربما تثمر في يوم ما إذا ما كثفّت الدراسات حولها وحول طبيعة الإنسان الذاتية في تقبل نفسه الصانع لهذا كله من دوامات زمكانية يتوه العقل فيها بدلا من إراحته بحلول تناسب دوره الخلاق في تطوير ودراسة الأشياء الضائعة.
#واثق_الجلبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟