جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 19:00
المحور:
كتابات ساخرة
عشتُ فترة من حياتي وأنا أمارس هواية التكسير حتى تهدأ أعصابي.
هنالك أمراض لا يمكن أن نشفى منها من خلال تناول الأدوية, مثل أدوية التوتر والاكتئاب, ولا يمكن علاجها إلا بالتكسير لأن التكسير يريحنا ويجعلنا نشعر بصب الغضب والنار على الزجاج بدل أن نصب جامَ غضبنا على أنفسنا ومن المؤكد بأنكَ سمعت برياضة التكسير للأواني المطبخية المصنوعة من الزجاج وأغلب الأزواج يمارسون هذه الرياضة عن غير قصدٍ منهم فيمسك الزوج بصحن زجاجي وتمسك الزوجة مثله بآنية مصنوعة من الزجاج أو الفخار والسيراميك فتضربها أرضا وبعد ذلك تذهب إلى السرير مستلقية ومعلنة عن ارتياحها, وهنا التكسير للزجاج يريح مؤسسات المجتمع المدنية المنادية للوقوف في وجه كل من يمارس العنف مع زوجته, فبدل أن يمارس الزوج العنف مع زوجته يجب أن يمارس العنف مع الزجاج , وإن لم تسمع بسياسة التكسير فمن المؤكد أنك مارستها عن غير قصدٍ منك طوال حياتك مرة أو مرتين على الأقل, ومن المؤكد وأنت تستعملها استعملتها ومارستها وأنت معتبرها (فش غِل) وكنت وأنت تكسر أو بعد أن تكسر تقول في صوت مسموع(بدي أفش خلقي-خلوني أكسّرْ...اتركوني أكسّرْ) فليس من أحد منا إلا وفش غله في كأس مصنوع من الزجاج أو في صحن مصنوع من الزجاج القابل للطحن وللتكسير, وأنا واحد من الناس الذين مارسوا سياسة تكسير الزجاج أو رياضة تكسير الزجاج دون أن أعلم أنها مثبتة علميا, ولست أدري هل مثلا أعتبرها سياسة أم رياضة, وعلى كل حال هي رياضة تريح الأعصاب وسياسة تريح الأعصاب من التوتر, فأنا مارستها في حياتي ليس مرة واحدة بل مرتين أو ثلاثة وكنت أرتاح في كل مرة وأشعرُ براحة ليس بعدها راحهْ.
وأنت يا أستاذ..يا متحضر...ويا فهمان.. بدل أن تضرب زوجتك وتكسر لها يداً أو رجلا أو رقبةً حاول مثلي أن تكسر صحنا مصنوعا من الزجاج أو فنجانا مصنوعا من الزجاج أو أي شيء في المنزل قابل للتكسير سواء أكان صحنا أو فنجانا أو لوحاً زجاجيا , أمسكه يا متوتر واضربه أرضا وبعدها ستلاحظ بنفسك بأن أعصابك قد هدأت وذهب عنك التوتر العصبي الذي تشعر به, وأنا جربت ذلك عدة مرات وأنا تقريبا أمارس رياضة التكسير كما يمارس غيري من الناس رياضة السباحة أو الهرولة أو القفز, وأنصح كل مأزوم ومتضايق من الحياة أن يشتري زجاجا رخيص الثمن يضعه في المطبخ ليس بهدف الأكل أو الشرب منه بل لهدفٍ واحد وهو التكسير, فرياضة التكسير ليست رياضة يابانية متخصص فيها اليابانيون بل كل الناس ترتاح أعصابهم حين يسمعون أصوات التكسير, ولا شيء يهدئ الأعصاب مثل التكسير للزجاج....واليوم بالذات صحوتُ على صوت مشكلة تلعبُ في صدري كما تلعب الريح في غرفة مشرعةٌ أبوابها للريح وللشمس وللأمطار وللغبار المتطاير من أرصفة الطريق, ولي أكثر من عامين وأنا أعاني ولا أدري كيف أنقض نفسي منها وكان بيدي فنجان قهوةٍ من الحجم الكبير وحين تذكرت بأن التكسير يريح الأعصاب والتوتر فورا أمسكته بيدي ورفعته عاليا وضربته بعرض الحائط بكل ما أوتيت من عزمٍ ومن قوة فتكسر إلى عدة قطع صغيرة الحجم وكبيرة الحجم فارتحت واسترخيت على السرير وشعرت بأن الفنجان الذي كسرته بيدي قد أذهب عني طبيعة الحزن والألم الذي يعشش في صدري, وها أنا مبسوط جدا على الآخر وأقترح على الحكومة أن تبني لي ولكافة المأزومين غرفة صغيرة نلعب بها لعبة التكسير, فبدل أن أقوم بتكسير كل فناجين القهوة وكاسات الشاي المتواجدة في بيتي يجب أن تكون لنا نحن المأزومين-(النصب على الاختصاص)- ناديا خاصا لتكسير الزجاج فبالتكسير للزجاج ترتاح أعصابي وصدقوني أنني جربت هذه الطريقة عدة مرات فمرة من ذات المرات ضربت موبايلي بعرض الحائط وحين شاهدته أمامي مكسرا ارتاحت نفسي وارتاحت أعصابي, وهذه فكرة رائدة مني ودعوة صادقة مني لممارسة رياضة التكسير, وأعيد وأكرر التكسير وليس التطعيج, لأنني جربت وحاولت مرة أن أطعج(أُثني) قطعة من الحديد بيدي لكي ترتاح أعصابي ولكن كانت النتائج عكسية بحيث ازددتُ ألما وازددتُ توترا, ومرة من ذات المرات حاولت أن أنشر بالمنشار قطعة خشبية ولكن النتائج كانت عكسية, ولا شيء أروع من تكسير الزجاج لأننا بالتكسير يتشكل عندنا وهم حقيقي بأننا كسرنا المشكلة وأوجدنا لها حلا,وحاولت أن أكسر البلاستيك أو أي شيء مصنوع من البلاستيك وكانت أيضا النتيجة عكسية ولكن حين ذهبت إلى المطبخ أخذت صحنا مصنوعا من الزجاج القابل للكسر وضربته بالأرض فهرعت أمي وزوجتي إلى المطبخ وسألوني(شو اللي عملته يا مجنون) فقلت: لا شيء أعصابي متوترة جدا وأخذت قرصا مهدئا للأعصاب فلم أهدأ ولهذا السبب كسرت الصحن الزجاجي الكبير وها أنا كما ترونني مرتاح جدا و(ريلكس), فضحكت أمي وغضبت زوجتي ومن يومها وأنا أمارس رياضة التكسير لترتاح أعصابي, فالتكسير وسماع أصوات الزجاج تريح أعصابي وتنعشني وبدل أن أكسر كل الأواني الزجاجية وقبل أن يأتي عليّ يومٌ لا أجدث فيه أي آونة زجاجية في مطبخنا أقترح على الحكومة الأردنية أن تحل مشاكلها مع الشعب ومعي أنا بالذات من خلال فتح نادي ليلي للتكسير, فهذا أقل كلفة من الصرف على الحبوب المهدأة, وإن رأيتم فردا من أفراد عائلتكم وهو يحاول تكسير الشبابيك أو الصحون المصنوعة من الزجاج يجب عليكم مساعدته على التكسير بدل أن تقفوا في وجهه, وأقترح على كل امرأة تتعرض للضرب من يد زوجها أن تدرب وتعلم زوجها على تكسير أي شيء زجاجي فهذه دراسة علمية أثبتت نجاحها في اليابان وفي الولايات المتحدة الأمريكية, واليوم قلت لزوجتي اجمعي لي أكبر عدد من الأطباق الزجاجية لكي أكسرها بدل أن أقوم بضربك وكسر عنقك أو رجلك أو يدك.
رياضة التكسير مريحة وممتعة..وبدل أن أكسر قلبي من الداخل أو روحي أو نفسي لأي إنسان تافه جدا دعوني أكسر فنجانا أو صحنا فهذا من حقي أن أعبر من خلاله عن وجهة نظري, فبالتكسير ترتاح الأعصاب..وصدقوني أن الذين يخرجون للمظاهرات السلمية ويقومون بتكسير زجاج السيارات أشعر معهم ولا أتهم الجهات الأمنية بالتورط بالتكسير لفض المظاهرة, فأنا عندي يقين بأن المتظاهرين يقومون بالتكسير لترتاح أعصابهم عن غير قصد منهم ولو أوجدت لنا الحكومة ناديا للتكسير لما خرجنا في المظاهرات للتكسير وبدل أن نقوم بكسر رقاب بعض أو أعناق بعض يجب علينا أن نتعلم رياضة التكسير أو فن التكسير أو سياسة التكسير بطريقة فنية نتخلص من خلالها من كل شيء مكبوت في داخلنا وأنا الآن بعد كتابة هذا المقال سأحاول أن أكسر أي شيء زجاجي قابل للكسر وذلك لأرتاح من القصص المعششة في ذهني.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟