أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوري نصروش - تونس: الإسلام السياسي يخرج مخالبه















المزيد.....

تونس: الإسلام السياسي يخرج مخالبه


نوري نصروش

الحوار المتمدن-العدد: 3463 - 2011 / 8 / 21 - 09:24
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    



يلتف عشرات الأشخاص، و من بينهم اطفال، حول الشيخ عادل اثناء تقديمه درسا حول الحلال و الحرام حسب النص القرآني.

تمهد هذه الحصة الخفيفة، لدرس سيقدم ما بين الصلاتين ، بمسجد عون الله، بدائرة التضامن (أكبر احياء تونس العاصمة-المترجم)، من طرف الشيخ أحسن. هذا الأخير لا ينفك يؤكد على مشاركته في حربي افغانستان و السودان، أصبح خطيبا و واعظا بهذا المسجد منذ اشهر، ويركز تعاليمه على إقناع المستمعين بضرورة الحرب بين المؤمنين(الذين يتواجدون داخل المسجد) و بين الكفرة (من يوجدون خارج المسجد).

لقد كان هذا الامر غير قابل للتصور قبل 14 يناير، باعتبار الحظر الذي كان على الولوج إلى المساجد خارج اوقات الصلاة. فالإسلاميون يؤمنون بأن وقت الدعوة قد حان ، مستفيدين بذلك من اجواء الحرية الحالية، و هذا ما يقوم به هؤلاء الائمة غير معترف بهم من طرف مصالح الشؤون الدينية ، كما يؤكد محمد علي عمري، أحد سكان الحي و العضو بإحدى اللجان المحلية لحماية الثورة . و يعد التضامن أكبر تجمع سكاني بالعاصمة تونس، ب 000 300 من السكان.

إنه حي فقير وغير مشار اليه في الخرائط السياحية. إنه حي المنبوذين. وقلة هم سائقو الأجرة الذين يقبلون الذهاب إليه. فهل يتعلق الامر بوصمة ألصقت ظلما و مبالغة بالتضامن؟ لدى محمد علي قناعة أكيدة بذلك، لكن وفي جميع الحالات فما يجعل من الحي تربة خصبة للبروبغندا الإسلامية؛هو ثمار عقود من التهميش و الإجرام و الفاقة و الأمراض و الأمية. كما ان القنوات التلفزية الإيرانية ، و السعودية و القطرية دخلت المنازل منذ سنوات و هيأت المستقبل الإنتخابي للنهضة و التحرير. دون ان ننسى ان الخطاب الإسلامي جد متفش بين نساء التضامن، بفعل خطب عمرو خالد و بقية علماء التلفزيون.

مرشدنا، الذي عبرنا معه الحي، حدد لنا أن : "النهضة أصبحت تراقب حي التضامن، عبر المجلس المحلي لحماية الثورة، كما تسيطر على المساجد بفضل أئمة مقربين منها، و بفعل الماركتينغ السياسي المالي البراق، المستعمل بغرض السيطرة على الساكنة. فمناضلو حزب الغنوشي يدفعون ديون محلات المواد الغذائية ، بغرض إرضاء العائلات المقربة "، يضيف محمد علي. و تجلب هذه العناية الكثير من الجاذبية للنهضة، مما يرفع من عدد منخرطيها بشكل كبير. لكن حركة الغنوشي ليست وحدها من يحتكر الخطاب الإسلامي السياسي داخل التضامن، فالحزب الإسلامي، غير معترف به، التحرير، ينازعها التاثير هناك، فمناضلو هذا التيار، المتكاثرون باضطراد، لا ينفكون عن الحراك.

فتنة

تعرض مناضلو الحزب الشيوعي ، يوم 3 يوليوز، لاعتداء جسدي من طرف إسلاميين حينما حاولوا تنظيم اجتماع في احد المركبات الرياضية، و ذلك بخلفية منع "الزنادقة" من الدخول إلى حي التضامن. و هناك احياء شعبية أخرى مثل المياسين و قباليا تعد بدورها هدفا للبروبغندا الإسلامية. و قد صرح المحامي فاخر غافسي " إنهم يستعملون برهانا بسيطا و فعالا : نمط العيش التونسي هو نتاج بن علي، وكل ما قام به بن علي هو باطل، و بالتالي فنمط العيش هذا باطل". و ذلك لينشروا فكرة مفادها ان العلمانية كفر(ردة). ويخشى المحامي من أن يبدأ الشعب في تبني هذه الافكار و استبطانها. و وقع يوم الخميس 7 يوليوز، حدثان يؤكدان أن الصدام بين المعسكرين المتعارضين لم يعد تفاديه ممكنا. فبمسجد الزيتونة و امام مئات الاتباع، أعلن الفقهاء الحرب على صاحبة الفيلم السينمائي "لا إله، ولا سيد"، و طالبوا الحكومة بإيقاف "الإعتداءات على قدسية الله و كرامة الشعب التونسي و هويته العربية-الإسلامية".

و في نفس اليوم، تظاهر حوالي ألف في العاصمة تونس للاحتجاج على الاعتداءات العنيفة التي تعرض لها فنانون و مفكرون. حيث شارك في المسيرة إلى جانب المناضلين الديموقراطيين نساء ورجال و شخصيات سياسية و من الحركة الجمعوية، و فنانون و صحافيون ، تظاهروا جميعا ضد الاصولية الدينية و دفاعا عن الحريات و عن الديموقراطية.

كيف وصلنا إلى هاته الحالة؟

هاجم خمسون إسلاميا ، و هم يصيحون "الله أكبر" ، "تونس امة إسلامية"، سينما أفريك آرت Afric’Art لمنع عرض الفيلم السينمائي "لا إله، ولا سيد". كما تم تسجيل سلسلة أحداث عنف متطرفة قام بها اسلاميون، قبل هذا الحدث، لكنها مرت دون كبير اهتمام. حيث تمت مهاجمة و سرقت أحد البارات الشعبية، بار le paon، من طرف ملتحين، خلال شهر مايو الماضي، وبعد ذلك أصبحت دور الدعارة بتونس، وسوسة، و القيروان مستهدفة من قبل الإسلاميين تحت يافطة تطهير تلك المدن. و سجل أيضا حادث آخر ، يوم 20 يونيو، بمسجد عقبة بن نافع بالقيروان، حيث تم منع سياح اوربيين من زيارة المكان. و بعريانة نزل سلفيون إلى شاطئ رواد لمنع النساء من ارتداء ملابس السباحة. و إصبحت هجمات تخليق المجتمع شيئا يوميا. فبابن سينا(حي بالعاصمة تونس)، تفقدت جماعة من الملتحين مسلحين بالسكاكين، المنازل التي تم فيها الإحتفال بنتائج البكالوريا، للتاكد من خلو المأدبات من الكحول.

و تستقطب المناضلات اللواتي يرمزن لانعتاق المراة التونسية غضب مجانين الله. ففي اليوم الموالي لظهورها على الجزيرة، تلقت يسرى فراوس، عضو منظمة الخبراء من اجل إصلاح الدستور، و المناضلة النسائية و الديموقراطية، أكثر من 1200 تعليق في صفحتها على الفيسبوك، أغلبها كما صرحت، سب و شتم من قبل إسلاميين. و أخيرا، و في حادث لا يقل أهمية ، تعرض محامون، يوم 4 يوليوز، للضرب بالهروات من طرف إسلاميين جاءوا للمحكمة بتونس للمطالبة بالإفراج عن "إخوانهم" المتهمين بالهجوم على سينما أفريك آرت.

مبالغة أم سذاجة؟

تعد أحداث العنف الأخيرة في نظر الإتحاد العام للعمال التونسيين (UCGT)، " تصرفات غريبة عن المجتمع التونسي". و قد نبهت المركزية النقابية ، التي تعتبر هذه الاحداث من عمل "مجموعة من المتطرفين الذين يسيؤون فهم ديننا، الإسلام"، في تصريح لها نشر بمنبرها الشعب، "من اللجوء للدين كغطاء بغرض مأسسة العنف و تبرير الإعتداءات ضد ابنائنا لحرمانهم من التمتع بحرياتهم". و كانت مجموعة "لم الشمل " ، التي تضم 80 جمعية ، قد عبرت ، قبل ذلك، عن قلقها من تطور الضغط الإسلامي بتونس، مشددة على ان هجوم افريك آرت، لم يكن حادثا تافها وقررت إنذار الرأي العام بفظاعة تلك الإحداث، داعية إلى الحذر. لتكون تظاهرة الخميس ، و تصريحا كل من الاتحاد العام للعمال التونسيين و مجموعة لم الشمل، هي التعبيرات الوحيدة عن الموقف تجاه الظاهرة. لقد وصل الامر بالفئة السياسية و بمؤسسات الدولة، حد الجبن و التغاضي عما يحدث من لجوء إلى العنف بالاماكن العمومية كوسيلة لممارسة السياسة. وإيضا اتهم مفكرون الصحافة بالمبالغة في تلك "الحوادث". وباسم الديموقراطية و الحق في حرية التعبير ، طلب حزب العمال الشيوعي لحمة الهمامي من الحكومة قبول حركة التحرير، التي تطرح العودة للخلافة.

لا يزال الكثير من المناضلين الديموقراطيين غير مدركين لنتائج تلك الافعال المرتكبة باسم الدين. حيث رفضت إلهام بلحاج، رئيسة الجمعية التونسية للنساء الديموقراطيات (ATFD) ، الإشارة للإسلاميين بالاصبع . فبالنسبة لها و كما صرحت لجريدة الوطن؛"بعض القوى ، التي تعارض الحوار الإجتماعي و انتشار الديموقراطية، والحقوق الإجتماعية بتونس ، هي من ينتظم من اجل اعاقة المسار. وهذه القوى ليست مشكلة من الإسلاميين فقط، بل هناك القوى المضادة للثورة و التي يتواجد ضمنها بقايا النظام القديم". ومن جانبه يعتبر محمد العروسي بن صالح، رئيس تحرير أسبوعية يسارية؛"أن الاحداث ليست، لحد الساعة، سوى ردود أفعال، لكنها تتكرر و تتكاثر بحيث أصبح ثمة خوف من ان يتعلق الامر بموجة أصولية. و المستقبل القريب هو وحده من سيجيبنا عن اي مدى ستصل هذه الموجة".

و يبدو ان الحكومة بدورها، قد اختارت الانتظار و الترقب . وفي ظل غياب نظام يوقف هيجان الإسلاميين، يبدو كل خطاب ساذجا اكثر من اللازم. فحسب الناطق باسم وزارة الداخلية الكولونيل هشام مداب ؛ " لا احد يستطيع في تونس أن يؤثر على نمط عيش التونسيين. فهم يحبون الحياة وما من أحد قادر على إجبارهم على تغيير عاداتهم. و الاصولية لا قاعدة و لا مستقبل لها في تونس". و نفس المبرر يتبناه محمد أزهر الكرمين المفوض المكلف بإصلاح جهاز الأمن. ففي نظره:" الطبقة المتوسطة قوية، و التونسيون الذين تتكون منهم، يتعلق الأمر بالنسبة لهم بالدفاع عن نمط العيش و ليس ببرنامج سياسي"، ثم يضيف "و عكس الجزائر لن يكون هناك أي تصويت مساند للإسلاميين".

هذه هي الاختلافات حول ظاهرة الاسلاميين في المجتمع التونسي بعد 14 يناير. فهل ستتمكن الطبقة الوسطى الاسطورية من مواجهة الإسلام السياسي الصاعد و الدفاع عن أسلوب الحياة التونسي، أم انها ستستسلم لغناء الحوريات لتذوب في التيوقراطية؟

قام بترجمته إلى الإسبانية لصالح موقع Viento Sur:فاوستينو إيغوبيري

تعريب : المناضل-ة



#نوري_نصروش (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295


المزيد.....




- غدا.. الأردن يستضيف اجتماعا للجنة الوزارية العربية الإسلامية ...
- بعد دعمها لفلسطين.. منظمة أوقفوا معاداة السامية تختار غريتا ...
- المقاومة الإسلامية في لبنان تستهدف تجمعا لجنود الاحتلال في ت ...
- الهيئة الإسلامية المسيحية تحذر من تصاعد إرهاب المستوطنين الم ...
- “شغلها 24 ساعة وابسط ولادك” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2024 ...
- قائد الثورة الإسلامية يؤكد لدى استقباله الفرق الإيرانية المش ...
- قائد الثورة الإسلامية: منعوا دولة من المشاركة في الألعاب الأ ...
- بروفيسور يهودي يتوقع نشوب حرب أهلية في إسرائيل (فيديو)
- عشرات المستوطنين المحتلين يقتحمون المسجد الأقصى
- القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية اللواء حسين سلامي: ا ...


المزيد.....

- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - نوري نصروش - تونس: الإسلام السياسي يخرج مخالبه