|
محمود درويش (في حضرة) الدراما السورية
ريبر يوسف
الحوار المتمدن-العدد: 3462 - 2011 / 8 / 20 - 09:05
المحور:
الادب والفن
هي الحال إذاً، تنبئنا الثورة بثمرات ناضجة، سيما أن الزمن بات كشجرة متحركة لا نقوى على التفيّؤ بها، أو لا تقوى الشجرة على جرّنا صوبها كما تجر شجرة كائناً بشكل ما صوبها. بعد أن فتح صلاح الدين الأيوبي القدس قديماً، طرده الثنائي السوري جداً (حسن م يوسف ونجدت أنزور) لا بل و بقيا "وراءه وراءه والزمن طويل"، إثر سلسلة من المسلسلات والأفلام ( الفيديو كليب) كنت قد استشرت طبيبي النفساني ـ في إحدى الفترات ـ بخصوص ردة الفعل المواكبة لتمعن المرء في فساد، أستطيع أن أقول عنه الفساد المطلق؛ حيث خوفي من المخابرات ما جعلني أتحدث إلى حسن م يوسف (على انفراد) إثر ندوة عن صلاح الدين الأيوبي الملاحق من قبل الثنائي السوري للغاية في مدينة الحسكة _ مسقط رأسي ومهشمه في آن، تهرّب م يوسف آنها من أسئلتي وهربت بدوري منه، لا أدري ما جعلني أتحدث على الملأ في مدينة جبلة إثر عرض (فيديو كليب) للثنائي الغاية في السورية عن صلاح الدين ضمن فعاليات مهرجان العاديات.. لم أتذكر طبيبي النفساني آنها إذ همّ م يوسف بتعريب صلاح الدين في الندوة التي تلت عرض الفيلم الكليب، حيث قال بالحرف الواحد:" توصلنا ايميلات كتيرة من ناس اجانب بيقولو صلاح الدين بهالعظمة مستحيل يكون مسلم اكيد هو مسيحي.. وأرد عليهم وأقول لا لا.. صلاح الدين الأيوبي مسلم عربي مسلم". أتذكر، أيضاً، عندما قاطع رجل من بين الحضور كلام م يوسف وقال: والله اللي بعرفو انو صلاح الدين كردي فكيف صارت هاي معقول يكون كردي عربي مسلم؟ وضحك بصوت عالي.. ولأنني كردي لم أستطع أن أضحك لحظتها.. تهرّب م يوسف كاتب سيناريوهات صلاح الدين من سؤالي بحجة أن السؤال كان ملغوماً ولا يستطيع أن يجاوب على سؤال ملغوم.. وقام بتحويل السؤال إلى مخرج سلسلة صلاح الدين الخمس نجوم نجدت أنزور الذي لم يجاوب على مداخلتي أيضاً.. يصر الزمن على استدراكنا بما هو خارج الجدوى في تلقين الحكمة درساً ما، ويصر هذا الثنائي على العمل داخل (قضية فلسطين) عبر مسلسل في حضرة الغياب ملخّصَين سيرة حياة الشاعر الفلسطيني محمود درويش، ويبدو أنهما يلخصان المسلسل جداً إلى الحد الذي سيتحول محمود درويش فيه في الحلقة الأخيرة إلى أحد أعضاء مجلس الشعب في سوريا,.. تجسيداً منهم، ربما، لقيم المقاومة والممانعة على طريقة حزب البعث الحاكم في سوريا ـ بيت القصيد الآن، سوريا التي تشهد ثورة عارمة ضد النظام الحاكم فيها وعليها والتي ـ هذه الثورة ـ قامت بتفكيك الرغيف المنجز مسبقاً فحولته إلى سنبلة قمح عبر خلط المفاهيم ببعضها البعض على الطريقة الصحيحة للمعادلة الإنسانية _ الإنسانية معادلة بحتة _ وبعد السير في مفهوم القائد الواحد وامتيازاته الخاصة والعامة والقرية الواحدة وامتيازاتها والحزب الواحد وامتيازاته وذلك لأنها جميعها تدور في لب معادلة ما ألا وهي (ياخي البلد إلو) لذلك لم أستغرب عندما شاهدت فراس إبراهيم قائماً بدور محمود درويش في مسلسل (في حضرة الغياب).. لم أستغرب لأنه هو المنتج هو الذي دفع الأموال وهو الذي أحب محمود درويش فجأة.. ترى، هل القراءة الصحيحة للشعر يجعل المرء أنانياً؟ أعتقد بأن الإجابة هي لا.. وألف لا، هذه الإشارة الأولى تجعلنا نستدرك عافيتنا التي تجرها حلقات هذا المسلسل (الخطير) سيما أنه يتحدث عن سيرة شاعر عربي مهم، فراس إبراهيم الذي هو بعيد عن محمود درويش إلى الحد الذي لا نتذكر فيه محمود درويش على الإطلاق إذ نشاهد هذا المسلسل عن حياته، وبعيداً عن (الحشوة) داخل المسلسل في الإخراج والسيناريو والتمثيل، وبعيداً عن ماهية (الأحداث) التي من المفترض بها أن تكون حقائق؛ أرى أن المسلسل هو انتقام من محمود درويش بطريقة ما، ولسبب ما، تماماً إذ نفكر بمصير الناس في سوريا والذي نفسره على أنه انتقام وحسب، هذا المسلسل الذي هو على المقاسات البعثية، ترى، هل سيعرض العلاقة بين محمود درويش وياسر عرفات على الطريقة الصحيحة؟ هل سيعرض العلاقة بين محمود درويش وسليم بركات؟ هل سيعرض أمسية محمود درويش في دمشق والتي أهدى خلالها قصيدة (ليس للكردي إلا الريح) إلى سليم بركات.. وبعد كلامه: " هذه القصيدة لرفع حالة الحوار العربي الكردي ضمن إطار الهوية السورية الموحدة"؟ هل سيعرض موقف محمود درويش من حزب البعث؟ هي زلة لسان إذاً من محمود درويش إذ قال في لقاء على التلفزيون السوري: "أنا بحب الدراما السورية وأتابعها" ما جعلهم يفترشون أرضه الخصبة. مرة أخرى يصر الثنائي السوري إلى أبعد الحدود م وأنزور على الاستطالة بيد فارغة من الإبداع على جرة الفن العظيمة عبر هذه الصناعة التي هي عبارة عن فيديو كليب لكلام قاله محمود درويش في اللحظة التي يجب على الفن فيها التمعن في سيرة الشاعر بعين الصقر والدخول إلى الأسطر الغائبة عن المتلقي كي يضيء العمل الركن اللامرئي في حياة المصنوع عنه المسلسل.. تماماً كما يُوَظف الشعر في استبيان اللحظات المفعمة باللاسكينة، هو إذاً (اللعب بالنار) إذ يقاس الزمن الخصب لمحمود درويش عبر رحلته إلى العمل الجراحي حسب شهوة الكاتب (م) الذي لم يكن في ذاكرة محمود درويش آنها، الكاتب الذي يوظف عملية الفلاش باك عبر هذه الرحلة التي كان يدرك فيها محمود درويش بأنه سوف لن يعود بعدها، في توظيف التعبئة البعثية ضد الصهاينة وذلك عبر المشاهد المملة والأحداث المعلومة للمتلقي والتي طرحت عبر الأفلام والمسلسلات مراراً، كنا سنشك في هذه الحالة إن سافر درويش إلى العمل الجراحي قبل كتابه (لماذا تركت الحصان وحيداً) والذي تغير خلاله محمود درويش من دك البندقية ببارود المقاومة إلى الكتابة عن لحظة اليد التي صنعت البارود ذاك، يصر الكاتب م على مسح مرحلة ما بعد (لماذا تركت الحصان وحيداً) عبر صناعة ذاكرة درويش والتي كما تبدو تتمحور في التمعن في الفكرة التي هجرها درويش إلى الأبد. نكاد نعرف سير المسلسل عبر قراءتنا للمشهد الأول، أي سيقوم بتصوير الأحداث المعروفة في حياة هذا الشاعر والتي كان يجب على العمل أن يكثفه بطريقة دقيقة للغاية، هل سيقدم الشعراء العرب على كتابة جزء ما في وصاياهم تتعلق بعدم موافقتهم على صناعة مسلسلات وأفلام عن حياتهم؟ بل ربما يأتي زمن يقوم أحدهم بالدعاء على شاعر إذ يقول: روح يا زلمة إلهي يعملو مسلسل عن حياتك بعد ما تموت..
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ برلين
#ريبر_يوسف (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الجمهورية الكردية السورية
-
عماد فؤاد حيث الكتابة زراعة
-
كأنّ العصفور نافذة مسدلة
-
ذهب الولد إلى المدرسة
-
رصاصة غير طائشة
-
الكُتُبُ الخَدم
-
في انقسام الدول وحدة الإنسان
-
فيزيولوجيا الشرق (لماذا لم تصدقوا ناجي العلي)
-
أمكنة في قيد الزمن
-
سوريا تمازح نفسها
-
سوزان عليوان توبخ الزمن عبر زمننا
-
III التجريد
-
أنا حيوان أُساق من قلبي
-
التجريد II
-
التجريد
-
النشرة الجوية في سوريا وخارطة الشرق الأوسط الكبير
-
مهرجان برلين للأدب
المزيد.....
-
-البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو- في دور السينما مطلع 2025
-
مهرجان مراكش يكرم المخرج الكندي ديفيد كروننبرغ
-
أفلام تتناول المثلية الجنسية تطغى على النقاش في مهرجان مراكش
...
-
الروائي إبراهيم فرغلي: الذكاء الاصطناعي وسيلة محدودي الموهبة
...
-
المخرج الصربي أمير كوستوريتسا: أشعر أنني روسي
-
بوتين يعلق على فيلم -شعب المسيح في عصرنا-
-
من المسرح إلى -أم كلثوم-.. رحلة منى زكي بين المغامرة والتجدي
...
-
مهرجان العراق الدولي للأطفال.. رسالة أمل واستثمار في المستقب
...
-
بوراك أوزجيفيت في موسكو لتصوير مسلسل روسي
-
تبادل معارض للفن في فترة حكم السلالات الإمبراطورية بين روسيا
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|