|
سنين الضياع
جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 3461 - 2011 / 8 / 19 - 15:12
المحور:
كتابات ساخرة
أنا الآن خارج من البيت بدون لا إحم ولا دستور لأبحث عن عشيقة تموت بي وجدا وحبا وكمدا وهياما وجنونا وعذابا كما أموت أنا في نادين البدير, ومن يجدني مطلقا شعر وجهي ولحيتي الرجاء منه أن يقوم بتسليمي إلى عشيقتي وحبيبتي وصديقتي وإن لم يعثر لها أحد على عنوان الرجاء منكم أن تخلقوا امرأة تعشقني من تحت طقاطيق الأرض من أجل أن تقرأ كتاباتي ومن أجل أن تعوضني عن أَلَم السنين...أنا إنسان ضائع فقد كل شيء وخسر كل شيء رغم أنني لم أكن أريد أن أكسب كل شيء ...أنا حائرٌ وحرارتي بلغت مليون درجة مأوية ولا علم لي من أين أتيت وإلى أين سأذهب ولماذا أنا أكتب!! لمن أنا أكتب؟ هذا أصعب سؤال محرج تعرضت له خلال حياتي أو دائما ما أتعرض له ولا أدري أين أذهب حين أمسك بالقلم أو حين أضع أصابعي على الكيبورد, لماذا أنا أكتب؟ ولمن أنا أكتب وكله عندي مثل السؤال القائل (لمن تلبس أجمل الثياب؟) إن الحكومة تقول بأن الكتاب زيادة عدد ولا داعي لوجودهم, فلماذا إذا أنا أكتب وأتعب وأتعرق وأجرح وأبكي؟ من أجل من أنا أضحي؟ ومن أجل من أنا أعيش, ومن أجل من أتوجه بوجهي حين أختار الموت فوق أوراقي وذكرياتي..؟ حتى وأنا أأكل الطعام أشعر بأنني لا أستحقه فأنا أأكل فقط من أجل أن لا أموت وليس من أجل أن أحيا حياة كريمة, الرجاء من الذين يشاهدون الحكومة أن يبلغوها عني بأنني رجل يأكل ويشرب فقط من أجل أن لا يموت وليس من أجل أن أحيا حياة كريمة, إن الموت بالنسبة لأمثالي شيء عظيم وفكرة رائدة وسبق صحفي في عالم الكتابة حين تكثر الشكوك وتزداد الظنون بكل شيء..لماذا أنا أعيش؟ من أجل من أشرب الماء وأقطع الخبز بأسناني!! لمن أنا؟ هل أستحق الحياة الكريمة..لماذا أنا أتعب ولماذا أنا طوال النهار وأنا أركض من شارع إلى شارع ومن بيت إلى بيت ومن سوق إلى سوق؟ لماذا أنا أتأسفُ على شبابي الضائع حين أشاهدُ كلَ الأبواب موصدة أمامي والحرس في ذاكرتي يحرمون على عقلي ويحللون عليه كما يريدون هم فيملئون المكان ويعبثون في ذاكرة الزمان....أنا الآن خارج من بيتي مرتديا بنطالا أزرق اللون نوع (جينز) وقميص أزرق سماوي اللون فمن يجدني منكم الرجاء الرجاء...الرجاء الإبلاغ عني إلى أقرب مركز أمني وأن يسلمني إلى أقرب مركز للشرطة أو إلى أقرب مصحة عقلية لأنني اليوم عرفت وتأكدت بأنني ضائع وبأن كل ما أكتبه يضيع بالهواء وحروفي تتطاير هي والكلمات كما يتطاير ويتصاعدُ الدخان في عرض السماء ,الآن تأكدت بأن الذين أكتب من أجلهم لم يسألوا عني وبأنني بلا قيمة وعبارة عن تكملة عدد وأعيش على الهامش وليس على مراكز القوى ...أنا خرجت من البيت لأنني ضائع وبيدي قلم حبر أزرق جاف فعلى الذي يجدني أن يسلمني إلى أقرب مستشفى للأمراض العقلية لأنني سئمت من حياتي والتي هي عبارة عن لا شيء وعن لا فائدة وفقدت توازني وتهتكت وتدمرت في داخلي كل عواطفي وأصبحت رجلا بارد الجسد وجاف العينين وأسود اللون من كثرة البكاء..أنا ضائع الرجاء ممن يجدني أحتذي حذاء أحمر اللون مع قميص أزرق تسليمي إلى أهلي وأصحابي, وإن لم تجدوا لي صاحبا فأرجو منكم أن تجدوا لي أصحابا وإن لم تسأل عني حبيبتي فالرجاء منكم أن تستأجروا أي امرأة تقف في الطريق تسأل عني وعن صحتي الغالية لتقول لي مساء الخير وصباح الخير...والحقُ أقول لكم وهو أنني لا أعرف لماذا لبست ولماذا تعطرت ؟ولماذا أنا ما زلت مصرا على ارتداء ملابسي كأنني طفل سعيد بملابس العيد ؟ورغم أني لا أعرف أين سأذهب. إلا أنني سأذهب وسأقرر مصيري بيدي..أو إلى أين أنا ذاهب؟..سؤالٌ دائما ما يحيرني ومتى سأعود إن ذهبت اليوم مسافة 100 كيلو متر بعيدا عن بيتي وعنواني الذي أضعته أيضا في زحمة العلاقات الإنسانية...ولمن أتعطر؟ ولمن أصففُ شعري ولمن أقصقص أظافري ولمن أطلق أظافري بلا قصٍ في بعض الأيام..ثم أن هنالك سؤال آخر يحيرني وهو من أنا؟ وما هو اسمي ومنذ متى وأنا ضائع..ومنذ متى اكتشفت حقيقة الضياع...أنا إنسان عبارة عن مستودع للضياع وللأمراض النفسية والعاطفية...واليوم خرجتُ من باب الدار لا أدري إلى أين سأذهب وحين عدتُ بسرعة عن طريق شرطة الإنترنت كنت قد نسيتُ أين وضعت مفتاح الباب ففتشت جيوبي ولم أجده ولا في أي جيبة وسألت الأهل والجيران والذين يمرون من الشارع عن مفتاح الباب وأخيرا تذكرت بأنني خرجت من البيت تاركا الباب ورائي مفتوحا والمفتاح موجود به من الداخل...ونسيتُ أين وضعت أيضا المفتاح الذي يفتح باب الأفكار أو باب القصر الذي بنيته بأحلامي على رأس دبوس أو على مسطح من الثلج والجليد...ومنذ يومين وأنا أبحث عن مفتاح غرفة الموعد مع أنني مؤمن بأن الموعد مع العذاب لن يطول أكثر من هكذا... ولست أنا الضائع وحدي في هذا العالم بل أن العالم كله عبارة عن ضياع ومتاهات ليس لها أول وليس لها آخر أنا ضائع ولا أدري من هو سبب ضياعي, أنا الآن في الطريق الرئيسي المؤدي إلى خارج الزمان والمكان..أنا مسافرٌ لا أدري إلى أين سأسافر ,تائه في وسط الضباب..أنا جرفني التيار...أنا تهتُ في الأزمة ليلة عيد رأس السنة الميلادية ومن يومها وأنا أبحث عن نفسي ومن يومها وأنا أحاول الإمساك بطرف الخيط أو بأي طرف يوصلني لأي شيء...أنا بجد إنسان ضائع أسير لوحدي وأأكلُ لوحدي وأنامُ لوحدي ولا أدري متى ستأتي نهايتي لأرتاح من هذا العالم المجنون ....أنا حقيقةً لا أدري بعد اليوم من أنا..نسيت اسمي وعنواني وأضعتُ بطاقتي الشخصية وجواز السفر في وسط الطريق وأضعت في الزحمة رقمي الوطني ومكان ولادتي وأضعت اليوم والشهر والساعة والزمن وحتى هذه اللحظة لا أدري ما هو اليوم لا ولا أدري كم الساعة ولا أعرف في أي عامٍ أنا..أنا ضائع أنا تائه أنا إبرة خياطة في كومة قش..أنا من عاشر المستحيلات أن أعود كما كنت قبل الضياع..فمن يوم ضعت وتهت..ضاعت وتاهت الابتسامة عن شفتي..أنا حزين جدا على مصيري وعلى مصير الآلاف بل والملايين من أمثالي..وأنا على الأقل اكتشفت اكتشافاً عظيما وهو أنني ضائع أما بالنسبة لغيري فما زالوا يعيشون في الأوهام لا يعرفون بأنهم تائهون وضائعون للأبد..أنا أشعر بأنني لم ولن أعود (جهاد) أيام زمان أيام كان يبتسم حتى لرغيف الخبز الجافر والناشف والمثلج كأنه قطعة من الثلج أو الجليد..أنا لن أعود لأيام زمان أيام كنت أبتسم حتى للجروح العميقة...أنا عبارة عن جسد يمشي اليوم بلا ذاكرة أنا أضعت ذاكرتي وأضعت كل الخطوط وكل وسائل النقل والاتصال...أنا متشرد ..أنا عبارة عن إنسان متشرد شردته الأوهام الفكرية وشردته المجاعات العاطفية...أنا إنسان عبارة عن ظل وخيال يمشي ويدب على الأرض كدبيب النمل لا تكاد تسمع لي صوتا أو حساً حتى إحساسي بالعالم وبالكون قد تغير فلم أعد أشعر بالحزن أو بالفرح أو بالسرور ولم تعد تظهر أسناني للناس لا في الحزن ولا في الفرح..أنا أشعر بأنني أصبحتُ إنسانا مشطوبا لا يميز بين الفرح وبين السرور ولا يمكن أن أنتفع من الناس ولا يمكن أن أنفعهم وهذا أكبر شعور يشعره الإنسان بالضياع حين تصبح عاجزا بلا فائدة يستفيد منك الغير وبلا قدرة على الأخذ من الناس والاستفادة منهم ويستفيد منك الناس أنا ضائع أنا أتوسل إليكم أن تعيدوني إلى بيتي قبل أن أعرف الشعراء والفلاسفة والحضارة الرومانية والأثينية...أنا قتلني وأكلني الندم حيا من يوم قرأت قصص الإصلاح الديني في أوروبا..أنا عبارة عن رماد أو غبار يتطاير هنا وهناك ..أنا إنسان مكتئب وحزين من هذا العالم..أنا إنسان استطعت أن أضحك الآلاف من الناس واليوم فقط أنا عاجزٌ عن تسلية نفسي أو إضحاك نفسي بعد أن أضحكت بكتاباتي آلاف البشر من الناس...أنا إنسان لا أدري عن مصيري ولا أدري أين سأذهب بعد قليل أنا إنسان عن كل شيء لا أعرف ولا أي شيء..فهل بعد قليل أصبح عبارة عن كلمة(المرحوم) أم عبارة عن كلمة العطوفة أو الباشا أو الإنسان السعيد...أنا ضائع..أنا تائهٌ أنا جائعٌ أنا عطشان ولا يمكن أن تروي ضمئي وعطشي كل البحار...أنا سلكت الدرب الذي لا رجعة عنه..أنا مشيت في الطريق التي لا رجعة فيها...أنا سرت وأنا خطوت خطوات بعيدة جدا..أنا حين وصلت إليكم كان كل شيء قد انتهى حتى شبابي قد أنفقته في البحث عنكم وحين وجدتكم بكيت لأنني أضعت وخسرت كل شيء.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
آدم له زوج ولذريته أربع
-
الأقليات
-
ربي كما خلقتني
-
العاقل الوحيد
-
إلى بنت الطيبه
-
الله يميتني ونادين البدير تحييني
-
المرأة المسلمة2
-
المرأة المسلمة1
-
عيد ميلاد لميس السادس
-
كلمة شكرا
-
دنيا ودين
-
ذاكرتي تؤلمني
-
يقتلون الرجل للدفاع عن الشرف
-
المرأة تلعن والرجل يغضب
-
لم يذكر القرآن المحامين والمحاكم
-
أنا أسعد رجل في الحارة
-
الدرس الخامس:مشاعري وأحاسيسي في رمضان
-
لغة الحمير
-
الدنيا تعاسه والموت سعاده
-
الدرس الرابع:ثقيل الدم
المزيد.....
-
-جزيرة العرائس- باستضافة موسكو لأول مرة
-
-هواة الطوابع- الروسي يعرض في مهرجان القاهرة السينمائي
-
عن فلسفة النبوغ الشعري وأسباب التردي.. كيف نعرف أصناف الشعرا
...
-
-أجواء كانت مشحونة بالحيوية-.. صعود وهبوط السينما في المغرب
...
-
الكوفية: حكاية قماش نسجت الهوية الفلسطينية منذ الثورة الكبرى
...
-
رحيل الكوميدي المصري عادل الفار بعد صراع مع المرض
-
-ثقوب-.. الفكرة وحدها لا تكفي لصنع فيلم سينمائي
-
-قصتنا من دون تشفير-.. رحلة رونالدو في فيلم وثائقي
-
مصر.. وفاة الفنان عادل الفار والكشف عن لحظات حياته الأخيرة
-
فيلم -سلمى- يوجه تحية للراحل عبداللطيف عبدالحميد من القاهرة
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|