رسالة إبليس

واثق الجلبي

الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 22:25
المحور: الادب والفن
    

رسالة إبليس إلى إخوانه المناحيس

شدني عنوان هذه الرسالة كثيرا فكان لزاما عليّ أن أشبع نهم القراءة المتصاعد لديّ فما كان إلا أن يشد وثاقي وأنا أقرأ هذه الرسالة للإمام الحاكم أبو سعد المحسن البيهقي المنتهي نسبه إلى الإمام علي بن أبي طالب المولود في قرية جشم من ضواحي بيهق في 413وقتل بمكة غيلة في الثالث من رجب 494وكانت هذه الرسالة السبب في مقتله ...حيث كان في الفقه حنفيا ثم إنتقل إلى مذهب الزيدية وكان معتزليا في الأصول وبلغت مصنفاته 42كتابا بقيّ منها 10 فقط.
كان الإضطراب الفكري الذي تعيشه الأمة المتوارث بين الفلاسفة والمتكلمين على أشده فالقضاء والقدر في المجتمع الإسلامي أخذ حيزا كبيرا في المساجلات الفكرية والعقائدية ورمي هذا الطرف بالكفر وذاك بالمروق والإلحاد ..حتى عدّت الأفكار المتصارعة من صميم الثقافة الإسلامية أما كتب الحديث تشير إلى أقدم هذه النماذج التي تعود إلى سنة38هجرية وإنه لما ‘نصرف الإمام علي من صفين قام إليه شيخ ممن شهد الواقعة معه فقال:يا أمير المؤمنين أخبرني عن مسيرنا هذا أكان بقضاء وقدره؟ فقال الإمام: أجل يا شيخ فوا لله ما علوتم تلعة ولا هبطتم بطن واد إلا بقضاء من الله وقدره ..فقال الشيخ :أعند الله أحتسب عنائي يا أمير المؤمنين؟ فقال : مهلا يا شيخ لعلك تظن قضاء حتما وقدرا لازما ‘لو كان كذلك لبطل الثواب والعقاب والأمر والنهي والزجر ولسقط معنى الوعد والوعيد ولم تكن على مسئ لائمة ولا لمحسن محمدة.
أما الحسن البصري فقد بعث برسالة إلى الإمام الحسن بن علي جاء فيها :يابن رسول الله إن الناس قد إختلفوا في القدر فإن رأيت أن تكتب إلينا بما ألقاه الله عليكم أهل البيت فأفعل.
فأجابه الحسن: أما بعد فإنه من لم يؤمن بالقدر خيره وشره فقد كفر ومن حمل ذنوبه على الله فقد فجر ‘ إن الله لم يعص مغلوبا ولم يطع مكرها ولم يهمل العباد سدى في الهلكة بل هو المالك لما مّلكهم والقادر على ما عليه أقدرهم فإن إئتمروا بالطاعة لم يجدوا عنها صادا ولا مبطئا وإن إئتمروا بالمعصية فشاء أن يحول بينهم فعل فإن لم يفعل فليس هو الذي أدخلهم فيها جبرا ولا حملهم عليها قسرا بل مّكنه إياهم بعد إعذاره وإنذاره لهم وإحتجاجه عليهم وجعل لهم السبيل إلى أخذ ما إليه دعاهم وترك ما عنه نهاهم .
لو زاد الناس سؤال الإمام علي وهو صاحب مقولة (سلوني..) لما كان ما كان علما إن سؤال الحسن البصري للإمام الحسن وما فيها من إشارات واضحة للعلم الآلهي الذي يوجد عند أهل البيت والجواب الشامل كان قاتلا للشك المتنامي لدى العلماء والعامة معا.
جاءت مدرسة أصحاب الحديث فحظرت الأبحاث الكلامية العقلية بما فيها من أبحاث القدر وقد نشب الخلاف بين أهل الكلام والتنافس الشديد فوقع بينهم السيف والتكفير ولم تجد السياسة إلا أن تدس أنفها لتفضل هذا الطرف على ذاك فهوجمت المعتزلة وأعمّل فيهم السيف الإعتقاد القادري عام 433 حيث إستتاب الخليفة القادر فقهاء المعتزلة ونهاهم عن المناظرات في الإعتزال..
إجتمع أبو عمرو بن العلاء وعمرو بن عبيد فقال عمرو لأبي عمرو :هل تعرف في كلام العرب أن أحدا فرّط فيما لا يقدر عليه ؟ قال أبو عمرو: لا قال:فأخبرني عن قوله تعالى (يا حسرتي على ما فرّطت في جنب الله ) أكان حسرته على ما قدر عليه أو ما لم يقدر عليه؟ فقال أبو عمرو لأصحابه :قد أبان لكم أبو عثمان القدر بحرفين.
هكذا إنشغل أهل الكلام عن الدولة ومساوئها فإهتبل السياسيون هذه الفرصة وراحوا يقوون هذه الفرقة على حساب تلك فكانت هذه الرسالة (المناحيسية) التي قتلت صاحبها.

#واثق_الجلبي (هاشتاغ)      

---

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات