|
الضجة حول المسلسل التلفزيوني الحسن والحسين
مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 19:30
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم نستغرب من قرار مجلس النواب بمنع عرض مسلسل الحسن والحسين التلفزيوني بهذه السرعة التي تفوق سرعة البرق إطاعة للجنتي الأوقاف والشؤون الدينية لكننا نستغرب أن هذا المجلس أغمض ويغمض عينيه عن العديد من القوانين الحاسمة التي ينتظرها المجتمع العراقي باعتبارها تساهم في تخفيف الضغط وتكون فيصلاً للحسم بدلاً من المماطلة والتفسيرات الهوائية، ولا يعرف أكثرية الناس الأسباب الحقيقية من قرارات منع المسلسل المذكور لان كل جهة من الجهات التي أعلنت الحرب والحرام عليه تغني على ليلاها حتى أنها تخاف من الحديث عن الأسباب إلا اللهم، القول انه كتب من قبل أشخاص يختلفون مع عقيدة آل بيت النبي فمن هؤلاء ولماذا يختلفون مع آل بيت النبي؟ وانه "يحرض على الفتنة الطائفية ويشوه التاريخ " وكأن الطائفية ليست متغلغلة عند الكثير من أحزاب الإسلام السياسي لكن ما يحير في هذه المواقف الخوف من الحقائق أو الإطلاع على التزوير في التاريخ لصالح الحكام في الماضي والوقت الحاضر والاعتراض على هذا المسلسل لأنه سيشاهد من مئات الآلاف من المواطنين ولا نختلف مع الرأي بأنه قد يتناول الموضوع من وجهة نظر لا تتحملها إطراف طائفية دينية معينة ذلك وتجدها خطراً يحدق ببعض المفاهيم الرائجة التي لا تخدم أهدافها وتوجهاتها ليست الدينية فحسب بل الطائفية، ولان المسلسل يحتوي على العديد من الشخصيات التاريخية إلى جانب الحسن والحسين مثل معاوية بن سفيان أو غيره فهو محط ريبة عند البعض وكأن معاوية بن أبي سفيان رجل هلامي لا وجود له في التاريخ الإسلامي والعربي . لقد أعلن الأزهر والمرجع الديني السيستاني والبعض من رجال الدين من كلا الطرفين منع عرض المسلسل بدون إضافات وافية إلا اللهم انه يساعد على إثارة الفتنة وانه يسيء ولم تحدد كيف يثير الفتنة مسلسل تلفزيوني وما هي ركائزه ونحن نتذكر عشرات الأفلام والمسلسلات التلفزيونية والإذاعية وما موجود من تمثيل على الأقراص المطبوعة في إيران وهي تملأُ الأسواق المعروفة والمتعلقة بالتاريخ أو حتى التراث الإسلامي ويكاد البعض منها مغالياً في إظهار الشخصيات أو الحوادث ولم نسمع يوما أي اعتراض أو منع ما عدى فتوى الخميني بالضد من سلمان رشدي التي كانت احد الأسباب الرئيسية في شهرة الكاتب وزيادة ماله وانتشار أعماله الأدبية وغيرها، كما أننا لم نعرف نوعية الإساءة ومن هو المقصود بالإساءة وإذا كان الحجة بعدم إجازة تمثيل شخصيات دينية معينة فنحن نقول أن هذا التمثيل موجود " والتشابيه الشعبية " في العاشر من عاشوراء قبل هذا المسلسل يعاد تمثيلها وهو يعرض شخصية الحسين وأخيه العباس وباقي أفراد العائلة من خلال أفراد معينين وفي كثير من الأحيان نجد ملابسات وعروض لا تمت للتاريخ ولا لمأساة الطف الذي استشهد فيها الحسين وأخوته بما فيهم أخيه أبو بكر وصحبه فضلاً عن انتشار صور لعلي بن أبي طالب وأئمة آخرون بدون أن نسمع ولا تحذير أو فتوى بعدم التمثيل والتصوير وغيرها، ومن منطلق الحرص على كشف الحقائق لا بد أن يعرف المواطن العراقي حقيقة الشخصيات التي ساهمت في تشويه التاريخ ولا سيما نحن نعرف جيداً أن أكثرية الذين دونوه أو كتبوه كانوا تابعين للحكام ونقلوا سيرتهم من وجهة نظر وفق " وأطيعوا ولي الأمر منكم " أو الانحياز بدون أية حيادية وكل واحد منهم يذكر الحقب التاريخية من وجهة نظر منحازة وبعض الأحيان لعبت الطائفية وما زالت تلعب دوراً خبيثاً في التشويه والإساءة للتأثير على عقول المواطنين وتعميق قضية الطائفية لا بل تشجيعها على حساب مصالحهم المشروعة. لقد عدنا إلى اسطوانة الاتهام الجاهز بالعمالة للموساد الصهيوني أو جهات كثيرة ونعرف جيداً أن مثل هذه الاتهامات لا تستند إلى الواقع وقولنا هذا لا يعني تزكية الموساد الصهيوني أو أي دولة استعمارية لأن مثل هذه الاتهامات المقصودة والتي لها أهداف غير الظاهرة تخفي الأسباب الحقيقية وبما أن المسلسل من إخراج السوري عبد الباري أبو الخير واشترك فيه الكثير من السوريين فهؤلاء بالتأكيد يحاذرون من مسالة " العمالة إلى الموساد الصهيوني أو أمريكا أو بريطانيا " وفي هذا المجال تتحفنا مع احترامنا لها النائب مها الدوري بالقول يقف خلفه أي المسلسل " الموساد الصهيوني " وتستطرد بدون أن تقدم لنا دليلاً مادياً واحداً على اتهامها "أن تراعي قناة بغداد المملوكة من قبل الحزب الإسلامي التي بثت المسلسل أن تراعي " الوضع الإسلامي لأنه يشهد الكثير من التحديات وهجمات شرسة تقف خلفها أمريكا وإسرائيل وبريطانيا والثلاثي المشؤوم يريدون أن يشقوا الصف الإسلامي" وتنسى السيدة مها الدوري أن الوحدة أو اللحمة الإسلامية مشقوقة بسبب الحكام وأحزاب الإسلام السياسي أما الشعوب فهي بريئة وليس لها أي ذنب والذي يثير الفتن والشقاق والنفاق هو التوجه الطائفي البغيض الذي يثير الفتن بين أبناء الشعب الواحد وليس الأمة الإسلامية فقط، وللعلم أن هذه الضجة التي افتعلت سوف تزيد فضول الملايين من المسلمين وغير المسلمين لمشاهدة المسلسل ومعرفة السر الكامن خلف هذه الضجة وأسباب الموقف المعادي وكأنه يذكرنا بمواقف كثيرة أشهرت العداء للكتاب وعلماء ومثقفين لمجرد انه أرادوا إعادة كتابة التاريخ وتخليصه من الترهات والزائد الداخل عليه من كلا الجانبين ويكون بهذا قد حققوا حلم العدالة في السيرة والتراث بدلاً من هذا الحشو الممل المساعد للطوفان لكي يبثوا ما يريدون بثه لخداع وعي المواطنين والدافع للعداء الطائفي، فليس هناك من يقف بالضد من العدالة ويعضد الموقف المضاد للظلم والتخلف العقلي الرجعي الذي يحاول خداع عقول المواطنين، ولهذا نجد أن الضجة واللغط الذي صاحب نية عرض المسلسل تختفي خلفها تداعيات تخاف كشف الحقائق وإعادة ترتيب التاريخ الحقيقي بدون التمسك بقدسية احد من البشر الذي يعلم ما لا يعلم به الآخرون من البشر، فالحقيقة على الرغم من مرارتها في بعض الأحيان تكون البلسم الشافي للتخلص من التخلف وتحرير العقل الإنساني من الأوهام ومن مخلفات عصور الظلام وتخليصه من التقاليد التي فرضت عليه أو تلك التي اكتسبها فأصبحت وكأنها الدين نفسه، ومن منطلق المعرفة علينا أن نتذكر القول الحكيم " اطلب العلم من المهد إلى اللحد أو اطلب العلم حتى لو كان في الصين " فذلك يؤكد أن الإنسان يبقى أمام المعرفة قزماً صغيراً في معارفه القليلة والقليلة جداً.
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حصن العراق الهلامي
-
عقدة المجلس الوطني للسياسات العليا
-
الفساد وعمليات هروب السجناء على نمط الأفلام
-
القوات الأمريكية باقية للتدريب والحصانة..!
-
التلويح الإيراني بطلب التعويضات ضغط للتدخل أكثر
-
الصحافة الشيوعية العراقية ودورها في تطور الوعي الاجتماعي وال
...
-
شعرة ما بين التطرف الديني والتطرف السياسي
-
التطرف اليميني المغلف بالأصولية المسيحية ومأساة النرويج
-
أين أمسى قانون الأحزاب الشبح يا مجلس النواب ...؟
-
أدستور وفيدرالية أم ضحك على ذقون الشعب!
-
يونس دخيل الرحلة في بطن الحوت
-
استمرار الاعتداءات المسلحة الإيرانية على القرى العراقية
-
تعمق الخلافات بين أقطاب السلطة الإيرانية
-
الحقوق المدنية وتجاوزات قوى الأمن على المواطنين
-
عندما يعيد الديوس انتشاره التاريخي
-
الترشيق بين وشم العقول والبدعة والواقع
-
شبح الاقتتال الطائفي بمباركة الولاءات الطائفية
-
مهزلة مكافأة الغائبين في مجلس النواب
-
أهازيج قلبي الشجية
-
الدعوة للانتخابات بين الحذر والتحذير
المزيد.....
-
فرمت سيارته.. الداخلية القطرية تتحرك ضد -مُفحط-
-
المفوضية الأوروبية تعلن تحويل دفعة بقيمة 4.1 مليار يورو لنظا
...
-
خنازير معدلة وراثيا..خطوة جديدة في زراعة الأعضاء
-
موسيالا -يُحبط- جماهير بايرن ميونيخ!
-
نتنياهو يؤكد بقاء إسرائيل في جبل الشيخ بسوريا
-
فون دير لاين: الاتحاد الأوروبي يعد الحزمة الـ16 من العقوبات
...
-
الدفاع الروسية: أوكرانيا فقدت 210 جنود في محور كورسك خلال يو
...
-
رئيس حكومة الإئتلاف السورية: ما قامت به -هيئة تحرير الشام- م
...
-
سوريا: المبعوث الأممي يدعو من دمشق إلى انتخابات -حرة ونزيهة-
...
-
الجيش الإسرائيلي يعترف بتسلل مستوطنين إلى لبنان
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|