|
إنها مؤامرة ملايين المطحونين
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3460 - 2011 / 8 / 18 - 14:09
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
عندما كان المستبد الدموي المخلوع محمد حسني مبارك لا يزال في أوج قوته ، و كان كل ما يشغل باله هو التأكد من أن ولده جيمي سيرث عرشه ، كانت أجهزة السلطة ترد على كل من ينتقد النفوذ الأجنبي المتزايد في مصر ، بإنه من أتباع نظرية المؤامرة . و لكن منذ الخامس و العشرين من يناير 2011 ، أو منذ الرابع عشر من يناير 2011 ، إنقلب الوضع تماماً ، و أصبحت السلطة ، و أصدقائها ، هم المروجين لنظرية المؤامرة . في البداية أرادتها السلطة ، و أصدقاؤها في خارج مصر ، مؤامرة إيرانية ، و لكن بعد أن وجدوا أن نظام ولاية الفقيه يخاف من الثورات العربية ، كما أن التيار الأقرب لنظام ولاية الفقيه هذا ، و أعني الإخوان ، هو التيار الذي وقف مع نظام طنطاوي - سليمان منذ البداية ، و تحالف معه ، و بالتالي أنقذه من السقوط ، سقطت فكرة المؤامرة الإيرانية ، و سقطت معها فكرة المؤامرة الإخوانية ، أيضاً ، و أصبح لا يمكن إحياء الأولى منهما بعد الثورة السورية . كذلك لم يكن بإمكان السلطة إستخدام فكرة المؤامرة السلفية ، بعد أن إتضح مدى غلبة السلفيين الحكوميين على التيار السلفي ، كما أن ضعف التيار السلفي عموماً في مصر أسقط فكرة المؤامرة السلفية ، و بقى فقط إستخدام السلفيين كفزاعة ، و إن لم تفزع أحد ، بعد أن ثبت للشارع السياسي المصري ضعفها السياسي الشديد ، و أن الإرهاب السلفي هو في الحقيقية إرهاب رسمي . لم يتوقف نظام طنطاوي - سليمان ، و الذي يعد إمتداد طبيعي لنظام مبارك الإجرامي ، عن تبني فكرة إلصاق تهمة المؤامرة بالثورة ، فوجه وجهه نحو إسرائيل ، و لكنه وجد أن ذلك صعب للغاية بسبب وقوف حكومة نتنياهو - ليبرمان مع محمد حسني مبارك إلى أخر لحظة ، حتى بعد أن تخلت عنه الأنظمة الغربية ، منافساً في ذلك نظامي آل سعود ، و آل نهيان ، فإكتفى عند ذلك بالقول أن هناك مؤامرة إسرائيلية للإيقاع بين الجيش و الشعب ، و بما أن نظام طنطاوي - سليمان يعتبر نفسه هو الجيش ، و يكاد يقولها صريحة : أنا الجيش ، فإن ذلك يعني وجود مؤامرة إسرائيلية للإيقاع بينه و بين الشعب المصري ، مناقضاً في ذلك حكم العقل السليم . أخيراً وجد نظام طنطاوي - سليمان ضالته ، فقرر أن المؤامرة أمريكية ، و ساعدته على ذلك إدارة أوباما ، لأسباب ذكرتها في مقال : لماذا تريد الإدارة الأمريكية تشويه الثورة المصرية ؟ ، و الذي نشر في الرابع عشر من أغسطس 2011 . توجيه تهمة المؤامرة في أكثر من إتجاه ، و الإصرار على الفكرة ، و إستخدامها من قبل أكثر من نظام عربي إستبدادي ، يدل على أن هذه الفكرة - فكرة المؤامرة - هي خطة معدة مسبقاً ، أعدتها الأنظمة العربية مسبقاً للدفاع عن نفسها في حالة حدوث أي معارضة ضخمة لها ، و يثبت هذا أن نظام تريان باسيسكو الذي يعد صديق وفي لكل أنظمة القمع العربية ، سواء في مصر ، أو سوريا ، أو غيرهما ، حاول إلصاق تلك التهمة بالثورات العربية ، ففي المقابلة التلفزيونية التي أجرتها معي القناة الأولى في التلفزيون الرسمي الروماني ، و تمت في مجمع مباني التلفزيون الرسمي الروماني ، في مساء الحادي و الثلاثين من يناير 2011 ، و قمت بنشر تفاصيلها في صباح الأول من فبراير 2011 ، في مقال : كيف يتعامل الإعلام الروماني مع الثورة المصرية ، تجربة شخصية ، حاولت السيدة الرومانية التي وجهت الأسئلة لشخصي البسيط أن تتهم الثورات العربية بإنها مؤامرة و ذلك في سؤالها التالي : هل تعتقد أن المؤامرة سوف تصل لبلدان أخرى ؟ سؤال كهذا ، مع الوضع في الإعتبار أن التفزيون الرسمي الروماني خاضع مثل بقية وسائل الإعلام لسيطرة واضحة للإستخبارات الرومانية ، و يعد موالي تماماً لتريان باسيسكو ، يؤكد أن خطة إلصاق تهمة المؤامرة بأي معارضة عربية ضخمة لأي نظام عربي كانت جاهزة منذ زمن ، و ليست بالجديدة . و ذلك الحديث التلفزيوني - و الذي تم بالإنجليزية - أجزم بأنه توجد منه نسخة لدى الإستخبارات الرومانية ، و كذلك السليمانية . إذا كان من المستحيل على الأنظمة الإستبدادية العربية ، و على أصدقائهم في الخارج ، الإستماع لصوت العقل ، و النطق بالحق ، الذي يقول أن المطالبة بالديمقراطية ، و حقوق الإنسان ، ليست مؤامرة ، لأن تلك التهمة هي أحد خطوط دفاع المستبدين ، و أصدقائهم ، فلتكن مؤامرة . لتكن الثورات العربية ، ثورات 2011 ، مؤامرة . و مؤامرة شاملة أيضاً . مؤامرة ملايين المطحونين ، ملايين المغبونين ، ملايين المحرومين ، ملايين المكبوتين ، ملايين الذين داستهم ، و لازالت تدوسهم ، أحذية القمع في العالم العربي ، و يمتص دمائهم الفساد الرسمي . مؤامرة دبرتها ، ثم أنزلتها لأرض الواقع ، خلية تونس التي تضم ملايين التوانسة المطحونين المكبوتين ، ثم تلتها في ذلك خلية مصر التي تضم حوالي أربعة و ثمانين مليون متآمر مطحون مغبون مغلوب على أمره ، و خلية اليمن التي تضم معظم الشعب اليمني ، و خلية ليبيا التي تضم خمسة ملايين عضو على الأقل ، و خلية البحرين التي تضم عشرات الآلاف في أقل تقدير ، و خلية سوريا التي تضم ما لا يقل عن عشرين مليون متآمر و متآمرة ، و خلية المغرب التي تضم جموع الشعب المغربي ، و شاركت في تلك المؤامرة لبعض الوقت خلية الشعب الجزائري . مؤامرة شارك فيها ، و لا زال يشارك فيها ، الملايين من جماهير المطحونين ، المكبوتين ، و ضحى بعضهم بحياته ، و بعضهم بسعادته ، من أجل نجاحها ، و المكافأة التي إنتظروها لقاء مشاركتهم فيها ، لم يتلقوها بعد ، لأنها لا تُدفع إلا عند نجاح تلك المؤامرة ، و لا يقدم مكافأة المشاركة في تلك المؤامرة إلا تلك الملايين التي شاركت فيها . المكافأة التي تنتظرها هذه الملايين التي دبرت و شاركت ، و لازالت تشارك ، و ستشارك ، في تلك المؤامرة ، هي حزمة لا تتجزء من الحقوق المشروعة ، تشمل : الحرية ، الشخصية و السياسية ، و العدالة ، و الرفاهية ، و الكرامة الإنسانية ، و الكرامة الوطنية . لم تقبض بعد هذه الملايين المشاركة في ثورات 2011 العربية المكافأة التي وعدت نفسها بها نظير مشاركتها في تلك المؤامرة ، لهذا ستستمر هذه المؤامرة إلى أن تصل المكافأة للمتآمرين . إنها مؤامرة لا تقوم بها إلإ الشعوب ، و لا تقدم مكافأة المشاركة فيها إلا الشعوب ، و لا تقبض مكافأة نجاحها إلا الشعوب .
18-08-2011
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بدون الحكم ليست ثورة
-
المشير طنطاوي شيطان في كل الأحوال
-
لماذا تريد الإدارة الأمريكية تشويه الثورة المصرية ؟
-
حتى لا يقول أحد : أنا الجيش
-
جرائمه أكثر من أن تنسى و أكبر من أن تغتفر
-
الشعب سيحكم على المحاكمة
-
نعم للديمقراطية و لو فيها الإخوان ، و سحقاً للإستبداد أياً ك
...
-
حتى يصبح الخامس و العشرين من يناير 2011 العيد الوطني لمصر
-
المخابرات السليمانية إخترقت القيادة الإخوانية
-
الشعب يريد الحكم
-
درس من القرآن في ضرورة إستئصال النظام الظالم بالكامل
-
إستكمال الثورة أولاً
-
إنه نظام طنطاوي ، و الأدق نظام طنطاوي - سليمان
-
تسييس القضاء العسكري خيانة
-
جهاز المخابرات يجب أن يبتعد عن السياسة و أن يخضع للرقابة
-
في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه
-
إنها محاولة يائسة ، بائسة ، لإنقاذ مبارك من حبل المشنقة
-
التعاون مع آل سعود إهانة للثورة و شهدائها
-
نصف بالقائمة و نصف بالفردي ، لن نساوم
-
المجلس العسكري الحاكم دمر سمعته بنفسه
المزيد.....
-
فيديو يظهر لحظة قصف دبابة إسرائيلية المبنى الذي كان يتواجد ف
...
-
أول تعليق من حزب الله والحوثيين على مقتل يحيى السنوار: -حمل
...
-
الرئيس الفرنسي يكرم ضحايا مظاهرات 17 أكتوبر 1961 ويعتبر أنها
...
-
تفاصيل مقتل السنوار في غزة وردود الفعل ومن سيخلفه؟
-
اتهامات أممية لطرفي النزاع في السودان باستخدام -أساليب التجو
...
-
بعد مقتل السنوار... بلينكن يجري عاشر جولة في الشرق الأوسط من
...
-
ترحيب غربي بمقتل السنوار وإيران تشدد على أن -روح المقاومة ست
...
-
غداة مقتل السنوار... ملف غزة على رأس محادثات بايدن وقادة أور
...
-
قمة -كوب16- في كولومبيا... ما هو واقع التنوع البيولوجي في ال
...
-
المجلة: من هو يحيى السنوار.. وهل أخطأ في -الطوفان-؟
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|