أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدان عليان - سياسة الخوف و التخويف














المزيد.....


سياسة الخوف و التخويف


حمدان عليان

الحوار المتمدن-العدد: 3459 - 2011 / 8 / 17 - 23:06
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كشفت ثورة تونس بعض خبايا سياسة الطغيان التي يمارسها حكام الشعوب المتخلفة و في مقدمتهم
حكام الشعوب العربية ..ففضلا عما هو شائع من طبائع الاستبداد أظهرت ثورة تونس بعض التفاصيل
الجديرة بالتأمل و الاعتبار ، فقد شاهدنا و سمعنا من يدلي بتصريح عفوي أو مدروس معبرا عن رأي
فردي أو جماعي من فئات و جهات متعددة ابتداء من المواطن البسيط الى قمة هرم السلطة ، و القاسم
المشترك بين معظم التصريحات هو الخوف فكل طرف خائف من طرف آخر .
فعامة الشع كشفت ثورة تونس عن بعض خبايا سياسة الطغيان التي يمارسها حكام الشعوب المتخلفة و في مقدمتهم
ب لم تكن تجرؤ على مواجهة النظام خوفا من بطش الترسانة الأمنية ، لكن بمجرد التجرؤ
على عصيان النظام و الاصرار على نبذه غير الخوف معسكره و تهاوت الترسانة الأمنية ، و راح
المتحدثون باسمها يصرحون بالتوبة مبررين ما صدر منهم بالخوف من السلطات العليا ، فهم مجرد
مأمورين .. و الكثير من الجهات العليا تبرر ما صدر منها بالخوف من الطغمة الحاكمة في اعلى أجهزة
الدولة و افراد هذه الطغمة الحاكمة تبرر تعاونها مع الرئيس خوفا من سطوته و بطشه الذي لا حدود
له في التنكيل بالمخالفين .
و لاشك أن طغيان الرئيس كان بدافع الخوف من تبعات النهج الديمقراطي الذي يحدد صلاحياته ، و يحاسبه
على تجوزاته .. لذلك فر هاربا بجلده عندما وصل الخوف مداه من هدير الجماهير التي حطمت جدار
الخوف .
و هكذا لاحظنا في نجاج ثورة تونس ( و لو مؤقتا) انتصارا على الخوف ادى الى تهاوي هرم الاستبداد
المبني على هرم من المخاوف المتراكمة على شكل طبقات ؛ أدناها و أوسعها خوف الشعب من أجهزة الأمن
بكل أطيافه المتصاعدة الى أعلى الهرم ، و أعلاها واضيقها سلطة الرئاسة و حاشيتها التي تتحرك بمفعول
الطمع و الخوف ..فلما هرب الرئيس انقلب من انقلب و توارى من توارى خوفا من تبعات تصرفاتهم..
و هكذا تتبين العلاقة الوثيقة بين الاستبداد و ظاهرة الخوف لدرجة أعتبار الطغيان منتجا و حاضنا لتقافة
الخوف و التخويف . انها سياسة الخوف المتبادل حسب مقدار امتلاك القوة و القادرة على بعث الخوف في نفس
هذا الطرف أو ذاك ، وكل طرف يعمل على تخويف من يهدد مصالحه ، في نظام قائم على انتاج الخوف
و توظيفه ليعم الأمن و الانضباط ..
كل الناس في مثل هذا النظام خائفون ، و مصادر الخوف مختلفة باختلاف المطالب و المطامح المرغوب تحقيقها
فخوف الطبقات الشعبية مرتبط بمطالبها المشروعة في سيادة نظام يضمن العدل و الحرية وفق ما يقتضيه
حق المواطنة المنصوص عنها في المواثيق الرسمية ، وبما أن هذه المطالب لا تتوفر في سياسة الطغيان فان
المطالبة بها تبقى في معظم الأحيان مكبوتة بعامل الخوف من اجهزة القمع .
اما مطالب المتحكمين التي لا يصرحون بها هي بقاؤهم في مناصبهم للتمتع بأكبر مقدار من الرفاهية و الاستحواذ
على خيرات البلد ، كل حسب موقعه من السلطة بألوانها المدنية و العسكرية و الادارية و الأمنية ..
و من الواضح ان الخوف الملازم لأصحاب المناصب انما هو وعي الشعب و مطالباته بترشيد التسيير و غير ذلك
مما يفضح أساليب التلاعب بخيرات البلد ..فخوف هؤلاء المنتفعون بهذا الوضع يزداد بزيادة وعي الشعب
لذلك لا يترددون في تلهيته و استغفاله بكل ما يتاح توظيه للابقاء على الوضاع كما هي .
سياسة الطغيان قائمة عى علاقة عكسية بين مطالب المتحكمين و مطالب المحكومين ؛ فكل ما أفرط المتحكمون المنتفعون
من الاستبداد في كسب المزيد من الامتيازات كلما اتسعت دائرة البؤس في طبقة المحكومين ..
و لما كان ثبات الحال من المحال فان البؤس عندما يبلغ درجة لا تطاق و يفيض الكيل حتى يدفع الى الياس و الانتحار
كما تجسد في ماساة الشاب "البوعزيزي" فان بواعث الخوف في نفوس المقهورين تتلاشى و بزوال الخوف من نفوس
المحكومين يظهر خوف المتحكمين الذين يجتهدون في تخويفهم بدافع خوفهم من زوال امتيازلتهم .
هكذا تفوت فرص بناء الأوطان في الأنظمة الظالمة حيث بسود الصراع بين أشكال من نوازع الخوف ، فالطبقات الشعبية
تعاني خوفا مزدوجا ؛ خوف من استمرار و تفاقم حياة البؤس ، و خوف من ترسانة القمع التي يدفعون فاتورتها بتعبهم
و شقائهم ، وعندما يصل الخوف الأول درجة لا تطاق يزول الخوف الثاني ، و بزوال الخوف الثاني ينبعث و يتعاظم
خوف المتحكمين في الرقاب .. و شتان بين الخوف من استمرار و تفاقم حياة البؤس و الخوف من زوال امتيازات
المناصب المدرة لضخامة المكاسب . فأي الخوفين أولى بالزوال ليستقيم شأن المجتمع و تختفي ثقافة الخوف و التخويف؟






#حمدان_عليان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل من تعريف جامع مانع لمصطلح - علمانية - ؟
- هل أنا علماني ؟
- العلمانية بين ضرورة انتهاجها و خلافيات مراجعها.
- العلمانية و الالحاد


المزيد.....




- بعد تحرره من السجون الإسرائيلية زكريا الزبيدي يوجه رسالة إلى ...
- أحمد الشرع رئيساً انتقاليا لسوريا...ما التغييرات الجذرية الت ...
- المغرب: أمواج عاتية تضرب السواحل الأطلسية وتتسبب في خسائر ما ...
- الشرع يتعهد بتشكيل حكومة انتقالية شاملة تعبر عن تنوع سوريا
- ترامب: الاتصالات مع قادة روسيا والصين تسير بشكل جيد
- رئيس بنما: لن نتفاوض مع واشنطن حول ملكية القناة
- ظاهرة طبيعية مريبة.. نهر يغلي في قلب الأمازون -يسلق ضحاياه أ ...
- لافروف: الغرب لم يحترم أبدا مبدأ المساواة السيادية بين الدول ...
- الشرع للسوريين: نصبت رئيسا بعد مشاورات قانونية مكثفة
- مشاهد لاغتيال نائب قائد هيئة أركان -القسام- مروان عيسى


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدان عليان - سياسة الخوف و التخويف