أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - امين يونس - الصَوم المُتقَطِع














المزيد.....

الصَوم المُتقَطِع


امين يونس

الحوار المتمدن-العدد: 3459 - 2011 / 8 / 17 - 11:48
المحور: كتابات ساخرة
    


حينَ كنتُ صغيراً ، واُريدُ تقليد الكِبارِ في رمضان وأصّرُ على الصوم ، رغم إعتراضات اُمي .. التي تقتنع أخيراً بوجهة نظري ، وتقول نعم انتَ صائم ، وتخبر الجميع بصوتٍ عالٍ ، بأنني رفضتُ ان اتناول الفطور وانني صائم !. فأخرج مُغتبطاً فخوراً ، وأخبرُ أصدقائي في الحارة ، بأنني اليوم صائم . وقبل الظهيرة اعود الى المنزل ، وقد هّدني العطش والجوع جراء الركض واللعب مع أقراني " الصائمين " أيضاً ... وأحاول النوم ، ولكن هيهات ان يغمض لي جفن ، وحلقي مُتيبسٌ وحنجرتي جافة ! .. تشعر اُمي ، بِما اُعانيه واُكابده ، فتربتُ على رأسي ، وتخبرني بِلُطف ، ان اخواني الكِبار ، عندما كانوا في سِني ، كانوا أيضاً يصومون لغاية الظهر ، ثم يشربون ويأكلون ، فيُحسَب لهُم نصف صيام ، ثم يكملون في اليوم التالي ، حيث يُربَط النصفان مع بعضهما ، فيكتمل الصيام .. أردفتْ اُمي : بل انا نفسي كنتُ أفعل ذلك عندما كنتُ صغيرة . في الحقيقة لم أكن بحاجةٍ الى المزيد من الإقناع .. فتناولتُ بلهفةٍ طاسة الماء البارد من يدها الممدودة !!.
بعدها بسنواتٍ عديدة ، وحين كانتْ اُمي تتمنى ان أصوم رمضان فعلاً ، وتنتقدني على إفطاري ... كنتُ أنهض أحياناً وقت السحور ، على صوت المواعين والملاعق .. فآكلُ معهم حسب الأصول ، قائلاً : لا اُريد ان أكون آثماً كُلِيةً ، وأترك جميع طقوس رمضان .. فأنا على الأقل اُشارككم في السحور ! .
بعض تصّرفات حكومتنا العتيدة ، تشبه ما كنتُ اقوم بهِ في طفولتي وشبابي المُبّكِر خلال أيام رمضان .. فالمسؤول الكبير يقول انه أمرَ بِمُعاقبة أحد الفاسدين لأنه إستولى على ثلاثمئة دولار من المال العام .. وانه أوصى بمُحاسبة " سائق " سيارة لأن زجاجها مُعتم وليس شفافاً ... وانه يسعى لمُحاكمة عُمالٍ لأنهم أهدروا عدة أمبيرات من الكهرباء .. وانه وانه ...الخ . ياسيدي المسؤول الكبير ، كُل ماتقوم به ، لايعدو كونه ، ضحكٌ على الذقون ، وأحاديث أطفال .. وجميع ما تفعله لن يؤدي الى إحتساب فضيلة الصوم لك .. فأنتَ تصوم لسويعاتٍ ثم تأكل وتشرب .. وتُقنع نفسك بأن ربط أنصاف الأيام معاً ، سيحُل المُشكلة ! . كلا ياسيدي ، لاتخدعنا ولا تخدع نفسك . فأما ان تصوم " مثل الأوادم " أو تترك الإدعاء والزَيف ... أما ان تُريد المُشاركة في " السحور " فقط ولا تصوم ، كما تفعل اليوم ... فذلك غير مقبول وغير مُنصِف !.
مُشكلتكَ ياسيدي ، أنتَ وكُل زُعماءنا وقادتنا ، انكم لاتريدون ان تفهموا مُعادلة في غاية البساطة ، مُعادلة صحيحة ودقيقة : [ ليس المُهم في حركة الإصلاح وحركة مُحاربة الفساد .. سُرعة الحركة .. بل الإتجاه هو المُهم ] . فأنتُم بِقُصر نظركُم أو تواطئكم " لاسامح الله " ، عندما تُقررون ان تشرعوا في الإصلاح والحَد من السرقات والتجاوزات ... تنظرون الى ( الأسفل ) .. تعتقدون او يترائى لكم ... ان المُشكلة تكمن هناك ، تحت ، عند الشعب .. في الموظف الصغير او الشرطي البسيط او الحارس او العامل ... إسمح لي ياسيدي ان أقول لك بانك واهم وانك مُخطئ ! ... صحيحٌ ان الفساد مُتفّشي في جميع مفاصل الدولة مع الأسف .. ولكن " العلاج " ليس في الترقيعات ولا في إيجاد كبوش فداءٍ صِغار ، لنحرهم على مذبح خداع الجماهير ... ببساطة ياسيدي ، وبلا لفٍ ولا دَوران ... عليك ان لا تخفض بصرك الى تحت ، ولا ان تغمض عينيك .. بل اُنظر الى المرآة.. اُنظر مُباشرةً حواليك .. الى جنبك الأيمن وجنبك الأيسر .. أمامَك وخلفك .. فربما ستجد ما تبحث عنه ، من الأسباب الحقيقية للفساد بأنواعه !.
أين وزراء الكهرباء جميعاً من 2003 لغاية اليوم ، اين وزراء الدفاع والداخلية والمالية والنفط والتجارة ، اين المُستشارين والمُشرفين على العقود ؟ كُل الفاسدين الكبار والذين هُم بمستوى النظر ، فلتوا من المحاسبة والمتابعة والملاحقة ... ايها المُدّعي للصَوم والصلاة والورع .. إذا أردتَ حقاً ان ترى راعي الفساد ، اُنظر الى المرآة ثم اُنظر الى حواليك لترى الفاسدين الكبار !.



#امين_يونس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الموبايل
- إنتخابات مجالس محافظات اقليم كردستان -1-
- الرأسمالية المُتوحشة
- إهمال الأطفال في العطلة الصيفية
- ألشَرَف
- على هامش إجتماع قادة الكُتَل
- بالروح .. بالدَم نفديك
- رجعيو البصرة وشيوعيو الموصل !
- إبتسامات رمضانية
- إنقلابٌ صامت في تركيا
- الغُربَة .. وفُقدان الذاكرة
- جَشع التُجار .. وحماية المُستهلِك
- زيارات الرؤساء .. مَحَلِياَ
- ايران والحدود مع العراق
- سياسة فرنسا وتأثيراتها على العراق
- ترشيقٌ على الطريقة العراقية
- بين - الميتِنك - و - الإيتِنك -
- الصحة النفسية لرؤساءنا
- حكومتنا وصناعة الإحباط
- يومٌ إيراني مشؤوم في العراق


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - امين يونس - الصَوم المُتقَطِع