|
مابعد الحداثة(1)
غاندي محمد
الحوار المتمدن-العدد: 3459 - 2011 / 8 / 17 - 07:52
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
مابعدالحداثة(1)
دعوني ابداء من قولي في موضوع مكثف كموضوع ما بعد الحداثة من نقطة أنه لا يكون مصير العالم
دائما حسبما تقتضي مسميات المدارس والمذاهب التي يتقول بها المنظرون، فلطالما كان مصير العالم معلقا
بشيءصغيرما ان يسقط حتى يتدرج العالم الى حضور اخر يتمثله، وانني وجدت ان هذه الفرضيات تعتمد
علىقياس المخلوق البشري- الكون على نفسه - وبخاصة موته وحياته –بدايته ونهايته-وهذا المنطق الذي
لطالما كان الباب لعالم لا يدرى كنهه ولا تصويراته لتأتي تعميق الفكرة تلك من الاوساط التي رفدت تلك
الفكرة وجعتلها مربوطة بالمستقبل المتناهي كالاديان والاساطير ونعول هنا بالكثير على هذه الاخيرة بمعنى
أخر أنها هي التي قامت ترسم طريقا ينتهجه البشر في كونهم وعلا قاتهم مع ما يحيطهم للوصول الى ذلك
المصير الجماعي، وباختلاف ذلك المصير فقد كان المؤلفون الذين كتبوا عن مصير العالم أو جزئيات العالم
الميتافيزيقي ونعته على انه المابعد أو ما بعد النهاية الارضية للمخلوق البشري كثر ويشمل ذلك الذين
وصفو العوالم السفلية والالهة، ولا نسقط من اعتباراتنا من رسمها في سناريوهات أخرى لم تلتقي بالدين
فحسب بل تعلقت بالاقتصاد والمعرفة وان ظهر ذلك متأخرا اذا ما قورن مع الاسطورة بالنسبة لعمر
البشرية الذي نقصد به تلك الكمية التركيبية المعرفية المتعاقبة من أول انسان عرف بصفته الادمية العقلانية الى اليوم والغد.
ومن هنا ننطلق الى ما يسمى (الموديرنيزم) أو( الحداثة ) وبمعنى أخر فانها في اصغر تعريفاتها هي نهاية
لما قبلها من ظواهر على شكل ثوابت علمية وانساق ثقافية ابعدت الايمان بصفته الروحية وامنت بالجسد
وبالالة واعلنت انتهاء السماوي ولا يعني انها اكتفت بذلك وحسب بل انها عندما وصلت تلك النقطة بدئت
بوادر تأسيس ظاهرة أخرى ستعلن انتهاء الارضي الذي امنت به الحداثة لتتمظهر على شكل ظاهرة سميت
(البوست موديرنيزم)فكانت أنساق (ما بعد الحداثة )استمرارا نقديا للحداثة وعودة لتشكيله لكن بعشوائية .
الا اننا عندما نقول ان مابعدالحداثة سرت مع الحداثة مسرى الناقد فاننا نظلم مابعد الحداثة فهي الى الان
لم تكتمل كظاهرة لنخرج منها ناقدين لها وانما الذي تحصل هو تصادف ظهور المابعدحداثوية مع أوج الحداثة وطروحاتها في الفن والمعمار الهندسي وانهما الى الان مازالتا في نفس الاطار المعرفي ولم تلغي
أحدهما الاخر بمعنى ان السابقة (الما)المضافة لل(حداثة) في كلمة المابعد حداثة تعني المرافقة الى حد
معين ولا تعني البعدية الحرفية لتلك السابقة فقط، وهنا نلاحظ أن (الحداثة )اذ تكون في التشكيك
والاضطراب من ما للموروث الانساني كالدين والثقافة و الفن من سلطة في مقابل تشكيكات المابعد حداثة
في المفاهيم الحداثية التي كانت قد اخذت حيزها من التركيز الثقافي لنجد أن الهروب المابعدحداثوي من
فرضيات نهاية العالم يعزز فكرة الانفتاح على النصوص الكلاسيكية على حد سواء مع السطحي والسوقي
لتلك النهاية فهي تستنبطها وفي نفس الوقت تدعم السلطة الخطابية فيها حيث يتغير اللامعقول الفكري
ويصير تقريبا واقعا وتصبح كل من اللذة واللتذاذ (الذوق )بالفن ذو بعد مغرق في السريالية والخصوصية
في نفس الوقت ،فالدين مثلا يحمل صفة الجمالية وبها يستقطب معتنقيه وعندها ينتقل الجمال من النص الى
اللوحة الفنية والايقونة وليس العكس،و تشرع مفاهيم العقلانية وريادته تستزف ويطرح الفن للاستهلاك
البشري بشكل واسع ،اما التاريخ فيفقد معناه لظروف اقتصار السفر على الزمن وليس على المكان
والمساحات مع ترافقه لثورة الاتصالات والذكاء الاصطناعي ،وكأننا في تلك المرحلة المابعدحداثوية
نستغني عن باقي العوالم التي سبقتنا ويصبح الكلي الذي عرفناه مولعا بالتغيير نحو دافع قوي لعدم الاستقرار
والتي ليس من مخرج لها الا استقرار مابعدالحداثة وانتاج وظائفها المعرفية الخاصة في المنهج النظري
الفلسفة خاصةوالمنهج التطبيقي .
وهنالك ايضا تفسير لبدء التأسيس للأنساق الادبية لهذه المرحلة كونها سترجع العالم المسلوب من الواقع
الذي يتمحور حول قانون الحرب والسلام الذي يحرك علاقات الدولة والدولة الاخرى عند تأسيس
اللامركزية الثقافية والاتصالات لتصبح البنائات و(terminals)نبع المعلومات الفنية والاخبارية مما يعزز
البعد الفردي من جهة الانتاج والبعد الجمعي من جهة التلقي والاستجابة وبذلك تعود كل الاشياء راديكاليا
على اللغة والالهام ليصبح الكل مدعو لاستخدام طريقته ونزعاته الحياتية فالعالم وأن بدا واحدا الا انه مفكك وخال من الترشيد مع تنامي دور الاعلان والتسويق الالكتروني .
ان ما يميز المابعدحداثوية هي أنها انتقائية فتراها تنتقي الخطوط العامة للحياة طوباويتها وتنتقي اللذيذ
والمشتهى وان قلت جودته (صيحات الموضة وصناعة الافلام والاخبار وغيرها).مثلا تستطيع توزيع صور
لنوع جديد من المنتجات دون ان ينتج بعد فيختفي الحقيقي لتظهر صورته ودلالته ليصبح محفزا لعلامة
تجارية أو حتى رمزا لثورة شعبية ،فالحاسوب بات يخلق الواقع من حيث بدئت تنتقل اليه الذاكرة البشرية
بأطراد كبير ،ويتلاشى تقريبا الوجود الانتاجي للفن والادب للأفضل الراقي فالذوق هو الحكم والكل البشري بات يختار بحرية تمثلاته . نعم ان حالة مابعد الحداثة هي الصدمة لانتصار الذوق الفني للكائن البشري وانتصارا للقصة الشخصية
واستقلايتها لاسيما ونحن نعلم أن المطمع الانساني قد تحقق وهو رؤية التشيؤ يدب في كل شيء في الموسيقى كما الفن والابداع والجنس .
#غاندي_محمد (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ميزة الاختلاف
المزيد.....
-
رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن
...
-
وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني
...
-
الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
-
وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ
...
-
-بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله-
...
-
كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ
...
-
فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
-
نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
-
طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
-
أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق
المزيد.....
-
النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف
...
/ زهير الخويلدي
-
قضايا جيوستراتيجية
/ مرزوق الحلالي
-
ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال
...
/ حسين عجيب
-
الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر )
/ حسين عجيب
-
التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي
...
/ محمود الصباغ
-
هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل
/ حسين عجيب
-
الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر
/ أيمن زهري
-
المثقف السياسي بين تصفية السلطة و حاجة الواقع
/ عادل عبدالله
-
الخطوط العريضة لعلم المستقبل للبشرية
/ زهير الخويلدي
-
ما المقصود بفلسفة الذهن؟
/ زهير الخويلدي
المزيد.....
|