جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 3457 - 2011 / 8 / 15 - 21:51
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
(ما تيسر له) هذه هي العبارة التي نسمعها دائما قبل و بعد الاستماع الى تجويد ايات من سورة طويلة من سور القرآن التي اما اختيرت لموسيقيتها او لطول مدتها لكي تنفق مع الوقت المتوفر للبرامج. فالقارئ يسرد فقط ماتيسر له و لا يهم اذا مزق السورة الى قطع متوسطة الطول ليرحم بنا ايضا نحن جمهور المستمعين. الظاهر ان عبارة (ماتيسر له) اتت من ضيق الوقت او لتجنب ملل المستمع او لعدم قابلية الشيخ المجود المسكين من الاستمرار الى نهاية السور لانه و بحكم اعادته للآيات كان يحتاج الى نصف يوم على الاقل لاتمام سورة طويلة واحدة و المشكلة ايضا هي ان السور المكية قصيرة لا تصلح للتلاوة اذا لم تدمج مع بعضها.
فيحتار القارىء و المستمع معا في الحكمة وراء طول و قصر السور و لكن السور المكية القصيرة كانت في بداية الدعوة الى الاسلام تناسب مدتها صبر و وقت المستمع بعكس السور الطويلة من نوع البقرة التي لا يمكن تلاوتها كاملة دون اثقال اذان و صبر المستمع و اني اتعجب كيف كان رد فعل مستمعي هذه السور الطويلة المملة دون (وجود ماتيسر له)؟. فنحن فعلا دائما بحاجة الى (ماتيسر له) لئلا ينفذ صبرنا و نصاب بالملل و ينقلب صبرنا الى غضب. هذه حقيقة ثابتة: لا يستطيع الانسان التركيز على الاستماع او القراءة لمدة اكثر من ربع ساعة لذلك تقوم الشركات بتقصير فترة عرض منتجاتها او التحدث عنها لكيلا يقع المشاهد او المستمع في نوم عميق مثلما يحدث لنا عند الاستماع الى تلاوة اطول من (ما تيسر له).
كنا نسمع ماتيسر له عادة قبل البداية بالبث و بعد الانتهاء منه (مرتان في اليوم الواحد على الاقل) مما ادى الى زرع ما تيسر له من في ادمغتنا و حفظ اياتها عن ظهر قلبنا و لكن رغم ذلك كان بمقدونا تجنبها اما اليوم فليس هناك سبيل لتجنبها لانه ليس هناك بداية و لا نهاية للاذاعات. الحقيقة جعل (ما تيسر له) جزء لا يتجزء من برامجي الاذاعات و القنواة التلفيونية و غيرها من المناسبات الرسمية و غير الرسمية هي دكتاتورية اسلامية تحاول زرع دينها في ادمغتنا و جعله حاضرا باستمرار. و السؤال هو: ألم نصل اليوم الى زمن مابعد (ماتيسر له)؟ ألم ياتي يوم ابعاد تلاوة (ماتيسر له) من برامجنا اليومية بعد؟
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟