|
لماذا تريد الإدارة الأمريكية تشويه الثورة المصرية ؟
أحمد حسنين الحسنية
الحوار المتمدن-العدد: 3456 - 2011 / 8 / 14 - 18:51
المحور:
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان
إحتمال كبير أن تكون تصريحات المسئولين الأمريكيين بشأن قيام الإدارة الأمريكية بتوزيع مبالغ نقدية في مصر بحجة نشر الديمقراطية صحيحة تماماً ، و لكن لا يمكن السماح بأن تمر المسألة بهذه البساطة ، لأن في عدم وضعها تحت مجهر البحث مصلحة لكل من الإدارة الأمريكية و حليفها نظام طنطاوي - سليمان الخبيث العميل . إذا كنا سنسلم بأن الإدارة الأمريكية قد قامت بالفعل بتوزيع تلك المبالغ النقدية التي أعلن عنها ، فمن الضروري أن يعرف المواطن المصري أولاً من إستلم . بالتأكيد إنهم ليسوا شهدائنا الأبرار الأطهار ، شهداء ثورة 2011 ، شهداء المطالبة بالعدالة ، و الديمقراطية ، و الشفافية الإقتصادية ، و الكرامة الإنسانية ، و الكرامة الوطنية . و بالتأكيد إنهم ليسوا جرحانا ، جرحى ثورة 2011 ، في محافظات مصر المختلفة ، الذين عرضوا أنفسهم للأخطار الجسام ، و سالت دمائهم الطاهرة على أرض مصر ، و عاين بعضهم الموت جهاراً ، و أصيب بعضهم بإصابات بالغة ، تسببت لبعضهم في عاهات مستديمة ، في نضالهم من أجل إسقاط نظام دموي فاسد خائن دمر مصر خلال ثلاثين عاماً تقريباً . و بالتأكيد إنهم ليسوا أبطال مصر الذين وقفوا كالأسود في ميدان التحرير ، و في السويس ، و الإسماعيلية ، و الأسكندرية ، و المنصورة ، و دمنهور ، و المحلة ، و طنطا ، و غيرها من مدن مصر ، و لم يبالوا بالتهديدات التي أطلقها النظام بإستعمال القناصة ، تلك التهديدات التي إستمعت لإحداها في قناة البي بي سي العربية ، المخترقة مخابراتياً ، و التي تمول من قبل وزارة الخارجية البريطانية . إنهم ليسوا أبطال مصر المغاوير الذين خاضوا بشجاعة ، و بأيادي عزلاء ، معارك جمعة الغضب في أنحاء مصرنا العظيمة ، و هاجمهم بعض راكبي الجمال و الخيل و الحمير في ميدان التحرير في أربعاء الجمل ، و حاول الفتك بهم ، أكثر من مرة ، و في أماكن متفرقة من مصر ، بلطجية النظام الذين يشكلون أحد فروع وزارة الداخلية . فمن هم إذاً ؟ إنهم إما بعض الذين وجدوا في إنشاء تلك الهيئات التي يطلق عليها : مراكز بحثية خاصة أو مستقلة ، و جمعيات أهلية غير حكومية ، وسائل للتكسب ، و ليس أدوات لخدمة المجتمع ، فإغترفوا من تلك الأموال التي كان يهم الإدارة الأمريكية توزيعها بصورة عاجلة ، غير مبالين بسمعة مصر ، و بسمعة ثورتها ، و غير ملقين بالاً لتضحيات شهداء ثورة مصر ، و جرحاها ، و لا مقدرين لمخاطرة أبطال مصر الذين كتبت لهم النجاة من مصايد الموت التي نصبها لهم مبارك الأثيم ، و ولده جيمي ، و عمر سليمان المجرم ، و حبيب العادلي السفاح . أو إنهم بعض عملاء السلطة الذين وظيفتهم القيام بدور المعارضة ، من سياسيين ، و كتاب ، و صحفيين ، و نشطاء ، نعرف بعضهم ، و يخفى علينا أسماء معظمهم . عملاء على شاكلة ذلك الصحفي الذي لمعه الأمن في عهد مبارك ، و أسند إليه رئاسة تحرير إحدى الصحف الأمنية المدعوة - زوراً ، و بهتاناًَ - بالمستقلة ، و جعله الأمن لسنوات نجم الصحافة المعارضة ، و الذي روج منذ سنوات لفكرة عمر سليمان كرئيس بعد مبارك . و ذلك الصحفي ، و الكاتب ، الذي إدعى أن الشعب المصري مصاب بمرض نفسي يدعى متلازمة ستوكهولم ، و أن الشعب المصري بالتالي هام حباً في جمال مبارك ، و بالتالي فإن الشعب سيفتك بمن يريد السوء بجمال مبارك ، و بالمناسبة فإن صاحب تشخيص متلازمة ستوكهولم هذا ، هو حالياً أحد نجوم حركة التغيير الملتفة حول البرادعي الإنتهازي ، المرشح الأمني الإجباري للمعارضة غير الإخوانية ، فهو و أمثاله هم رجال و نساء كل العصور . نعم الإدارة الأمريكية أنفقت ، و هناك من قبض ، و هؤلاء الذين قبضوا هم مصريين أيضاً ، و لكنهم ليسوا كهؤلاء الأبطال المغاوير الذين ذكرتهم عالية . لا يكتمل بحث ذلك الموضوع الخطير الذي يمس الثورة بدون دراسة الجانب الأمريكي ، و هنا لي ملاحظة هي : المسئولون الأمريكيون الذي خاضوا في ذلك الموضوع إدعوا أن تلك الأموال التي أنفقت لنشر الديمقراطية ، و لكن هذا يتناقض مع الحقيقة التي يعرفها أي مهتم بدراسة الديمقراطية على المستوى العالمي . الولايات المتحدة دولة ديمقراطية على المستوى الداخلي ، لا جدال في ذلك ، و لكن سجل الإدارات الأمريكية في نشر الديمقراطية ، و الترويج لحقوق الإنسان ، على المستوى الخارجي بعد الحرب العالمية الثانية مشين . هذا السجل المشين يظهر في منطقة أمريكا اللاتينية ، و في الفليبين ، و في كوريا الجنوبية ، و في فيتنام ، حيث ساندت الإدارات الأمريكية المتعاقبة حكومات فاسدة ، و قمعية لدرجة الدموية . لم تصبح دول أمريكا اللاتينية ، و الفليبين ، و كوريا الجنوبية ، دول ديمقراطية ، كما نراها حالياً ، بفضل الولايات المتحدة ، و إنما بفضل جهود شعوب تلك الدول ، و التاريخ يشهد على صحة ذلك . حتى في العراق ، حيث إدعى المسئولون الأمريكيون إن من أهدافهم تأسيس ديمقراطية عراقية ، كان تصور المسئولين الأمريكيين هو ديمقراطية عراقية على نمط ديمقراطية رومانيا ، و لمن لا يعرف الديمقراطية الرومانية ، التي أتعرض شخصياً لقمعها ، و ضغوطها ، يومياً ، أن يطالع مقال : حتى لا تصبح ديمقراطياتنا مثل ديمقراطية رومانيا ، و مقال : للشعب التونسي : أكمل ثورتك ، و لا تسمح بإليسكو تونسي ، و نشر المقال الأخير منهما في الخامس عشر من يناير من هذا العام ، 2011 . و السجل الأمريكي في ميدان الترويج لحقوق الإنسان في خارج الولايات المتحدة لا يقل سوء كما هو معروف ، و يكفي ذكر معتقل أبو غريب ، و السجون السرية ، و الإغتيالات ، و رفض الولايات المتحدة الإنضمام لمعاهدة المحكمة الجنائية الدولية . الإدارات الأمريكية لم تكن يوماً من أنصار نشر الديمقراطية في العالم ، و لم تكن يوماً نصيرة مخلصة لإحترام حقوق الإنسان في العالم الثالث . إذاً لماذا تم إنفاق هذه المبالغ ؟ الإجابة تتضمن سؤال ، و هو : لماذا أعلنت الإدارة الأمريكية عن ذلك الآن ؟ الإدارة الأمريكية لها عدة مكاسب من الإعتراف بتوزيع هذه المبالغ ، في هذا التوقيت ، و هي : أولاً : الإدعاء بإستمرار الدور الأمريكي في العالم ، و أن الثورات العربية من تخطيطها ، و دعمها ، و لم تكن مفاجأة لها ، و لم تكن رغماً عن أنفها . ثانياً : و هذه النقطة أهم من سابقتها ، تشويه الثورات العربية ، حتى تقف عند هذه المرحلة ، بعد أن رأت الإدراة الأمريكية أن حلفائها لازالوا في السلطة ، سواء في مصر ، أو في تونس ، و حتى تمنع إمتداد تلك الثورات إلى دول أخرى تهمها ، مثل إقطاعية آل سعود ، و لهذا أيضا تجول السفير الأمريكي في سوريا ، لتشويه الثورة السورية ، فآل الأسد حلفاء قدامي لأمريكا ، برغم كل ما يقال ، و أصدقاء مخلصين لآل سعود برغم كل الصخب الذي كان يحدث بين حين و أخر ، و سبق أن سلمت إدارة بوش الأب لبنان لحافظ الأسد في بداية التسعينيات ، و آل سعود أرسلوا دفعات مالية ضخمة لدعم نظام آل الأسد خلال إندلاع ثورة 2011 السورية . ثالثاً : الإدارات الأمريكية تخاف من ديمقراطية مصرية ، لأن الديمقراطية الحقيقية ستعني تقليص للفساد ، و نهوض إقتصادي ، بما يحرر مصر من ذل الحاجة للمعونات الأمريكية ، و بالتالي يتحرر القرار المصري من الإملاءات الأمريكية ، و يصبح الحديث مع أمريكا ، حديث بين متساويين ، أو بين حرين ، و ليس بين سيد و عبده . لهذا فإن أبلغ ، و أفضل ، رد للشعب المصري على محاولة الإدارة الأمريكية تشويه ثورته ، و إتهام شهدائه الأبرار بالعمالة و الخيانة ، هو إستكمال الثورة للإطاحة بالنظام الذي أسسه مبارك ، و تأسيس ديمقراطية حقيقية ، و دولة إحترام حقوق الإنسان ، دولة تعمل من أجل رفاهية أبنائها ، حتى نحرر مصرنا الغالية من القبضة الأمريكية ، مثلما نريد تحريرها من قبضة الفساد ، و الإستبداد . الثورة يجب أن تُستكمل . الشعب يريد الحكم .
#أحمد_حسنين_الحسنية (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حتى لا يقول أحد : أنا الجيش
-
جرائمه أكثر من أن تنسى و أكبر من أن تغتفر
-
الشعب سيحكم على المحاكمة
-
نعم للديمقراطية و لو فيها الإخوان ، و سحقاً للإستبداد أياً ك
...
-
حتى يصبح الخامس و العشرين من يناير 2011 العيد الوطني لمصر
-
المخابرات السليمانية إخترقت القيادة الإخوانية
-
الشعب يريد الحكم
-
درس من القرآن في ضرورة إستئصال النظام الظالم بالكامل
-
إستكمال الثورة أولاً
-
إنه نظام طنطاوي ، و الأدق نظام طنطاوي - سليمان
-
تسييس القضاء العسكري خيانة
-
جهاز المخابرات يجب أن يبتعد عن السياسة و أن يخضع للرقابة
-
في قضية التدخل الإسرائيلي ننتظر حكم القضاء المدني النزيه
-
إنها محاولة يائسة ، بائسة ، لإنقاذ مبارك من حبل المشنقة
-
التعاون مع آل سعود إهانة للثورة و شهدائها
-
نصف بالقائمة و نصف بالفردي ، لن نساوم
-
المجلس العسكري الحاكم دمر سمعته بنفسه
-
لماذا كل هذا الصبر على مجرمي جهاز الشرطة ؟
-
السلفي الحر ، و السلفي الحكومي
-
إستبداد الوصاية يحتاج فتنة طائفية
المزيد.....
-
في ظل حكم طالبان..مراهقات أفغانيات تحتفلن بأعياد ميلادهن سرً
...
-
مرشحة ترامب لوزارة التعليم تواجه دعوى قضائية تزعم أنها -مكّن
...
-
مقتل 87 شخصا على الأقل بـ24 ساعة شمال ووسط غزة لتتجاوز حصيلة
...
-
ترامب يرشح بام بوندي لتولي وزارة العدل بعد انسحاب غايتس من ا
...
-
كان محليا وأضحى أجنبيا.. الأرز في سيراليون أصبح عملة نادرة..
...
-
لو كنت تعانين من تقصف الشعر ـ فهذا كل ما تحتاجين لمعرفته!
-
صحيفة أمريكية: الجيش الأمريكي يختبر صاروخا باليستيا سيحل محل
...
-
الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان مدينة صور في جنوب لبنا
...
-
العمل السري: سجلنا قصفا صاروخيا على ميدان تدريب عسكري في منط
...
-
الكويت تسحب الجنسية من ملياردير عربي شهير
المزيد.....
-
كراسات التحالف الشعبي الاشتراكي (11) التعليم بين مطرقة التسل
...
/ حزب التحالف الشعبي الاشتراكي
-
ثورات منسية.. الصورة الأخرى لتاريخ السودان
/ سيد صديق
-
تساؤلات حول فلسفة العلم و دوره في ثورة الوعي - السودان أنموذ
...
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
المثقف العضوي و الثورة
/ عبد الله ميرغني محمد أحمد
-
الناصرية فى الثورة المضادة
/ عادل العمري
-
العوامل المباشرة لهزيمة مصر في 1967
/ عادل العمري
-
المراكز التجارية، الثقافة الاستهلاكية وإعادة صياغة الفضاء ال
...
/ منى أباظة
-
لماذا لم تسقط بعد؟ مراجعة لدروس الثورة السودانية
/ مزن النّيل
-
عن أصول الوضع الراهن وآفاق الحراك الثوري في مصر
/ مجموعة النداء بالتغيير
-
قرار رفع أسعار الكهرباء في مصر ( 2 ) ابحث عن الديون وشروط ال
...
/ إلهامي الميرغني
المزيد.....
|