وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 3454 - 2011 / 8 / 12 - 12:38
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
فرض الحجاب على المرأة في الإسلام حسب الفقهاء بالآيتين التاليتين , الأولى سورة النور / 31 ( وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن و يحفظن فروجهن و لا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها . و ليضربن بخمورهن على جيوبهن ) . إذا دققنا في هذه الآية نراها تحض على الحشمة في الملبس و في زينة المرأة . و أما الخمار فهو زي المرأة التقليدي قبل الإسلام و بعده حيث كانت تلبسه المرأة العربية اتقاء لحر الشمس . و هذه الاية حسب رؤية المفكر هادي العلوي هي أمر بستر الصدر ( الحبيب قديما هو الزيق الذي ينكشف عن الصدر ) ( هادي العلوي – فصول من المرأة ) . فالآية تتحدث عن الحشمة و عن ستر فتحة الصدر و لا علاقة لها بالحجاب و الخمار لا علاقة له بالحجاب الإسلامي . الآية الثانية , سورة الأحزاب 59 ( يا أيها النبي قل لأزواجك و بناتك و نساء المؤمنين يدنين عليهم من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين ) . الملاحظ أن هذه الآية لا تشمل بنات المؤمنين فيكون الحجاب أو نوع من الملابس يدعى الجلابيب فرض على نساء النبي و بناته و نساء المؤمنين و ذلك لتمييز المرأة الحرة عن الأمة و هو ما قالت به أسباب النزول عن السنة و الشيعة معا . و (هناك حادثة أخرى تشرح لنا ما حدث لنساء النبي و هي الآتية : فزوجات النبي , عندما كن يخرجن ليلا لقضاء حاجتهن كان يلحق بهن رجال ذوو سمعة سيئة و على اثر ذلك تذمرت النسوة و اشتكين أمرهن إلى الرسول . و اعتذر الرجال من تصرفهم البذيء قائلين أنهم ظنوا النسوة أمات و ليس بالحرات و لتجنب تكرار هذا الخطأ طلب محمد من النسوة الحرات أن يميزن أنفسهن عن الأخريات بلباس خاص بهن ) . و خلاصة القول يقول منصور فهمي إن الدين الإسلامي و الشريعة لا علاقة لهما في الدعوة إلى استعمال الحجاب .فالأنظمة التي تلتزم بالحجاب واقعة تحت تأثير التقاليد . و يقول منصور فهمي إن الحجاب هو حصيلة التقاليد و ليس الدين . إن الحجاب و عزلة النساء هدفه التمييز بين الطبقات الاجتماعية . عمر بن الخطاب يلتقي بامرأة غريبة في بيته , و هذه كانت ترتدي الجلباب و لا يجرؤ على الدخول إلا عند خروج المرأة الغريبة . يسال عمر زوجته من تكون هذه الزائرة ؟ فتجيب الزوجة أن الزائرة هي جارية تمتلكها إحدى العائلات . و يثور عمر على اثر هذه الحادثة و يصدر أمره بمنع الجواري من ارتداء ثياب الحرات : أي لبس الحجاب أو الجلباب الذي يغطي الرأس و الوجه . و أمر الخليفة عمر الذي صدر في المدينة صدق على المبدأ الوارد في القران و جعله فعالاً . و بدا من ذلك التاريخ وضعت النسوة في فئتين : الحرات و الجواري . و كلمة جلباب حسب رأي منصور فهمي تعني تحديدا القميص , حسب القاموس و حسب عالم اللغة الجوهري , فهو ملبس خارجي يشبه الشال الكبير او المعطف و يعطيه اسم ( ملحفة) . ابن سيده في المخصص يقول بان الجلباب يعني الملاءة , و هي نوع من المعطف يسمى أيضا ( المرط ) . المرط حسب الجوهري ملبس من خيط مشاقة الحرير يستعمل كغطاء . ابن سيده يستعمل أيضا هذا التعبير : المرط هو اللباس الذي يستخدم كإزار . من هذه النبذة اللغوية نستطيع أن نخلص إلى إن الجلباب يمكن أن يعني إما القميص أو المعطف أو الشال . و علينا أن نستبعد معنى القميص الذي لا يتوافق مع حكم القران . إن الملابس التي لها شكل المعطف أو الشال تتناسب مع حكم القران . و من هنا يحق لنا أن نترجم كلمة جلباب بشال أو معطف و الترجمة تنال شرعيتها من أن المرط كان أيضا لباسا عاما تضعه النساء فوق باقي الملابس . و يضيف منصور فهمي ( إلى انه غير مطروح بحال ارتداء ملبس خاص لتغطية الوجه : الإزار أو الجلباب يوضع بشكل يغطي ألراس أو قسما من الوجه لتمييز النساء الأحرار كما أراد محمد ) . فإذا عدنا إلى سورة الأحزاب / 59 نرى الآية تستهدف التمييز بين الحرائر و بين الإماء . و إذا علمنا أن الإماء هن سافرات و كذلك بنات المؤمنين نجد أن بازدياد الفتوحات زاد عدد الإماء و الإماء الفارسيات و البيزنطيات هن أكثر جمالا بما لا يقاس بالإماء العربيات . و بالتالي كن اغلب النساء في المجتمع غير محجبات و لم يكن الحجاب أو الجلباب لدرء مفسدة أو فتنة بل لتمييز المرأة الحرة عن الأمة . كما إن هذا الحكم يتوقف على وجود مجتمع الرق يكتب المفكر و الباحث هادي العلوي في كتابه ( فصول عن المرأة ) ( إن حجاب الوجه فرض على النساء في غضون العصر العباسي . أما قبل ذلك أي في القرنين السابقين فالروايات متضاربة ) . كما إن النساء بالغات السن القانونية ( سن اليأس ) قد أعفين في القران من لبس الحجاب أو الجلباب و ذلك في سورة الأحزاب / 60 ( و القواعد من النساء , اللاتي لا يرجون نكاحا فلا جناح عليهن أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة و إن يستعففن خير لهن ) . يكتب المفكر هادي العلوي في كتابه ( فصول عن المرأة ) : ( لم يلتفت الفقهاء مع أخذنا بتفسيرهم للآية 59 / أحزاب أي إنها أمر بحجاب الوجه إلى أن حكمها موقوت لكونه متوقفا على وجود الجواري ) ... و يقول في موضع آخر ( لقد أهمل توجيه محمدي هام بعدم الغلو في الدين فكانت القيود و التحريمات تتضخم مع انحسار رقعة الفكر الإسلامي و انطفاء العقلانية الكلامية و الفلسفية ) .حجاب المرأة في الوقت الحاضر اخذ مسارا آخر فنحن في المدن لم نشاهد في خمسينات و ستينات و سبعينات القرن الماضي المرأة و هي محجبة . إن ازدياد الحجب يشير إلى صعود تيارات أحزاب الإسلام السياسي . إن غطاء الرأس أصبح ( موضة ) في كثير من الأحيان حيث نشاهد المذيعات المحجبات على الفضائيات بماكياج و كحل كاملين Make Up و أصبح للحجاب دور خاصة للأزياء و محلات خاصة للأزياء الإسلامية و أصبحت المرأة المحجبة في كثير من الأحيان أكثر إثارة و جاذبية من المرأة السافرة . لقد غزت التقاليد العشائرية و القبلية مجتمع المدينة وتم فرض الحجاب بالقوة على الفتيات و النساء كما إن للإعلام الديني و الفضائيات الدينية دورها كذلك بالإضافة إلى ضغط الميليشيات و الأحزاب الدينية و تهديد المرأة الموظفة السافرة بالفصل من الوظيفة . كما أصبح من التقاليد أن يسال عن الفتاة قبل خطبتها هل هي محجبة أم لا ؟ حيث تعتبر الفتاة غير المحجبة في الأحياء الشعبية و في الريف امرأة ( غير شريفة ) كما اعرف أنا شخصيا فتيات مسلمات درسن في مدارس الراهبات و بالتالي لديهن انفتاح على المسيحية و على الإنجيل و تم فرض الحجاب عليهن بالقوة خوفا من هذه النقطة . إن ازدياد ظاهرة تحجب النساء و الفتيات في مجتمعاتنا دليل على تراجع الحريات العامة و على ازدياد القمع الموجه ضد المرأة . إن حجاب المرأة المسلمة يبقى أخيرا حرية شخصية لا علاقة لها بالدين و للمرأة حق لبس الحجاب استنادا إلى هذه الحرية و ليس إلى غيرها و لها الحق أن تنزعه متى شاءت .
المصادر :
1- أحوال المرأة في الإسلام – تأليف منصور فهمي ترجمة رفيدة مقدادي / منشورات الجمل ط 1 1997 ألمانيا
2- فصول عن المرأة : تأليف هادي العلوي ط 2 , 2003 / الناشر دار المدى للثقافة و النشر / دمشق / سورية .
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟