|
مقتطفات من بيان المجتمع الصناعي ومستقبله: ثيودور كازنسكي
جوزف أيوب
الحوار المتمدن-العدد: 3450 - 2011 / 8 / 8 - 23:53
المحور:
الارشيف الماركسي
هناك الإدانة فقط...!!
مقتطفات من بيان المجتمع الصناعي ومستقبله: ثيودور كازنسكي
تعريب جوزف أيوب
ان الثورة الصناعية ونتائجها كارثة على الجنس البشري. فقد أدت إلى زيادة كبيرة في "متوسط العمر المتوقع" لأولئك الذين يعيشون في البلدان "المتقدمة"، لكنها زعزعت استقرار هذا المجتمع، وجعلت الحياة غير متحققة، تعرض البشر للإهانات، وتؤدي إلى معاناة نفسية واسعة النطاق (كذلك أدت في العالم الثالث إلى معاناة جسدية) وأضرار جسيمة في العالم الطبيعي.
علم نفس اليساري الحديث
6- تقريباً يتفق الجميع على أننا نعيش في مجتمع مضطرب للغاية. واحدة من المظاهر الأكثر انتشارا في عالمنا المجنون هي اليسارية، ولذلك فإن مناقشة سيكولوجية اليسارية يمكن أن يكون بمثابة مقدمة لمناقشة مشاكل المجتمع الحديث بشكل عام.
7- ان ما نحاول مناقشته في اليسارية ليس الحركة أو الإيديولوجية كنوع سيكولوجي، أو بالأحرى مجموعة من النواع ذاته. وبالتالي، فإن ما نعنيه بـ "اليسارية" تظهر بشكل أكثر وضوحا في سياق مناقشتنا لعلم النفس اليساري.
9- في الاتجاهين النفسيين اللذان يكمنان وراء اليسارية الحديثة نسميهما "الشعور بالنقص" و "الإفراط الإجتماعي". الشعور بالنقص هو سمة اليسارية الحديثة ككل، بينما الإفراط الإجتماعي هو سمة شريحة معينة من اليسارية الحديثة، ولكن هذه الشريحة هي الأكثر تأثيراً.
الشعور بالنقص
10- "الشعور بالنقص" تعني مشاعر الدونية ليس بالمعنى الحرفي للكلمة فقط ولكن مجموعة كاملة من الصفات ذات الصلة: تدني احترام الذات، الشعور بالعجز، الميول الاكتئابية، الانهزامية، الشعور بالذنب، كراهية الذات، وما إلى ذلك. إن اليساريون الحديثون يميلون إلى مثل هذه المشاعر (ربما أكثر أو أقل كبتاً)، وهذه المشاعر تكون حاسمة في تحديد اتجاه اليسارية الحديثة.
11- عندما يقوم شخص ما بتفسير أي شيء قيل عنه بشكل ازدرائي (أو عن الجماعات التي تعرّف عنه) نستنتج أن لديه مشاعر دونية أو احترام ناقص لذاته. هذا الاتجاه واضح وصريح بين الدعاة لحقوق الأقليات، سواء كانوا أو لم يكونوا ينتمون إلى جماعات أقلية تدافع عن حقوقها .
15- يميل اليساريون لكراهية أي شيء يحتوي على صورة قوية، جيدة، وناجحة. انهم يكرهون أميركا، يكرهون الحضارة الغربية، يكرهون الذكور البيض، ويكرهون العقلانية.
16- كلمات مثل "الثقة بالنفس"، "الاعتماد على الذات"، "المبادرة"، "المؤسسة"، "التفاؤل" ،وغيرها تظهر بشكلٍ بارز في المفردات الليبرالية واليسارية. اليسارية هي مناهضة للفردية، موالية للجماعة. تريد من المجتمع معالجة احتياجات الجميع، والإعتناء بهم. هذا اليساري ليس من النوع الذي لديه شعور بالثقة في قدرته على حل مشاكله وتلبية احتياجاته الخاصة. اليساري معادٍ لمفهوم المنافسة لأنه، في العمق، يشعر وكأنه خاسر.
17- إن الأشكال الفنية التي تروق للمثقفين اليساريين الحديثين تميل الى التركيز على الهزيمة، الدناءة واليأس، وإلا فأنها تأخذ طابع طقسي لاأخلاقي، أي رمي السيطرة العقلانية كما لو كان ليس هناك أمل في تحقيق أي شيء من خلال حساب عقلاني وكل ما بقي هو أن تزج في أحاسيس اللحظة.
18- يميل الفلاسفة اليساريين الحديثين الى استبعاد العقل، العلم، والواقع الموضوعي، والإصرار على أن كل شيء من وجهة نظر ثقافية هو أمر نسبي.
الإفراط الإجتماعي:
24- يستخدم علماء النفس مصطلح "التنشئة الاجتماعية" للدلالة على العملية التي يتم فيها تدريب الأطفال على التفكير والتصرف كما يطالب به المجتمع. حيث يكون الشخص جيد اجتماعياً إذا كان يؤمن ويطيع القانون الأخلاقي للمجتمع ويتلائم كذلك مع الممارسات الاجتماعية التي تعتبر جزءاً من هذا المجتمع. قد يبدو من الخطأ القول أن كثير من اليساريين هم مفرطين اجتماعيا، حيث ينظر إلى اليساري كشخص متمرد. ومع ذلك، يمكن أن يدافع عن موقفه. كثير من اليساريين ليسوا بمتمردين كما يعتقد.
25- الأخلاق في مجتمعنا قاسية بحيث لا يمكن لأحد أن يفكر ويشعر ويتصرف بطريقة أخلاقية تماما. على سبيل المثال، يفترض علينا أن لا نكره أحدا، ولكن تقريبا الجميع يكرهون شخص أو آخر في وقت ما، سواء كانوا يعترفون لأنفسهم بذالك أم لا. أن محاولة التفكير، الشعور، والتصرف أخلاقيا لدى البعض من ذوي المكانة الاجتماعية المرموقة تفرض عليهم عبئا شديد. من أجل تجنب الشعور بالذنب، عليهم الاستمرار بخداع أنفسهم حول دوافع خاصة بهم وإيجاد تفسيرات أخلاقية لمشاعرهم وأفعالهم التي في الواقع لها منشأ غير أخلاقي. لوصف هؤلاء الناس نستخدم مصطلح "الإفراط الإجتماعي".
26- الإفراط الإجتماعي يؤدي إلى تدني في احترام الذات، الشعور بالضعف، الإنهزامية، الشعور بالذنب وما إلى هنالك.. أحد أهم الوسائل التي تربي الأطفال عليها هي بجعلهم يشعرون بالخجل من التصرف أو الكلام بما يعاكس توقعات المجتمع. إذا كان هذا مبالغا فيه، أو إذا كان طفل ما عرضة بشكل خاص لمثل هذه المشاعر، فانه يشعر في النهاية بالخجل من نفسه. علاوة على ذلك فإن فكر وسلوك الشخص المفرط اجتماعيا تكون أكثر تقيدا بحسب توقعات المجتمع من هؤلاء الأشخاص الأقل اجتماعيا.
27- علينا القول بأن شريحة مهمة جدا من اليسار الحديث هم مفرطين اجتماعيا وهذا الافراط الاجتماعي له أهمية كبيرة في تحديد اتجاه اليسارية الحديثة. يميل اليساريون من نوع المفرطين اجتماعيا الى ان يكونوا من المثقفين أو من أفراد الطبقة الوسطى.
28- يحاول اليساري من نوع المفرط اجتماعيا التخلي عن قيوده النفسية وتأكيد استقلاليته عن طريق التمرد. ولكنه عادة ليس قويا بما فيه الكفاية للتمرد ضد القيم الأساسية للمجتمع. عموما، فإن أهداف اليساريين اليوم ليست في نزاع مع الأخلاق المسلم بها. بل على العكس من ذلك، يأخذ اليساري مبدأ الأخلاق المسلم بها، يتبناها على أنها خاصة به، ومن ثم يتهم التيار الرئيسي للمجتمع بانتهاك هذا المبدأ. على سبيل المثال: المساواة العرقية، المساواة بين الجنسين، مساعدة الفقراء، السلام بدلا من الحرب، عموما نبذ العنف، حرية التعبير، والعطف على الحيوانات.
32- إن مشاكل اليسار تدل على مشاكل مجتمعنا ككل. فتدني احترام الذات، الميول الاكتئابية، وأيضاً الانهزامية لا تقتصر على اليسار. على الرغم من أنها ملحوظة في اليسار خصوصا، فهي منتشرة في مجتمعنا. والمجتمع اليوم يحاول الاختلاط بنا إلى حد كبير أكثر من أي مجتمعات سابقة. حتى أصبح يقال لنا من قبل الخبراء كيفية تناول الطعام، كيف تكون الرياضة، كيف تمارس الحب، وكيف نربي أطفالنا وهكذا دواليك.
نهج السلطة:
33- يحتاج البشر (على الارجح بيولوجياً) إلى شيء نطلق عليه اسم "نهج السلطة". حيث يرتبط ارتباطا وثيقا بالحاجة إلى السلطة (الذي يعترف بها على نطاق واسع)، ولكنها ليست الشيء نفسه. يتألف نهج السلطة من أربعة عناصر. العناصر الثلاثة الأكثر وضوح هي: الهدف، الجهد، وتحقيق الهدف. (كل شخص يحتاج إلى أهداف التي تتطلب جهدا لتحقيقها، ويحتاج على الأقل بعض من اهدافه للنجاح في تحقيقها). العنصر الرابع هو أكثر صعوبة لتحديده وربما لا يكون ضرورياً للجميع، نسميه الحكم الذاتي وسيناقش لاحقا.
الأنشطة البديلة:
39- نستخدم مصطلح "الأنشطة البديلة" للدلالة على النشاط الذي يوجهه الناس نحو هدف مصطنع لأنفسهم وذلك لمجرد الحصول على بعض الأهداف والعمل من أجلها، أو دعنا نقول، لمجرد "الوفاء" الذي يحصلون عليه من متابعة أهدافهم.
40- في المجتمع الصناعي الحديث لا يلزم سوى الحد الأدنى من الجهد لتلبية احتياجات الفرد المادية. يكفي أن تذهب من خلال برنامج تدريبي لاكتساب بعض المهارات الفنية البسيطة، وتأتي بعد ذلك العمل على بذل الوقت والجهد المتواضع للحفاظ على العمل. المتطلبات الوحيدة هي كمية معتدلة من الذكاء، والأهم من ذلك كله، الطاعة بسيطة. وإذا كان يتمتع أحدهم بذلك فيهتم المجتمع به من المهد إلى اللحد. (نعم، هناك طبقة دنيا لا يمكنها أن تأخذ الضرورات المادية كأمر مفروغ منه، ولكننا نتكلم عن التيار الرئيسي للمجتمع). وهكذا فليس من المستغرب أن المجتمع الحديث مليء بالأنشطة البديلة. وتشمل: الأعمال العلمية ،الإنجاز الرياضي، العمل الإنساني، الإبداع الفني والأدبي، تسلق سلم الشركات، الحصول على المال والمنافع المادية ما يتخطى النقطة التي يقف عندها اي ارتياح بدني إضافي، النشاط الاجتماعي عندما يتناول قضايا ليست مهمة بالنسبة للناشط شخصيا، كما في حالة النشطاء البيض الذين عملوا لحقوق الأقليات غير البيض. هذه ليست دائما أنشطة بديلة نقية، حيث كثير من الناس اندفعت بسبب الاحتياجات جزئيا وليس بسبب الحاجة إلى وجود بعض الأهداف لتحقيقها. قد تكون جزء من دوافع العمل العلمي هو خلق مظهر، والأبداع الفني حاجة للتعبير عن المشاعر، والنشاط الاجتماعي يشنها العداء. لكن بالنسبة لمعظم الناس الذين يسعوا لها، هذه الأنشطة هي في جزء كبير أنشطة بديلة. على سبيل المثال، معظم العلماء يتفقون على الأرجح أن "الوفاء" الذي يحصلون عليه من عملهم هو أكثر أهمية من المال والمكانة الذي كسبوه. الإستقلالية
42- إن الحكم الذاتي كجزء من عملية السلطة لا يكون من الضروري لكل فرد. ولكن معظم الناس في حاجة إلى درجة أكبر أو أقل من الاستقلالية للعمل من أجل تحقيق أهدافهم. يجب بذل جهودهم من تلقاء أنفسهم، وأن تكون ضمن توجيهاتهم وتحت سيطرتهم. ومع ذلك فإن معظم الناس لا يبذلون هذه المبادرة، التوجيه، الرقابة كأفراد. عادة ما يكفي أن يكون عضو في مجموعة صغيرة. وبالتالي إذا ناقشت نصف دزينة من الناس هدفا فيما بينهم وبذلوا جهوداً مشتركة ناجحة لتحقيق هذا الهدف، حاجتهم لعملية السلطة تكون قد أنجزت. ولكن إذا كانوا يعملون بموجب أوامر صارمة صدرت من أعلى عندئذ لن يترك لهم أي مجال لاتخاذ قرار أو مبادرة مستقلة، عندها هم بحاجة لنهج السلطة. وينطبق الشيء نفسه عند اتخاذ القرارات على الجماعات حيث إذا كان اتخاذ القرار جماعي بحيث يصبح دور كل فرد تافه .
44- ولكن بالنسبة لمعظم الناس احترام الذات، الثقة بالنفس والشعور بالقوة قضايا ضرورية لتحقيق الحكم الذاتي وذلك من خلال نهج السلطة. عندما لا توجد فرصة كافية للذهاب في جميع مراحل نهج السلطة تكون العواقب (اعتمادا على الفرد وعلى الطريقة): الملل، انخفاض الروح المعنوية والفوضى، قلة الثقة بالنفس، الشعور بالنقص والانهزامية، الاكتئاب، القلق، الشعور بالذنب، الإحباط والعداء، الاعتداء الزوجي أو على الأطفال، الرفاهية الطماعة، الشذوذ الجنسي، اضطرابات النوم اضطرابات الأكل، الخ ...
نسبت الى بيان تيد كازينسكي
#جوزف_أيوب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الأناركية والسينديكالية: أريكو مالاتيستا
-
ما هي السلطة؟ ميخائيل باكونين
المزيد.....
-
أعضاء يساريون في مجلس الشيوخ الأمريكي يفشلون في وقف صفقة بيع
...
-
شولتس أم بيستوريوس ـ من سيكون مرشح -الاشتراكي- للمستشارية؟
-
الأكراد يواصلون التظاهر في ألمانيا للمطالبة بالإفراج عن أوجل
...
-
العدد 580 من جريدة النهج الديمقراطي
-
الجبهة المغربية ضد قانوني الإضراب والتقاعد تُعلِن استعدادها
...
-
روسيا تعيد دفن رفات أكثر من 700 ضحية قتلوا في معسكر اعتقال ن
...
-
بيان المكتب السياسي لحزب النهج الديمقراطي العمالي
-
بلاغ صحفي حول الاجتماع الدوري للمكتب السياسي لحزب التقدم وال
...
-
لحظة القبض على مواطن ألماني متورط بتفجير محطة غاز في كالينين
...
-
الأمن الروسي يعتقل مواطنا ألمانيا قام بتفجير محطة لتوزيع الغ
...
المزيد.....
-
مقدمة في -المخطوطات الرياضية- لكارل ماركس
/ حسين علوان حسين
-
العصبوية والوسطية والأممية الرابعة
/ ليون تروتسكي
-
تحليل كلارا زيتكن للفاشية (نص الخطاب)*
/ رشيد غويلب
-
مَفْهُومُ الصِراعِ فِي الفسلفة المارْكِسِيَّةِ: إِضاءَةِ نَق
...
/ علي أسعد وطفة
-
من أجل ثقافة جماهيرية بديلة 5 :ماركس في عيون لينين
/ عبدالرحيم قروي
-
علم الاجتماع الماركسي: من المادية الجدلية إلى المادية التاري
...
/ علي أسعد وطفة
-
إجتماع تأبيني عمالي في الولايات المتحدة حدادًا على كارل مارك
...
/ دلير زنكنة
-
عاشت غرّة ماي
/ جوزيف ستالين
-
ثلاثة مفاهيم للثورة
/ ليون تروتسكي
-
النقد الموسَّع لنظرية نمط الإنتاج
/ محمد عادل زكى
المزيد.....
|